Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

عــلوم ، دين ـ قرآن ، حج ، بحوث ، دراسات أقســام علمية و ترفيهية .


    Ξ۩ الغزوات الاسلاميه فى رمضان ۩فتح مكه ج 1 ۩ بحث خاص ۩ 3 ۩

    avatar
    GODOF
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 10329
    نقــــاط التمـــيز : 61741
    تاريخ التسجيل : 08/04/2009
    العمر : 33

    Ξ۩ الغزوات الاسلاميه فى رمضان ۩فتح مكه ج 1 ۩ بحث خاص ۩ 3 ۩ Empty Ξ۩ الغزوات الاسلاميه فى رمضان ۩فتح مكه ج 1 ۩ بحث خاص ۩ 3 ۩

    مُساهمة من طرف GODOF الثلاثاء 15 سبتمبر - 18:52

    اخوتى فى الله

    سنبدا موضوعنا باذن الله

    عن الغزوات الاسلاميه التى خاضها المسلمون فى هذا الشهر المبارك

    وثانى الغزوات التى سوف نتطرق اليها هى غزوة فتح مكه
    --------------------------------------------------------------------------------
















    التفاصيل

    قريش تطلب العفو

    اختارت قريش أبا سفيان وهو سيد مكة، وزعيمها، وهو ليس مجرد سفير ترسله مكة، ولكنه زعيم مكة بكاملها، وزعيم بني أمية، وله تاريخ طويل وحروب متتالية مع المسلمين، وهنا يتنازل أبو سفيان عن كبريائه، وعن كرامته، ويذهب إلى المدينة المنورة، ويطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطيل الهدنة مع قريش، وهذا شيء كبير، ولعلها المرة الأولى في تاريخ قريش التي تقدم فيها تنازلا بهذه الصورة، ولكن أبا سفيان ذهب بالفعل إلى المدينة المنورة وحاول قدر المستطاع أن يمنع الرسول صلى الله عليه وسلم من الانتقام لخزاعة، والثأر لكرامة الأمة الإسلامية، وأن يطيل المدة بأي ثمن.

    وهنا نأخذ قاعدة مهمة في حياتنا الآن وإلى يوم القيامة، وهي أنه إذا كان عدوك حريصا على السلام، وحريصا على تجنب الصدام بكل ما أوتي من قوة، ويدفعك إليه دفعا، فاعلم أنه ضعيف، أو على الأقل يخشى قوتك، فلا تضعف ولا تجبن، وهنا أبو سفيان يحاول قدر المستطاع أن يتجنب الصدام مع المسلمين.

    أ م المؤمنين أم حبيبة تضرب مثلا رائعا لحب الرسول صلى الله عليه وسلم

    وصل أبو سفيان إلى المدينة المنورة وذهب إلى ابنته أم المؤمنين أم حبيبة رضوان الله عليها، وهي بنت أبي سفيان وزوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، والتقى أبو سفيان مع أم حبيبة رضي الله عنها، وكان هذا اللقاء بعد غياب ستة عشر عاما متصلة؛ لأن أم حبيبة رضي الله عنها ظلت فترة طويلة من الزمن في الحبشة مهاجرة هناك مع زوجها عبيد الله بن جحش والذي تنصر هناك، ومات كافرا، فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم أتت إلى المدينة المنورة، ولم تدخل مكة طوال هذه المدة الطويلة، وكانت العلاقة بينها وبين أبيها منقطعة، فكان أبو سفيان يظن أن أم حبيبة سوف تستقبله استقبالا حافلا، وما أن اقترب أبو سفيان من الفراش ليتحادث مع ابنته، فإذا بها تطوي الفراش، وتمنعه من الجلوس عليه، فتعجب أبو سفيان وقال لها: يا بنية، ما أدري أرغبتِ بي عن هذا الفراش أو رغبت به عني؟!

