38 ـ أوقفوا ثورة الجنس الفضائية !
[center][center]عماد الدين حسين
البيان / كل المراقبين للأوضاع الاجتماعية في العالم العربي يقولون إن هناك ثورة مقبلة خلال فترة وجيزة، وإنها حتمية ولا مناص منها إلا إذا حدثت معجزة.
عفواً، سوف يتصور كثيرون أن هذه الثورة المقصودة ستكون ضد أوضاعنا المتردية التي لا تخفى على أحد، لكنها ليست كذلك، إنها للأسف الشديد ثورة الجنس والخلاعة والانحلال المنطلقة من «ثكنات الفضائيات»... كل مقومات هذه الثورة جاهزة، أما المؤشرات والإرهاصات فقد بدأت منذ زمن، ولم يعد متبقياً سوى إذاعة البيان رقم واحد لتدشين هذا الانقلاب غير المسبوق في حياتنا الاجتماعية.
في الانقلابات العسكرية أو الثورات السياسية يكون الأمر منوطاً بفرقة أو سرية أو لواء عسكري أو حزب سياسي، لكن سلاح الثورة المرتقبة هو الفضائيات المنتشرة كالسرطانات حالياً، أما طليعة هذه الثورة «غير المباركة» فهي «الكليبات» ومعها سلاح مساعد يدعى «الشات» أو الدردشة عبر الفضائيات!
وحتى لا يسارع أحد إلى اتهامي بالتخلف والرجعية والانغلاق وربما التطرف، أسارع بالقول إنني أحد المؤمنين بحرية الإعلام بغير حدود، وكنت ومازلت أعتبر نفسي من المعارضين لمعظم السياسات العربية التي قادتنا للكارثة بنفس معارضتي لأطروحات غالبية فرق الإسلام السياسي. لكن الحرية شيء وما يحدث حالياً شيء آخر مختلف تماماً.
قبل فترة قصيرة كان مجرد سماح الرقيب العربي لمشهد قبلة ساخنة في فيلم سينمائي يعتبر حدثاً فريداً تقوم له الدنيا ولا تقعد، لدرجة أن بعض المشاهد في أفلام عربية أثارت طلبات احاطة واستجوابات عاجلة في بعض البرلمانات العربية.. الآن تغير كل ذلك ليصبح تاريخاً ينتمي لحقبة غابرة.
إرهاصات ثورة الخلاعة جاءت من حيث لم نحتسب، توقعناها من الأفلام فقدمت إلينا عبر الفيديو كليب و«الشات»، وتحولت بعض الأغنيات أو «الكليبات» لتنافس أشد القنوات الإباحية الغربية فجوراً.. شخصياً ولأن معظم وقتي أمام التلفزيون محصور ما بين قناتي «الجزيرة» و«العربية» يضاف إليهما أحياناً.
«أبوظبي» و«المنار» وبعض القنوات الرياضية، فلم أكن أشعر بالمشكلة، حتى فوجئت قبل أيام قليلة بابني الصغير الذي لم يتجاوز السنوات الثلاث يحدق بعمق في إحدى الأغنيات المصورة سيئة السمعة، وقتها ركبني مليون عفريت، ولم أجد مفراً سوى تغيير القناة بسرعة إلى الفضائية السودانية التي كانت لحسن الحظ تليها في الترتيب!
هذه الورطة فوجئت إن معظم أصدقائي ومعارفي عايشوها ويعايشونها يومياً، تنغص عليهم حياتهم، والأخطر أنهم لا يعرفون كيف يواجهونها، لأنهم غير مقيمين في المنزل طوال اليوم للتحكم في «الريموت كونترول»، وإجبار الأطفال على مشاهدة قناة «سبيس تون» و«عالم سمسم» وغيره من برامج الأطفال.
ثم إن معظم الأطفال أصبحوا على دراية واسعة لكسر «تحكم الوالدين» وفك شفرات كل القنوات المغلقة، ناهيك بالطبع عن بعض قنوات «الكيبل» المدفوعة الأجر وهي كارثة أخرى، لكن المشاهد يشترك فيها باختياره الحر دون ضغط.
معلوم لنا جميعاً إن ما يتعلمه ويسمعه ويراه الأطفال في سنواتهم الأولى هو ما يستقر في وجدانهم، وإذا كان هذا التعليم مصحوباً بصور، ثم موسيقى ماجنة، يمكننا أن نتصور أي نوع من الأطفال سيكون لدينا في المستقبل.
أحد الأصدقاء أحصى على القمر الصناعي «النايل سات» عشر قنوات غنائية وقناتين للدردشة، لا أحد ضد الغناء الراقي، ولا الدردشة البريئة لكن ما نراه الآن ضد أي منطق وعقل ودين ناهيك انه ضد الخلق السوي والفطرة السليمة.
الطبيعي والمفروض إن الغناء يختص بالصوت وموهبته، وبالتالي فهو موجه إلى إذن المستمع وليس الى عيونه ووجهه وغرائزه، إذا كان الأمر كذلك فهل يمكن لنا على سبيل الافتراض المطالبة بقصر إذاعة هذه الأغنيات مؤقتاً على الإذاعات وليس عبر الفضائيات، وقتها إذا طبقنا هذا الافتراض النظري سنتخلص أولاً من المشاهد الفاضحة، ثم ثانياً سنعرف الموهبة الحقيقية لهؤلاء «المجرمين».
وفي الغالب فإن أكثر من 90% منهم سيتم «كنسلتهم» ووقفهم عن بث السموم على الهواء مباشرة، في هذه الحالة يمكن للمطربين «المكنسلين» العمل كمنادين في «مواقف السيارات العامة» لتطفيش الزبائن، في حين يمكن توظيف المطربات في سجون النساء.
أما البقية المحترمة والتي يثبت أنها تغني بـ «صوتها فقط» فلا مانع من مشاهدتها في التلفاز شرط أن توقع على إقرار خطي قبل التعاقد على إذاعة الأغنية بعدم الاستعانة بـ «الكليب»، وإذا رفضت فعلى محطات التلفزيون اشتراط منع وجود «الحريم» في هذا الكليب، والاكتفاء فقط «بالماء والخضرة والوجه غير الحسن».
كثيرون آملوا أن يؤدي انتشار الفضائيات إلى اتساع مساحة الحرية الحقيقية بمعنى حرية كل الأفكار والتيارات، والتعددية بمعناها الفعلي، لكن النتائج جاءت معاكسة تماماً، وضد كل منطق، والغريب انه بينما أصبح لدينا مئات الفضائيات تقلصت مساحة حرية الرأي والتعبير فيما يتعلق بالقضايا الحقيقية، وفي المقابل أصبحنا نتمتع بحرية نحسد عليها في كل ما يتعلق بالخلاعة والميوعة والتفاهة.
هذا الأمر مع الفارق يذكرنا بمسارعة معظم البلدان العربية الى تبني حرية الأسواق الى درجاتها القصوى والمتوحشة، مقابل التقليص المستمر للحرية السياسية، رغم إن أي تقدم حقيقي لا يمكن أن يسير بدون الحريتين معاً الاقتصادية والسياسية.
ليست كل الفضائيات سيئة، هناك فضائيات جادة، لكنها للأسف قليلة، كما انه ليست كل الفضائيات الغنائية والمنوعة تافهة، لكن معظمها كذلك، والنتيجة أنه يصعب على أي شخص مشاهدة أغنية مصورة مع أسرته وأولاده دون أن يحمر وجهه خجلاً ويسارع بتغيير هذه المحطة. والسبب ببساطة أننا نشاهد في هذه الأغنيات كل ما لا يمت للغناء بصلة، وأصبحنا بصدد مشاهدة «فتيات ليل» يحشدن كل «أسلحة دمارهن الشامل» للإيقاع بالمراهقين مستخدمين آخر ما توصل إليه العلم من «سيليكون» وخلافه!
وفي ظل هذه الحرية لبعض الفضائيات لم يعد المرء آمناً على أولاده الملتصقين طوال الوقت بالتلفاز، وبجانب مصيبة «الكليبات» المنفلتة من كل عقال، أصبح علينا الآن مواجهة كارثة الدردشة أو «الشات» في شريط أسفل الشاشة.
وقراءة كلمات وعبارات ومعاني تقشعر لها الأبدان والآذان، هذه الظاهرة «الشاتية» بدأت بعبارات من قبيل «ابن القاهرة بيمسي على بنت تونس» و«ابن أسيوط بيدحرج االتماسي على بنت الاسكندرية» أو «سندباد السعودية بيموت في عيون بنت لبنان» لكنها وصلت الآن إلى مستوى لا يمكن كتابته في هذه الزاوية لأنه من اختصاص شرطة الآداب!
