Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

عــلوم ، دين ـ قرآن ، حج ، بحوث ، دراسات أقســام علمية و ترفيهية .


    د ر ا ســــــة ¦¦ الخطاب الآخر مقاربة لأبجدية الشاعر ناقداً (ج 3) ¦¦

    avatar
    GODOF
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 10329
    نقــــاط التمـــيز : 60841
    تاريخ التسجيل : 08/04/2009
    العمر : 32

    د ر ا ســــــة ¦¦ الخطاب الآخر مقاربة لأبجدية الشاعر ناقداً (ج 3) ¦¦ Empty د ر ا ســــــة ¦¦ الخطاب الآخر مقاربة لأبجدية الشاعر ناقداً (ج 3) ¦¦

    مُساهمة من طرف GODOF الثلاثاء 15 سبتمبر - 10:36

    د ر ا ســــــة ¦¦ الخطاب الآخر مقاربة لأبجدية الشاعر ناقداً (ج 3) ¦¦‏‏
    الفصل الأول : الشاعر العراقي الحديث المكانة والمفهوم النقدي

    * الشاعرالعراقي الحديث والنقد ... أفق تأريخي.‏

    (1)‏

    تعد سنة 1920 بدء مرحلة مهمة في تأريخ العراق الحديث، ونقلة كبيرة في حياة العراقيين، تمثلت في الواقع السياسي برفض الأوضاع التي أوجدها المستعمرون الإنكليز منذ دخولهم بغداد عام 1917 محتلين، لتبدأ صفحة الهيمنة الاستعمارية على العراق التي كانت في جانب منها عامل زحزحة لقيم وأفكار استقرت في النفوس والعقول، وتحريكاً لبنية المجتمع العراقي الذي ظل منكفئاً إلى نفسه في سكون غريب قروناً طويلة، واستنهاضاً للروح الوطنية والقومية، وتعبيراً فاعلا عنها..‏

    لقد عبر العراقيون عن هذا الوعي الجديد الذي تفتحت عيونهم عليه بالثورة الشعبية التي أعلنوها على المستعمر الإنكليزي عام 1920، وانتهت بإعلان الحكم الأهلي، بعد تنحي الإنكليز عن الحكم المباشر(1)، ثم تأسيس الجيش العراقي بعد عام واحد. وقد واكبت ذلك كله حركة ناهضة في المجتمع العراقي نقلته إلى مراحل جديدة في جوانبه الاجتماعية والفكرية، وإن كان ذلك على نحو متردد وبطيء قياساً إلى الجانب السياسي(2). وكان الجانب الثقافي أكثر المجالات تأثراً بما حصل في الجانب السياسي، إذ تنبه المثقفون العراقيون إلى التغيير الذي أصاب أوضاع البلاد وانفتحوا بأفكارهم وثقافتهم على ما يرونه من ثقافة العصر وآفاقه الحضارية الجديدة. وساعد على ذلك التطور وحركته في هذا المجال اطلاع المثقفين العراقيين المتزايد على ماكان يصل إلى العراق من صحف ومجلات الأقطار العربية الأخرى، لاسيما مصر، واهتمام الأدباء بقراءتها والنشر فيها(3). وكان للدعوات الفكرية والعلمية الجديدة التي حملتها كتابات مفكرين عرب وأجانب صداها في آفاق الثقافة العراقية، بين تلق واستجابة أو رفض واستنكار وإثارة للجدل والنقاش على صفحات الجرائد والمجلات العراقية والعربية(4)..‏

    كان الشعر ـ حتى العقدين الأول والثاني من القرن العشرين ـ منفرداً بالهيمنة على آفاق الأدب العراقي من دون منافس إبداعي آخر(5). ومع المتغيرات السياسية والثقافية التي شهدتها الحياة العراقية كان عليه أن ينقل خطاه من صورته التقليدية التي ظل يتحرك مثقلاً بها إلى مساحات التعبير عن الواقع الجديد الذي ظهر فيه مايدعو إلى البحث عن سمات العصر في كل المجالات. وكان على الشاعر في هذه المرحلة أن يدرك طبيعة المسار الجديد لمجتمعه، وأن يستوعب روح العصر وحركته. وفي ظل واقع أسير لعوامل التأخر والتخلف في كثير من نواحي الحياة، كان على الشاعر أن يدرك خصوصية دوره وأهميته وأن ينغمس في هموم مرحلته بحثاً عن حلول لما يعتريها، ويعبر عما في نفس أبناء وطنه، رافعاً صوته في دعاوى الإصلاح الاجتماعي والسياسي والثقافي.‏

    (2)‏

    ظهر النقد الأدبي في الصحف والمجلات العراقية خلال هذه المرحلة بظروفها الخاصة، متتبعاً في الغالب خطى النقد العربي في الأقطار الأخرى، لاسيما مصر وبلاد الشام، مثيراً القضايا ذاتها التي أثارها ذلك النقد، حيث أتيح للأدباء العراقيين الاتصال بأدباء تلك الأقطار، وتعرفوا نتاجهم الأدبي والنقدي، واستفادوا من تجاربهم في التجديد.‏

    وكان ظهور النقد الأدبي في هذه المرحلة جزءاً من الوعي الجديد الذي تنبه الأدباء العراقيون عليه، لا يمنع ذلك طبيعة فهمهم له كونه البحث عن الجوانب السياسية في العمل الإبداعي(6)، بما ضيّق من مجالات تأثيره في أدب مرحلته، فربما كان هذا التوجه إلى انتقاد النص الأدبي والبحث عن أخطائه من نتائج التصور العلمي الذي ساد الحياة العراقية في جوانبها المختلفة بأهمية ملاحقتها بالانتقاد والإشارة إلى مافيها من سوء من دون تقديم بديل موضوعي، وربما عكس هذا التوجه سمة خاصة بالأدب العراقي ونقده في تلك المرحلة، فهما قد برزا في ظروف سياسية واجتماعية، لم تكن المنافشة الهادئة وتبادل الرأي من سماتها. وقد بدأ النقد الأدبي لاحقاً للشعر، متتبعاً خطاه، وذلك أمر طبيعي، فالنقد غالباً ما يسعى إلى متابعة العطاء الأدبي السائد أمامه. ويمكن أن نتوقف ـ لغرض التحديد التأريخي لبدء النقد الأدبي في العراق ـ عندما كانت تنشره مجلة (لغة العرب) ـ منذ العدد الأول ـ من نقد في باب (التقريظ والمشارفة والانتقاد)(7). ويدفعنا ذلك إلى التأمل في قول أحد الباحثين: إن النقد العراقي لم يكن قبل صدور هذه المجلة "نقداً واضح المعالم، بيّن السمات، بل كان تقريظاً، ثم ارتقى في هذه المجلة وأصبح موضوعاً له أهميته وقيمته في هذا الميدان"(Cool، لاسيما حين نطلع على ما تضمنه باب (التقريظ والمشارفة والانتقاد)، من وصف وتلخيص لبعض الكتب التي لم تكن جميعاً كتب أدب أو نقد(9) ولم يكن ما يكتب عنها ليتخطى عرضها وتلخيصها، فضلاً عن وجود ما يماثل هذا الباب في مجلات عراقية ظهرت قبل مجلة (لغة العرب)(10). غير أن ماكتب في هذه المجلات وسواها لم يبرز صورة واضحة ومهمة للنقد العراقي، فهو محاولات فردية متسرعة، لم تستوعب إلا جانباً ضيقاً مما يقوم عليه مفهوم النقد، الأمر الذي كان وراء سطحية الدلالة التي حدّدوها للنقد والانتقاد اللذين كانا متداولين بالمعنى المعاصر لاصطلاح النقد"(11).‏