    أي: لم تجلسيني علي هذا الفراش، لأنه مكرم عندك أكثر مني، أم لأنك تريني رجلا عظيما لا أقعد على هذا الفراش المتواضع فراش الرسول صلى الله عليه وسلم، فقالت السيدة أم حبيبة في صلابة وفي قوة:

    هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس على فراشه.

    فقال أبو سفيان: يا بنية، والله أصابك بعدي شرا.

    ثم خرج من عندها، ونحن نحتاج أن نقف هنا وقفة مع موقف السيدة أم حبيبة رضي الله عنها، والمحلل لهذا الموقف قد يقول إن هذا الموقف فيه نوع من الغلظة الغير مقبولة من السيدة أم حبيبة مع أبيها أبي سفيان، وهذه المعاملة قد تكون غلظة إلا في هذا الظرف، لأن أبا سفيان هو زعيم مكة المكرمة، والجميع في المدينة يعلم أن هناك نقضا للمعاهدة التي تمت بين المسلمين وبين قريش، وأنه قد جاء إلى المدينة المنورة؛ لكي يطيل المدة، وخاصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنبأهم بقدوم أبي سفيان قبل أن يأتي في معجزة نبوية ظاهرة، قال صلى الله عليه وسلم: كَأَنَّكُمْ بِأَبِي سُفْيَانَ قَدْ جَاءَكُمْ يَشُدُّ فِي الْعَقْدِ وَيَزِيدُ فِي الْمُدَّةِ.

    فالناس يعرفون الغرض الذي أتي بأبي سفيان إلى المدينة المنورة؛ لذلك أرادت أم حبيبة رضي الله عنها وأرضاها أن تقف هذه الوقفة الصلبة الجريئة القوية مع أبيها؛ ليعلم أبو سفيان أن المسلمين جميعا صفا واحدًا، وأنهم جميعا على قلب رجل واحد، حتى ابنته أم حبيبة رضي الله عنها وقفت مع الرسول صلى الله عليه وسلم ضد أبيها أبي سفيان، وقد ترك هذا الأمر انطباعا سلبيا كبيرا عند أبي سفيان، وعرف أنه يقف أمام مجموعة من الصعب أن يحاربهم، وهذا ليس هو السلوك الإسلامي العام مع الرحم المشرك، أو الرحم غير المسلم؛ لأن الله عز وجل أمر بمصاحبة الآباء والأمهات المشركين بالمعروف قال الله عز وجل: [وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا] {لقمان:15}.

    ويؤكد هذا المعنى ما روته السيدة أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما عندما قالت، والحديث في البخاري قالت:

    قدمت عليَّ أمي، وهي مشركة في فترة صلح الحديبية، فسألت السيدة أسماء وقالت: يا رسول الله، إن أمي قدمت عليَّ وهي راغبة أفأصلها؟ قال:

    نَعَمْ صِلِيهَا.

    فهذا هو الأصل في المعاملة، ولكن موقف أبي سفيان حالة خاصة موقف مختلف، وكان موقف السيدة أم حبيبة صحيحا بدليل سكوت الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذا التصرف من السيدة أم حبيبة رضي الله عنها، وخرج أبو سفيان من عند السيدة أم حبيبة بهذه الصدمة الكبيرة.

