يعد فلم زمن الآلات لشارلي شابلين لسنة 1936 أول فلم حمل الطابع السياسي ، كما يعد آخر فلم صامت يصنعه ، اذ تعرض لانتقادات آنذات لاستمراره في عمل الأفلام الصامتة رغم أن امكانية اضافة الصوت كانت قد توفرت وقتها ، مع وجود اضافات صوتية في بعض من فترات الفلم.
مما لاشك فيه ، فان الفلم يعد من أفضل أعمال شابلين و أشهرها ، انتقد فيه التنظيم الرأسمالي الذي طغى بشكل لافت آنذاك ، فـ Henry Ford الأمريكي مالك Ford Company ، و هي شركة لصنع السيارات و صاحب نظرية Fordism لم يكن يتوقع السخرية الذكية و الانتقاد الهادف الذي وجهه له شابلين في فلمه ، لا هو و لا Frederick Winslow Taylor المهندس الأمركي صاحب نظرية التنظيم العلمي للعمل -OST- و التي تعد أساس الثورة الصناعية في أواخر القرن التاسع عشر و بداية القرن العشرين ، كلا المهندسين ، الذان يعتبرا عرابا التدبير و النظريات و الفلسفات الاقتصادية ، اعتبرا أن تقسيم العمل الى مهمات مقننة و محددة و بسيطة و متكررة في نفس الوقت تضمن أكبر مردودية ممكنة ، فالعامل يكلف بمهمة محددة رتيبة جدا تجعل منه مجرد مؤدي للحركات دون تفكير ، و بالتالي فان قيمته كعقل مفكر تغيب بالكامل ليعتمد فقط على قدرته الجسدية ، شابلين سخر من هذه النظرية و بين أن الرتابة في عمل رتوشات بسيطة ، تعطي نتيجة عكسية و ليس كما يرجى منها ، بحركاته الكوميدية المعهودة و بلاهته المحببة استطاع ايصال الفكرة و نقلها في صورة جمالية يسهل فهمها للجميع ، لم يقتصر شابيلين على نقد سياسة فورد و تايلور فقط ، بل شملت سخريته المجتع الصناعي كافة ، أعطى نظرة عامة عما يدور في المعامل ، كيف يتصرف أرباب العمل بغير مبالاة تجاه عمالهم ، هدفهم الأسمى و الأغلى هو رفع المردودية ، كيفما كان الثمن ، اتخاذهم من مقولة الوقت من ذهب شعارا لهم ، لم يتوانوا في استغلال كل دقيقة و كل ثانية للاستفادة قدر الامكان من شغيليهم.
بين الفلم الهوة الموجودة بين الطبقتين المكونتين للمجتمع الأمركي : برجوازية تمتلك المال و السلطة ، تمتلك المصانع ، و أخرى فقيرة حكم علها بالعمل لأصحاب المال ، طبقة عاملة كادحة و يائسة ، تضطرها الظروف أحيانا للسرقة لاسكات جوعها و جوع أبنائها ، تقدم الصناعة زاد من همها ، فلم تكتفي الظروف بدرجة سوء حالها ، بل أصبحة الآلات الصناعية الحديثة تنافسها ، أصبح أرباب العمال يعتمودون على التقنية أكثر فأكثر مع تراجع دور اليد العاملة.
قدم شابلين درسا في عدم اليأس ، فكما يقال لاحياة مع اليأس و لا يأس مع الحياة ، بعد تجارب مريرة سيواجهها و الفشل الذي يلحقه من مكان لآخر ، ظل يبحث عن الوظيفة التي تناسبه.
مفهوم الأسرة و الاستقرار حضر و بقوة في الفلم ، حث على قيمة الأسرة و بين دورها كمحفز قوي يجعل الانسان دائما مقبلا على الحياة برغم صعوباتها ، امتلاك بيت و زوجة ، هي غاية كل انسان ، تكوين أسرة هي الغاية الأسمى التي دافع عنها شارلي ، المجتمع الصناعي ، و لكي يضمن نجاحه التصاعدي ، لابد له أن ببدأ على اساس متين ، لابد من عنصر محفز يجعل الانسان مقبلا على الصعوبات مهما كانت ، عماد أي مجتمع يتجلى في الأسرة اذ استطاع شابلين ايجاد توليفة ناجحة بين الدراما و الرومانسية و الكوميدية ، وازن بين الثلاثة دون تفريط أو افراط ، استطاع الاستفادة من مميزات كل عنصر.
نستطيع من خلال الفلم ، أخذ فكرة واضحة عن بنيات المجتمع في عصر الثورة الصناعية ، مظاهرات هنا ، احتجاجات هناك ، اضرابات و تخبطات ، السلطة التي تمارس القمع و الترهيب لاسكات الاصوات المنددة. مفهوم الجودة لم يظهر بعد ، لم يرتق مقام المستهل الى تلك المرتبة التي تجعل ارضائه الغاية الأولى ، لان الطلب موجود و بكثرة ، فلا داعي لبذل مجهود مضاعف في شيء سيباع سواء كان جيدا أو أجود من ذلك ، بين شابلين عن روح نقدية و دراية واسعة لمجتمعه ، غيرة عليه و تعاطفا معه ، أظهر فكر ساخر و ثقافة اقتصادية تزكي لقبه : العبقري ، لو نتأمل الفلم و نقارنه مع تقدم و تتابع تغيرات المجتمع و فكره ، سنجده في بعض الأحيان سابقا لعصره كأن مخرجه كان يملك فكرة مسبقة عن التطورات المحتملة التي ممكن أن تعقب مستقبلا.
يعد الفلم تأريخا للثورة الصناعية و للمجتمع آنذاك ، رصد النقلة النوعية التي رافقت المجتمع الأمريكي ليتوجه لسياسة جديدة و يخوض غمار تحدي مغاير ، بيد أن المشكل الحقيقي هو في الشرخ الواسع بين طبقات المجتمع.
Passport الفلم :
كتابة و اخراج و تمثيل و تركيب موسيقي : شارلي شابلن
النوع : كوميديا و دراما و رومانسية
تاريخ الانتاج : 25 فبراير 1936
مدته : 87 دقيقة
لونه : أبيض و أسود
بطولته : Charlie Chaplin و Paulette Goddard
قصته : يتناول الفلم قصة عامل في احدى المصانع
كتابة و اخراج و تمثيل و تركيب موسيقي : شارلي شابلن
النوع : كوميديا و دراما و رومانسية
تاريخ الانتاج : 25 فبراير 1936
مدته : 87 دقيقة
لونه : أبيض و أسود
بطولته : Charlie Chaplin و Paulette Goddard
قصته : يتناول الفلم قصة عامل في احدى المصانع