    إن ما نرى فيه بداية حقيقية للنقد الأدبي في العراق هو ما نشرته الصحف والمجلات العراقية من مقالات ودراسات منذ عام 1920، متفقين في ذلك مع من سبقنا إلى القول به(12)، مشيرين إلى ماقاله الشاعر محمد مهدي البصير عن أثر الثورة العراقية في اتجاه الأدب العراقي وطبيعة الرؤية التي بدأ الأدباء العراقيون منشغلين بها، فهو يرى "أن ما من ثورة تأثرت بالأدب وأثرت فيه كثورتنا في سنة 1920. فقد قدر للأدب أن يمهد لهذه الثورة، وأن يرافقها في مختلف مراحل نموها وتطورها"(13).‏

    وكان أوضح سمات النقد العراقي تأثره الواضح بالتجارب النقدية العربية التي حملت دعوات تجديد نادى بها أدباء عرب بارزون، منهم أصحاب الديوان الذين أصدروا كتاباً نقدياً بالاسم ذاته عام 1921م(14) ويبدو تأثير هذه الجماعة في الأدب العراقي قد تجاوز مسألة تقليد طرائقهم في النقد اللاذع والسخرية من الأدب التقليدي وأصحابه، كما ظن ذلك بعض الباحثين(15)، فقد وصل الديوان إلى العراق واهتم به كثير من الأدباء، ووقف بعضهم إلى جانب ما ورد فيه من آراء جديدة وجرأة في النقد(16)، وصار لأصحابه شهرة في العراق، فاهتمت بعض الصحف والمجلات بنشر مقالات العقاد والمازني وشكري، وأطلقت عليهم الألقاب الفخمة، فالعقاد: أنموذج التطور الجديد في أدب الضاد، وزعيم المدرسة الحديثة في وادي النيل، والمازني: أحد زعماء المذهب الأدبي الجديد في مصر(17). وتبنت بعض المجلات آراء جماعة الديوان ونادت بها، ورفعت على جهتي غلافها أقوالاً، أخذت من كتابهم، وجعلتها شعارها الذي تسير عليه(18).‏

    ولا يعني هذا الاهتمام الكبير بالأدباء المجددين ونقدهم أن النقد الأدبي في العراق قام على استيعاب لهذا الاتجاه وتجاربه، فذلك لم يظهر جلياً في تلك المرحلة، وهي تشهد مقدمات التجربة النقدية العراقية التي كانت أسيرة نظرة محددة تقوم على ملاحقة النص الأدبي ـ الشعري خاصة ـ لتبحث عن تجاوزه القاعدة اللغوية أو العروضية أو الأسلوب الشعري الموروث في الرؤية والبناء. وهو ما أدى إلى أن يكون قسم كبير من تلك المحاولات النقدية ملاحقة تقليدية، تتناول النص الأدبي على نحو مجزأ، تغيب عنه النظرة الشاملة التي تلم أجزاءه.‏

    وفي ظل هذا المستوى الضيق من النقد الذي تجد مبررات تقصيره في الثقافة الأدبية والمعرفية المحدودة التي عرفها أدباء تلك المرحلة، وفي ضعف الأدوات والملكات التي نالها من يتصدى للنقد، كان لابد من أن يأخذ الأدباء العراقيون المبدعون ـ الشعراء خاصة ـ دورهم في مسار هذا النقد ـ على قدر ما تهيأ لهم من وعي وتجربة وثقافة ـ مبدين تصوراتهم عن نقد الشعر وأساليبه، جاعلين من قدراتهم الإبداعية في نظم الشعر، وما نالوه من شهرة ومكانة في مجتمعهم، منطلقاً يبرر اتجاههم إلى النقد. وبذلك فإنهم لم يكتفوا بكونهم وشعرهم المحور الذي دارت حوله غالباً الكتابات النقدية والمناقشات الأدبية وانحياز الأدباء إلى هذا الشاعر أو ذاك، بل أكدوا مكانتهم في مسيرة النقد العراقي منذ المرحلة الأولى، وبما عكس قناعة كل منهم بدوره في إرساء تقاليده وتدعيم مسيرته، وتلك ميزة يكاد النقد في العراق يختص بها، إذ كان الشعراء العراقيون منذ بدء نهضة الأدب الحديثة هم الأسماء البارزة في ساحة النقد والدراسة الأدبية. ولم يقتصر دورهم على كتابة الشعر ونشره بل تعدوه إلى مناقشة أنفسهم وتجاربهم ومتابعة ما ينشر من أدب وتوجيهه واستقراء مضامينه، وإثارة الجدال والمساجلة، وإثراء الصفحات الأدبية في المجلات والصحف العراقية والعربية بكتاباتهم، وملاحقة التجارب الشعرية الجديدة والإشارة إليها، والتقديم النظري لدواوينهم أو دواوين سواهم، وتأليف الكتب الأدبية وإلقاء المحاضرات وتلك لها آفاق نقدية عالجها الشعراء العراقيون وأغنوها.‏

    وتبرز في المرحلة الأولى للنقد الأدبي أسماء شعراء عراقيين يمكن عدهم من نقاد تلك المرحلة، يقف في مقدمتهم الزهاوي والرصافي والشبيبي الذين لم تقتصر شهرتهم على الشعر والأدب وحدهما بل امتدت لتشمل السياسة والفكر والممارسة العملية لهما، ومن خلال الإسهام الفاعل في الحياة الاجتماعية. ويبدو دور هؤلاء الشعراء مهماً في نقد مرحلتهم على أكثر من جانب، فلقد كانوا ـ لاسيما الزهاوي والرصافي ـ محوراً لمعظم الكتابات النقدية، إذ دارت حول ما كانوا ينشرونه من شعر أطول المساجلات النقدية وأخصبها، وكتبت مقالات كثيرة، وتباعدت وجهات نظر الأدباء العراقيين بين مقدم للزهاوي على الرصافي، أو غاض من مكانة الأول لصالح الثاني(19) ولم يتوان الشعراء عن المشاركة فيما يدور من جدل نقدي، ليس في ذلك الدائر حول شاعرية كل منهم فحسب بل في كل ما تشتمل عليه ساحة الأدب العراقي من قضايا ومعالجات ووجهات نظر.‏

    وقد أسهمت المجلات والصحف العراقية الصادرة في تلك المرحلة برفد النقد الأدبي وزيادة مساحة تأثيره من خلال تخصيص صفحات أدبية ونقدية ثابتة(20). وقد وجد الشعراء بغيتهم في هذه الصحف فنشروا فيها كثيراً من كتاباتهم ومقالاتهم(21). ولم يكتف بعضهم بذلك، إذ بادر إلى إصدار صحيفة أو مجلة باسمه، فأصدر الرصافي جريدة (الأمل) عام 1923، وأصدر الزهاوي مجلة (الإصابة) عام 1926م.‏

    وكان نشاط الشعراء العراقيين واضحاً في مجال إصدار الدواوين الشعرية وتأليف الكتب، فقد ظهر للرصافي كتابه (الأدب العربي ومميزات اللغة العربية في أدوارها المختلفة) عام 1921. وحين أصدر رفائيل بطي كتابه (سحر الشعر) عام 1922، احتوى الجزء الأول والوحيد الذي صدر من هذا الكتاب على مقالات اختارها المؤلف لعدد من الأدباء العرب، من بينهم الزهاوي والرصافي. وصدر في العام ذاته ديوان (الشذرات)، لمحمد مهدي البصير. وأصدر رفائيل بطي كتابه الثاني (الأدب العصري في العراق) عام 1923. وصدر ديوان الزهاوي عام 1924. وشهد عام 1927 صدور ديوان الجواهري (بين الشعور والعاطفة)، بمقدمة كتبها الشاعر علي الشرقي. وصدر عام 1928 ديوان الزهاوي (اللباب)، وكتاب الرصافي (دروس في تأريخ آداب اللغة العربية).‏