    واتجه أبو سفيان بعد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليحاول أن يطيل المدة، وتحدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم عن رغبته في إطالة مدة الصلح، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم رفض تماما أن يرد عليه، ولم يكن هذا هو التصرف المعتاد من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأننا نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان دائما يحسن استقبال الضيوف، ويكرم الضيوف وخاصة أن هذا الرجل زعيم من زعماء قريش، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يستمع منه ويتحاور معه قبل ذلك، ولكن هذا لم يحدث في هذا الموقف؛ ليشعر أبا سفيان بمدى الجرم الذي أقبلت عليه قريش ونقضها لصلح الحديبية؛ ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم يريد أن يفتح مكة وأن يستغل هذه الفرصة السانحة، ولا يريد لكلمات أبي سفيان أن تؤثر عليه بصورة من الصور، ومع ذلك هو لم ينفعل على أبي سفيان، ولم يقل له فعلتم كذا وكذا، ولم يذكر كلاما شديدا لأبي سفيان، وذلك لكي لا يلفت نظر أبي سفيان إلى أن المسلمين يفكرون في فتح مكة، وأن الهجوم على مكة أصبح وشيكًا، فآثر صلى الله عليه وسلم أن يسكت، ولم يرد على أبي سفيان بكلمة واحدة، وكانت هذه إهانة كبيرة لكرامة أبي سفيان أن يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لا يقبل الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرد عليه.

    أبو سفيان يذهب إلى أبي بكر وعمر وعلي بن أبي طالب ليشفعوا له عند رسول الله

    خرج أبو سفيان بهذه الهزيمة النفسية الكبيرة إلى أبي بكر الوزير الأول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنا نتوقع من أبي سفيان أن يعود أدراجه إلى مكة المكرمة، وأبو سفيان لم يغضب غضبا شديدا، ولم يحدث ثورة كبيرة، ولم ينقلب بجيشه على المدينة المنورة، وهذا لم يحدث، لأنه في موقف الضعيف، ويعلم أنه أمام هذه الصلابة الإسلامية الواضحة، ذهب أبو سفيان إلى أبي بكر، وطلب منه أن يتوسط له عند الرسول، وأن يجدد المسلمون العهد مع قريش، ولكن الصديق رضي الله عنه قال له في صرامة واضحة: ما أنا بفاعل، فلن أتوسط بينك وبين الرسول صلى الله عليه وسلم. فخرج أبو سفيان من عند أبي بكر بالصدمة الثالثة، ومع ذلك لم ييأس أبو سفيان واتجه إلى الوزير الثاني في الدولة الاسلامية، إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وليته ما فعل، فعندما ذهب وطلب منه أن يتوسط له عند الرسول ليجدد العهد بين قريش وبين المسلمين، قال عمر بن الخطاب بمنتهى القوة:

    أنا أشفع لكم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوالله لو لم أجد لكم إلا الذر لجاهدتكم به.

    أي لو معي جيش من النمل لأقاتلنكم به، ولننظر إلى قوة وصلابة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وخرج أبو سفيان من عند عمر بن الخطاب، واتجه إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وعلي رضي الله عنه متزوج من السيدة فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم فدخل عندهما، وكان عندهما الحسن رضي الله عنه يلعب بينهما فقال:

    يا علي، إنك أَمَسّ القوم بي رَحِما، وأقربهم مني قرابة، وقد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا- ولننظر إلى الذل الذي وصلت إليه قريش- فاشفع لي عند محمد صلى الله عليه وسلم.

    فقال علي بن أبي طالب:

    ويحك أبا سفيان، والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه.

    أي أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصل إلى درجة من الغضب عندما سمع بخيانة بني بكر وقريش وقتل رجال من خزاعة، ولا نعلم ما سيفعل صلى الله عليه وسلم، فلا أستطيع أن أكلمه أبدا، فقال أبو سفيان للسيدة فاطمة رضي الله عنها:

    يا بنت محمد، هل لك أن تأمري بنيك هذا- ونرى إلى أي درجة يطلب أبو سفيان من السيدة فاطمة، يطلب منها أن تطلب من ابنها الحسن وكان وقتها طفلا صغيرا يلعب بينها وبين علي بن أبي طالب- أن يجير بين الناس، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر.

    أي يخرج الغلام الطفل الصغير الحسن بن على رضي الله عنهما ليجير أبا سفيان وأهله وقريشا، فقالت السيدة فاطمة لتعطيه الضربة السادسة:

    والله ما بلغ بُنَي ذلك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على النبي صلى الله عليه وسلم.

