مقال : حماية البيئة مجال جديد لحقوق الإنسان - د. محمد عبد المنعم عبد الغنى
لا مراء، في ظل الوضع الراهن للنظام القانوني الدولي، في إن هناك حقا جديدا قد تم الاعتراف بميلاده، وصار من حقوق الإنسان الأساسية، وهو الحق في البيئة السليمة .
ويلاحظ إن هذا الحق يندرج في نطاق فئة الحقوق الحديثة، كالحق في الانتفاع بموارد التراث المشترك، والحق في السلام .
لقد أضحت البيئة1 محلا للاهتمام على المستويين الوطني والدولي، فالبيئة _ باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية_ تستحق كل اهتمام ودراسة فقد صارت البيئة بمثابة المرض المزمن للمدنية المعاصرة ولحضارتها الصناعية والتقنية، واتخذ تلوث البيئة صورة مماثلة في كل مكان وفى كل شيء: في الهواء، والماء، والبحار، والموارد الغذائية وغيرها. وترتيبا على ذلك، فقد أصبحت حماية البيئة والطبيعة والحياة اليومية للسكان امرأ ضروريا .
وإزاء هذه التحديات، لم يتوان القانون الدولي العام عن البدء في سن قواعد دولية للتعامل مع البيئة .
وحرى بالذكر إن التصدي لمعرفة القواعد الدولية لحماية البيئة يصطدم بعقبتين، تتمثل الأولى في التطور المتلاحق والمذهل في اكتشاف إبعاد ومجالات جدية للمخاطر التي تواجه البيئة وسبل معالجتها. فبعد إن كان الاهتمام ينصب على التلوث،وتدهور البيئة، أضحى هذا الاهتمام يشمل أمورا أخرى كالمطر الحمضي، وتأكل طبقة الأوزون، وتغير المناخ والحفاظ على التنوع الحيوي والنفايات ... الخ .
إما العقبة الأخرى، فتتمثل في التعدد المقترن بالقواعد الدولية المتعلقة بالبيئة من حيث السريان، فهناك قواعد عالمية إقليمية، ومن حيث أدوات التكوين، ثمة اتفاقيات دولية وقرارات ملزمة، وأخرى غير ملزمة من توصيات استرشادية، وبرامج العمل، وإعلانات المبادئ2 .
وتجدر الإشارة إلى إن الجهود التي تبذل في حماية البيئة وصيانتها في إطار التشريعات والقوانين الداخلية لا يمكن إن تؤتى أكلها، وذلك ما لم تقترن بجهود على صعيد أخر هو صعيد العلاقات الدولية، لان البيئة من المجالات التي يبدو فيها الارتباط وثيقا إلى أقصى مدى بين القانونين الداخلي والدولي .
وسوف يكون تناولي لهذا الموضوع الحيوي والمهم من خلال محاور ثلاثة، يخصص أولها لتعريف مفهومي البيئة والتلوث، بينما يخصص ثانيها لبيان دور التشريعات والاتفاقيات الدولية في حماية البيئة.. وأخيرا يخصص الثالث لبيان ودراسة المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية .
أولا_ المقصود بمفهوم البيئة :
التعريف بمفهوم البيئة :
لقد ظهر اصطلاح Ecology منذ القرن التاسع عشر، وذلك ليعبر عن ذلك الفرع من فروع العلم الذي يبحث في علاقة الكائن بالبيئة3. ويلاحظ إن المفهوم الدقيق لكلمة البيئة لا يزال غامضا للكثيرين، لاسيما وانه ليس هناك تعريف واحد محدد، يبين ماهية البيئة ، فهناك العديد من محاولات تعريف البيئة، وتحديد مفهومها، فقد قيل أنها مجموعة العناصر الطبيعية والعناصر التي تمارس فيها الحياة الإنسانية. وقيل كذلك أنها كل مكونات الوسط الذي يتفاعل معه الإنسان مؤثرا ومتأثرا، أو أنها الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى ويمارس فيه علاقاته مع اقرأنه من بنى البشر"4 .
أيضا تعرف البيئة بأنها مجموعة من العوامل الطبيعية والكيميائية والحيوية والعوامل الاجتماعية التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر، حال أو مؤجل، على الكائنات الحية والأنشطة الإنسانية .
وأخيرا، يعرف بعض الفقه البيئة اصطلاحا بأنها المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية، ومنشات أقامها لإشباع حاجاته5 .
ويعرف علم البيئة الحديثةالايكولوجي ecology البيئة بأنها الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان، بما يضم من ظاهرات طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها .
وبعبارة أخرى، فالبيئة هي كل ما تخبرنا به حاسة السمع والبصر والشم والتذوق واللمس، سواء أكان هذا من خلق الله سبحانه وتعالىالظاهرة الطبيعية أم من صنع الإنسانالظاهرة البشرية. وقد أوجز إعلان مؤتمر البيئة البشرية، الذي عقد في استوكهلم عام1972، مفهوم البيئة بأنها" كل شيء يحيط بالإنسان6 .
التعريف بمفهوم التلوث :
لم تتفق الكتابات التي تعرضت لمفهوم التلوث على تحديد دقيق ومحدد للمقصود به .
فالبعض يعرف التلوث بأنه وجود أي مادة أو طاقة في البيئة الطبيعية يغير كيفيتها أو كميتها، ا وفى غير مكانها أو زمانها، بما من شانه الإضرار بالكائنات الحية أو الإنسان في امن هاو صحته أو راحته7 .
وتجدر الإشارة إلى إن من التعريفات الشائعة التي تلقى قبولا لدى جانب كبير من الفقه التعريف الذي أقرته منظمة الأمن والتنمية الاقتصادية
Organization de cooperation et dveloppement economique ocde
والذي يقرر إن التلوث هو قيام الإنسان مباشرة أو بطريق غير مباشر بإضافة مواد أو طاقة إلى البيئة، تترتب عليها اثأرا ضارة يمكن إن تعرض صحة الإنسان للخطر، أو تمس بالموارد البيولوجية أو الأنظمة البيئية على نحو يؤدى إلى التأثير على أوجه الاستخدام المشروع للبيئة .
ويلاحظ إن مجلس أوروبا قد اقر في عام1968 تعريفا لتلوث الهواء يقرر انه" يوجد تلوث للهواء حينما يوجد به مادة غريبة، أو يوجد خلل كبير في نسبة مكونات على النحو الذي يمكن إن يؤدى إلى أثار ضارة أو إيذاء أو تضرر .
كذلك ، فقد احتوت إحدى وثائق مؤتمر أستكهولم للبيئة على تعريف واضح وبسيط للتلوث فحواه تؤدى النشاطات الإنسانية بطريقة حتمية إلى إضافة مواد ومصادر للطاقة إلى البيئة، على نحو يتزايد يوما بعد يوم، وحيثما تؤدى تلك المواد أو تلك الطاقة إلى تعريض صحة الإنسان ورفاهيته وموارده أو يحتمل إن تؤدى إلى ذلك مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، فأننا نكون بصدد تلوث .