    (3)‏

    شهد الأدب والنقد العراقي خلال العقد الرابع من هذا القرن تطوراً ملحوظاً في مسار النقد الأدبي وهو تطور طبيعي في مجتمع بدأت معظم جوانب حياته بالتحرك صوب المستقبل ومفارقة صورتها القديمة. وكان الأدب العراقي قد أخذ يتجاوز مرحلة التكوين، بفعل تطور مشهود لوعي أدباء تلك المرحلة التي اتسمت بظهور أسماء لشعراء جدد كتبوا الشعر والنقد مع شعراء النهضة وواصلوا ذلك بعدهم، كالشرقي والجواهري والبصير والصافي النجفي وسواهم ممن أصبحوا أسماء مهمة في مسيرة الأدب العراقي ونقده. وكانت الظروف الثقافية التي توافرت عليها هذه المرحلة أفضل من سابقتها حيث "ازداد عدد المثقفين ثقافة لا بأس بها، وتعمقت الصلات الثقافية تعمقاً أكبر بين العراق والأقطار الأخرى وخاصة مصر، إذ استقدمت الحكومة العراقية منها أساتذة للتدريس في المعاهد العراقية، وبعثت إليها طلاباً أكثر عدداً،وعني الأدباء عناية واضحة بالدوريات الأدبية، وبصورة خاصة مجلة الرسالة وأبولو"(22).‏

    وبرز الشعر العراقي في هذه المرحلة وهو أكثر حيوية وانفتاحاً في مضمونه ورؤيته واتسم بتعدد أساليب شعرائه، ففي الوقت الذي كان فيه الاتجاه الشعري الذي مثله شعراء النهضة ومن سار على نهجهم لا يزال يملك صوته المؤثر وطاقته الشعرية العالية، كان هناك أكثر من شاعر يكاد يفارق تلك الصورة، باحثاً عن أسلوب شعري يميزه في المضمون واللغة والرؤية(23). ولغة تحرك النقد الأدبي في العراق باتجاه تخطي النمط السائد فيه قبل هذه المرحلة من نقد يقوم على تصويب النص الشعري وملاحقة سقطاته"، ولم تعد نماذجه الضئيلة تكوّن اتجاهاً قائماً بل أصبحت نماذج ضعيفة وهامشية"(24) واتضحت ملامح وعي نقدي جديد يقوم على إدراك قيمة العمل النقدي وضرورته لمواكبة النص الأدبي دراسة وتقويماً وتوجيهاً.‏

    ويبدو أن وجود أسماء بارزة لشعراء عراقيين، وعدم ظهور شخصية نقدية مهمة توازي هذه الشخصيات موهبة واهتماماً وانشداداً إلى الحركة الأدبية كان وراء توجه هؤلاء الشعراء الجاد في كتابة النقد في هذه المرحلة وشهد ذلك العقد بضعة مواقف كان لها أثرها في تصاعد النشاط النقدي واهتمام الأدباء العراقيين به. فحين توفي الشاعر أحمد شوقي عام 1932 راح الأدباء يبحثون عمن يستحق لقب أمير الشعراء بعده. ورأى العراقيون منهم أن الوقت قد حان لتصبح الإمارة من نصيب أحد شعراء العراق. وكان طه حسين قد سبقهم إلى هذا القول(25).‏

    واشتد النزاع على من يستحقها أهو الزهاوي أم الرصافي؟.. ونشطت حركة النقد، وكتب أنصار كل من الشاعرين المقالات التي تدرس شعرهما، مشيرة إلى حسناته أو عثراته. ولعل الشاعرين كانا في بعض الأحيان وراء تلك المساجلات، يؤججانها في السر والعلن(26). ويبدو أن إغراء هذا اللقب وما يمنحه لمن يناله من مكانة وشهرة وراء تبدل نظراتهما إليه، إذ كان كل منهما لا ينظر إلى إمارة شوقي بعين الرضا والاقتناع. فكان الرصافي يقول: "إن الزعامة" إذا أضيفت إلى فرد من الناس فمن البعيد أن يتفق الناس عليه فيه، وأن يعترفوا بها له. وهذا المتنبي مثلاً قد ملأ الدنيا في زمانه وشغلها بشعره، كما قالوا، ومع ذلك لم يعترف له أهل زمانه بزعامته عليهم في الشعر. فالكلام في هذه الزعامة الأدبية الفردية أو الشخصية لا يأتي بنتيجة والجدال فيها لا يصل إلى نهاية"(27). وأشار الزهاوي من طرف خفي إلى رفضه أن يكون شوقي أميراً للشعراء، فقال: "كان شوقي شاعر مصر كما لكل قطر شاعر"(28).‏

    وحين توفي الزهاوي عام 1936 ضعفت تلك المناقشات الأدبية بين أنصار الشاعرين، وأصاب النقد شيء من الفتور، لاسيما بعد عزلة الرصافي وابتعاده عن المشاركة في الحياة الأدبية.‏

    وظهر عدد من الشعراء المهمين، نشطوا في كتابة الشعر والنقد، منهم: الشبيبي والشرقي والجواهري والبصير(29)، وأخذت المجلات والصحف تهتم بنشر ما يصل إليها منهم. وكان الجواهري الوحيد بين هؤلاء الشعراء الذي أصدر عدداً من الصحف، أتيح لـه أن يعكس من خلالها توجهاته الفكرية والثقافية(30).‏

    ويبدو أن الحرب العالمية الثانية التي دهمت العالم وانشغال الناس والصحف بشؤونها وأخبارها كانت السبب وراء قلة الحيز الذي أخذ يشغله الأدب ونقده في المجلات والصحف الصادرة أواخر العقد الرابع والنصف الأول من العقد الخامس، فضلاً عن ظروف العراق الداخلية،وما تركته الحرب من تأثير في الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية وما رافق ذلك من أحكام عرفية وتعطيل كثير من الصحف وتشديد الرقابة على النشر.‏

    وقد وعى الأدباء والمثقفون ذلك كله وراحت الحرب ومآسيها تشغل أذهانهم، صاحبت ذلك وفاة الرصافي في نهاية عام1945، وانقطاع شعراء بارزين منهم: الشبيبي والشرقي إلى السياسة ومسؤولياتها(31). ولا يعني ذلك توقف الحركة الأدبية في العراق عن العطاء كلياً، فقد ظهر ديوان الشبيبي عام 1940 بعد طبعه في مصر، وفيه مقدمة كتبها الشاعر، أشار فيها إلى طبيعة هذا الديوان ومواقف صاحبه من الشعر وآفاقه(32). وكان الجواهري قد سبقه إلى طبع ديوانه عام 1935(33). وعاد البصير من باريس عام 1938 يحمل شهادة الدكتوراه في الأدب الفرنسي عن الشاعر الفرنسي (كورني) (34). وراح ينشر دراساته الأدبية والنقدية المتنوعة. وبرزت أسماء شعرية جديدة واصلت بدأب واضح الكتابة في الصحف والمجلات العراقية والعربية، منهم: إبراهيم الوائلي(35).‏