    فقال أبو سفيان:

    يا أبا الحسن، إني أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني.

    فقال له علي:

    والله لا أعلم شيئا يغني عنك، ولكنك سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس، ثم الحق بأرضك.

    أي قم وسط الناس واطلب الإجارة ولعل أحد الناس يتشفعوا لك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو سفيان:

    أوترى ذلك مُغْنِيا عني شيئا؟

    قال علي بن أبي طالب في وضوح:

    لا والله ما أظن، ولكن لا أجد لك غير ذلك.

    ومع هذا الإحباط الذي أصاب أبا سفيان إلا أنه قام في المسجد وقال:

    يا أيها الناس إني قد أجرت بين الناس.

    فلم يقم أحد من المسلمين، إنها سبع ضربات متتالية لأبي سفيان زعيم قريش.

    أبو سفيان يفشل في مهمته ويعود إلى مكة

    ركب أبو سفيان بعيره راجعا إلى مكة، فمر على سلمان وصهيب وبلال رضي الله عنهم وأرضاهم، فقالوا:

    والله ما أخذت سيوف الله من عنق عدو الله مأخذها.

    وبدأ يتكلم سلمان وصهيب وبلال وكانوا جميعا من الذين يباعون ويشترون في مكة قبل الهجرة، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه يمر بجوارهم، فقال:

    أتقولون هذا لشيخ قريش وسيدهم؟!

    أي أن أبا بكر نفسه تأثر بأزمة أبي سفيان، وذهب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يشكو له ما قال سلمان وصهيب وبلال، فما كان رد فعل الرسول صلى الله عليه وسلم؟ قال: يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ.

    ولم يقف الرسول صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر الصديق في رأفته ورحمته بأبي سفيان، وإنما وقف مع سلمان وصهيب وبلال يقدر موقفهم، فقال:

    يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ.

    فأتاهم أبو بكر، وقال لهم:

    يا إخوتاه أأغضبتكم؟

    قالوا: لا، يغفر الله لك يا أخي.

    إن الموقف الآن ليس موقف دعوة، ولكنه موقف تجهيز للحرب، وإن الأموال والديار والحقوق المسلوبة آن لها أن ترجع، وإن كنا قد قبلنا في الحديبية أن نقر الهدنة دون عودة كامل الحقوق، فإن ذلك كان لظروف المرحلة السابقة، وتقديرنا لقواتنا وقوة عدونا في ذلك الوقت، أما الآن فالظروف قد تغيرت ولن نقبل بما قبلنا به قبل ذلك أيام الحديبية، لذلك كان رد الفعل القوي من الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم، ورجع أبو سفيان إلى مكة، وفشلت المهمة التي قام بها فشلا زريعا، وخسر كثيرا، أكثر مما كسب، وعاد إلى مكة فقال له زعماء قريش:

    ما وراءك؟

    فقال أبو سفيان:

    جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد علي شيئا، ثم جئت ابن أبي قحافة، فوالله ما وجدت فيه خيرا، ثم جئت عمر، فوجدته أعدى عدو، ثم جئت عليا فوجدته ألين القوم، وقد أشار عليّ بأمر صنعته، فوالله ما أدري هل يغني عني شيئا أم لا؟

    فقالوا:

    فبماذا أمرك؟

    فقال:

    أمرني أن أجير بين الناس ففعلت.

    قالوا:

    هل أجاز ذلك محمد؟ صلى الله عليه وسلم

    قال: لا.

    قالوا:

    ويحك ما زادك الرجل على أن لعب بك.

    فقال أبو سفيان:

    لا والله ما وجدت غير ذلك.

    وهكذا وُضعت قريش في مأزق خطير، وعلمت قريش أن هناك احتمالا كبيرا لغزو مكة، وبدأت قريش تترقب قدوم المسلمين وهي لا تعرف ماذا تصنع؟ فلم يبق من أعوانها إلا بني بكر، ولم يعد أمامها إلا الانتظار.