ويذهب بعض الفقه، وبحق ، إلى انه يتعين انه يكون تعريف التلوث مرنا وعاما، بحيث يمكن إن يسمح مستقبلا باستيعاب، إشكال وصور جديدة من التلوث، قد يكشف عنها التطور العلمي والتقني الهائل والمستمر .
ثانيا_ دور التشريعات والاتفاقيات الدولية في حماية البيئة :
لا شك في إن المحافظة على البيئة وصيانتها مسئولية المجتمع الدولي بأسره، وان أي خلل فيها تنعكس أثاره سلبا على الجميع دون تفرقة. والأمثلة على ذلك كثيرة، فيما حدث من تسرب أشعاعى من مفاعل تشير نوبل بالاتحاد السوفيتي السابق قد تأثر به المجتمع الدولي ككل .
لقد باتت بيئة الإنسان مهددة بالإخطار التي تحدق بها، وعلى رأسها إخطار التلوث، تلك الظاهرة الخطيرة التي باتت تهدد البيئة البحرية، والهواء ومياه الأنهار والبحيرات .
ولذلك، فقد بدأت الدول تدرك وتعي تماما الإخطار المحدقة بالبيئة، وبادرت إلى العمل على دعم قوانينها الداخلية، أو بعبارة أخرى_ تشريعاتها الوطنية في هذه المجالات، فضلا عن اعتماد البرامج والخطط اللازمة لحماية البيئة وصيانتها في نطاق اختصاصها الأقليمى، ووضع بعض القوانين واللوائح الجديدة في مجال البيئة .
وجدير بالذكر إن الجهود الرامية إلى حماية البيئة على صعيد الاختصاص الداخلي، وفى إطار التشريعات والقوانين الوطنية للدول، لا يمكن إن تؤتى ثمارها، ما لم تقترن بجهود على صعيد العلاقات الدولية .
وترتيبا على ذلك، فان إيه جهود ترمى إلى حماية البيئة من قبل الدول أعضاء المجتمع الدولي سيكون أثرها محدود للغاية، ما لم تقترن بجهود دولية لدرء الإخطار التي تهدد البيئة على المستوى الدولي .
حماية القانون الدولي للحق في البيئة في ضوء الاتفاقيات الدولية :
le droit a l`environment
يلاحظ إن الاتفاقيات والوثائق الدولية قد أقرت صراحة بحق الإنسان في البيئة، وذلك في إشارات واضحة لا لبس فيها تقرر للإنسان بوصفه كذلك حقا في بيئة سليمة خالية مما يضر به .
ومن أهم النماذج التي تقرر ذلك" الاتفاقية الدولية بشان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"لعام1966، والتي جاء بمادتها الثانية عشرة :
تقر الدول الإطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية .
تشمل الخطوات التي تتخذها الدول الإطراف في الاتفاقية الحالية للوصول إلى تحقيق كلى لهذا الحق ما هو ضروري من اجل :
أالعمل على تخفيض نسبة الوفيات في المواليد وفى وفيات الأطفال من اجل التنمية الصحية للطفل .
بتحسين شتى الجوانب البيئية والصحية .
The improvement of all aspects of environmental and industrial hygiene
ج الوقاية من الإمراض المعدية والمتفشية والمهنية ومعالجتها وحصرها .
د خلق ظروف من شانها إن تؤمن الخدمات الطبية والعناية الطبية في حالة المرض .
ويبين بكل وضوح وجلاء من هذا النص القانوني الملزم مدى الربط الواضح بين صحة الإنسان والبيئة، وإلزام الدول بالعمل على تحسين البيئة، على نحو يهيئ للإنسان التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية، وهو ما يتضمن اعترافا صريحا بحق الإنسان في بيئة سليمة .
أيضا على الصعيد الدولي، فقد نص الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11ديسمبر1969ن حول التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي، في المادة13منه على" انه يجب إن يستهدف التقدم والإنماء الاجتماعي التحقيق التدريجي للأهداف الرئيسية، ومنها حماية البيئة البشرية وتحسينها .
ثم جاء بعد ذلك مؤتمر الأمم المتحدة الأول حول" البيئة الإنسانية" الذي عقد في استكهولم بالسويد عام1972، وقد طرح في هذا المؤتمر تساؤل رئيسي، فحواة: هل للإنسان حق في بيئة سليمة ومتوازنة؟أو_ بعبارة أدق_ هل أصبحت البيئة حقا من حقوق الإنسان؟ لقد تكفل إعلان استكهولم 8 بالإجابة على هذا التساؤل المهم وذلك في أول مبدأ من مبادئه، إذ أكد إن" للإنسان حقا أساسيا في الحرية والمساواة، وظروف حياة ملائمة في بيئة يسمح له مستواها بالعيش في كرامة ورفاهية، وان على الإنسان واجبا مقدسا لحماية وتحسين بيئته من اجل أجيال الحاضر والمستقبل .
وجدير بالذكر إن وضع ذلك المبدأ في صدر المبدأ الأول من مبادئ الإعلان أمر له دلالته، فهو يفصح عن النظرة التي نظرت بها الوفود إلى حق الإنسان في بيئة سليمة متوازنة لصالح أجيال الحاضر والمستقبل، والارتقاء بذلك الحق ليوضع في مصاف حقوق الإنسان الأساسية في الحرية والمساواة، والتحرر من سياسات التمييز والفصل والتفرقة العنصرية، وكافة إشكال السيطرة الأجنبية والاستعمارية .
وقد جاء في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها سكرتير عام المؤتمر قوله:" إننا نجتمع اليوم بهدف تأكيد مسؤوليتنا المشتركة نحو مشكلة تتعلق بالبيئة المحيطة بالكرة الأرضية التي نتحمل جميعا ما قد يصيبها ".
وقد انتهى المؤتمر إلى قرار مجموعة من المبادئ العامة والتوصيات التي تشكل في مجموعها خطة عمل مستهدفة، يتعين على الدول والمنظمات الدولية المتخصصة إن تتبعها، وتأتى في مقدمتها ضرورة العمل على حماية البيئة من التلوث والتعاون الدولي لتحقيق هذا الهدف .
يبدو جليا ولأول وهلة، لمن يتفحص الإعلان الصادر عن هذا المؤتمر، خاصة ما جاء بفقراته الأولى، ان حماية البيئة والمحافظة عليها من خطر التلوث أصبحت من المسائل التي تهم البشرية كلها، والتي لابد من بذل كل الجهود الدولية الممكنة لتفادى الإخطار المحدقة بها، والسيطرة على ما يحيط بها من عوامل التدهور والفناء .
وقد المح الإعلان إلى إن:" الإنسان هو ثمرة البيئة وهو مبدعها في نفس الوقت، وبفضل التطور السريع والحاسم في العلم والتكنولوجيا، فقد أصبح الإنسان قادرا على تغيير بيئته بوسائل متعددة لم يسبق لها مثيل ".