    (4)‏

    اتسمت مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية بتغيرات حاسمة على المستوى العالمي، بانهيار القوى الاستعمارية القديمة التي أنهكتها الحرب، وارتفاع صوت الشعوب المستعمرة منادياً بالتحرر والاستقلال، واشتدت الدعوة إلى الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان. وكان لهذا كله أصداؤه على الصعيد الداخلي، حيث أتيح لبعض الممارسات أن تجد مكاناً لها في آفاق الحياة السياسية والثقافية، تمثلت في حرية النشر وتأسيس الصحف وإنشاء الأحزاب السياسية على نحو علني.‏

    وفي هذا الجو الجديد كان لابد أن تأخذ الثقافة مسارها المغاير لما كانت عليه خلال الحرب، وأن تبرز في أوساطها فئات جديدة من المثقفين الذين "فتحوا عيونهم على الحياة، والحرب تغير تغييراً عميقاً المجتمع الذي ألفوه، وتفتح لهم في الوقت نفسه آفاقاً واسعة من الفكر الإنساني والمعرفة العميقة، وتوثق من صلاتهم بالعالم الخارجي الذي كان يتغير حولهم هو الآخر على نحو سريع"(36). وأخذ الأدب يتحرك بحيوية ا لروح الجديدة التي بدأت تتغلغل في ثناياه مفضية به إلى نقلات تغير صورة السائد منه على نحو غير متوقع بفعل إنجازات تأريخية جديدة، لم تشهدها ساحة الأدب وحده بل امتدت إلى معظم مجالات الإبداع سواء في الرسم أو النحت أو الموسيقى. وهكذا "شهدت أواخر الأربعينات طلائع نتاجات الجيل الجديد الذي اصطلح علىتسميته في الحياة الأدبية في العراق بجيل الخمسينات والذي قدر لبعض أفراده أن يحققوا إنجازات مهمة في الحياة الأدبية(37) بانفتاح أدبهم علىمستويات من الأداء الحديث الذي يعي صورة العصر ويتمثل روحه في الدعوة إلى الثورة والتغيير.‏

    وفي الشعر، شهدت هذه المرحلة ظهور حركة شعرية، تحاول تخطي الأساليب الشعرية السائدة من خلال البحث عن صيغة تعبير شعري جديدة تتمثل وعي جيل الشباب وتجاربه وتستجيب للتغييرات الواسعة التي حملتها مرحلة ما بعد الحرب وتتبنى "تنامي النزوع إلى التحرر بوجه عام"(38). وهكذا ولد الشعر الحر على أيدي نخبة من الشباب ذوي الثقافة الجامعية أو الشخصية الجيدة والوعي الفكري الجاد الذي دعمته منحدرات اجتماعية متقاربة، والرغبة في صنع تجربة إبداعية نوعية تتصل بعصرها وتتواصل مع وعي التجديد الذي استوعبه الإبداع الشعري الموروث، قبل عصور توقفه عند تقليدية جامدة. وكان عام 1947 حاسماً في بدء شعراء التجربة الجديدة بتقديمها إلى الآخرين. فقد أصدرت الشاعرة نازك الملائكة في أواسط ذلك العام ديوانها الأول (عاشقة الليل) وأصدر الشاعر بدر شاكر السياب ديوانه (أزهار ذابلة) في نهاية العام نفسه. وقدمثل هذان الديوانان نواة الاتجاه الشعري الجديد الذي تلقفه كثير من الشعراء الشباب في العراق(39).‏

    وكان النقد الأدبي خلال المرحلة التي سبقت ظهور الشعر الحر يمر بمراحل من النشاط والركود تبعاً لمستجدات الواقع السياسي والثقافي واهتمام الأدباء بالنتاج الأدبي الذي يقدم، أو غضهم الطرف عنه. وقد ظهرت بعض المؤلفات الأدبية التي يمكن عدّها محاولات لنقد الشعر العراقي الحديث ودراسته، ولكنها كانت تميل في الغالب إلى التصنيف والتبويب والتعريف بالأدب العراقي وأبرز أدبائه أكثر مما هي دراسات نقدية ناضجة(40).‏

    وكان ظهور الشعر الحر على أيدي مجموعة من الشباب المثقفين الذين نافحوا عنه ببسالة فرضت أسماءهم وقصائدهم ـ بما تمثله من حداثة ووعي يحسب لأصحابها ـ سبباً كافياً لأن يلج النقد الأدبي مرحلة جديدة تستجيب لواقع أدبي بدأت اتجاهاته بالتميّز، تبعاً لطبيعة الاقتراب من هذه التجربة لمناصرتها أو مجافاتها والوقوف لها حد الاتهام، فضلاً عن تجلي الموقف النقدي الذي يتبنى هذا الفكر السياسي أو ذاك، ليعكس مفاهيمه على الأدب.‏

    وكان على شعراء هذه التجربة أن يضعوا إبداعهم الشعري ورؤيتهم النقدية في خضم هذا الصراع الذي يخوضه الشعر الجديد، ولذلك راحوا يساوقون ما قدموه من قصائد حرة بتنظير نقدي، ظهر في مقالات نشروها في الصحف والمجلات، أو مقابلات أجريت معهم(41). وفي مقدمات دواوين بعضهم(42). وفي البحوث والدراسات التي قدموها إلىمؤتمرات أدبية شاركوا فيها(43). وأصدر بعضهم كتاباً في النقد أو الترجمة(44) وأسهموا في الحوار الذي أجرته بعض الصحف والمجلات عن الأدب العربي والعراقي في مرحلته الجديدة(45). وواصل الشعراء العراقيون الآخرون كتابة شعرهم على الطريقة الموروثة، ولم يهملوا كتابة النقد والدراسة الأدبية(46). وظهر لبعضهم كتاب أو ديوان شعر، وإن جاء ذلك متأخراً(47).‏

    (5)‏

    كانت ثورة 14 تموز عام 1958 نقطة تحول في تأريخ العراق، ليس لأنها أحدثت في الحياة السياسية نقلة حاسمة من نظام ملكي إلى آخر جمهوري، بل لأنها كانت بدء تأريخ جديد في حياة العراقيين بعد مرحلة طويلة من تسلط الحكومات التي تنقاد لأمرة الأجنبي ورغباته، وتقطع أواصر صلتها بالشعب ومطالبه. وقد أحدثت هذه الثورة تغييرات واضحة في الواقع السياسي والاجتماعي، ونقلت الفكر والثقافة إلى مستويات جديدة من النضج والتطور.‏

    وكان على الأدب العراقي أن يتجه الوجهة التي شرعت الثورة الأبواب إليها، ليصبح وسيلة ثورية في التغيير والبناء وليعبر عن صلة واقعية بمجتمعه وجماهيره، عمق ذلك ظهور جيل نشط من الأدباء والمثقفين الذين امتلكوا ثقافة ناضجة وحساً وطنياً عالياً، وأتيح لهم أن يقودوا الحركة الأدبية باتجاهات تخدم الثورة ومسيرتها.‏

    وكانت الحركة الأدبية ـ متمثلة روح الثورة ـ قد نشطت على نحو كبير إذ ظهرت الصحف والمجلات الجديدة، واختص بعضها بشؤون الثقافة والأدب(48).‏

    ونشطت الصحافة الوطنية وتأسست المنظمات والاتحادات الجماهيرية، وصار للأدباء العراقيين اتحادهم الذي ينظم نشاطاتهم الأدبية ويهتم بإصدار نتاجاتهم في مختلف مجالات الإبداع وينظم الأماسي والندوات(49). وظهرت دراسات أدبية مهمة، سواء ماكان منها عربياً أم أجنبياً مترجماً، ونشرت بعض الدراسات الأدبية والنقدية العراقية. وكان عدد مهم من الدارسين العراقيين في الخارج قد عادوا، وأتيح لهم تدريس الأدب الحديث في كليات العراق ومعاهده، وأصبح النقد الأدبي درساً في أقسام اللغة العربية(50).‏