    الرسول صلى الله عليه وسلم يستنفر المسلمين للجهاد

    أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالاستنفار العام في المدينة بعد عودة أبي سفيان إلى مكة المكرمة، وهذا الاستنفار على كل المستويات لكل أهل المدينة المنورة، وأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم استدعاءات للمسلمين في القبائل المختلفة، وممن أرسل إليهم غطفان، وأرسل إلى بني سليم، وأرسل إلى فزارة، وهؤلاء هم الأحزاب الذين حاصروا المدينة منذ ثلاث سنوات، ولكن الله عز وجل علي كل شيء قدير، واتفق الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذه القبائل على التلاقي عند مر الظهران، وهو على بعد اثنين وعشرين كيلو مترا من مكة المكرمة، أي أن هذه القبائل سوف تأتي من طرق مختلفة، فحتى لو كانت هناك عيون لقريش لا تستطيع تقدير عدد الجيش المسلم، وفي نفس الوقت الرسول صلى الله عليه وسلم أخرج سرية بقيادة أبي قتادة رضي الله عنه وأمرها بالتوجه لمكان بعيد عن اتجاه مكة؛ ليلفت أنظار القرشيين علي أنه لا يريد مكة، وفي نفس الوقت أمر الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين جميعا بالسرية التامة، وألا يخبروا أحدا خارج المدينة المنورة بتوجه المسلمين إلى مكة المكرمة، ثم رفع يده إلى السماء ودعا، وقال: اللَّهُمَّ خُذْ عَلَى أَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ، فَلَا يَرَوْنَا إِلَّا بَغْتَةً، وَلَا يَسْمَعُونَ بِنَا إِلَّا فَجْأَةً.

    و بدأ الإعداد الضخم للخروج إلى مكة.

    حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه يبعث برسالة إلى قريش

    في ذلك الوقت حدثت قصة لا نريد أن نقف عليها كثيرا، ولكن نمر بسرعة على الحدث دون تحليل، والحقيقة أن حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه وأرضاه أخطأ خطأ كبيرا بكشف سر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمشركي قريش، فقد أرسل إليهم برسالة يخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إليهم، والذي حمله علي ذلك أنه خشي على أهله من بطش قريش، وليست له عائلة كبيرة، أو قبيلة كبيرة بمكة تدافع عن أسرته، فهو رجل حليف ليس من أهل مكة الأصليين، وهذا الأمر لا يبرر له هذا الخطأ، ونزل الوحي يكشف للرسول صلى الله عليه وسلم هذا الأمر، واستطاع الرسول صلى الله عليه وسلم أن يرسل من يأتي بالرسالة التي أرسلها، وهذا الصحابي الجليل لم يرتكب هذا الخطأ لأنه من المنافقين، بل هي لحظة ضعف خاف فيها على أسرته، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم عفا عنه، وتجاوز عن هذا الخطأ لسابق تاريخه رضي الله عنه وأرضاه في الإسلام، وكما هو معروف أن حاطبا رضي الله عنه من أهل بدر، ولذلك منع الرسول صلى الله عليه وسلم عمرا من أن يؤذيه، وقال له: إِنَّهُ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى مَنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ.

    خروج الجيش الإسلامي إلى مكة المكرمة وظهور بشريات الفتح

    خرج المسلمون بالفعل من المدينة المنورة، وكان هذا الخروج في العاشر من رمضان سنة 8 هـ، واتجهوا مباشرة إلى مكة المكرمة وفي الطريق بدأت بشريات النصر تهب على المسلمين