هل تلك هي الحرية التي نريدها، الحرية التي أفنى البعض عمره من أجل تحقيقها وقضى بسببها معظم سنوات حياته خلف القضبان؟!
البعض يقلد ويتعلق بكل ما هو غربي وأميركي خاصة إذا كان ممعناً في الخلاعة.. الغرب له عاداته وتقاليده وحرياته.
لديهم منظومة قيم تسمح بدخول نجمة تعرى الى البرلمان كما حدث في ايطاليا، أو أن ترشح ممثلة بورنو نفسها لمنصب حاكم كاليفورنيا ضد الممثل شوارزينغر، وتبيح هذه القيم أيضا الزواج المثلي أو تنصيب أسقف شاذ لإحدى الكنائس كما حدث في الولايات المتحدة وليس مستبعداً في القريب العاجل وصول رئيس شاذ على رأس بلدان نووية!!
إذا كانت تلك هي الحرية كما يريدونها لنا فلتذهب الى الجحيم، فالتخلف والاستبداد سيكون أرحم ملايين المرات من هذا، ثم إن الغرب لديه مئات الأشياء المفيدة والنافعة، فلماذا لا نقلده فيها مثل التقدم العلمي وحكم دولة المؤسسات وثقافة الديمقراطية والتعددية والشفافية.. لماذا لا نقلدهم إلا في التفاهة والهيافة؟!
المشكلة الأخطر أن البعض من المسئولين العرب ربما يعتقد أن إشاعة ثقافة البورنو والانحلال والعنف سلاح مفيد للغاية، فهو قد يرضي الغرب شكلياً، ثم انه وهذا هو الأهم يلهي الناس في الجنس والهيافة ويغرقهم في الأوهام، ما يصرف نظرهم عن المطالبة بالحريات الحقيقية. لكن ذلك هو الآخر محض سراب وتأجيل للمشكلة ليس إلا لأن الإصلاح قادم قادم، لأنه حتى إذا رضيت أميركا بهذا النوع من «الإصلاح» فلن تكتفي به وستطالب بالمزيد!
قد يكون مفهوماً أن يتسابق أصحاب هذه المحطات الفضائية للربح وجذب أكبر نسبة من المشاهدين حتى لو كان الثمن هو تخريب أجيال بأكملها، لكن غير المفهوم بالمرة هو هذا الصمت الرسمي الرهيب وربما التشجيع الخفي لهذه المحطات من دوائر خارجية وداخلية لغرض في نفس يعقوب! الأمر الذي حول هذا النوع من الفضائيات إلى قنبلة مزروعة في كل منزل، لا نملك نزع فتيلها فمن يا ترى يستطيع؟!
مواجهة هذه المشكلة لا تكون بقرار إداري.. الحل الأمثل هو أن يتكتل كل شرفاء هذه الأمة لإشاعة مناخ من الوعي ونشر وتعزيز القيم المحترمة والشريفة.. مواجهة لا تقف ضد الفن كفن، لأن الفن الجاد نفسه سلاح فعال لمكافحة «الهيروين الغنائي» الذي نشاهده الآن تحت ستار «الفيديو كليب» والذي دفع أحد الساخرين إلى القول بأن «الفارق بين أغنية المطربة..... وأفلام البورنو الخليعة هو إن الموسيقى في النوع الأخير أفضل » !!!
عفواً، سوف يتصور كثيرون أن هذه الثورة المقصودة ستكون ضد أوضاعنا المتردية التي لا تخفى على أحد، لكنها ليست كذلك، إنها للأسف الشديد ثورة الجنس والخلاعة والانحلال المنطلقة من «ثكنات الفضائيات»... كل مقومات هذه الثورة جاهزة، أما المؤشرات والإرهاصات فقد بدأت منذ زمن، ولم يعد متبقياً سوى إذاعة البيان رقم واحد لتدشين هذا الانقلاب غير المسبوق في حياتنا الاجتماعية.
في الانقلابات العسكرية أو الثورات السياسية يكون الأمر منوطاً بفرقة أو سرية أو لواء عسكري أو حزب سياسي، لكن سلاح الثورة المرتقبة هو الفضائيات المنتشرة كالسرطانات حالياً، أما طليعة هذه الثورة «غير المباركة» فهي «الكليبات» ومعها سلاح مساعد يدعى «الشات» أو الدردشة عبر الفضائيات!
وحتى لا يسارع أحد إلى اتهامي بالتخلف والرجعية والانغلاق وربما التطرف، أسارع بالقول إنني أحد المؤمنين بحرية الإعلام بغير حدود، وكنت ومازلت أعتبر نفسي من المعارضين لمعظم السياسات العربية التي قادتنا للكارثة بنفس معارضتي لأطروحات غالبية فرق الإسلام السياسي. لكن الحرية شيء وما يحدث حالياً شيء آخر مختلف تماماً.
قبل فترة قصيرة كان مجرد سماح الرقيب العربي لمشهد قبلة ساخنة في فيلم سينمائي يعتبر حدثاً فريداً تقوم له الدنيا ولا تقعد، لدرجة أن بعض المشاهد في أفلام عربية أثارت طلبات احاطة واستجوابات عاجلة في بعض البرلمانات العربية.. الآن تغير كل ذلك ليصبح تاريخاً ينتمي لحقبة غابرة.
إرهاصات ثورة الخلاعة جاءت من حيث لم نحتسب، توقعناها من الأفلام فقدمت إلينا عبر الفيديو كليب و«الشات»، وتحولت بعض الأغنيات أو «الكليبات» لتنافس أشد القنوات الإباحية الغربية فجوراً.. شخصياً ولأن معظم وقتي أمام التلفزيون محصور ما بين قناتي «الجزيرة» و«العربية» يضاف إليهما أحياناً.
«أبوظبي» و«المنار» وبعض القنوات الرياضية، فلم أكن أشعر بالمشكلة، حتى فوجئت قبل أيام قليلة بابني الصغير الذي لم يتجاوز السنوات الثلاث يحدق بعمق في إحدى الأغنيات المصورة سيئة السمعة، وقتها ركبني مليون عفريت، ولم أجد مفراً سوى تغيير القناة بسرعة إلى الفضائية السودانية التي كانت لحسن الحظ تليها في الترتيب!
هذه الورطة فوجئت إن معظم أصدقائي ومعارفي عايشوها ويعايشونها يومياً، تنغص عليهم حياتهم، والأخطر أنهم لا يعرفون كيف يواجهونها، لأنهم غير مقيمين في المنزل طوال اليوم للتحكم في «الريموت كونترول»، وإجبار الأطفال على مشاهدة قناة «سبيس تون» و«عالم سمسم» وغيره من برامج الأطفال.
ثم إن معظم الأطفال أصبحوا على دراية واسعة لكسر «تحكم الوالدين» وفك شفرات كل القنوات المغلقة، ناهيك بالطبع عن بعض قنوات «الكيبل» المدفوعة الأجر وهي كارثة أخرى، لكن المشاهد يشترك فيها باختياره الحر دون ضغط.
معلوم لنا جميعاً إن ما يتعلمه ويسمعه ويراه الأطفال في سنواتهم الأولى هو ما يستقر في وجدانهم، وإذا كان هذا التعليم مصحوباً بصور، ثم موسيقى ماجنة، يمكننا أن نتصور أي نوع من الأطفال سيكون لدينا في المستقبل.
أحد الأصدقاء أحصى على القمر الصناعي «النايل سات» عشر قنوات غنائية وقناتين للدردشة، لا أحد ضد الغناء الراقي، ولا الدردشة البريئة لكن ما نراه الآن ضد أي منطق وعقل ودين ناهيك انه ضد الخلق السوي والفطرة السليمة.
الطبيعي والمفروض إن الغناء يختص بالصوت وموهبته، وبالتالي فهو موجه إلى إذن المستمع وليس الى عيونه ووجهه وغرائزه، إذا كان الأمر كذلك فهل يمكن لنا على سبيل الافتراض المطالبة بقصر إذاعة هذه الأغنيات مؤقتاً على الإذاعات وليس عبر الفضائيات، وقتها إذا طبقنا هذا الافتراض النظري سنتخلص أولاً من المشاهد الفاضحة، ثم ثانياً سنعرف الموهبة الحقيقية لهؤلاء «المجرمين».