    ويبدو أن الثورة كانت من قوة الفعل والاندفاع ماجعل كثيراً من الأدباء والمثقفين غير قادرين على مواكبتها كلياً أو اللحاق بحركتها المتسارعة، حتى لاح الأمر وكأنها قد "أذهلت ـ لأسباب عديدة ـ المثقفين عامة والفنانين والأدباء والشعراء بوجه خاص فبدا وكأنهم تخلفوا عن استيعابها والتعبير عنها"(51). وقاد هذا الوضع الأدباء إلى مراجعة مواقفهم من الثورة ودورهم فيها، والكيفية التي يتاح لهم فيها التواصل معها(52).‏

    وأسهم معظم الشعراء العراقيين، باتجاهاتهم الأدبية والفكرية المختلفة بدعم الحركة الأدبية والنقدية، ورفدها بما يتبنى فكر الثورة وشعاراتها من المقالات والدراسات، وتوزعتهم اتجاهات نقدية وفكرية متعددة. ففي الوقت الذي نادى فيه بعضهم بالمناهج الواقعية والواقعية الاشتراكية انطلق آخرون من الفكر القومي وأسسه، داعين إلى ضرورة تبنيه أساساً لمسيرة أدبية جديدة. ونادى قسم منهم بمنهج أو سواه من مناهج الدراسة الأدبية كالمنهج التأريخي أو الفني.‏

    غير أن ذلك لم يأخذ بيد الحركة النقدية في العراق باتجاه التبلور في تيارات محددة الملامح والسمات، فكانت إشارات الأدباء والنقاد في معظمها إشارات عامة تعكس تبنياً محدوداً لهذا المنهج أو ذاك(53).‏

    وإذ اهتم معظم الشعراء بالكتابة في موضوعات أدبية متنوعة في مضمونها واختيارها للعصر الذي تدرسه أو الشاعر الذي تهتم بشعره، أولى أصحاب الشعر الحر أكثر عنايتهم لترسيخ دعائم تجربتهم الشعرية الجديدة وتواصلوا مع الدراسات النقدية التي جعلت من الشعر الحر موضع اهتمامها(54). وكان صدور كتاب الشاعرة نازك الملائكة (قضايا الشعر المعاصر) عام 1962(55)، تتويجاً لوعي الشعراء الرواد بأهمية دورهم النقدي في تقويم تجربة الشعر الحر بعد أن أتيح لها أن تصبح اتجاهاً شعرياً بارزاً، كثر أنصاره وتضاعف عدد الشعراء الذين يكتبونه.‏

    وقد أثار هذا الكتاب جدالاً كبيراً، ليس بين أنصار هذا الشعر والرافضين له، أولئك الذين أكدوا ضعف هذا الشعر ومجافاته للموروث، ولكن بين أنصاره أنفسهم أيضاً، لاسيما الذين نظروا إلى كتاب نازك هذا وما تضمنه من أفكار نقدية على أنه ارتداد عن الحركة ونكوص عن التواصل معها، بعد أن كانت نازك من أجرأ روادها والمنادين بها في مقدمة ديوانها (شظايا ورماد)(56). وحاولت نازك تبرير موقفها الجديد وإيضاحه وأتاح ذلك سجالاً نقدياً مع ما كتب عن تجربة الشعر الحر وفيها(57).‏

    (6)‏

    شهد العقد السابع ظرفاً عربياً وعراقياً شديد الوطأة في ظل سيادة روح التسلط والعزلة عن الجماهير والتخبط في الموقف والقرار وغياب الديمقراطية، لينتهي ذلك كله إلى هزيمة حزيران عام 1967.‏

    وكانت أوضاع العراق بعيد ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958 قد دخلت في متاهة الصراعات وضياع آمال الجماهير بثورتها، وسيادة النفس التشاؤمي والتمزق في الصف الوطني، ثم السعي إلى تصحيح مسار الثورة عام 1963، والانحراف الذي أصابها مرة أخرى، وظهور نمط من السلطة التي لا تمتلك مقومات أو ملامح يمكن التوقف عندها، واعتمادها القسوة وتعطيل الممارسة الديمقراطية وسيلة لتثبيت كيانها الضعيف.‏

    وكان لذلك كله أثره في الواقع الثقافي والاجتماعي للعراق، حيث أدى إلى ظهور نزعات غريبة وإشاعة الفكر الانهزامي وروح التشاؤم في نفوس الطليعة الشعبية المثقفة، بعد أن وجدت طموحها في ثورة وطنية تحقق أمانيها قد تبدد كلياً، وفرصتها في المشاركة الفاعلة ببناء الوطن تفلت من بين يديها. فكان ذلك مبرراً لها للانغماس في ملاحقة الفلسفات الغربية، لاسيما تلك التي تعلي من شأن الذات، ومنها الوجودية التي ردد بعض المثقفين والأدباء أفكارها بكثير من السطحية والاضطراب.‏

    وقد عكس الأدب العراقي بصدق صورة مرحلته هذه، فشاعت فيه سمات تلك النزعات التي تعتمل في نفس الأديب من إحساس متضخم بالغربة واليأس دفع به إلى الغموض والإبهام فيما يكتبه، تطميناً منه لذاتية متعالية لا تجد في محيطها ما يبرر تواصلها معه، ولذلك فهو ينفصل عن مجتمعه، وليس له من غاية فيما يكتبه أكثر من إشباع فرديته وغروره(58). وشعوراً من أدباء هذه المرحلة بالضياع الذي يحاصرهم وخشيتهم من مد الأصابع لتشير إلى المتسبب الأساس فيما وصلت إليه الأحوال السياسية والثقافية من تمزق، وهو السلطة الحاكمة بتوجهاتها وأساليبها راح أدباء هذه المرحلة يهاجمون على نحو تدميري كل المنجزات الأدبية التي وقعت تحت أيديهم، وتنصل بعضهم من القيم الموروثة وطالبوا بتجاوزها والتخلص من آسارها بحثاً عن نمط مناسب من القيم والقناعات.‏

    وإذا نظروا إلى التجربة الشعرية الجادة التي أقام دعائمها رواد الشعر الحر قال بعضهم بتخلفها عما يطمح إليه من تجديد، في محاولة لنسف منجزات أولئك الشعراء(59).‏

    وكانت الحركة النقدية مجالاً حيوياً لصراع فكري وأدبي متعدد الجوانب بين أجيال أدبية مختلفة، إذ واصل بعض شعراء الشطرين ـ من الجيل الذي أسهم في الكتابة قبل ظهور الشعر الحرـ كتابة الدراسات والمقالات النقدية فضلاً عن نظم الشعر(60). وأسهم رواد الشعر الحر بكتابة المقالات والدراسات، وأخذوا يؤرخون لتجربتهم التي اكتملت سماتها، لاسيما بعد أن هدأت أصوات الرافضين لها من الأجيال السابقة(61).‏

    وظهرت في هذه المرحلة أسماء شعرية كثيرة، ومن مراحل زمنية مختلفة. وكان ذلك مدعاة لبحث الأدباء والنقاد عما يمكن أن يؤلف بينهم ليكونوا اتجاهاً خاصاً أو تجمعاً محدداً. وحين لم يكن ذلك ممكناً مال فريق إلى تقسيم الأدباء أجيالاً، فظهرت تسميات مثل: (جيل الخمسينات) و(جيل الستينات).‏

