ولادتــــه
ولد أبو علي محمد بن علي بن رزين بن ربيعة الخزاعي في الكوفة سنة (148هـ). ولقبته (الداية) بدعبل، لدعابة كانت فيه. فهي أرادت (ذعبلاً) فقلبت الذال دالاً..
أســـرتــه
بفضل وبركة دعاء النبي الأكرم (ص) لجده الأعلى عاش دعبل الخزاعي في بيت علم وفضل وأدب، برز فيه محدثون وشعراء (وفيهم السؤدد والشرف وكل الفضل والفضيلة)(2) وقد كلل الله عزّ وجلّ هذا البيت بالشرف العظيم حين كرمه بخمسة شهداء.. على رأسهم بطل الإسلام العظيم (عبد الله بن ورقاء) الذي كان هو وأخواه (عبد الرحمن ومحمد) رسل النبي(ص) إلى اليمن.. (وكان الثلاثة وأخوهم الرابع (عثمان) من فرسان أمير المؤمنين الشهداء في صفين) (3) وأخوهم الخامس (نافع بن بديل) استشهد على عهد
تـــربيتــــه
(شبّ في بيت اختص بالشعر) (4) فجده (رزين) شاعر كما ذكره ابن قتيبة في (الشعر والشعراء) (وأبوه (علي) كان من شعراء عصره) (5) وعمه (عبد الله بن رزين) أحد الشعراء، وابن عمه (محمد بن عبد الله) شاعر له ديوان ويلقب بـ (أبي الشيص) وابن هذا (عبد الله بن محمد أبي الشيص) شاعر له ديوان أيضاً وأخواه (علي أبو الحسن ورزين) من الشعراء المشهورين...
وعن هؤلاء جميعاً أخذ دعبل ومنهم استقى وتعلم؛ فتلقف أبجدية الشعر وأصوله، وفهم معانيه وغاص في بحوره، وحفظ الكثير الكثير من الأبيات والقصائد.. إلا أنه لم يشرع في النظم، وعاهد نفسه ألا يفعل ذلك إلا بعد أن ينهل المزيد من منابع الشعر الأصيلة، ويتقن صناعته اتقاناً جيداً.. وهكذا خرج من الكوفة .وسافر إلى الحجاز مع أخيه رزين، وإلى الري وخراسان مع أخيه علي.. (كان دعبل يخرج فيغيب سنيناً يدور خلالها الدنيا كلها ويرجع، وقد أفاد وأثرى، وكانت الشراة والصعاليك يلقونه ولا يؤذونه ويواكلونه ويشاربونه ويبرّونه، وكان إذا لقيهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم إليه فكانوا يواصلونه ويصلونه، وأنشد دعبل لنفسه في بعض أسفاره يقول:
حللت محلاً يقصر البرق دونه ويعجز عنه الطيف أن يتجشما
وهكذا رافق (مسلم بن الوليد) (وكان شاعراً متصرفاً في فنون القول حسن الأسلوب أستاذ الفن ويقال أنه أول من قال الشعر المعروف بالبديع ووسمه وتبعه فيه أبو تمام وغيره توفي بجرجان سنة 208هـ) (
بفضل وبركة دعاء النبي الأكرم (ص) لجده الأعلى عاش دعبل الخزاعي في بيت علم وفضل وأدب، برز فيه محدثون وشعراء (وفيهم السؤدد والشرف وكل الفضل والفضيلة)(2) وقد كلل الله عزّ وجلّ هذا البيت بالشرف العظيم حين كرمه بخمسة شهداء.. على رأسهم بطل الإسلام العظيم (عبد الله بن ورقاء) الذي كان هو وأخواه (عبد الرحمن ومحمد) رسل النبي(ص) إلى اليمن.. (وكان الثلاثة وأخوهم الرابع (عثمان) من فرسان أمير المؤمنين الشهداء في صفين) (3) وأخوهم الخامس (نافع بن بديل) استشهد على عهد
أسفـــاره وجــرأتـــه
سافر دعبل الخزاعي إلى بغداد وأقام فيها زمن المأمون.. فاختلط بأدبائها وشعرائها فاكتسب منهم ما أغنى تجربته، فبلغ الذروة في نشاطه الشعري واتقان صناعته؛ فنظم في بغداد أقوى وأشهر قصائده (فتوغل لا يقرّ به قرار ولا يهاب في الهجاء والسباب المقذع فيمن حسبهم أعداء العترة الطاهرة وغاصبي مناصبهم، فكان يتقرب بشعره إلى الله وهو من المقربات إليه سبحانه زلفى، وأن الولاية لا تكون خالصة إلا بالبراءة ممن يضادها ويعاندها كما تبرأ الله ورسوله من المشركين) (.