وفي الغالب فإن أكثر من 90% منهم سيتم «كنسلتهم» ووقفهم عن بث السموم على الهواء مباشرة، في هذه الحالة يمكن للمطربين «المكنسلين» العمل كمنادين في «مواقف السيارات العامة» لتطفيش الزبائن، في حين يمكن توظيف المطربات في سجون النساء.
أما البقية المحترمة والتي يثبت أنها تغني بـ «صوتها فقط» فلا مانع من مشاهدتها في التلفاز شرط أن توقع على إقرار خطي قبل التعاقد على إذاعة الأغنية بعدم الاستعانة بـ «الكليب»، وإذا رفضت فعلى محطات التلفزيون اشتراط منع وجود «الحريم» في هذا الكليب، والاكتفاء فقط «بالماء والخضرة والوجه غير الحسن».
كثيرون آملوا أن يؤدي انتشار الفضائيات إلى اتساع مساحة الحرية الحقيقية بمعنى حرية كل الأفكار والتيارات، والتعددية بمعناها الفعلي، لكن النتائج جاءت معاكسة تماماً، وضد كل منطق، والغريب انه بينما أصبح لدينا مئات الفضائيات تقلصت مساحة حرية الرأي والتعبير فيما يتعلق بالقضايا الحقيقية، وفي المقابل أصبحنا نتمتع بحرية نحسد عليها في كل ما يتعلق بالخلاعة والميوعة والتفاهة.
هذا الأمر مع الفارق يذكرنا بمسارعة معظم البلدان العربية الى تبني حرية الأسواق الى درجاتها القصوى والمتوحشة، مقابل التقليص المستمر للحرية السياسية، رغم إن أي تقدم حقيقي لا يمكن أن يسير بدون الحريتين معاً الاقتصادية والسياسية.
ليست كل الفضائيات سيئة، هناك فضائيات جادة، لكنها للأسف قليلة، كما انه ليست كل الفضائيات الغنائية والمنوعة تافهة، لكن معظمها كذلك، والنتيجة أنه يصعب على أي شخص مشاهدة أغنية مصورة مع أسرته وأولاده دون أن يحمر وجهه خجلاً ويسارع بتغيير هذه المحطة. والسبب ببساطة أننا نشاهد في هذه الأغنيات كل ما لا يمت للغناء بصلة، وأصبحنا بصدد مشاهدة «فتيات ليل» يحشدن كل «أسلحة دمارهن الشامل» للإيقاع بالمراهقين مستخدمين آخر ما توصل إليه العلم من «سيليكون» وخلافه!
وفي ظل هذه الحرية لبعض الفضائيات لم يعد المرء آمناً على أولاده الملتصقين طوال الوقت بالتلفاز، وبجانب مصيبة «الكليبات» المنفلتة من كل عقال، أصبح علينا الآن مواجهة كارثة الدردشة أو «الشات» في شريط أسفل الشاشة.
وقراءة كلمات وعبارات ومعاني تقشعر لها الأبدان والآذان، هذه الظاهرة «الشاتية» بدأت بعبارات من قبيل «ابن القاهرة بيمسي على بنت تونس» و«ابن أسيوط بيدحرج االتماسي على بنت الاسكندرية» أو «سندباد السعودية بيموت في عيون بنت لبنان» لكنها وصلت الآن إلى مستوى لا يمكن كتابته في هذه الزاوية لأنه من اختصاص شرطة الآداب!
هل تلك هي الحرية التي نريدها، الحرية التي أفنى البعض عمره من أجل تحقيقها وقضى بسببها معظم سنوات حياته خلف القضبان؟!
البعض يقلد ويتعلق بكل ما هو غربي وأميركي خاصة إذا كان ممعناً في الخلاعة.. الغرب له عاداته وتقاليده وحرياته.
لديهم منظومة قيم تسمح بدخول نجمة تعرى الى البرلمان كما حدث في ايطاليا، أو أن ترشح ممثلة بورنو نفسها لمنصب حاكم كاليفورنيا ضد الممثل شوارزينغر، وتبيح هذه القيم أيضا الزواج المثلي أو تنصيب أسقف شاذ لإحدى الكنائس كما حدث في الولايات المتحدة وليس مستبعداً في القريب العاجل وصول رئيس شاذ على رأس بلدان نووية!!
إذا كانت تلك هي الحرية كما يريدونها لنا فلتذهب الى الجحيم، فالتخلف والاستبداد سيكون أرحم ملايين المرات من هذا، ثم إن الغرب لديه مئات الأشياء المفيدة والنافعة، فلماذا لا نقلده فيها مثل التقدم العلمي وحكم دولة المؤسسات وثقافة الديمقراطية والتعددية والشفافية.. لماذا لا نقلدهم إلا في التفاهة والهيافة؟!
المشكلة الأخطر أن البعض من المسئولين العرب ربما يعتقد أن إشاعة ثقافة البورنو والانحلال والعنف سلاح مفيد للغاية، فهو قد يرضي الغرب شكلياً، ثم انه وهذا هو الأهم يلهي الناس في الجنس والهيافة ويغرقهم في الأوهام، ما يصرف نظرهم عن المطالبة بالحريات الحقيقية. لكن ذلك هو الآخر محض سراب وتأجيل للمشكلة ليس إلا لأن الإصلاح قادم قادم، لأنه حتى إذا رضيت أميركا بهذا النوع من «الإصلاح» فلن تكتفي به وستطالب بالمزيد!
قد يكون مفهوماً أن يتسابق أصحاب هذه المحطات الفضائية للربح وجذب أكبر نسبة من المشاهدين حتى لو كان الثمن هو تخريب أجيال بأكملها، لكن غير المفهوم بالمرة هو هذا الصمت الرسمي الرهيب وربما التشجيع الخفي لهذه المحطات من دوائر خارجية وداخلية لغرض في نفس يعقوب! الأمر الذي حول هذا النوع من الفضائيات إلى قنبلة مزروعة في كل منزل، لا نملك نزع فتيلها فمن يا ترى يستطيع؟!
مواجهة هذه المشكلة لا تكون بقرار إداري.. الحل الأمثل هو أن يتكتل كل شرفاء هذه الأمة لإشاعة مناخ من الوعي ونشر وتعزيز القيم المحترمة والشريفة.. مواجهة لا تقف ضد الفن كفن، لأن الفن الجاد نفسه سلاح فعال لمكافحة «الهيروين الغنائي» الذي نشاهده الآن تحت ستار «الفيديو كليب» والذي دفع أحد الساخرين إلى القول بأن «الفارق بين أغنية المطربة..... وأفلام البورنو الخليعة هو إن الموسيقى في النوع الأخير أفضل » !!!
مختصرالأخبار875 السبت9\12\1424 هـ
39 ـ لماذا نسرف في غنائنا أكثر من أحزاننا ؟
جريدة الجزيرة العدد 11486
محرم 1425 هـ
محرم 1425 هـ
40 ـ الملكة نور : أكثر من نصف المصابين بالإيدز في الشرق الأوسط من النساء
جريدة الجزيرة العدد 11486
محرم 1425 هـ
محرم 1425 هـ
41 ـ حرب طاحنة
أنا فتاة ملتزمة بشرع الله مستقيمة على طريق الهدى ولكنني وللأسف أقطن في بيت قد نسج الضلال أعشاشه بكل زاوية من زواياه ، أجهزة التلفاز في كل ركن من أركانه .
أشرطة الفيديو الساقطة تنتشر هنا وهناك ، هذا غير " الدش " الذي قرر أخي الأكبر إدخاله إلى منزلنا ليزيد النار حطباً .
كدت أجن من فرط هذه المصيبة ، لم ينقص منزلنا سوى هذا " الشبح " لم أصدق إلا عندما رأيته مصمماً على إدخاله وكان عذره أقبح من ذنبه عندما برر بقوله إني لا أريده إلا لأوسع ثقافتي وأطلع على أخبار العالم .
ولا أظن أن بمشاهدة " الدش " اتساعاً للثقلفة بل هدم للأخلاق ، وغسل لمخ الإنسان وو .. إلخ .
وغيرها من مضار هذا الشبح الذي لا يكاد يخلو بيت منه إلا من رحم ربي .
عزم أخي أمره وأتى به وأمضى الساعات الطوال ساهراً عنده ليل نهار ، لا يمل ولا يكل ، ولم يقف الشر عنده فقط ، بل امتد إلى إخوتي الباقين ، فهم لا يكادون يفارقونه أبداً .