    - لقي المسلمون العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه عم الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أحب الناس إلى قلبه صلى الله عليه وسلم وهناك علامة استفهام كبيرة في تأخر إسلام العباس رضي الله عنه وأرضاه، حتى من قال: إنه أسلم أيام بدر، لم يفسر تفسيرا واضحا بقاءه في مكة دون هجرة للمدينة المنورة طول هذه السنوات، ومن قال: إنه بقي في مكة لنقل الأخبار للرسول صلى الله عليه وسلم. لم يُقِم على ذلك أحد الأدلة، والحمد لله أنه هاجر قبل أن يصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مكة المكرمة، وذلك أسعد الرسول صلى الله عليه وسلم، وسر سرورا عظيما برؤية العباس رضي الله عنه، وانضم العباس إلى قوة المسلمين، وسوف يكون له دور إيجابي في فتح مكة المكرمة.

    - ثم أكمل الرسول صلى الله عليه وسلم الطريق، فوجد المسلمون أبا سفيان بن الحارث وعبد الله بن أمية أحدهما ابن عم رسول الله، والثاني ابن عمة الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانا من أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءا من مكة المكرمة إلى المدينة ليعلنا إسلامهما بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن شدة إيذائهما للرسول صلى الله عليه أنه كان رافضا أن يقابلهم، مع أنه صلى الله عليه وسلم كان يفرح كثيرا بمن يأتي إليه مسلما، إلا أنه رفض في البداية أن يقابلهم من شدة إيذائهما له في فترة مكة المكرمة، لولا أن السيدة أم سلمة رضي الله عنها وكانت مصاحبة لرسول الله في الفتح، قد توسطت لهما، فقابلهما وقبل منهما الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن أعلنا التوبة الكاملة بين يديه صلى الله عليه وسلم، وهذه كانت بشريات لفتح مكة...

    الجيش الإسلامي يصل إلى كُراع الغميم

    وصل الجيش الإسلامي إلى كُراع الغميم وكان الجيش صائما، فقد صام معظم الطريق، وكراع الغميم على بعد حوالي ستين كيلومترا، أو أكثر قليلا من مكة المكرمة، وعند كراع الغميم جاء إليه بعض الصحابة، وأخبروه أن الناس قد شق عليهم الصيام، وكان هذا بعد صلاة العصر، فماذا فعل صلى الله عليه وسلم؟ دعا الرسول صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء ورفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب صلى الله عليه وسلم، وهذا الحديث في صحيح مسلم، في هذا الموقف نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد مقارنة سريعة هامة في الظرف الذي يمر به الجيش، قارن بين الصوم والجهاد في سبيل الله، فالصوم عبادة عظيمة وكما قال الله عز وجل في الحديث القدسي: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمُ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ.، وكذلك الجهاد عبادة عظيمة جدا في الإسلام، وصرح الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لا يعدله شيء، وهو في هذا الموقف يختار بين عبادتين عظيمتين، وكانت الرؤية واضحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا الموقف حدث بعد صلاة العصر ولم يبق إلا القليل ويدخل وقت المغرب، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يزرع أكثر من معنى في نفوس المسلمين:

    وهذا وارد في البخاري ومسلم عن أبي هريرة

    أولا:

    هناك ما يسمى بواجب الوقت، بمعنى أن هناك أشياء لا بد أن تتم في وقتها، وأشياء أخرى من الممكن أن تتم في وقت لاحق، وتأخير الصيام لا يضر لأننا من الممكن أن نقضيه بعد انتهاء فتح مكة، ولكن الجهاد لا يؤخر وخاصة أن الجيش على بعد ستين كيلو من مكة المكرمة.

    ثانيا:

    ليس من الممكن أن تأتي بكل أنواع الخير، أو تتجنب كل أنواع الشر فهذه من المثاليات غير الممكنة في الدنيا، ولكن المسلم الحكيم يوازن بين العمل الفاضل والعمل المفضول، فيقدم الفاضل ويؤخر المفضول، ولا يكون هذا إلا بترتيب جيد للأولويات، والواقعية في الفكر والأداء، وتوفيق من الله عز وجل.