وطالب المؤتمر الحكومات والشعوب بتوحيد جهودها للمحافظة على البيئة الإنسانية وتحسين مستواها لمصلحة الجنس البشرى والأجيال القادمة .
وتجدر الإشارة إلى إن المبادئ والتوصيات التي تضمنها هذا الإعلان9 قد جاءت مؤكدة لهذا الاتجاه. وأوضحت بصفة خاصة ضرورة التزام الدول بحماية البيئة الإنسانية والمحافظة عليها من خطر التلوث، وان هذا الالتزام يجب إن يترجم إلى واجبين هما :
واجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث تلوث يصيب البيئة الإنسانية .
وواجب التعاون مع الدول الأخرى والمنظمات المتخصصة في هذا المجال، مع تأكيد المسئولية الدولية عن إيه إضرار قد تصيب البيئة الإنسانية، نتيجة للأنشطة التي تقوم بها الدولة أو تحدث على إقليمها أو تحت إشرافها .
أيضا فقد نص الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان ، الصادر في نيروبي فى18يونيو1981 في المادة24، على إن لكل الشعوب الحق في بيئة مرضية وشاملة وملائمة لتنميتها .
وتضيف المادة الأولى من الميثاق العالمي للطبيعة، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى28اكتوبر عام1982،: " للإنسان حق أساسي في الحرية والمساواة وفى ظروف معيشة مرضية وفى بيئة محيطة تسمح له بالحياة بكرامة ورفاهية ، وعلى الإنسان واجب مقدس في حماية وتحسين البيئة للأجيال الحاضرة والمستقبلة ".
كذلك عقد مؤتمر الأمم المتحدة الثاني حول" البيئة والتنمية" في مدينة ريو دى جانيرو بالبرازيل عام1992، متخذا شعارا له " البيئة والتنمية" ، وقد أعرب السيد/ موريس سترونج M.strong الأمين العام للمؤتمر(10) عن الأمل في إن يكون المؤتمر نقطة تحول في السياسة البيئية الدولية، وخطوة جادة نحو إنقاذ كوكب الأرض وصيانة بيئته من التدهور والاستنزاف غير الرشيد والجائر لموارده، وذلك تأكيدا لحق جميع المخلوقات البشرية في حياة سليمة ومثمرة بالانسجام مع الطبيعة .
وحرى بالذكر إن المؤتمر المذكور قد أسفر عن إبرام عدة اتفاقيات مهمة، منها اتفاقية تغيير المناخ، واتفاقية التنوع الحيوي أو البيولوجي. كما دعا المؤتمر إلى إبرام اتفاقية دولية لمكافحة ظاهرة التصحر وحماية غابات العالم .
وتهدف اتفاقية التنوع الحيوي إلى تحقيق مقصدين :
الأول : ويتمثل في صيانة التنوع البيولوجي، باستخدام عناصره على نحو قابل للاستمرار .
الثاني : ويتمثل في التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية ونقل التكنولوجيا ذات الصلة .
وقد عقد المؤتمر الدولي للسكان بالقاهرة في الفترة من5الى13 سبتمبر عام1994، تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد تمخض عن تبنى برنامج عمل احتوى على خمسة عشر مبدأ وعدد من التوصيات، تشكل ميثاقا وخطة عمل مستقبلية لعلاج قضايا السكان والتنمية الاقتصادية في إطار شامل .
وحرى بالذكر انه قد كان من المتوقع إن يتطرق المؤتمر إلى تأكيد حق الإنسان في البيئة السليمة المتوازنة، بحسبان إن تلك البيئة هي المنطلق إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة للسكان. ولكن جاءت إعمال المؤتمر خلوا من ذلك التأكيد الصريح . ومع ذلك، فان هناك مبدأين من مجموعة المبادئ التي تبناها المؤتمر، والواردة في الفصل الثاني، يمكن تفسيرهما على إنهما يشيران ضمنا إلى حق الإنسان في البيئة السليمة المتوازنة .
المبدأ الأول : حيث جاء في عجزه إن" لكل إنسان الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه"، وتلك إشارة إلى الحق في البيئة .
المبدأ الثاني: حيث جاء به " يقع البشر في صميم الاهتمامات المتعلقة بالتنمية المستدامة، ويحق لهم التمتع بحياة صحية ومنتجة في وئام مع الطبيعة. والناس هم أهم وأقيم مورد لأي امة .
وعلى البلدان إن تضمن إتاحة الفرصة لكل الإفراد لكي يستفيدوا إلى أقصى حد من إمكاناتهم، ولهم الحق في مستوى معيشي لائق لأنفسهم ولأسرهم، بما في ذلك ما يكفى من الغذاء والكساء والإسكان والمياه والمرافق الصحية ".
إذن يبين بكل وضوح وجلاء من عبارات ذلك المبدأ انه يجب ضمان وكفالة تمتع الإفراد بحياة صحية ومنتجة" وتوفير ما يكفيهم" من الغذاء والكساء والمياه والمرافق الصحية ومواردها الطبيعية .
ومما يدل على ذلك إن صياغة المبدأ قد حرصت على الإشارة صراحة إلى إن تلك الأمور يجب إن تتم" في وئام مع الطبيعة"، وهذا يعنى صراحة إن الحفاظ على البيئة وصيانة مواردها هما المقدمة الأولى لكفالة الحياة الصحية والمنتجة للإفراد .
ثالثا_ المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية :
تعد المسئولية القانونية عن الإضرار جزءا أساسيا في كل نظام قانوني. وفى نطاق قانون حماية البيئة، أكدت العديد من الإعمال القانونية مبدأ المسئولية عن الإضرار. فالمادة235 فقرة أولى من قانون البحار لعام1982 نصت صراحة على إن" الدولة مسئولة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها، وهى مسئولية وفقا للقانون الدولي ".
ومن قبل، قررت المادة232 من القانون نفسه" تكون الدولة مسئولة عن الضرر أو الخسارة المنسوبة إليها والناشئة عن تدابير اتخذتها، وذلك في حالة ما إذا كانت مثل هذه التدابير غير مشروعة، أو تتجاوز المطلوب بصورة معقولة ".
وجدير بالذكر انه إذا كانت تلك النصوص تتحدث عن المسئولية الدولية، فان باقي النصوص لم تغفل مبدأ المسئولية المدنية في الأنظمة الداخلية، فقد نصت المادة229 صراحة على انه " ليس في هذه الاتفاقية ما يؤثر على رفع دعوى مدنية في صدد أي ادعاء بوقوع خسارة أو ضرر نتيجة لتلوث البيئة البحرية ". ويبين من هذا النص انه يوضح مبدأ المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية في النطاق الوطني لكل دولة، ودون إن يخل ذلك بإمكان تحريك المسئولية الدولية ضد الدولة التي ارتكبت النشاط الضار، إذا توافرت الشروط المعروفة في القانون الدولي .