مرت الأيام ونحن على هذا الحال ، فكرت في إزالة هذا المنكر بأي وسيلة وعزمت أمري فلم استشر أحداً حتى أمي التي أنكرته في قلبها ولكن لم تستطع إزالته خوفاً من غضب أخي فأنا وأمي وإخوتي نسكن معه في منزله بعد أن تركنا منزل والدي " رحمه الله " وزوجته وانتقلنا للعيش معه في فلته الكبيرة .
ولكن على الرغم من ضخامتها لا تساوي عندي شيئاً وتمنيت لو أنني ظللت في منزل والدي المترامي ولم أقم مع أخي وضلاله .
تجرأت وقمت يتحطيم " الدش " إلى أن جعلته إرباً إرباً كما فعل الخليل بأصنام قومه ، في البداية قامت أمي بتوبيخي على هذا الصنيع خوفاً عليّ من أخي ، لكنني ووالله لم ينتابني الخوف للحظة واحدة ، ولم أصدق أن أمي تقابل صنيعي بالتوبيخ ، إذن من لي غيرها بعد الله يقف معي ؟! أقام إخوتي الدنيا وأقعدوها عندما علموا بالأمر وكان أشدهم غضباً أخي هذا فقام بتمزيق كتبي ومذكراتي وأنا في الكلية ، ولكنني قابلت الأمر ببرود لأنني أعذره بفعله هذا وقام بضربي ، هذا غير السيل الهادر من الألفاظ والكلمات التي انهالت عليّ منهم جميعاً ، لكنني صمدت ولم يقف بجانبي سوى زوجة أخي هذا وأختي الكبرى فقط ، ألهذا الحد قد فعلت جريمة شنعاء ليفعلوا هذا بي ؟ ألا يعلمون أنني قد خلصتهم من شبح قضى على حسناتهم ، وجعلهم يتخبطون بمعاصيهم ليل نهار ، وإلى الآن والحرب ثائرة ، حتى إنهم اتهموني بمرض الوسواس والجنون هذا مع ألفاظ السخرية والاستهزاء التي يرمون بها عليّ ، حتى إن أخي قال لي يوماً : ( إنني أعذرك لأنك مريضة ) .
هل الذي يسلك طريق الاستقامة والالتزام مجنون ومريض ؟
هل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر متطفل ومصاب بالوسواس ؟
لكنني رغم كل هذا الاضطهاد صادمة صابرة ، وبعد هذا الانتصار أي يعد تحطيمي للدش ، وبعد أن انزاح هذا الهم ، ويعد مضي خمسة أشهر على تحطيمه فوجئت بأخي وهو يدخل بواحد غيره في المنزل ويقول لي " هل إذا كسرت هذا الدش سأعجز عن الإتيان بغيره "
قولوا لي بالله عليكم ماذا أفعل ، ماذا أفعل للانتصار في هذه الحرب الطاحنة بيني وبين إخوتي هداهم الله .
أختكم المضطهدة مريم / القصيم
كدت أجن من فرط هذه المصيبة ، لم ينقص منزلنا سوى هذا " الشبح " لم أصدق إلا عندما رأيته مصمماً على إدخاله وكان عذره أقبح من ذنبه عندما برر بقوله إني لا أريده إلا لأوسع ثقافتي وأطلع على أخبار العالم .
ولا أظن أن بمشاهدة " الدش " اتساعاً للثقلفة بل هدم للأخلاق ، وغسل لمخ الإنسان وو .. إلخ .
وغيرها من مضار هذا الشبح الذي لا يكاد يخلو بيت منه إلا من رحم ربي .
عزم أخي أمره وأتى به وأمضى الساعات الطوال ساهراً عنده ليل نهار ، لا يمل ولا يكل ، ولم يقف الشر عنده فقط ، بل امتد إلى إخوتي الباقين ، فهم لا يكادون يفارقونه أبداً .
مرت الأيام ونحن على هذا الحال ، فكرت في إزالة هذا المنكر بأي وسيلة وعزمت أمري فلم استشر أحداً حتى أمي التي أنكرته في قلبها ولكن لم تستطع إزالته خوفاً من غضب أخي فأنا وأمي وإخوتي نسكن معه في منزله بعد أن تركنا منزل والدي " رحمه الله " وزوجته وانتقلنا للعيش معه في فلته الكبيرة .
ولكن على الرغم من ضخامتها لا تساوي عندي شيئاً وتمنيت لو أنني ظللت في منزل والدي المترامي ولم أقم مع أخي وضلاله .
تجرأت وقمت يتحطيم " الدش " إلى أن جعلته إرباً إرباً كما فعل الخليل بأصنام قومه ، في البداية قامت أمي بتوبيخي على هذا الصنيع خوفاً عليّ من أخي ، لكنني ووالله لم ينتابني الخوف للحظة واحدة ، ولم أصدق أن أمي تقابل صنيعي بالتوبيخ ، إذن من لي غيرها بعد الله يقف معي ؟! أقام إخوتي الدنيا وأقعدوها عندما علموا بالأمر وكان أشدهم غضباً أخي هذا فقام بتمزيق كتبي ومذكراتي وأنا في الكلية ، ولكنني قابلت الأمر ببرود لأنني أعذره بفعله هذا وقام بضربي ، هذا غير السيل الهادر من الألفاظ والكلمات التي انهالت عليّ منهم جميعاً ، لكنني صمدت ولم يقف بجانبي سوى زوجة أخي هذا وأختي الكبرى فقط ، ألهذا الحد قد فعلت جريمة شنعاء ليفعلوا هذا بي ؟ ألا يعلمون أنني قد خلصتهم من شبح قضى على حسناتهم ، وجعلهم يتخبطون بمعاصيهم ليل نهار ، وإلى الآن والحرب ثائرة ، حتى إنهم اتهموني بمرض الوسواس والجنون هذا مع ألفاظ السخرية والاستهزاء التي يرمون بها عليّ ، حتى إن أخي قال لي يوماً : ( إنني أعذرك لأنك مريضة ) .
هل الذي يسلك طريق الاستقامة والالتزام مجنون ومريض ؟
هل الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر متطفل ومصاب بالوسواس ؟
لكنني رغم كل هذا الاضطهاد صادمة صابرة ، وبعد هذا الانتصار أي يعد تحطيمي للدش ، وبعد أن انزاح هذا الهم ، ويعد مضي خمسة أشهر على تحطيمه فوجئت بأخي وهو يدخل بواحد غيره في المنزل ويقول لي " هل إذا كسرت هذا الدش سأعجز عن الإتيان بغيره "
قولوا لي بالله عليكم ماذا أفعل ، ماذا أفعل للانتصار في هذه الحرب الطاحنة بيني وبين إخوتي هداهم الله .
أختكم المضطهدة مريم / القصيم
------------------------------------
[size=16]تعليق المحرر :
ابتداءً نحيي فيك القوة في الحق والغضب لانتهاك محارم الله في وقت تنازل الكثيرون عن ذلك حتى في بيوتهم
لكننا في الوقت نفسه نتحفظ على طريقة معالجتك المشكلة مع أخيك ، وعلى وصفك لبيته أنه قد نسج الضلال أعشاشه ، رغم أننا لا نعرف حقيقة ما يجري في البيت .
فطريق الاستقامة أختنا الفاضلة ينقل الناس من المنكر إلى المعروف ومن شؤم المعصية إلى لذة الطاعة ، بعد أن يفتح أنوار الإيمان على قلوبهم ، ولا يصنع أبداً جواً من العداوة أو (( الحرب الطاحنة )) خصوصاً مع الأرحام حتى ولو كان في غمار إنكار منكر .
مع إقرارنا بشرعية الإنكار باليد لمن يستطيع لكن بعد الإنكار باللسان وبالحسنى ، فهلاّ جربتِ ذلك ورأيت كيف تكون النتيجة ، ننصحك باستشارة من تثقين به وإعلامه بالتفاصيل ، ونحن بانتظار رسالة قادمة تخبرينا فيها بأن أخاك أخرج " الدش " بيده – بإذن الله - .
ابتداءً نحيي فيك القوة في الحق والغضب لانتهاك محارم الله في وقت تنازل الكثيرون عن ذلك حتى في بيوتهم
لكننا في الوقت نفسه نتحفظ على طريقة معالجتك المشكلة مع أخيك ، وعلى وصفك لبيته أنه قد نسج الضلال أعشاشه ، رغم أننا لا نعرف حقيقة ما يجري في البيت .
فطريق الاستقامة أختنا الفاضلة ينقل الناس من المنكر إلى المعروف ومن شؤم المعصية إلى لذة الطاعة ، بعد أن يفتح أنوار الإيمان على قلوبهم ، ولا يصنع أبداً جواً من العداوة أو (( الحرب الطاحنة )) خصوصاً مع الأرحام حتى ولو كان في غمار إنكار منكر .