وبسبب الجرأة والهجاء كثر أعداء الشاعر ومناوئوه، فتربصوا للوقيعة به وقتله، لكنه لم يبال ورد عليهم بقصائد أشد وأقوى. واشتهر بقوله: (أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحداً يصلبني عليها)!! وبسبب بأسه الشديد وقوة حجته تجنب الكثير لسانه ( قيل للوزير محمد بن عبد الملك الزيات: لم لا تجيب دعبلاً عن قصيدته التي هجاك فيها؟! قال: إن دعبلاً جعل خشبته على عنقه يدور بها يطلب من يصلبه بها دون أن يبالي) (9).
وكان الوزير الزيات على حق، فدعبل لم يعرف الخوف ولم يتردد في هجاء الخليفة المأمون قائلاً:
أخذ المشيب من الشباب الأغيد والنائبات من الأنام بمرصد
أيسومني المأمون خطّة جاهل أو ما رأى بالأمس رأس محمد؟!
إني من القوم الذين سيوفهم قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خمـولة واستنقذوك من الحضيض الأوهد
محمد - الوارد اسمه في هذه الأبيات - هو (الأمين بن الرشيد) الذي قتله (طاهر الخزاعي) وبذلك ولي المأمون الخلافة..
وهجا إبراهيم بن المهدي بقوله:
يا معشر الأجياد لا تقنطوا وارضوا بما كان ولا تسخطوا
فسوف تعطون حنينيّة يلتذّها الأمرد والأشمط
والمعديّات لقوّادكم لا تدخل الكيس ولا تربط
وهكذا يرزق قوّاده خليفة مصحفه البربط
فدخل إبراهيم على المأمون فشكى إليه حاله وقال: يا أمير المؤمنين إن الله سبحانه وتعالى فضلك في نفسك عليّ وألهمك الرأفة والعفو عني، والنسب واحد، وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه.. وأنشده الأبيات السابقة، فقال المأمون: لك أسوة بي فقد هجاني بما هو أقبح من ذلك واحتملته.
وقال دعبل بحق الفضل بن مروان موبخاً وساخر
ولد أبو علي محمد بن علي بن رزين بن ربيعة الخزاعي في الكوفة سنة (148هـ). ولقبته (الداية) بدعبل، لدعابة كانت فيه. فهي أرادت (ذعبلاً) فقلبت الذال دالاً..
أســـرتــه
بفضل وبركة دعاء النبي الأكرم (ص) لجده الأعلى عاش دعبل الخزاعي في بيت علم وفضل وأدب، برز فيه محدثون وشعراء (وفيهم السؤدد والشرف وكل الفضل والفضيلة)(2) وقد كلل الله عزّ وجلّ هذا البيت بالشرف العظيم حين كرمه بخمسة شهداء.. على رأسهم بطل الإسلام العظيم (عبد الله بن ورقاء) الذي كان هو وأخواه (عبد الرحمن ومحمد) رسل النبي(ص) إلى اليمن.. (وكان الثلاثة وأخوهم الرابع (عثمان) من فرسان أمير المؤمنين الشهداء في صفين) (3) وأخوهم الخامس (نافع بن بديل) استشهد على عهد
تـــربيتــــه
(شبّ في بيت اختص بالشعر) (4) فجده (رزين) شاعر كما ذكره ابن قتيبة في (الشعر والشعراء) (وأبوه (علي) كان من شعراء عصره) (5) وعمه (عبد الله بن رزين) أحد الشعراء، وابن عمه (محمد بن عبد الله) شاعر له ديوان ويلقب بـ (أبي الشيص) وابن هذا (عبد الله بن محمد أبي الشيص) شاعر له ديوان أيضاً وأخواه (علي أبو الحسن ورزين) من الشعراء المشهورين...