وتجدر الإشارة إلى إن القضاء الدولي لم يتوان بدوره عن تدعيم وتعزيز مبدأ المسئولية عن الإضرار البيئية. ففي قضية مصنع صهر المعادن في مدينة"ترابل "trail smelter بكندا ، وبشان طلب الولايات المتحدة الأمريكية التعويض عن الخسائر التي لحقت بالأشخاص والممتلكات في ولاية واشنطن من جراء الأدخنة السامة التي بنفثها المصنع في الهواء الجوى، وتنقله الرياح عبر الحدود، قررت محكمة التحكيم التي شكلتها الدولتان، بحكمها الصادر فى11 مارس1941، انه" وفقا لمبادئ القانون الدولي، ليس لدولة الحق في إن تستعمل أو تسمح بأنشطة على إقليمها على نحو يسبب الضرر، عن طريق الأدخنة، لإقليم دولة أخرى أو للممتلكات أو للأشخاص فيه، عندما تكون الحالة ذات نتائج خطيرة ويثبت الضرر بأدلة واضحة ومقنعة". وأكدت المحكمة مسئولية كندا عن الإضرار التي أحدثتها أنشطة المصنع الكائن بأراضيها. وهو تأكيد لما سبق إن قرره الحكم الصادر في تلك القضية بتاريخ16ابريل1938، والزم كندا بدفع مبلغ 78الف دولار كتعويض .
أيضا من الإعمال القانونية التي أرست مبدأ المسئولية عن الإضرار البيئية، المبدأ 21 من مجموعة المبادئ التي اعتمدها مؤتمر استكهولم حول البيئة عام1972, والذي جاء ب هان" على الدولة مسئولية ضمان إن الأنشطة التي تتم داخل ولايتها أو تحت إشرافها لا تسبب ضررا لبيئة الدول الأخرى أو للمناطق فيما وراء حدود ولايتها الوطنية ".
كذلك وبغية تدعيم مبدأ المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية، فقد تطرقت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة إلى موضوع المسئولية عن الإضرار البيئية، وذلك بمناسبة مناقشتها للمسئولية الدولية بصفة عامة .
فقد ورد بأحد تقاريرها إن القانون الدولي المعاصر قد وصل إلى الإدانة النهائية" للتصرفات التي تعرض للخطر، بنحو جسيم، الحفاظ على البيئة الإنسانية وصيانتها. إن الجماعة الدولية بكليتها، وليس فقط هذا أو ذلك ممن يكونوها، تقدر ألان، فصاعدا، إن مثل تلك التصرفات أو الأفعال تخالف المبادئ التي أصبحت راسخة بعمق في الضمير العالمي، وصارت قواعد جوهرية للقانون الدولي عموما .
نخلص من ذلك إلى انم بدا المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية تتحمله الدولة، وذلك وفقا لما تضمنته الاتفاقيات الدولية السالف الإشارة إليها .
خاتمة :
عرضنا في هذا البحث للحماية الدولية التي اقرها القانون الدولي العام للبيئة، وذلك باعتبار البيئة تشكل احد المظاهر المهمة التي يجب المحافظة عليها. وقد حاولنا الوقوف على المفهوم الدقيق لمصطلحي" البيئة والتلوث"، فتتبعنا المحاولات الفقهية المختلفة لكليهما، وموقف الاتفاقيات الدولية في هذا الصدد .
وقد تطرقنا إلى دراسة وبحث الحماية الدولية التي قررها القانون الدولي للبيئة، وذلك من خلال الاتفاقيات الدولية المتعاقبة، وقد تبين لنا إن الاتفاقيات الدولية، وإدراكا منها لأهمية البيئة، قد أقرت صراحة بتوفير الحماية اللازمة لها، وذلك بوجود التزام دولي يقع على عاتق الدول بتوفير كافة السبل للحفاظ على البيئة وعدم الإضرار بها .
ومن ناحية أخرى، فقد إبان البحث مدى المسئولية الدولية عن الإضرار التي تلحقها الدول بالبيئة، حيث تلتزم بتعويض تلك الإضرار التي تحيق بالدول الأخرى .
وأخيرا، فان حماية البيئة والمحافظة عليها من خطر التلوث أضحت من الأمور التي تعد بمثابة" تراث مشترك للإنسانية، فهي من المسائل التي تهم البشرية كلها، والتي لابد من بذل كل الجهود الدولية لتفادى الإخطار المحدقة بها، والسيطرة على ما يحيط بها من عوامل التدهور والفناء .
الهوامش :
د. مصطفى سلامة حسين، القانون الدولي العام، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية،2000 .
د. مصطفى سلامة حسين، مصدر سابق ص594-595 .
د . صلاح الدين عامر، مقدمات" القانون الدولي للبيئة"، مجلة القانون والاقتصاد للبحوث القانونية والاقتصادية، عدد خاص، العيد المئوي لكلية الحقوق1983،ص21 .
د. احمد عبد الكريم سلامة، المبادئ والتوجيهات البيئية في إعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد الخمسون،1994،ص119 .
د. ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2007،ص44 .
م. محمد عبد القادر الفقى، البيئة... مشاكلها وقضاياها وحمايتها من التلوث، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1999،ص14 .
د. ماجد الحلو، مصدر سابق،ص45 .
لقد بادرت منظمة الأمم المتحدة، بناء على اقتراح من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لها، بطلب عقد مؤتمر للبيئة الإنسانية، وذلك بهدف التدهور المستمر في مستوى البيئة الإنسانية، ووضع القواعد الكفيلة بتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم .
وقد عقد هذا المؤتمر في ستوكهولم ، عاصمة السويد، في الفترة من5الى16 يونيو1972 بحضور ممثلي 113 دولة، كما حضره ممثلون عن جميع المنظمات الدولية المتخصصة ، وكذا ممثلو المنظمات الإقليمية المعنية .
لقد احتوى إعلان البيئة الصادر عن المؤتمر على ستة وعشرين مبدأ وعدد109 توصيات، وقد تمت الموافقة عليه بإجماع الدول التي حضرت القمة. وتلك المبادئ والتوصيات على درجة كبيرة من الأهمية، وتشكل إطار عمل قيما لإرساء القواعد القانونية الملائمة لتحقيق حماية فعالة لمختلف قطاعات البيئة المائية والجوية والبرية .
راجع :
Extrait de la declaration d `ouverture de m. Maurice f. strong;
Serstiare general de la conference de nation unis sur l`environemet,p.11.
O.N.U, recuel les sentences arbrales 1999,t,ll,p.1965.
ومشار إليه في د. احمد عبد الكريم سلامة:، نظرات في الحماية الدبلوماسية، المجلة المصرية للقانون الدولي،2002،ص96 .
لا مراء، في ظل الوضع الراهن للنظام القانوني الدولي، في إن هناك حقا جديدا قد تم الاعتراف بميلاده، وصار من حقوق الإنسان الأساسية، وهو الحق في البيئة السليمة .
ويلاحظ إن هذا الحق يندرج في نطاق فئة الحقوق الحديثة، كالحق في الانتفاع بموارد التراث المشترك، والحق في السلام .