مع إقرارنا بشرعية الإنكار باليد لمن يستطيع لكن بعد الإنكار باللسان وبالحسنى ، فهلاّ جربتِ ذلك ورأيت كيف تكون النتيجة ، ننصحك باستشارة من تثقين به وإعلامه بالتفاصيل ، ونحن بانتظار رسالة قادمة تخبرينا فيها بأن أخاك أخرج " الدش " بيده – بإذن الله - .
مجلة الأسرة العدد 58
42 - رقص وبكاء
نايف رشدان / جريدة الرياض :
عرضت إحدى القنوات الفضائية مشاهد لليهود في أرض فلسطين يعذبون أهلنا نساء ، ورجالاً بطريقة مؤلمة ، وبوحشية تنم عن حقد دفين ، ويقودون الشباب منهم إلى السجن ، ويسحبون بعضهم على الأرض
وفي الوقت نفسه عرضت قناة أخرى مشاهد يتراقص فيها الرجال بطريقة مخجلة
بين هذين المنظرين كانت القصيدة :
علام نشعّل الدنيا قصيدا *** ونحرق بين أضلعنا الوريدا
ويبكي يومُنا ألماً وقهراً *** ويضحك خصمنا طرباً وعيدا
ونشرب حرفنا غصصاً ودمعاً *** ويأبى حرفُنا أن يستزيدا
منانا في هوانٍ مستفيضٍ *** ترنمْ يا هوان فلن تبيدا
تحف بنا النوائب والمآسي *** ويطوينا الأذى بيداً وبيدا
وتسبقنا الدموع إلى الحنايا *** وتمطرنا الخطوب أسىً مديدا
ونشكو للجوامد كلَّ همًّ *** وما نلقى منىً إلا الصدودا
كأنا قد خُلقنا للرزايا *** كُسينا من مغازلها جلودا
كأنا قد لقينا العمر خصماً *** فكان الحزنُ صاحبنا الوحيدا
ونسأل عن أمانينا بشجوٍ *** كأنا أتعسُ الدنيا جدودا
فمن أفنى ثغور السعد فينا *** ومن غال البلابل والنشيدا
ومن أغرى بمجلسنا نحيباً *** ومن أبكى بسفرتنا الثريدا
كأنا بالنحيب نعيد مجداً *** كأنا بالبكاء نقيم عودا
كأنا بالتشكي قد بلغنا *** وأوفينا المواثق والعهودا
كأنا بالتوجع قد هتفنا *** لنجلي من مُقَدَّسنا يهودا
***
تغنوا يا بني قومي غناء *** يداعب صوتُه العذبُ البليدا
فهاتِ الناي واضرب كل دفًّ *** وسيّلْ في مواجعنا الجليدا
وناغ من المشاعر كلَّ ركنٍ *** وحرَّك في دواخلنا الجمودا
لأن حياتنا في كل لهوٍ *** لأن الليل يألفنا عبيدا
لأن جمالنا في أن نغني *** وننسى أن في يدنا القيودا
وننسى أن مسجدنا جريحٌ *** وأن أخاً لنا طعناً أبيدا
وأن نساء أمتنا سبايا *** وأن شبابنا للسجن قيدا
فإنا لن نضيع إذا جهلنا *** لأن لنا عن الباغي حدودا
فتلك ضُلوعنا أوتارُ عودٍ *** نهزُّ له المناكب والقدودا
وأم القوم قيثارٌ تدلى *** تهدهدُ بين أضلعِنا الوليدا
سيهربُ كلُّ من يغزو حِمانا *** إذا كانت معازفنا شهودا
ستأتينا الفتوح إذا طربنا *** وألهبْنا الحناجر والخدودا
42 - رقص وبكاء
نايف رشدان / جريدة الرياض :
عرضت إحدى القنوات الفضائية مشاهد لليهود في أرض فلسطين يعذبون أهلنا نساء ، ورجالاً بطريقة مؤلمة ، وبوحشية تنم عن حقد دفين ، ويقودون الشباب منهم إلى السجن ، ويسحبون بعضهم على الأرض
وفي الوقت نفسه عرضت قناة أخرى مشاهد يتراقص فيها الرجال بطريقة مخجلة
بين هذين المنظرين كانت القصيدة :
علام نشعّل الدنيا قصيدا *** ونحرق بين أضلعنا الوريدا
ويبكي يومُنا ألماً وقهراً *** ويضحك خصمنا طرباً وعيدا
ونشرب حرفنا غصصاً ودمعاً *** ويأبى حرفُنا أن يستزيدا
منانا في هوانٍ مستفيضٍ *** ترنمْ يا هوان فلن تبيدا
تحف بنا النوائب والمآسي *** ويطوينا الأذى بيداً وبيدا
وتسبقنا الدموع إلى الحنايا *** وتمطرنا الخطوب أسىً مديدا
ونشكو للجوامد كلَّ همًّ *** وما نلقى منىً إلا الصدودا
كأنا قد خُلقنا للرزايا *** كُسينا من مغازلها جلودا
كأنا قد لقينا العمر خصماً *** فكان الحزنُ صاحبنا الوحيدا
ونسأل عن أمانينا بشجوٍ *** كأنا أتعسُ الدنيا جدودا
فمن أفنى ثغور السعد فينا *** ومن غال البلابل والنشيدا
ومن أغرى بمجلسنا نحيباً *** ومن أبكى بسفرتنا الثريدا
كأنا بالنحيب نعيد مجداً *** كأنا بالبكاء نقيم عودا
كأنا بالتشكي قد بلغنا *** وأوفينا المواثق والعهودا
كأنا بالتوجع قد هتفنا *** لنجلي من مُقَدَّسنا يهودا
***
تغنوا يا بني قومي غناء *** يداعب صوتُه العذبُ البليدا
فهاتِ الناي واضرب كل دفًّ *** وسيّلْ في مواجعنا الجليدا
وناغ من المشاعر كلَّ ركنٍ *** وحرَّك في دواخلنا الجمودا
لأن حياتنا في كل لهوٍ *** لأن الليل يألفنا عبيدا
لأن جمالنا في أن نغني *** وننسى أن في يدنا القيودا
وننسى أن مسجدنا جريحٌ *** وأن أخاً لنا طعناً أبيدا
وأن نساء أمتنا سبايا *** وأن شبابنا للسجن قيدا
فإنا لن نضيع إذا جهلنا *** لأن لنا عن الباغي حدودا
فتلك ضُلوعنا أوتارُ عودٍ *** نهزُّ له المناكب والقدودا
وأم القوم قيثارٌ تدلى *** تهدهدُ بين أضلعِنا الوليدا
سيهربُ كلُّ من يغزو حِمانا *** إذا كانت معازفنا شهودا
ستأتينا الفتوح إذا طربنا *** وألهبْنا الحناجر والخدودا
43 - معهد صهيوني أمريكي يتتبع الفضائيات العربية
[/size]مفكرة الإسلام 17 جمادى الأولي 1425هـ :
قالت مصادر صحفية:[size=16] إن معهد الشرق الأوسط لأبحاث الإعلام 'ميمري' افتتح خدمة جديدة تضاف إلى أنشطة المعهد الذي يترأسه عقيد سابق في الجيش الصهيوني ومقره واشنطن, والمتخصص في متابعة الإعلام العربي والإسلامي, وتزويد الإعلام والساسة الغربيين, ولاسيما الأمريكيين بما يقال ضدهم أو ضد الصهاينة في مختلف وسائل الأعلام العربية والإسلامية.
والخدمة الجديدة تتمثل في مراقبة محطات التلفزة العربية والإسلامية وتسجيلها وترجمتها وتوفير أشرطة وتسجيلات عالية الجودة لما تبثه تلك المحطات.
والخدمة الجديدة تتمثل في مراقبة محطات التلفزة العربية والإسلامية وتسجيلها وترجمتها وتوفير أشرطة وتسجيلات عالية الجودة لما تبثه تلك المحطات.
[size=9][size=16]و قالت صحيفة الخليج الإماراتية : إنه سيتم بيع هذه الخدمات لوسائل الإعلام الغربية لكي تستخدمها للعرض على الرأي العام الأوروبي والأمريكي.
[/size][/size][/size]وخصصت 'ميمري' فريق عمل لمتابعة قائمة طويلة ضمت عددًا من محطات التلفزة العربية والإسلامية على مدى ست عشرة ساعة يوميًا تترجم محتوياتها على الهواء مباشرة للقفز على حاجز اللغة, كما تقول 'ميمري'.