    ولعل تقسيم الشعراء أجيالاً على أساس أن لكل عقد من السنين جيلاً يمثله ـ مسألة لا تمتلك مبررات موضوعية مقنعة على مستوى دراسة الشعر وتطوره، إذ أن تداخل أجيال الشعراء وتواصلها لا يتوقف عند حد زمني تمثله عشر سنين أو أكثر. وربما لا يقدم ذلك إلا صيغة من الرصد التأريخي، تلاحق مايبرز في مجالات الإبداع من ملامح جديدة تضاف إلى ما سبقها، ولكنها لا تحدد تميزاً كاملاً لهذا الجيل أو ذاك. ويبدو أن هذه التسمية من نتاج هذه المرحلة ـ العقد السابع ـ إذ لم يقل بها قبل ذلك أحد من الأدباء، فليس هناك من جيل من سموا جيل (الأربعينات) أو (الثلاثينات). ولعلنا نجد سبباً لظهورها في هذه المرحلة بما قدمه الجيل المبدع في المرحلة السابقة الذي سمي جيل الخمسينيات وهو جيل الريادة في الشعر، والعطاء المتطور في الرواية والقصة والمسرح والرسم والموسيقى، وهو ما خلق منه ظاهرة فاعلة في الحياة الثقافية، فرضت سطوتها على مساحة الإبداع في العراق حتى وقتنا الراهن،. فكانت تسمية أولئك المبدعين بجيل (الخمسينات) سمة تميز لهم.‏

    ثم أمسى ذلك تقليداً في المراحل اللاحقة، من دون أن يكون لكل جيل سمات متكاملة يختص بها كلياً.‏

    وكان بين الشعراء الذين برزوا في هذه المرحلة عدد ممن بدأوا النشر في مرحلة مقاربة لرواد الشعر الحر، واستمروا معهم. ولم يتح لأسمائهم أن تحتل مكانة مهمة في تلك المرحلة لأسباب، بعضها سياسي، وبعضها متعلق بطبيعة التجربة الشعرية التي نضجت في مراحل لاحقة، ومن هؤلاء الشعراء: علي الحلي وعبد الرزاق عبد الواحد ومحمد جميل شلش وسعدي يوسف وزكي الجابر وشفيق الكمالي وراضي مهدي السعيد ويوسف الصائغ وآخرون.‏

    (7)‏

    كان قيام ثورة 17 تموز عام 1968 إيذاناً بآمال ومنجزات جديدة في حياة الأدب العراقي بعد مرحلة من الانغلاق والغربة والتغريب.‏

    وكانت الإجراءات الأولى للثورة وقراراتها الحاسمة، بما يدعم انتماءها الجماهيري، عامل تواصل حيوي مع فئات الشعب كلها ومنها المثقفون الذين توافرت أمامهم فرص حياة جديدة، وصار بمقدورهم إنجاز مشاريعهم الأدبية بمساحة تأثير أكبر بعد أن تنفسوا هواءً نقياً جديداً، في ظل الثورة التي فتحت عيون العراقيين على آفاق حاضر ومستقبل تبنيهما طاقاتهم الخلاقة، وشرعت الثورة في إعادة بناء الثقافة على أسس جديدة، وأتيح للأدباء أن يعيدوا إنشاء اتحادهم، وأن يصدروا صحفاً ومجلات، تخصص بعضها في الثقافة والأدب(62). ونشطت حركة نشر النتاج الأدبي العراقي، وواكبت ذلك حركة نقدية تدعو إلى مرحلة جديدة في الأدب ونقده.‏

    وظهر دور الجيل الذي أطلقت عليه تسمية (جيل الستينات) مؤثراً في أدب هذه المرحلة ونقدها، فعلى مستوى الإبداع الأدبي ـ الشعري خاصة ـ "أتقن معظم هؤلاء الشعراء التجربة الإبداعية المعاصرة، بعد أن وعوا تجربة الرواد وتعمقت في نفوسهم وتجاربهم. وكان طريق الاطلاع على التجارب الشعرية الأخرى ـ عربية وعالمية ـ ميسوراً لهم أكثر مما كان لمن سبقهم. كما أن لهم من سعة مجالات النشر وتعددها ما مكنهم من تقديم تجاربهم في أول مراحلها جدة وسخونة"(63)..‏

    وتواصل الشعراء العراقيون مع حركة النقد العربي ورفدوها بما تهيأ لهم من وعي وتجربة. ويلاحظ على ساحة النقد في هذه المرحلة أنها تكاد تخلو من أصوات الشعراء من الأجيال التي سبقت رواد الشعر الحر، بعد وفاة بعضهم(64) وانقطاع الآخرين عن كتابة النقد إلى تأليف الدراسات التي تهتم بتأريخ الأدب وشعرائه(65). ويصح هذا الحكم على بعض رواد الشعر الحر أيضاً(66).‏

    وتهيأ للأجيال الشعرية التالية أن تتصدى لكتابة النقد الأدبي وتنشط فيه، مقدمة رؤيتها التي تعكس وعيها والقناعات الجديدة التي توافرت عليها. وقد سعى بعض شعراء هذه المرحلة ممن سموا بالستينيين إلى البحث عن ملامح تجربة شعرية تناسب وعي جيلهم ومرحلته، منطلقين من مبررات التجاوز لما هو سائد من تجارب شعرية سبقتهم. وقد ظهر ذلك في (البيان الشعري) الذي أصدره أربعة منهم عام 1969. (67) وأثار هذا البيان ردود فعل مختلفة، وأسهم في مناقشته كثير من الشعراء والنقاد، هاجمه بعضهم من منطلقات رؤية مختلفة، ونظر بعضهم إليه بعين ناقدة متفحصة(68). وأياً كانت الأفكار التي تضمنها هذا البيان، ومدى جدية الشعراء الموقعين عليه وإيمانهم بما ورد فيه، كان عامل حركة حيوية لمسار النقد العراقي في مرحلته تلك، لاسيما بعد أن ترددت أصداؤه في بعض الأقطار العربية الأخرى(69).‏

    ونشطت الحركة الثقافية والأدبية في العراق خلال العقد الثامن، مساوقة للنقلة الجديدة في حياة المجتمع العراقي التي حصلت في أوضاعه السياسية والاقتصادية، بعد أن تحققت مكاسب وطنية وجماهيرية كثيرة(70).‏

    (1) فجّرت هذه الثورة الوعي السياسي لدى العراقيين على نحو كبير، ومنحتهم ثقة بأنفسهم وجعلتهم يدركون قدرتهم لمواجهة المستعمر مهما كان عليه من قوة وجبروت. وعندما انتهت الثورة ونصب (فيصل) ملكاً على العراق، لم يلق ذلك قبولاً من العراقيين جميعاً. وكان الوعي الناضج لدى قسم من المثقفين قد حدا بهم إلى المطالبة بقيام حكم جمهوري في ذلك الوقت المبكر. ينظر: عبد الله الفياض، الثورة العراقية الكبرى، بغداد، 1963. ص 330.‏