لقد أضحت البيئة1 محلا للاهتمام على المستويين الوطني والدولي، فالبيئة _ باعتبارها تراثا مشتركا للإنسانية_ تستحق كل اهتمام ودراسة فقد صارت البيئة بمثابة المرض المزمن للمدنية المعاصرة ولحضارتها الصناعية والتقنية، واتخذ تلوث البيئة صورة مماثلة في كل مكان وفى كل شيء: في الهواء، والماء، والبحار، والموارد الغذائية وغيرها. وترتيبا على ذلك، فقد أصبحت حماية البيئة والطبيعة والحياة اليومية للسكان امرأ ضروريا .
وإزاء هذه التحديات، لم يتوان القانون الدولي العام عن البدء في سن قواعد دولية للتعامل مع البيئة .
وحرى بالذكر إن التصدي لمعرفة القواعد الدولية لحماية البيئة يصطدم بعقبتين، تتمثل الأولى في التطور المتلاحق والمذهل في اكتشاف إبعاد ومجالات جدية للمخاطر التي تواجه البيئة وسبل معالجتها. فبعد إن كان الاهتمام ينصب على التلوث،وتدهور البيئة، أضحى هذا الاهتمام يشمل أمورا أخرى كالمطر الحمضي، وتأكل طبقة الأوزون، وتغير المناخ والحفاظ على التنوع الحيوي والنفايات ... الخ .
إما العقبة الأخرى، فتتمثل في التعدد المقترن بالقواعد الدولية المتعلقة بالبيئة من حيث السريان، فهناك قواعد عالمية إقليمية، ومن حيث أدوات التكوين، ثمة اتفاقيات دولية وقرارات ملزمة، وأخرى غير ملزمة من توصيات استرشادية، وبرامج العمل، وإعلانات المبادئ2 .
وتجدر الإشارة إلى إن الجهود التي تبذل في حماية البيئة وصيانتها في إطار التشريعات والقوانين الداخلية لا يمكن إن تؤتى أكلها، وذلك ما لم تقترن بجهود على صعيد أخر هو صعيد العلاقات الدولية، لان البيئة من المجالات التي يبدو فيها الارتباط وثيقا إلى أقصى مدى بين القانونين الداخلي والدولي .
وسوف يكون تناولي لهذا الموضوع الحيوي والمهم من خلال محاور ثلاثة، يخصص أولها لتعريف مفهومي البيئة والتلوث، بينما يخصص ثانيها لبيان دور التشريعات والاتفاقيات الدولية في حماية البيئة.. وأخيرا يخصص الثالث لبيان ودراسة المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية .
أولا_ المقصود بمفهوم البيئة :
التعريف بمفهوم البيئة :
لقد ظهر اصطلاح Ecology منذ القرن التاسع عشر، وذلك ليعبر عن ذلك الفرع من فروع العلم الذي يبحث في علاقة الكائن بالبيئة3. ويلاحظ إن المفهوم الدقيق لكلمة البيئة لا يزال غامضا للكثيرين، لاسيما وانه ليس هناك تعريف واحد محدد، يبين ماهية البيئة ، فهناك العديد من محاولات تعريف البيئة، وتحديد مفهومها، فقد قيل أنها مجموعة العناصر الطبيعية والعناصر التي تمارس فيها الحياة الإنسانية. وقيل كذلك أنها كل مكونات الوسط الذي يتفاعل معه الإنسان مؤثرا ومتأثرا، أو أنها الإطار الذي يعيش فيه الإنسان ويحصل منه على مقومات حياته من غذاء وكساء ودواء ومأوى ويمارس فيه علاقاته مع اقرأنه من بنى البشر"4 .
أيضا تعرف البيئة بأنها مجموعة من العوامل الطبيعية والكيميائية والحيوية والعوامل الاجتماعية التي لها تأثير مباشر أو غير مباشر، حال أو مؤجل، على الكائنات الحية والأنشطة الإنسانية .
وأخيرا، يعرف بعض الفقه البيئة اصطلاحا بأنها المحيط المادي الذي يعيش فيه الإنسان بما يشمل من ماء وهواء وفضاء وتربة وكائنات حية، ومنشات أقامها لإشباع حاجاته5 .
ويعرف علم البيئة الحديثةالايكولوجي ecology البيئة بأنها الوسط أو المجال المكاني الذي يعيش فيه الإنسان، بما يضم من ظاهرات طبيعية وبشرية يتأثر بها ويؤثر فيها .
وبعبارة أخرى، فالبيئة هي كل ما تخبرنا به حاسة السمع والبصر والشم والتذوق واللمس، سواء أكان هذا من خلق الله سبحانه وتعالىالظاهرة الطبيعية أم من صنع الإنسانالظاهرة البشرية. وقد أوجز إعلان مؤتمر البيئة البشرية، الذي عقد في استوكهلم عام1972، مفهوم البيئة بأنها" كل شيء يحيط بالإنسان6 .
التعريف بمفهوم التلوث :
لم تتفق الكتابات التي تعرضت لمفهوم التلوث على تحديد دقيق ومحدد للمقصود به .
فالبعض يعرف التلوث بأنه وجود أي مادة أو طاقة في البيئة الطبيعية يغير كيفيتها أو كميتها، ا وفى غير مكانها أو زمانها، بما من شانه الإضرار بالكائنات الحية أو الإنسان في امن هاو صحته أو راحته7 .
وتجدر الإشارة إلى إن من التعريفات الشائعة التي تلقى قبولا لدى جانب كبير من الفقه التعريف الذي أقرته منظمة الأمن والتنمية الاقتصادية
Organization de cooperation et dveloppement economique ocde
والذي يقرر إن التلوث هو قيام الإنسان مباشرة أو بطريق غير مباشر بإضافة مواد أو طاقة إلى البيئة، تترتب عليها اثأرا ضارة يمكن إن تعرض صحة الإنسان للخطر، أو تمس بالموارد البيولوجية أو الأنظمة البيئية على نحو يؤدى إلى التأثير على أوجه الاستخدام المشروع للبيئة .
ويلاحظ إن مجلس أوروبا قد اقر في عام1968 تعريفا لتلوث الهواء يقرر انه" يوجد تلوث للهواء حينما يوجد به مادة غريبة، أو يوجد خلل كبير في نسبة مكونات على النحو الذي يمكن إن يؤدى إلى أثار ضارة أو إيذاء أو تضرر .
كذلك ، فقد احتوت إحدى وثائق مؤتمر أستكهولم للبيئة على تعريف واضح وبسيط للتلوث فحواه تؤدى النشاطات الإنسانية بطريقة حتمية إلى إضافة مواد ومصادر للطاقة إلى البيئة، على نحو يتزايد يوما بعد يوم، وحيثما تؤدى تلك المواد أو تلك الطاقة إلى تعريض صحة الإنسان ورفاهيته وموارده أو يحتمل إن تؤدى إلى ذلك مباشرة أو بطريقة غير مباشرة، فأننا نكون بصدد تلوث .