وسيركز فريق العمل على البرامج السياسية والنشرات والبرامج الدينية.
ومن المحطات التي ستتم متابعتها فضائيات العربية, ودبي, والمجد, والقناة الأولى المصرية, ودريم 2 المصرية, والفضائية الفلسطينية, والمنار, وإم.بي.سي, والجزيرة, واقرأ, والقناة الأولى السعودية, والتليفزيون السوري.
وبدأت 'ميمري' نشاطها ببث وتوزيع مقتطفات من خطبة صلاة الجمعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة التي ألقاها الشيخ سعود الشريم.
ويعتبر مراقبون أن 'ميمري' المتخصصة فيما يعرف بالتضليل الإعلامي بهذه الخطوة تكون قد أضافت المزيد من الدعم لأنشطتها التي يعتقد كثيرون أنها تأتي بدعم مباشر من الموساد, وذلك بهدف توسيع الفجوة وإشاعة مشاعر الكراهية والخلاف بين العرب والمسلمين من جهة والعالم والرأي العام الغربي من الجهة الأخرى.
وطالب هؤلاء المراقبون محطات التلفزة العربية بمقاضاة 'ميمري' لاعتدائها على حقوق الملكية الفكرية لتلك القنوات بإقدامها على تسجيل برامج هذه القنوات وبيعها ما يعتبر اعتداءً صارخًا على قوانين الملكية الفكرية الدولية,,.
44 - صور رخيصة في الفضائيات
[center][center]مجلة الجزيرة العدد : 82
ت.ب : الصور الرخيصة لجسد المرأة تحاصرنا في كل مكان باسم الفن وباسم الغناء.. أينما فتحت قناة فضائية أملاً في أن تشاهد ما يشرح صدرك هنا وهناك.. تطالعك صورة غير محتشمة لفتاة عربية تتمايل ذات اليمين وذات الشمال.. يقولون إنها فنانة.. وتحت مسمى الفيديو كليب ترتكب الفنانات العار الذي لا تستطيع أن تمارسه أمام أقرب الأقربين، فكيف ترضى الفنانة لنفسها أن تلبس ملابس أقل حشمة من ملابس النوم أمام ملايين المشاهدين وتدعي في ذات الوقت أنها فنانة.. وإذا تحدث أحد منتقداً هذا السلوك الجنوني قالوا إنها الحرية، وموضة الفن، فنحن في عصر السرعة.. وعصر الحداثة وعصر العولمة.. وكلها كلمات تنال من التراث والحضارة والثقافة وتهدمها هدماً عياناً بياناً.
ما نعرفه عن مفهوم الفن أنه إبداع يرتقي بالذوق الاجتماعي والفهم الاجتماعي ويناقش قضايا الأمة من خلال الكلمة والنص وربما اللحن الجميل.. ويقودك لترى من الواقع ما لا تستطيع أن تراه بمفردك.. لكن ما يحدث في الفضائيات من أغاني لفيديو كليب هو الانحطاط بعينه.، لأنه يهبط بالذوق العام ويتردى به إلى أسفل سافلين، ويغيب المعنى الحقيقي لكلمة فنان، ويجعل هذا السلوك مجرد حركات إثارة تظهر من خلالها المرأة جسدها عبر الكاميرات لينظر إليها الناس، وهي ترتدي من الثياب ما يشف أكثر مما يستر، وتدعي الفن، أو بالأحرى يدعي من يخدعها بذلك أنها تمارس فناً يعجب الجمهور.
هذه الظاهرة التي باتت تنتشر بسرعة، وتسمم شاشات الفضائيات، للأسف تجد التشجيع من الشركات الفنية التي تبحث عن الربح ولا وزن لديها للقيم، والفن الأصيل أو العادات أو التقاليد.. وهذا لا يمنع قيام نقاشات وحوارات تسعى في اتجاه ترسيخ الفن العربي الراقي الذي تتكامل أدواته من نصوص قوية، وألحان جيدة وأداء يمزج كل عناصر الأغنية العربية ليخاطب المشاهد العربي بلغة الإبداع والفن الحقيقي، وليس بلغة الصور المثيرة والجسد العاري والرقص الرخيص.. الخالي من كل دلالات الفن.
[center][center]مجلة الجزيرة العدد : 82
ت.ب : الصور الرخيصة لجسد المرأة تحاصرنا في كل مكان باسم الفن وباسم الغناء.. أينما فتحت قناة فضائية أملاً في أن تشاهد ما يشرح صدرك هنا وهناك.. تطالعك صورة غير محتشمة لفتاة عربية تتمايل ذات اليمين وذات الشمال.. يقولون إنها فنانة.. وتحت مسمى الفيديو كليب ترتكب الفنانات العار الذي لا تستطيع أن تمارسه أمام أقرب الأقربين، فكيف ترضى الفنانة لنفسها أن تلبس ملابس أقل حشمة من ملابس النوم أمام ملايين المشاهدين وتدعي في ذات الوقت أنها فنانة.. وإذا تحدث أحد منتقداً هذا السلوك الجنوني قالوا إنها الحرية، وموضة الفن، فنحن في عصر السرعة.. وعصر الحداثة وعصر العولمة.. وكلها كلمات تنال من التراث والحضارة والثقافة وتهدمها هدماً عياناً بياناً.
ما نعرفه عن مفهوم الفن أنه إبداع يرتقي بالذوق الاجتماعي والفهم الاجتماعي ويناقش قضايا الأمة من خلال الكلمة والنص وربما اللحن الجميل.. ويقودك لترى من الواقع ما لا تستطيع أن تراه بمفردك.. لكن ما يحدث في الفضائيات من أغاني لفيديو كليب هو الانحطاط بعينه.، لأنه يهبط بالذوق العام ويتردى به إلى أسفل سافلين، ويغيب المعنى الحقيقي لكلمة فنان، ويجعل هذا السلوك مجرد حركات إثارة تظهر من خلالها المرأة جسدها عبر الكاميرات لينظر إليها الناس، وهي ترتدي من الثياب ما يشف أكثر مما يستر، وتدعي الفن، أو بالأحرى يدعي من يخدعها بذلك أنها تمارس فناً يعجب الجمهور.
هذه الظاهرة التي باتت تنتشر بسرعة، وتسمم شاشات الفضائيات، للأسف تجد التشجيع من الشركات الفنية التي تبحث عن الربح ولا وزن لديها للقيم، والفن الأصيل أو العادات أو التقاليد.. وهذا لا يمنع قيام نقاشات وحوارات تسعى في اتجاه ترسيخ الفن العربي الراقي الذي تتكامل أدواته من نصوص قوية، وألحان جيدة وأداء يمزج كل عناصر الأغنية العربية ليخاطب المشاهد العربي بلغة الإبداع والفن الحقيقي، وليس بلغة الصور المثيرة والجسد العاري والرقص الرخيص.. الخالي من كل دلالات الفن.
45 - الفضائيات أفسدت أطفال العرب
تحقيق: محمد عبد الحميد
أسهمت برامج الأطفال في القنوات الفضائية العربية في إفساد ذوقهم العام من خلال ما تقدمه تلك الفضائيات من إعلانات غير ملائمة وأفلام كارتون تحضّ على الجريمة كالسرقة والكذب والاستهتار بالقيم. هذه هي حقيقة أكدتها دراسة حديثة قام بها خبراء بالمجلس العربي للطفولة والتنمية على شريحة من الأطفال في المنطقة العربية.
نوّهت تلك الدراسة إلى أهمية الدور الذي يلعبه التلفزيون في تثقيف وتوسيع مدارك الطفل من خلال نقل المعارف والخبرات عبر البرامج الهادفة المختلفة، لكن هناك العديد من السلبيات التي تؤثر على الناحية التربوية للطفل، منها زيادة نوعية البرامج التي تحتوي على مشاهد العنف.
كما أشارت إلى أن القنوات الفضائية بسيطرتها وهيمنتها على قطاع كبير من المشاهدين أصبحت بمرور الوقت أشبه بالأسرى، مما أضعف التواصل والعلاقات الأسرية خاصة بين الأطفال وآبائهم.
واعتبرت الدراسة أن التنشئة التلفزيونية أثرت على الأطفال وحوّلتهم من نشطاء مندفعين راغبين في فهم الأشياء والشروع في العمل، إلى أطفال أكثر حذراً وسلبية لا يريدون التقدم واكتشاف ما حولهم.