وعن هؤلاء جميعاً أخذ دعبل ومنهم استقى وتعلم؛ فتلقف أبجدية الشعر وأصوله، وفهم معانيه وغاص في بحوره، وحفظ الكثير الكثير من الأبيات والقصائد.. إلا أنه لم يشرع في النظم، وعاهد نفسه ألا يفعل ذلك إلا بعد أن ينهل المزيد من منابع الشعر الأصيلة، ويتقن صناعته اتقاناً جيداً.. وهكذا خرج من الكوفة .وسافر إلى الحجاز مع أخيه رزين، وإلى الري وخراسان مع أخيه علي.. (كان دعبل يخرج فيغيب سنيناً يدور خلالها الدنيا كلها ويرجع، وقد أفاد وأثرى، وكانت الشراة والصعاليك يلقونه ولا يؤذونه ويواكلونه ويشاربونه ويبرّونه، وكان إذا لقيهم وضع طعامه وشرابه ودعاهم إليه فكانوا يواصلونه ويصلونه، وأنشد دعبل لنفسه في بعض أسفاره يقول:
حللت محلاً يقصر البرق دونه ويعجز عنه الطيف أن يتجشما
وهكذا رافق (مسلم بن الوليد) (وكان شاعراً متصرفاً في فنون القول حسن الأسلوب أستاذ الفن ويقال أنه أول من قال الشعر المعروف بالبديع ووسمه وتبعه فيه أبو تمام وغيره توفي بجرجان سنة 208هـ) (
بفضل وبركة دعاء النبي الأكرم (ص) لجده الأعلى عاش دعبل الخزاعي في بيت علم وفضل وأدب، برز فيه محدثون وشعراء (وفيهم السؤدد والشرف وكل الفضل والفضيلة)(2) وقد كلل الله عزّ وجلّ هذا البيت بالشرف العظيم حين كرمه بخمسة شهداء.. على رأسهم بطل الإسلام العظيم (عبد الله بن ورقاء) الذي كان هو وأخواه (عبد الرحمن ومحمد) رسل النبي(ص) إلى اليمن.. (وكان الثلاثة وأخوهم الرابع (عثمان) من فرسان أمير المؤمنين الشهداء في صفين) (3) وأخوهم الخامس (نافع بن بديل) استشهد على عهد
أسفـــاره وجــرأتـــه
سافر دعبل الخزاعي إلى بغداد وأقام فيها زمن المأمون.. فاختلط بأدبائها وشعرائها فاكتسب منهم ما أغنى تجربته، فبلغ الذروة في نشاطه الشعري واتقان صناعته؛ فنظم في بغداد أقوى وأشهر قصائده (فتوغل لا يقرّ به قرار ولا يهاب في الهجاء والسباب المقذع فيمن حسبهم أعداء العترة الطاهرة وغاصبي مناصبهم، فكان يتقرب بشعره إلى الله وهو من المقربات إليه سبحانه زلفى، وأن الولاية لا تكون خالصة إلا بالبراءة ممن يضادها ويعاندها كما تبرأ الله ورسوله من المشركين) (.
وبسبب الجرأة والهجاء كثر أعداء الشاعر ومناوئوه، فتربصوا للوقيعة به وقتله، لكنه لم يبال ورد عليهم بقصائد أشد وأقوى. واشتهر بقوله: (أنا أحمل خشبتي على كتفي منذ خمسين سنة لست أجد أحداً يصلبني عليها)!! وبسبب بأسه الشديد وقوة حجته تجنب الكثير لسانه ( قيل للوزير محمد بن عبد الملك الزيات: لم لا تجيب دعبلاً عن قصيدته التي هجاك فيها؟! قال: إن دعبلاً جعل خشبته على عنقه يدور بها يطلب من يصلبه بها دون أن يبالي) (9).
وكان الوزير الزيات على حق، فدعبل لم يعرف الخوف ولم يتردد في هجاء الخليفة المأمون قائلاً:
أخذ المشيب من الشباب الأغيد والنائبات من الأنام بمرصد
أيسومني المأمون خطّة جاهل أو ما رأى بالأمس رأس محمد؟!
إني من القوم الذين سيوفهم قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خمـولة واستنقذوك من الحضيض الأوهد
محمد - الوارد اسمه في هذه الأبيات - هو (الأمين بن الرشيد) الذي قتله (طاهر الخزاعي) وبذلك ولي المأمون الخلافة..
وهجا إبراهيم بن المهدي بقوله:
يا معشر الأجياد لا تقنطوا وارضوا بما كان ولا تسخطوا
فسوف تعطون حنينيّة يلتذّها الأمرد والأشمط
والمعديّات لقوّادكم لا تدخل الكيس ولا تربط
وهكذا يرزق قوّاده خليفة مصحفه البربط
فدخل إبراهيم على المأمون فشكى إليه حاله وقال: يا أمير المؤمنين إن الله سبحانه وتعالى فضلك في نفسك عليّ وألهمك الرأفة والعفو عني، والنسب واحد، وقد هجاني دعبل فانتقم لي منه.. وأنشده الأبيات السابقة، فقال المأمون: لك أسوة بي فقد هجاني بما هو أقبح من ذلك واحتملته.
وقال دعبل بحق الفضل بن مروان موبخاً وساخر