ويذهب بعض الفقه، وبحق ، إلى انه يتعين انه يكون تعريف التلوث مرنا وعاما، بحيث يمكن إن يسمح مستقبلا باستيعاب، إشكال وصور جديدة من التلوث، قد يكشف عنها التطور العلمي والتقني الهائل والمستمر .
ثانيا_ دور التشريعات والاتفاقيات الدولية في حماية البيئة :
لا شك في إن المحافظة على البيئة وصيانتها مسئولية المجتمع الدولي بأسره، وان أي خلل فيها تنعكس أثاره سلبا على الجميع دون تفرقة. والأمثلة على ذلك كثيرة، فيما حدث من تسرب أشعاعى من مفاعل تشير نوبل بالاتحاد السوفيتي السابق قد تأثر به المجتمع الدولي ككل .
لقد باتت بيئة الإنسان مهددة بالإخطار التي تحدق بها، وعلى رأسها إخطار التلوث، تلك الظاهرة الخطيرة التي باتت تهدد البيئة البحرية، والهواء ومياه الأنهار والبحيرات .
ولذلك، فقد بدأت الدول تدرك وتعي تماما الإخطار المحدقة بالبيئة، وبادرت إلى العمل على دعم قوانينها الداخلية، أو بعبارة أخرى_ تشريعاتها الوطنية في هذه المجالات، فضلا عن اعتماد البرامج والخطط اللازمة لحماية البيئة وصيانتها في نطاق اختصاصها الأقليمى، ووضع بعض القوانين واللوائح الجديدة في مجال البيئة .
وجدير بالذكر إن الجهود الرامية إلى حماية البيئة على صعيد الاختصاص الداخلي، وفى إطار التشريعات والقوانين الوطنية للدول، لا يمكن إن تؤتى ثمارها، ما لم تقترن بجهود على صعيد العلاقات الدولية .
وترتيبا على ذلك، فان إيه جهود ترمى إلى حماية البيئة من قبل الدول أعضاء المجتمع الدولي سيكون أثرها محدود للغاية، ما لم تقترن بجهود دولية لدرء الإخطار التي تهدد البيئة على المستوى الدولي .
حماية القانون الدولي للحق في البيئة في ضوء الاتفاقيات الدولية :
le droit a l`environment
يلاحظ إن الاتفاقيات والوثائق الدولية قد أقرت صراحة بحق الإنسان في البيئة، وذلك في إشارات واضحة لا لبس فيها تقرر للإنسان بوصفه كذلك حقا في بيئة سليمة خالية مما يضر به .
ومن أهم النماذج التي تقرر ذلك" الاتفاقية الدولية بشان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية"لعام1966، والتي جاء بمادتها الثانية عشرة :
تقر الدول الإطراف في الاتفاقية الحالية بحق كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية .
تشمل الخطوات التي تتخذها الدول الإطراف في الاتفاقية الحالية للوصول إلى تحقيق كلى لهذا الحق ما هو ضروري من اجل :
أالعمل على تخفيض نسبة الوفيات في المواليد وفى وفيات الأطفال من اجل التنمية الصحية للطفل .
بتحسين شتى الجوانب البيئية والصحية .
The improvement of all aspects of environmental and industrial hygiene
ج الوقاية من الإمراض المعدية والمتفشية والمهنية ومعالجتها وحصرها .
د خلق ظروف من شانها إن تؤمن الخدمات الطبية والعناية الطبية في حالة المرض .
ويبين بكل وضوح وجلاء من هذا النص القانوني الملزم مدى الربط الواضح بين صحة الإنسان والبيئة، وإلزام الدول بالعمل على تحسين البيئة، على نحو يهيئ للإنسان التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية، وهو ما يتضمن اعترافا صريحا بحق الإنسان في بيئة سليمة .
أيضا على الصعيد الدولي، فقد نص الإعلان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11ديسمبر1969ن حول التقدم والإنماء في الميدان الاجتماعي، في المادة13منه على" انه يجب إن يستهدف التقدم والإنماء الاجتماعي التحقيق التدريجي للأهداف الرئيسية، ومنها حماية البيئة البشرية وتحسينها .
ثم جاء بعد ذلك مؤتمر الأمم المتحدة الأول حول" البيئة الإنسانية" الذي عقد في استكهولم بالسويد عام1972، وقد طرح في هذا المؤتمر تساؤل رئيسي، فحواة: هل للإنسان حق في بيئة سليمة ومتوازنة؟أو_ بعبارة أدق_ هل أصبحت البيئة حقا من حقوق الإنسان؟ لقد تكفل إعلان استكهولم 8 بالإجابة على هذا التساؤل المهم وذلك في أول مبدأ من مبادئه، إذ أكد إن" للإنسان حقا أساسيا في الحرية والمساواة، وظروف حياة ملائمة في بيئة يسمح له مستواها بالعيش في كرامة ورفاهية، وان على الإنسان واجبا مقدسا لحماية وتحسين بيئته من اجل أجيال الحاضر والمستقبل .
وجدير بالذكر إن وضع ذلك المبدأ في صدر المبدأ الأول من مبادئ الإعلان أمر له دلالته، فهو يفصح عن النظرة التي نظرت بها الوفود إلى حق الإنسان في بيئة سليمة متوازنة لصالح أجيال الحاضر والمستقبل، والارتقاء بذلك الحق ليوضع في مصاف حقوق الإنسان الأساسية في الحرية والمساواة، والتحرر من سياسات التمييز والفصل والتفرقة العنصرية، وكافة إشكال السيطرة الأجنبية والاستعمارية .
وقد جاء في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها سكرتير عام المؤتمر قوله:" إننا نجتمع اليوم بهدف تأكيد مسؤوليتنا المشتركة نحو مشكلة تتعلق بالبيئة المحيطة بالكرة الأرضية التي نتحمل جميعا ما قد يصيبها ".
وقد انتهى المؤتمر إلى قرار مجموعة من المبادئ العامة والتوصيات التي تشكل في مجموعها خطة عمل مستهدفة، يتعين على الدول والمنظمات الدولية المتخصصة إن تتبعها، وتأتى في مقدمتها ضرورة العمل على حماية البيئة من التلوث والتعاون الدولي لتحقيق هذا الهدف .
يبدو جليا ولأول وهلة، لمن يتفحص الإعلان الصادر عن هذا المؤتمر، خاصة ما جاء بفقراته الأولى، ان حماية البيئة والمحافظة عليها من خطر التلوث أصبحت من المسائل التي تهم البشرية كلها، والتي لابد من بذل كل الجهود الدولية الممكنة لتفادى الإخطار المحدقة بها، والسيطرة على ما يحيط بها من عوامل التدهور والفناء .
وقد المح الإعلان إلى إن:" الإنسان هو ثمرة البيئة وهو مبدعها في نفس الوقت، وبفضل التطور السريع والحاسم في العلم والتكنولوجيا، فقد أصبح الإنسان قادرا على تغيير بيئته بوسائل متعددة لم يسبق لها مثيل ".
وطالب المؤتمر الحكومات والشعوب بتوحيد جهودها للمحافظة على البيئة الإنسانية وتحسين مستواها لمصلحة الجنس البشرى والأجيال القادمة .