واستشهد الخبراء في بحثهم بالعديد من الدراسات التربوية التي أجريت في العقد الأخير والتي كشفت عن وجود علاقة بين مشاهدة التلفزيون والتحصيل الدراسي، وأنه كلما زادت مشاهدة الأطفال للتلفزيون انخفض تحصيلهم الدراسي.
كما أشارت الدراسة إلى أن هناك دلائل تشير إلى أن مشاهدة التلفزيون لا تؤدي إلى تقليل وقت اللعب عند الأطفال فحسب، بل إنها أثرت في طبيعة لعب الأطفال، خاصة اللعب في المنـزل أو المدرسة.
وأكدت أنه على الرغم من دور التلفزيون في النمو الاجتماعي والثقافي للطفل فإنه قد يؤدي إلى نتيجة عكسية، ويجعل الطفل شخصية ضعيفة منفصلة عن مجتمعها إذا ما ركّز على عرض قيم وثقافات أخرى، كأفلام الكارتون المدبلجة، تؤثر على ذاتية الطفل الاجتماعية والثقافية.
وأوضحت الدراسة أن القنوات الفضائية أصبحت تشكل مدرسة موازية في نقل المعارف والعلوم، وأن عامل التكرار فيما تقدمه من برامج ليست هادفة تؤدي إلى تهميش ثقافة الطفل.
وأوصت الدراسة بأهمية بحث القائمين عن الإعلام العربي خاصة قنوات التلفزيون سواء الأرضية أم الفضائية عن برامج جذابة ومشوقة وهادفة قادرة على تحفيز الأطفال على المشاركة في أنشطة المجتمع وإتاحة الحرية لهم للتعبير عن أفكارهم وتنمية قدراتهم على النقد وتشجيعهم على المناقشة والتواصل مع آبائهم.
والتأكيد على أهمية أن تكمل تلك القنوات التلفزيونية الدور التربوي للآباء تجاه الأبناء من خلال حثّهم على احترام الحق في الاختلاف والتعدّد والتنوع والتسامح مع الآخرين، واحترام قيم المشاركة والحرية، وتحفيزهم على الاستفادة من تكنولوجيا العصر المتقدمة من حولهم.
من جانب آخر يؤكِّد خبير علم الاجتماع في المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أن مشاهدة التلفزيون تلعب دوراً مؤثراً في حياة الطفل، خاصة في فترة ما قبل المدرسة، وهو أشبه بسلاح ذو حدين، فالعديد من البرامج ليست ذات هدف، وأشار إلى خطورة أن يتجاهل الآباء دور التلفزيون في حياة أطفالهم، وأشار إلى ضرورة تدخل الآباء والقائمين على برامج القنوات الفضائية لوضع الأمور في نصابها الصحيح.
46 - وسائل الإعلام هل تهدد نظامنا القيمي والإجتماعي
د. محمد الحضيف :
حدثتني إحدى الأخوات الأكاديميات، عن طالبة عرضت على لجنة التأديب، بسبب قضية أخلاقية
قالت الأخت الفاضلة ، إن الطالبة عزت انحرافها السلوكي لمشاهدتها برنامجاً معيناً في التلفزيون
تقول الأخت : لم أستوعب أن يكون التلفزيون مسؤولاً عن انحراف أخلاقي بهذا الحجم
وتضيف : أرغمت نفسي على الجلوس أمام التلفزيون لمشاهدة البرنامج (أفلام مكسيكية مدبلجة) مع بنات قريبات لي.. في سن تلك الطالبة وأصغر.
كانت تجربة مخيفة، والكلام للأخت الكريمة لقد أحسست وأنا المرأة الناضجة بالأثر التدميري الذي تحدثه هذه البرامج في أنساق سلوكية قطعية
الفكرة الرئيسية للبرنامج التي كانت تبرز لي وأنا منهمكة في المتابعة، هي: تطبيع (العلاقات المحرمة) بين الرجاء والنساء
الفكرة الثانية التي تأتي بعدها في ترتيب (مدروس) أن هذه العلاقات أمر (عادي) يمر به كل مراهق ومراهقة
وأنها مرتبطة بفترة معينة.. وأنها يمكن أن تنسى (...).
تمتلك وسائل الإعلام من خلال ما تبثه القدرة على تغيير نظرة الناس إلى الحياة وإلى العالم من حولهم، من خلال تغيير مواقفهم تجاه الأشخاص والقضايا، فيتغير بالتالي، حكمهم عليها، وموقفهم منها، فمثلاً: حينما تمطرنا وسائل الإعلام الغربية بعشرات المواضيع الإعلامية، المقروءة، والمسموعة عن (السودان الأصولي)، الذي (ينتهك) حقوق الإنسان، ويرعى الإرهاب.. تكون النتيجة أن القارئ الساذج والمستمع السطحي يغير موقفه من السودان، فيصبح السودان المسلم.. خطراً يهدد الأمن الإقليمي، وتصبح عصابات جون قرنق الصليبي المتمردة اسمها (الجيش الشعبي لتحرير السودان).
تغيير المواقف والاتجاهات، لا يقتصر على الموقف من الأفراد والقضايا، بل يشمل القيم وبعض أنماط السلوك، وهو ما بدا واضحاً في سلوك الطالبة التي وردت قصتها قبل قليل، فكثيرا ما قبل الناس، وتعاملوا بلا مبالاة، مع سلوك كانوا يأنفونه ويشمئزون منه، وكثيراً أيضاً ما تخلى الناس عن قيم كانت راسخة، واستبدلوا بها قيماً دخيلة، كانت موضع استهجان فيما سبق.
إن (المتغير) الذي دخل حياتنا، وأحدث خللاً في منظومة القيم التي تحكم علاقاتنا تجاه الآخرين (أقاربنا، جيراننا.. بقية أفراد المجتمع)، وتحكم كذلك رؤيتنا للأمور (حلال، حرام، عيب، شرف، عرض) ليس الساقط، وما أدى إليه من وفرة مادية، ولا اقتناءنا للسيارات والأجهزة الإلكترونية المعقدة، وغيرها من منتجات الحضارة الحديثة، إن تعرض منظومتنا القيمية والأخلاقية لسيل لا ينقطع من المفاهيم، والتصورات المضادة والقيم المتناقضة والثقافات (الأخرى) عبر (مصادر) معلومات متعددة، في مقدمتها وسائل الإعلام هو الذي أحدث الخلخلة التي نراها في النظام الأخلاقي والسلوك العام لمجتمعنا.
إن المسألة ليست (هشاشة) ثقافتنا، وقابليتها للاختراق، ولا ضعف (مناعة) نظامنا القيمي ضد الثقافات والأفكار الأخرى، إننا أمام واقع استهدفت فيه مجتمعاتنا في أَضعف حلقاتها.. أطفالها وشبابها وفتياتها، إن سياسة (تجفيف المنابع) في بعض البلاد العربية والإسلامية، وحملات الإثارة الغرائزية والشهوانية التي تقودها (الفضائيات) إضافة إلى انحسار الدور التربوي للبيت، ومؤسسات المجتمع التربوية الأخرى، وعجزها عن تحصين الأطفال والشباب أدى إلى هذا السقوط الأخلاقي الذي نشهده والخلخلة التي تهدد نظامنا القيمي والاجتماعي.
في عملية تغير الموقف والاتجاه سواء على مستوى الأشخاص والقضايا أو على مستوى القيم والسلوك، يبقى الإعلام عاملاً مؤثراً ورئيساً في عملية التحول تلك، فمن خلال الرسائل الإعلامية (المعلومات) الصحيحة، أو المشبوهة، أو حتى المكذوبة، التي تقدمها وسائل الإعلام يشكل الفرد من الجمهور موقفه،
إن الإنسان أياً كان لا بد أن يكون له حكمه الخاص على كل ما يصادفه في بيئته، من أفراد أو قضايا أو سلوك، هذا الحكم تشكل لديه على أساس من المعلومات المتوفرة لديه، ألسنا في طفولتنا نحكم على الأشياء (صواب أو خطأ) من خلال (المعلومات) التي يوفرها لنا والدانا وكذلك يفعل أطفالنا انطلاقا من القاعدة نفسها، إن وسائل الإعلام بما تبثه من كم هائل من الرسائل الإعلامية (معلومات)،
وسعت مساحة نفوذها في عقول أبنائنا وبناتنا على حساب (المعلومات) التي نوفرها نحن لهم، كما أن وسائل الإعلام نفسها استحوذت على الجزء الأعظم من مصادر المعلومات التي نستقي منها فهمنا وبالتالي حكمنا على الأشياء.