    ثالثا:

    أحب الرسول صلى الله عليه وسلم أن يزرع في قلوب المؤمنين أن الإسلام ليس شعائر تعبدية فقط، ولكن الإسلام كدين جاء ليحكم كل صغيرة وكبيرة في حياة الناس، وقد رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يؤخر عبادة وشعيرة هامة؛ ليقوم بأمر آخر لصالح الأمة، وهو من الإسلام أيضا، وهو الجهاد، وكذلك السياسة من الإسلام، والتجارة من الإسلام، والمعاملات من الإسلام.

    وهكذا أفطر الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر الناس بالإفطار، وكان هذا بعد وقت صلاة العصر، وجاء بعض الصحابة إلى الرسول وأخبروه أن بعض الصحابة رضي الله عنهم لم يفطروا مع الناس، فماذا علق صلى الله عليه وسلم على هذا الفعل، قال صلى الله عليه وسلم: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ.

    رغم أنهم لم يرتكبوا ذنبا، ولكن هذه المخالفة في ذلك الوقت ستجعل قوتهم ضعيفة، ولا يستطيعون الجهاد مع المسلمين، فهنا قد خالفوا واجب الوقت، وخالفوا تقليد الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر، فسماهم صلى الله عليه وسلم بالعصاة مع أنهم يصومون رمضان، وهذا الموقف يحتاج منا إلى تدبر وتعمق وفقه حتى نفهم الأبعاد التربوية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    المسلمون يصلون إلى مر الظهران على مشارف مكة

    وصل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم إلى مر الظهران، ومر الظهران تبعد عن مكة المكرمة حوالي اثنين وعشرين كيلو مترا، وهناك التقت القبائل المختلفة من قبائل فزارة، ومن قبائل بني سليم، ومن غطفان، ومن مزينة، ومن جهينة، ومن كل مكان عشرة آلاف جندي، فالوضع عند مر الظهران هو نفس الوضع في غزوة الأحزاب، ولكن بصورة معكوسة، وتلك الأيام نداولها بين الناس، فمنذ ثلاث سنوات حوصرت المدينة بعشرة آلاف مشرك، والآن تحاصر مكة بعشرة آلاف مسلم، العدد هو نفس العدد، ولكن شتان بين الفريقين.

    الرسول صلى الله عليه وسلم يريد هزيمة نفسية قاسية لقريش، حتى يدخل قريشا بأقل خسائر ممكنة، فأمر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم في فكرة نبوية عبقرية رائعة أن يشعلوا النيران جميعا، فكل صحابي يشعل شعلة من النيران، ويرفعها بيده، عشرة آلاف شعلة من النيران، والنيران في حد ذاتها لها طابع مرعب، إذا رآها الناس يشعرون بالرهبة، وعشرة آلاف شعلة فهذا رقم ضخم ومهول، وهذه الفكرة كانت مثيرة لكل أهل قريش وشاهدوها جميعا لأن مر الظهران يبتعد عن مكة بحوالي اثنين وعشرين كيلو مترا، وهي مسافة قريبة يستطيع أهل قريش أن يروا فيها النيران، وكان هناك بعض المراقبين والعيون على مقربة من مر الظهران، ورأوا هذه النيران عن قرب ومن هؤلاء أبي سفيان، ولنتخيل مدى الهلع والرعب عند سيد قريش، وزعيم مكة المكرمة، فيخرج بنفسه ليترقب أحوال المسلمين، وكان معه بُديل بن ورقاء الخزاعي، وكان صديقا شخصيا لأبى سفيان، ومع أن بديل استغاث برسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يكن يتوقع أن يأتي الرسول صلى الله عليه وسلم بجيش يفتح مكة المكرمة في عقر دار قريش، وكانت كل أحلامه أن يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من قريش أن تدفع دية المقتولين من خزاعة، ولكنه الآن يشاهد جيشا كبيرا من المسلمين يدخل مكة المكرمة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 9:50