وتجدر الإشارة إلى إن المبادئ والتوصيات التي تضمنها هذا الإعلان9 قد جاءت مؤكدة لهذا الاتجاه. وأوضحت بصفة خاصة ضرورة التزام الدول بحماية البيئة الإنسانية والمحافظة عليها من خطر التلوث، وان هذا الالتزام يجب إن يترجم إلى واجبين هما :
واجب اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع حدوث تلوث يصيب البيئة الإنسانية .
وواجب التعاون مع الدول الأخرى والمنظمات المتخصصة في هذا المجال، مع تأكيد المسئولية الدولية عن إيه إضرار قد تصيب البيئة الإنسانية، نتيجة للأنشطة التي تقوم بها الدولة أو تحدث على إقليمها أو تحت إشرافها .
أيضا فقد نص الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان ، الصادر في نيروبي فى18يونيو1981 في المادة24، على إن لكل الشعوب الحق في بيئة مرضية وشاملة وملائمة لتنميتها .
وتضيف المادة الأولى من الميثاق العالمي للطبيعة، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى28اكتوبر عام1982،: " للإنسان حق أساسي في الحرية والمساواة وفى ظروف معيشة مرضية وفى بيئة محيطة تسمح له بالحياة بكرامة ورفاهية ، وعلى الإنسان واجب مقدس في حماية وتحسين البيئة للأجيال الحاضرة والمستقبلة ".
كذلك عقد مؤتمر الأمم المتحدة الثاني حول" البيئة والتنمية" في مدينة ريو دى جانيرو بالبرازيل عام1992، متخذا شعارا له " البيئة والتنمية" ، وقد أعرب السيد/ موريس سترونج M.strong الأمين العام للمؤتمر(10) عن الأمل في إن يكون المؤتمر نقطة تحول في السياسة البيئية الدولية، وخطوة جادة نحو إنقاذ كوكب الأرض وصيانة بيئته من التدهور والاستنزاف غير الرشيد والجائر لموارده، وذلك تأكيدا لحق جميع المخلوقات البشرية في حياة سليمة ومثمرة بالانسجام مع الطبيعة .
وحرى بالذكر إن المؤتمر المذكور قد أسفر عن إبرام عدة اتفاقيات مهمة، منها اتفاقية تغيير المناخ، واتفاقية التنوع الحيوي أو البيولوجي. كما دعا المؤتمر إلى إبرام اتفاقية دولية لمكافحة ظاهرة التصحر وحماية غابات العالم .
وتهدف اتفاقية التنوع الحيوي إلى تحقيق مقصدين :
الأول : ويتمثل في صيانة التنوع البيولوجي، باستخدام عناصره على نحو قابل للاستمرار .
الثاني : ويتمثل في التقاسم العادل والمنصف للمنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية ونقل التكنولوجيا ذات الصلة .
وقد عقد المؤتمر الدولي للسكان بالقاهرة في الفترة من5الى13 سبتمبر عام1994، تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد تمخض عن تبنى برنامج عمل احتوى على خمسة عشر مبدأ وعدد من التوصيات، تشكل ميثاقا وخطة عمل مستقبلية لعلاج قضايا السكان والتنمية الاقتصادية في إطار شامل .
وحرى بالذكر انه قد كان من المتوقع إن يتطرق المؤتمر إلى تأكيد حق الإنسان في البيئة السليمة المتوازنة، بحسبان إن تلك البيئة هي المنطلق إلى التنمية الاقتصادية والاجتماعية المنشودة للسكان. ولكن جاءت إعمال المؤتمر خلوا من ذلك التأكيد الصريح . ومع ذلك، فان هناك مبدأين من مجموعة المبادئ التي تبناها المؤتمر، والواردة في الفصل الثاني، يمكن تفسيرهما على إنهما يشيران ضمنا إلى حق الإنسان في البيئة السليمة المتوازنة .
المبدأ الأول : حيث جاء في عجزه إن" لكل إنسان الحق في الحياة والحرية والأمان على شخصه"، وتلك إشارة إلى الحق في البيئة .
المبدأ الثاني: حيث جاء به " يقع البشر في صميم الاهتمامات المتعلقة بالتنمية المستدامة، ويحق لهم التمتع بحياة صحية ومنتجة في وئام مع الطبيعة. والناس هم أهم وأقيم مورد لأي امة .
وعلى البلدان إن تضمن إتاحة الفرصة لكل الإفراد لكي يستفيدوا إلى أقصى حد من إمكاناتهم، ولهم الحق في مستوى معيشي لائق لأنفسهم ولأسرهم، بما في ذلك ما يكفى من الغذاء والكساء والإسكان والمياه والمرافق الصحية ".
إذن يبين بكل وضوح وجلاء من عبارات ذلك المبدأ انه يجب ضمان وكفالة تمتع الإفراد بحياة صحية ومنتجة" وتوفير ما يكفيهم" من الغذاء والكساء والمياه والمرافق الصحية ومواردها الطبيعية .
ومما يدل على ذلك إن صياغة المبدأ قد حرصت على الإشارة صراحة إلى إن تلك الأمور يجب إن تتم" في وئام مع الطبيعة"، وهذا يعنى صراحة إن الحفاظ على البيئة وصيانة مواردها هما المقدمة الأولى لكفالة الحياة الصحية والمنتجة للإفراد .
ثالثا_ المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية :
تعد المسئولية القانونية عن الإضرار جزءا أساسيا في كل نظام قانوني. وفى نطاق قانون حماية البيئة، أكدت العديد من الإعمال القانونية مبدأ المسئولية عن الإضرار. فالمادة235 فقرة أولى من قانون البحار لعام1982 نصت صراحة على إن" الدولة مسئولة عن الوفاء بالتزاماتها الدولية المتعلقة بحماية البيئة البحرية والحفاظ عليها، وهى مسئولية وفقا للقانون الدولي ".
ومن قبل، قررت المادة232 من القانون نفسه" تكون الدولة مسئولة عن الضرر أو الخسارة المنسوبة إليها والناشئة عن تدابير اتخذتها، وذلك في حالة ما إذا كانت مثل هذه التدابير غير مشروعة، أو تتجاوز المطلوب بصورة معقولة ".
وجدير بالذكر انه إذا كانت تلك النصوص تتحدث عن المسئولية الدولية، فان باقي النصوص لم تغفل مبدأ المسئولية المدنية في الأنظمة الداخلية، فقد نصت المادة229 صراحة على انه " ليس في هذه الاتفاقية ما يؤثر على رفع دعوى مدنية في صدد أي ادعاء بوقوع خسارة أو ضرر نتيجة لتلوث البيئة البحرية ". ويبين من هذا النص انه يوضح مبدأ المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية في النطاق الوطني لكل دولة، ودون إن يخل ذلك بإمكان تحريك المسئولية الدولية ضد الدولة التي ارتكبت النشاط الضار، إذا توافرت الشروط المعروفة في القانون الدولي .