إن وسائل الإعلام أًصبحت تؤثر في مواقفنا لأننا أصبحنا نتعرض لها وحدها بطريقة تشبه الإدمان، والنتيجة الطبيعية لحالة التلقي من (مصدر واحد) هي فهم الأمور والحكم عليها بطريقة واحدة من خلال وجهة نظر واحدة، إن وجهة النظر ذات البعد الواحد غالباً بل دائماً ما تكون ناقصة ومنحازة لذا فالاتجاه الذي يشكل لدينا حيال أمر ما بتأثير وسائل الإعلام يحمل السمات نفسها.. أي أنه ليس دائماً صواباً.
التغيير المعرفي Cognitive Change الذي تحدثه وسائل الإعلام في الجمهور أعم وأشمل من تغيير الموقف أو الاتجاه Attitude Change.
المعرفة في أبسط تعريف لها هي (مجموع المعلومات) التي لدى الفرد وتشمل الاعتقادات والمواقف والآراء والسلوك، المعرفة بوضعها هذا، أعمق أثراً في حياة الإنسان، إن التغيير في المواقف طارئ وعارض سرعان ما يزول بزوال المؤثر فيعود كما كان سابقاً، أو ربما ينحى منحى إيجابياً عكس ما كان عليه.
أما التغيرالمعرفي فهو بعيد الجذور يمر بعملية تحول بطيئة تستغرق زمناً طويلاً. تؤثر وسائل الإعلام في التكوين المعرفي للأفراد، من خلال عملية التعرض الطويلة المدى لوسائل الإعلام كمصادر للمعلومات فتقوم باجتثاث الأصول المعرفية القائمة لمسألة أو لمجموعة من المسائل لدى الأفراد، وإحلال أصول معرفية جديدة بدلاً منها، إن تأثير وسائل الإعلام في طريقة تفكيرنا وأسلوب تقييمنا للأشياء من خلال ما نتلقاه منها من معلومات يؤدي إلى تحول في قناعاتنا وفي معتقداتنا، لأن العقائد حصيلة المعرفة التي اكتسبناها، أي إن عقيدتنا في شيء هي نتاج ما علمناه عن ذلك الشيء، فمثلاً: نحن نعرف الحلال والحرام وهذه عقيدة، من خلال العلم والمعرفة التي تعلمناها عن ذلك الحلال والحرام، لو سقنا مثالاً لشرح هذا المفهوم فإن دور المرأة في المجتمع وما لها وما عليها هو حصيلة ما عرفناه عن ذلك الدور من تعاليم ديننا، بمعنى آخر وضع المرأة كما رسمه الإسلام هو (التكوين المعرفي) الذي لدينا عن واقع المرأة في المجتمع المسلم.
في مثال المرأة، يحدث التغيير المعرفي، من خلال وسائل الإعلام، حينما تقوم تلك الوسائل بتقديم المرأة ضمن (إطار معرفي) مخالف للتكوين المعرفي الذي لدى الجمهور عن دور المرأة كما تعلموه وآمنوا به، تلجأ وسائل الإعلام في سبيل ذلك إلى استخدام قوالب جذابة، (تعرض) من خلالها المرأة فهي ناجحة لأنها متحررة من ضوابط القيم وهي محط الأنظار لأنها استغلت النواحي الجمالية في جسدها، وهي مشهورة، لأنه عرف عنها مقاومة الأعراف والتقاليد.. وهكذا تتم عملية التغيير المعرفي عبر عملية طويلة، تتنوع فيها جزئيات التكون المعرفي الجديدة التي يراد إحلالها محل المعرفة القديمة.
فهذه مسلسلة تصور العلاقة بين الرجل والمرأة، من خلال رؤية (عصرية) تبدو فيها (العلاقات المحرمة) نوعاً من المتعة العابرة
و(حق) من حقوق الحرية الشخصية، المسلسلات المكسيكية مثال، و(أنا لن أعيش في جلباب أبي) مثال آخر
وهذا مقال يتحدث عن (قصة نجاح) فتاة تغلبت على ظروفها، فتمردت على التقاليد وسافرت وحدها إلى أمريكا، حيث رجعت بأعلى
الشهادات، وقابلت هناك شخصاً فأحبته وتزوجته (...) ثم هناك خبر عن (إنجاز) نسائي، حيث حصدت النساء الألمانيات الميداليات الذهبية في مسابقات العدو للمسافات القصيرة والسباحة الحرة، بينما (فشل) الرجل في تحقيق أي شيء.
لا يخلو (المشهد) الطويل لعملية التغيير المعرفي (المقصودة) الذي تقدمه وسائل الإعلام من امرأة ترأس مجلس إدارة إحدى الشركات، وفتاة حافظت على (عفتها) وهي تعمل في بيئة مختلطة، وقاومت (تحرشات) بعض الرجال قليلي الأدب الذين لا تخلو حتى المجتمعات المحافظة منهم (...)
كما تغرس وسائل الإعلام ذلك في عقولنا.. وتؤكد لنا في كل مناسبة، أن العفة والأخلاق والحجاب (في القلب)، ولا علاقة لها بـ (المظهر) والسلوك (...)، وهكذا تتجمع (جزئيات المعرفة) الجديدة لوضع المرأة بين حياة عصرية، وتمرد على التقاليد وإنجازات (تفوقت) فيها على الرجال لتشكل إطاراً (معرفياً) جديداً، يحل شيئاً فشيئاً محل القديم.
ما سبق ليس إلا مثالاً يوضح كيف يحدث التغيير المعرفي عبر وسائل الإعلام، وإلا فالعملية أعقد من ذلك بكثير، إذ تتداخل فيها عوامل كثيرة، مثل شخصية الإنسان وبنيته الاجتماعية، وتشكيله الثقافي، ونفوذ قوى الضغط الاجتماعي المضادة في المجتمع.
وسائل الإعلام تستطيع أن تحدث تغيراً معرفياً لدى الجمهور متى استطاعت أن توظف العوامل السابقة، وتوجهها في إيقاع واحد متناغم، يعجل بالتغيير المعرفي المنشود، حسب الاتجاه الذي تريده.. ضد ما هو قائم ومناقض له.. ومع ما هو قائم وداعم له.
47 - انتشار"مقاهي الفضائيات" بالسعودية
الرياض-(ا ف ب)-وكالات 6 ديسمبر 1999م
يعيش بعض السعوديين تناقضًا بين موجة غربية تتسلل إلى المجتمع السعودي وبين القوانين الإسلامية في المملكة؛ حيث يمضي البعض سهراتهم أمام قنوات تقدم لهم أجمل نساء العالم، لكن فقط على شاشات التلفزيون، في حين يكون الآخرون في المساجد ودروس العلم والزيارات العائلية.
ويفضل البعض تمضية سهراتهم أمام شاشات الفضائيات التي تبّث المسلسلات الأميركية مثل "باي واتش" الذي تدور أحداثه على الشواطئ الأميركية، وتظهر فيه الممثلات بالمايوه، أو الحفلات الموسيقية التي تحييها مغنيات، ومسابقات تظهر فيها ملكات الجمال.
وفي المقابل يجتمع الكثيرون لمشاهدة قناة الجزيرة الإخبارية السياسية ذات البرامج الجادة والمثيرة حيث يتناقشون حول قضايا المسلمين المشتعلة مثل الشيشان وغيرها.
وتلقى هذه المحطات الفضائية إقبالاً كبيرًا، حتى إنه يظهر نوع جديد من المقاهي وضع على كل طاولة فيها آلة تحكم بالتلفزيونات لإفساح المجال أمام الزبائن لاختيار برنامجهم المفضل بحرية.
وخشية من أن تؤثر هذه المقاهي على سكون الحياة الليلية في الرياض سمحت السلطات السعودية بإقامتها فقط في ضواحي العاصمة، وخصوصا في منطقة "الثمامة" على بعد نصف ساعة من الوسط التجاري.
وتشهد هذه المقاهي التي أطلق عليها اسم "مقاهي الشيشة" نسبة إلى "النرجيلة" إقبالاً كثيفًا لدى السعوديين، وكل منها يمتد على مساحة آلاف الأمتار المربعة، وهناك سبعة مقاهٍ على سبيل المثال في "الثمامة" وحدها، بعضها يستوعب 400 شخص وأمامهم 250 شاشة تلفزيون، وهو يشهد إقبالاً شديدًا مساء الخميس عند بدء عطلة نهاية الأسبوع في الخليج.
وبإمكان رواد المقهى أن يختاروا بين الجلوس على وسائد وفق الطريقة البدوية، أو على كراسي خشبية عالية مثل طريقة الحجاز، أو البرك الرخامية على الط