    (2) برزت مظاهر ذلك بالدعوة إلى تأسيس الأحزاب. فقد "ظهرت فكرة تأسيس الأحزاب السياسية في العراق بعد عودة بعض المنفيين من الذين أسهموا في الثورة العراقية لسنة 1920..... ونشأ نشاط واضح لدى بعض العراقيين للدعوة إلى إنشاء الأحزاب السياسية والمطالبة بتكوينها للتعبير عن إرادة الأمة"، عبد الرزاق الدراجي، جعفر أبو التمن ودوره في الحركة الوطنية في العراق، بغداد 1980، ص 143. واتضح أيضاً في الدعوة إلى التعليم وإنشاء المدارس والعناية بالتربية (ينظر: عناد الكبيسي، الأدب في صحافة العراق، بغداد، 1972، ص 61)، والمطالبة بحرية المرأة وتعليمها ومنحها مكانتها الاجتماعية اللائقة، ومساواتها بالرجل، ووصل الأمر ببعضهم إلى المطالبة بإنشاء مجلة نسائية. ينظر: المصدر نفسه ص 205.‏

    (3) ينظر: يوسف عز الدين، في الأدب العراقي الحديث، القاهرة، 1973، ص 19، وعناد الكبيسي، ص 34.‏

    (4) ينظر: يوسف عز الدين، ص 57.‏

    (116) لم يهتم الأدباء العراقيون بالقصة والرواية على الرغم من أن الصحف العراقية والعربية نشرت أمثلة منها منذ عام 1908. (ينظر: عبد الإله أحمد، فهرست القصة العراقية، بغداد 1973، ص 17). ولعل وراء ذلك بساطة القصص التي كانت تنشر ووقوعها في تقليد مشوه لما كانت الصحف تنشره من مختصرات مترجمة لقصص أجنبية منها، وغياب الأديب الناقد الذي يهتم بهذا اللون الأدبي. وقد تهيأ ذلك بعد عام 1920م، حيث ظهر (محمود أحمد السيد) وهو "أول من عرف في العراق بالتوافر على هذا الفن... وبه استهلت حقبة جديدة في تأريخ القصة " (عناد الكبيسي، ص 223)، فقد نشر أولى قصصه (في سبيل الزواج) عام 1921م، ثم (مصير الضعفاء) عام 1922م. ونشر ما يشبه مجموعة قصص قصيرة سماها (النكبات) عام 1922م. (تنظر: المجموعة الكاملة لقصص محمود أحمد السيد، إعداد وتقديم د.علي جواد الطاهر، ود. عبد الإله أحمد، بغداد، 1978، ص 25. أما المسرحية بنوعيّها النثري والشعري فلم تنشط في العراق إلا بعد عام 1921م، حيث أخذت المسرحية طابعاً جديداً استمدته من واقع الحياة العراقية وماكان يسود البلاد من ثورة على المستعمرين الإنكليز وأعوانهم. وشهدت بغداد، بعد تأسيس حكومة فيها حركة مسرحية. وقامت الفرق التمثيلية بدور فعال متعاونة مع الفرق العربية التي كانت تزور بغداد بين آونة وأخرى، "أحمد مطلوب، النقد الأدبي في العراق، القاهرة، 1968، ص 319.‏

    (6)ينظر: عباس توفيق، نقد الشعر العربي الحديث في العراق، بغداد، 1978، ص 36.‏

    (7) تنظر: مجلة لغة العرب، بغداد، العدد الأول، تموز 1911، ص 4-5.‏

    (Coolمطلوب، ص 27.‏

    (9) أشير في العدد الأول إلى طبيعة هذا الباب، وما يقصد في هذه المسميات الثلاثة (ينظر: العدد الأول، ص 4-5). ولم يظهر هذا الباب في العدد الثاني. وفي العدد الثالث كان التقريظ لكتاب في بعض المسائل الدينية (تنظر: ص 109). أما المشارفة عن مجلة (الآثار) الدمشقية (تنظر: ص 110 ـ 111). وفي العدد الرابع نقد كتاب (طبقات الأمم) واستمر نقده في الأعداد اللاحقة حتى العدد السابع الذي أشير فيه إلى ما وصل المجلة من كتب ومجلات. تنظر: ص 263، ومابعدها..‏

    (10) ينظر: عباس توفيق، ص 20.‏

    (11) عباس توفيق، ص 36.‏

    (12) ينظر: مطلوب، ص 28، وعناد الكبيسي، ص 266، وجلال الخياط، الشعر العراقي الحديث مرحلة وتطور، بيروت، 1987، ص 6. وعلي جواد الطاهر، وراء الأفق الأدبي، بغداد، 1977، ص 271، من خلال تأكيد ريادة (محمود أحمد السيد) للقصة والنقد الحديث في العراق، وجعل عام 1920 بداية ذلك، وعباس توفيق، ص 4. وثابت الألوسي، اتجاهات نقد الشعر في العراق، رسالة ماجستير (مطبوعة على الآلة الكاتبة) جامعة الأزهر ـ كلية اللغة العربيةـ قسم الأدب والنقد، القاهرة 1982، ص 2.‏

    (13) البصير، ألوان من أدب الثورة العراقية، محاضرة في اتحاد الأدباء العراقيين سلسلة أماسي الاتحاد، بغداد، تموز 1960، ص 76.‏

    (14) ينظر:عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني، الديوان في الأدب والنقد، القاهرة 1921.‏

    (15) عباس توفيق، ص 71.‏

    (16) حين أصدر رفائيل بطي الجزء الأول من كتابه (سحر الشعر) عام 1922 ضمن مقالة للعقاد:"الطبع والتقليد في الشعر العصري"، ص 134، وأخرى لعبد الرحمن شكري، "الشعر" ص 216.‏

    (17) تنظر: مجلة الحرية، بغداد، العدد 3-4، تموز 1924.‏

    (18) تنظر:مجلة الوميض، بغداد، العدد 1، تشرين الثاني 1930. وعلوان، ص 401.‏

    (19) تنظر مثلاً: جريدة الناشئة الجديدة، الأعداد الصادرة بين 22 كانون الأول 1922. و2 تشرين الثاني 1923م. وجريدة الفضيلة، العدد الصادر في 24 مايس 1926. وجريدة شط العرب، العدد الصادر في 12 أيلول 1924. وجريدة المفيد، العدد الصادر في 15 أيلول 1924. وجريدة العالم العربي، العدد الصادر في 2 أيلول 1925.‏

    (20) من ذلك جريدتا (العراق) و(الاستقلال) اللتين صدرتا عام 1920، و (العاصمة) و(المفيد) و(الناشئة الجديدة) وصدرت عام 1922م.‏

    (21) نشرت الصحف والمجلات مقالات كثيرة لأبرز شعراء هذه المرحلة، نشير منها إلى :‏

    ـ مذهبي في الشعر، الزهاوي، مجلة اليقين، بغدادج 12-13، تشرين أول 1922م.‏

    ـ نظرة انتقادية في الأدب، الرصافي، جريدة الأمل، بغداد، الأعداد الصادرة بين 8-13 تشرين الثاني 1923م.‏

    ـ نظرة إجمالية في حياة المتنبي، الرصافي، جريدة الأمل، بغداد، الأعداد الصادرة بين 9-31 تشرين الأول 1923.‏

    ـ طبقات الشعراء، الرصافي، جريدة الأمل، بغداد، الأعداد الصادرة في 3-5 كانون الأول 1923.‏

    ـ الأدب وادعياؤه، الزهاوي، جريدة الاستقلال، 6كانون الثاني 1924.‏

    ـ تولد الغناء والشعر، الزهاوي، مجلة المقتطف، القاهرة، العدد 5، ديسمبر 1924م.‏

    ـ كيف يتطور الأدب، البصير، مجلة المعرض، بغداد، العدد 10 أغسطس 1926.‏

    ـ النقد الأدبي، البصير، مجلة المرشد، بغداد، الأجزاء 3-9، نيسان ـ مايس 1927.‏

    ـ حول النثر والشعر، الزهاوي، جريدة السياسة الأسبوعية، القاهرة، 3 ديسمبر 1927.‏

    ـ شعراء العراق اليوم غير شعرائه أمس، الجواهري (بتوقيع طرفة)، جريدة العراق، تشرين الثاني 1929.‏