وتجدر الإشارة إلى إن القضاء الدولي لم يتوان بدوره عن تدعيم وتعزيز مبدأ المسئولية عن الإضرار البيئية. ففي قضية مصنع صهر المعادن في مدينة"ترابل "trail smelter بكندا ، وبشان طلب الولايات المتحدة الأمريكية التعويض عن الخسائر التي لحقت بالأشخاص والممتلكات في ولاية واشنطن من جراء الأدخنة السامة التي بنفثها المصنع في الهواء الجوى، وتنقله الرياح عبر الحدود، قررت محكمة التحكيم التي شكلتها الدولتان، بحكمها الصادر فى11 مارس1941، انه" وفقا لمبادئ القانون الدولي، ليس لدولة الحق في إن تستعمل أو تسمح بأنشطة على إقليمها على نحو يسبب الضرر، عن طريق الأدخنة، لإقليم دولة أخرى أو للممتلكات أو للأشخاص فيه، عندما تكون الحالة ذات نتائج خطيرة ويثبت الضرر بأدلة واضحة ومقنعة". وأكدت المحكمة مسئولية كندا عن الإضرار التي أحدثتها أنشطة المصنع الكائن بأراضيها. وهو تأكيد لما سبق إن قرره الحكم الصادر في تلك القضية بتاريخ16ابريل1938، والزم كندا بدفع مبلغ 78الف دولار كتعويض .
أيضا من الإعمال القانونية التي أرست مبدأ المسئولية عن الإضرار البيئية، المبدأ 21 من مجموعة المبادئ التي اعتمدها مؤتمر استكهولم حول البيئة عام1972, والذي جاء ب هان" على الدولة مسئولية ضمان إن الأنشطة التي تتم داخل ولايتها أو تحت إشرافها لا تسبب ضررا لبيئة الدول الأخرى أو للمناطق فيما وراء حدود ولايتها الوطنية ".
كذلك وبغية تدعيم مبدأ المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية، فقد تطرقت لجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة إلى موضوع المسئولية عن الإضرار البيئية، وذلك بمناسبة مناقشتها للمسئولية الدولية بصفة عامة .
فقد ورد بأحد تقاريرها إن القانون الدولي المعاصر قد وصل إلى الإدانة النهائية" للتصرفات التي تعرض للخطر، بنحو جسيم، الحفاظ على البيئة الإنسانية وصيانتها. إن الجماعة الدولية بكليتها، وليس فقط هذا أو ذلك ممن يكونوها، تقدر ألان، فصاعدا، إن مثل تلك التصرفات أو الأفعال تخالف المبادئ التي أصبحت راسخة بعمق في الضمير العالمي، وصارت قواعد جوهرية للقانون الدولي عموما .
نخلص من ذلك إلى انم بدا المسئولية الدولية عن الإضرار البيئية تتحمله الدولة، وذلك وفقا لما تضمنته الاتفاقيات الدولية السالف الإشارة إليها .
خاتمة :
عرضنا في هذا البحث للحماية الدولية التي اقرها القانون الدولي العام للبيئة، وذلك باعتبار البيئة تشكل احد المظاهر المهمة التي يجب المحافظة عليها. وقد حاولنا الوقوف على المفهوم الدقيق لمصطلحي" البيئة والتلوث"، فتتبعنا المحاولات الفقهية المختلفة لكليهما، وموقف الاتفاقيات الدولية في هذا الصدد .
وقد تطرقنا إلى دراسة وبحث الحماية الدولية التي قررها القانون الدولي للبيئة، وذلك من خلال الاتفاقيات الدولية المتعاقبة، وقد تبين لنا إن الاتفاقيات الدولية، وإدراكا منها لأهمية البيئة، قد أقرت صراحة بتوفير الحماية اللازمة لها، وذلك بوجود التزام دولي يقع على عاتق الدول بتوفير كافة السبل للحفاظ على البيئة وعدم الإضرار بها .
ومن ناحية أخرى، فقد إبان البحث مدى المسئولية الدولية عن الإضرار التي تلحقها الدول بالبيئة، حيث تلتزم بتعويض تلك الإضرار التي تحيق بالدول الأخرى .
وأخيرا، فان حماية البيئة والمحافظة عليها من خطر التلوث أضحت من الأمور التي تعد بمثابة" تراث مشترك للإنسانية، فهي من المسائل التي تهم البشرية كلها، والتي لابد من بذل كل الجهود الدولية لتفادى الإخطار المحدقة بها، والسيطرة على ما يحيط بها من عوامل التدهور والفناء .
الهوامش :
د. مصطفى سلامة حسين، القانون الدولي العام، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية،2000 .
د. مصطفى سلامة حسين، مصدر سابق ص594-595 .
د . صلاح الدين عامر، مقدمات" القانون الدولي للبيئة"، مجلة القانون والاقتصاد للبحوث القانونية والاقتصادية، عدد خاص، العيد المئوي لكلية الحقوق1983،ص21 .
د. احمد عبد الكريم سلامة، المبادئ والتوجيهات البيئية في إعمال المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، المجلة المصرية للقانون الدولي، العدد الخمسون،1994،ص119 .
د. ماجد راغب الحلو، قانون حماية البيئة في ضوء الشريعة، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية،2007،ص44 .
م. محمد عبد القادر الفقى، البيئة... مشاكلها وقضاياها وحمايتها من التلوث، الهيئة المصرية العامة للكتاب،1999،ص14 .
د. ماجد الحلو، مصدر سابق،ص45 .
لقد بادرت منظمة الأمم المتحدة، بناء على اقتراح من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لها، بطلب عقد مؤتمر للبيئة الإنسانية، وذلك بهدف التدهور المستمر في مستوى البيئة الإنسانية، ووضع القواعد الكفيلة بتحقيق التطور الاقتصادي والاجتماعي في العالم .
وقد عقد هذا المؤتمر في ستوكهولم ، عاصمة السويد، في الفترة من5الى16 يونيو1972 بحضور ممثلي 113 دولة، كما حضره ممثلون عن جميع المنظمات الدولية المتخصصة ، وكذا ممثلو المنظمات الإقليمية المعنية .
لقد احتوى إعلان البيئة الصادر عن المؤتمر على ستة وعشرين مبدأ وعدد109 توصيات، وقد تمت الموافقة عليه بإجماع الدول التي حضرت القمة. وتلك المبادئ والتوصيات على درجة كبيرة من الأهمية، وتشكل إطار عمل قيما لإرساء القواعد القانونية الملائمة لتحقيق حماية فعالة لمختلف قطاعات البيئة المائية والجوية والبرية .
راجع :
Extrait de la declaration d `ouverture de m. Maurice f. strong;
Serstiare general de la conference de nation unis sur l`environemet,p.11.
O.N.U, recuel les sentences arbrales 1999,t,ll,p.1965.
ومشار إليه في د. احمد عبد الكريم سلامة:، نظرات في الحماية الدبلوماسية، المجلة المصرية للقانون الدولي،2002،ص96 .