    ـ شعراء العراق أمس أو الرصافي والزهاوي في الميزان، الجواهري (بتوقيع طرفة)، العراق، 15 تشرين الثاني 1929.‏

    ـ مطارحات أدبية، البصير، جريدة البلاد، 10 شباط 1930م.‏

    (22) توفيق، ص 47.‏

    (23)يبرز ذلك في خصوصية الأسلوب الشعري الذي تهيأ لبعض شعراء تلك المرحلة، ومنهم الشرقي والجواهري والصافي النجفي.‏

    (24) توفيق، ص 71.‏

    (25) ينظر:مطلوب، ص 73.‏

    (26) ينظر: مطلوب، ص 73. يقول المؤلف: "طلعت جريدة (أبو أحمد) للأستاذ عبد القادر المميز وعلى صفحاتها خبر سفر وفد من أدباء العراق إلى الفلوجة ليبايع الرصافي بإمارة الشعر. واهتز الزهاوي وتحرك أصحابه، واندفع مؤيدو الرصافي فكانت مساجلات طريفة ومعارك حامية لم تنته إلا يوم ودع الزهاوي الحياة".‏

    (27) الرصافي، لمن الزعامة الأدبية، مجلة الناقد، لندن، العدد الثالث، أيلول 1988،/ ص 60.‏

    (28) عبد الحميد الرشودي، الزهاوي، دراسات ونصوص، بيروت 1966، ص 65.‏

    (29) من المقالات التي كتبها هؤلاء الشعراء في تلك المرحلة:‏

    ـ أسلوبنا الكتابي، الجواهري، جريدة العراق، 22 أيار 1931.‏

    ـ أنا على حقيقتي، الجواهري، جريدة العراق، 21 تشرين أول 1931.‏

    ـ آراء الأدباء في ديوان الكرخي، الشرقي، جريدة الملا، 18 تشرين الثاني 1933.‏

    ـ نهضتنا الحديثة ، الشبيبي ، جريدة الراعي، 10 آب 1934.‏

    ـ الألواح التأريخية، الشرقي، مجلة الاعتدال، الأعداد 1-6-1934.‏

    ـ التجديد، الصافي النجفي، جريدة البلاد، 19 شباط 1935.‏

    ـ البصير يكتب عن كورني، البصير، جريدة الزمان، 4 نيسان 1938.‏

    ـ أحمد الصافي النجفي بقلمه، الصافي النجفي، جريدة الكلام، الأعداد الصادرة في 12 و19 و26 آذار، و2 نيسان 1938.‏

    ـ عقيدتي في الغاية من الأدب، البصير، جريدة الكلام، 9 نيسان 1938.‏

    ـ استفتاء أدبي عن مستوى الأدب العراقي، جواب الصافي النجفي، جريدة الهاتف، العدد 167، كانون الثاني 1939.‏

    ـ وكان قد صدرت للصافي النجفي ترجمته لرباعيات الخيام، دمشق 1931. وصدر للبصير كتابه (بعث الشعر الجاهلي) بغداد 1939.‏

    (30) أصدر جريدة (الفرات) عام 1930، و(الانقلاب) عام 1936، أثر الانقلاب العسكري الذي قاده بكر صدقي. وبعد سقوط حكومة الانقلاب غيّر اسم الجريدة إلى (الرأي العام) وقد عطلت أكثر من مرة، وكان يصدر في أثناء تعطيلها جرائد بأسماء أخرى، باسمه أو اسم غيره (كالثبات) و(الجهاد) و(الأوقات البغدادية) و(الدستور) و(صدى الدستور) و(الجديد) و(العصور). وظلت (الرأي العام) بين تعطيل وإعادة إصدار حتى ما بعد ثورة 14 تموز 1958. ينظر: ديوان الجواهري، الجزء الأول بغداد 1973، ص 15 وما بعدها.‏

    (31) استوزر الشبيبي أكثر من مرة بين عامي 1941 و1948. أما الشرقي فكان عضواً في مجلس الأعيان عام 1947، واختير وزيراً للدولة عدة مرات بين عام 1949 حتى عام 1958.‏

    (32) ينظر: ديوان الشبيبي، القاهرة، 1940، المقدمة.‏

    (33) صدر الديوان في النجف عن مطبعة الغري.‏

    (34) ينظر: منعم حميد حسن، محمد مهدي البصير شاعراً، بغداد 1980. ص 69.‏

    ومن كتابات البصير في هذه المرحلة:‏

    ـ يوميات البصير، جريدة الساعة، مجموعة يوميات ابتداء من 3 كانون الأول 1944.‏

    ـ أبو فراس الحمداني، جريدة البلاد، 30 كانون الثاني 1945.‏

    ـ فولتير كاتب قصصي، مجلة عالم الغد، العددين 4 و5 في كانون الثاني وشباط 1945.‏

    ـ شاعر الفرسان وفارس الشعراء، مجلة عالم الغد، العددين 7 و 8 في آذار 1945.‏

    ـ نهضة فرنسا الحديثة، مجلة عالم الغد، العدد 22، تشرين أول 1945.‏

    ـ أدبنا العاطفي، مجلة المعلم الجديد، بغداد، العدد 3، مايس 1945.‏

    ـ التصوير في شعر البحتري، المعلم الجديد، العدد 9، تشرين الثاني 1945.‏

    (35) ينظر: حميد المطبعي، الشيخ إبراهيم الوائلي، بغداد 1988، ص 71، وما بعدها. وما كتبه الوائلي في هذه المرحلة:‏

    ـ الاتجاه الحديث في الأدب المصري، مجلة الدليل، النجف، العدد 51، تشرين أول 1946.‏

    ـ وصف الطبيعة في الشعر، الدليل، العدد 2، تشرين الثاني 1946.‏

    (36) عبد الإله أحمد، الأدب القصصي في العراق، بغداد 1977، 2: 10.‏

    (37) المصدر نفسه، 2: 9.‏

    (38) يوسف الصائغ، الشعر الحر في العراق، بغداد 1978، ص 129. ويقول البياتي: هناك مؤثرات ثقافية واجتماعية وحضارية أصابت العراق بعد الحرب، فكانت تصلنا كتب مترجمة أو غير مترجمة. وقامت حركة فنية ببغداد، أضف إلى ذلك أن المدرسة الرومانسية في الشعر العربي في ذلك الوقت كانت قد أفلست، لأن الواقع الاجتماعي في العالم العربي كان قد أخذ يتحرك وينكسر بتأثير الحرب العالمية الثانية. وكنا نشعر أن القوالب التقليدية للشعر... لم تعد صالحة"، الثورة لا تخمد أبداً، مجلة شعر، بيروت، العدد 37، شتاء 1968، ص 63.‏

    (39) صدرت عام 1950 مجموعة البياتي (ملائكة وشياطين) وشاذل طاقة (المساء الأخير) وصالح جواد الطعمة (ظلال الغيوم) ويوسف عز الدين (في ضمير الزمن) وصدرت عام 1951 مجموعة بلند الحيدري (أغاني المدينة الميتة).‏

    وكان حسين مردان قد أصدر مجموعته الأولى (قصائد عارية) عام 1949، ومع أنها لم تكن من الشعر الحر إلا أنها عدت اتجاهاً شعرياً جديداً أثار ضجة وعرض الشاعر إلى مصادرة ديوانه

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد 19 مايو - 17:40