Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

عــلوم ، دين ـ قرآن ، حج ، بحوث ، دراسات أقســام علمية و ترفيهية .


    الأسطورة.. قصة قصيرة حصري ..

    avatar
    GODOF
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 10329
    نقــــاط التمـــيز : 60756
    تاريخ التسجيل : 08/04/2009
    العمر : 32

    الأسطورة.. قصة قصيرة  حصري .. Empty الأسطورة.. قصة قصيرة حصري ..

    مُساهمة من طرف GODOF الأربعاء 30 سبتمبر - 17:21



    قصة قصيرة..

    الأسطورة..



    شق طريقه بين حقول الزيتون قاصدا ذلك المكان الموحش النائي.. كان يقتلع قدميه بصعوبة من الأرضية المبتهجة بمياه المطر ففاجأته بالوقوف أمامه وبادرته بالسؤال: ـ لعلك بطل المقاومة؟

    رد في ارتباك:

    ـ من؟

    قلت مندفعا:

    ـ البطل الذي لا يهاب الموت..

    تأملني في فتور وهو يغمغم:

    ـ دعني وشأني.. يكفيني ما بي..

    قلت بلهفة:

    ـ ولكنك البطل الذي أرعب اليهود..

    أشاح بوجهه وهو يغمغم:

    ـ ما ترى مجرد خيال أنهكته السنون.. إن الرجل الذي تتحدث عنه مات يوم دبت الفرقة بيننا.. إنه.. إنه..

    أغلق فمه وهو يرتجف كعصفور عبثت به الريح في يوم مطير فقلت مخففا من حدة الموقف:

    ـ سيأتي الله بالفرج قريبا..

    غمغم بصوت مبحوح:

    ـ إنه على كل شيء قدير..

    قلت:

    ـ أريد أن أسمع منك القصة..

    غمغم:

    ـ أية قصة؟

    ـ قصة المقاومة.. قصة الإتحاد.. قصتك..

    ألقى علي نظرة حائرة فهتفت محاولا دفعه إلى الحديث:

    ـ كنا أعزاء يوم كنا شيئا واحدا..

    تهللت أساريره عن ابتسامة صدئة وهو يستذكر مغامراته الضائعة وردد بلهفة العجوز الذي تذكر أجمل ذكريات شبابه:

    ـ كانت أياما لا تنسى..

    داعبتني قشعريرة خفية ترجمت سعادتي بقبوله للحديث فقد بدأت أساريره تنفرج عن الحقيقة فغاص في أعماقه مستخرجا أصداف النصر المتلألئة.. كان في الجوار منزلا مهجورا فأمسكت بيده وجذبته إليه فمشى معي في استكانة تخط رجلاه شواهد قصتهما على الأرضية المبللة.. كانت الشمس على وشك الغروب فألقت بظلالها الناعسة على المكان مجبرة أهله على السكون.. تأملت وجهه الشاحب فأحسست أنه لم يعرف الخنوع..

    وصلنا بعد مشقة إلى المكان.. كان الظلام يلبس الكون ستاره الكثيف فقلت مبتسما:

    ـ لنتحدث في هذه الخربة.. أريد أن أسمع منك القصة بأكملها.. أريد أن أعرف سبب إطلاق لقب الأسطورة عليك..

    خيل إلي أن شبح ابتسامة يتراقص على شفتيه المتقلصتين وهو يتمتم:

    ـ كنا فقط نقاتل في سبيل الله..

    كان منزلا قديما هجره الأحياء بدا من مظهره أنه لا يزال يتعرض لسخط الإسرائيليين.. أمسك بيدي وقادني إلى حجرة متهدمة جهزت لتكون مأوى للتشرد.. أخرج عود ثقاب من جيبه ومرره على الحائط قبل أن يمسح بناره فتيل شمعة متهالكة أوشكت على الاندثار.. همست لنفسي:

    ـ لعلي جذبته إلى عشه..

    هتفت بمرح محاولا تبديد عفونة المكان:

    ـ لا يمكنك تخيل المشقة التي تكبدتها في سبيل العثور عليك..

    ازداد صمنا حتى خلته حجرا من أحجار المكان فقلت محاولا بث الروح فيه:

    ـ ما كان ينبغي أن تتوارى عن الناس..

    ازداد غوصا في بحر صمته فقلت:

    ـ إنهم يتهمونك بالجنون..

    ألقى علي نظرة شاردة وقال:

    ـ هم أحرار في اتهاماتهم..

    كان واضحا أن ما يطربه هو الحديث عن المقاومة فهتفت:

    ـ كيف انتصرتم وانتم بلا عتاد..

    أجابني في حماس:

    ـ طلبنا الجنة فلم نبالي بأحد..

    الجنة.. ليت كل بان في هذه الدنيا يضع نصب عينيه قصورها..

    داعبت سحنة عابرة من الطمأنينة وجهه فواصل قائلا:

    ـ وقفنا وقفة رجل واحد في وجه الاستعمار فتلاشى جبروته أمام عزيمتنا.. توكلنا على الله فنصرنا..

    همست لنفسي وأنا أستحضر عظمة ذلك الاسم:

    ـ الله.. ما أعظمه من اسم وما أعز من فقه عظمة صاحبه..

    ابتسمت ابتسامة طفل أطربه ما يسمع فواصل بحماس:

    ـ أرغمنا العدو على أن يحسب لنا ألف حساب..

    بدد الواقع أحلامي فقلت بحسرة:

    ـ ومتى عرف الوهن طريقه إليكم..

    كانت إحدى نوافذ الحجرة تطل على الخارج فازداد حملقة في الظلام حتى خيل إلي أنه يناديه وهو يردد كالحالم:

    ـ هزمنا يوم عميت بصائرنا فأعمت أبصارنا..

    قلت في أسف وحسرة:

    ـ يوم أطاح الخلاف بالإتحاد بعيدا..

    كنت اعلم أن له قصة مع ذلك الخلاف فهمست وأنا اخشي نكأ جرحه القديم:

    ـ وماذا عن صغيرتك؟

    انحدرت دمعة ساخنة على خده استقرت في ألم بين فخذيه وغمغم في مرارة:

    ـ لم أتوقع أن تأتي الأذية من إخوتي..

    ألقيت عليه نظرة مشفقة وأنا أستجدي الحديث فغمغم:

    ـ كانت جميلة تتبعها ضحكتها الرنانة إلى كل مكان.. كانت مبتهجة بالحياة سعيدة ككل الأطفال.. فجأة دوى ذلك الانفجار وتلاشت كل الأحلام..

    أحسست بغصة وأنا أخفف عنه:

    ـ ربما كان أحد صواريخ العدو..

    غمغم بمرارة وهو يهز رأسه نفيا:

    ـ بل كان أحد صواريخنا..

    خيل إلي انه يبكي في صمت فقلت مواسيا:

    ـ ليكن إيمانك بالله كبيرا..

    رفع بصره الملبد بالغيوم وهتف:

    ـ المهم أن لا تضيع قدسنا..

    كانت الشجاعة بادية على وجهه الشاحب وكان جسده المثقل بالسنين ينبأ عن قوته الماضية.. وكان النعاس يداعب جفنيه بعد يوم مرير من الشقاء فتمدد على لوح خشبي غطته بضع وريقات من الجرائد فهتفت:

    ـ سننتصر إنشاء الله..

    ابتسم وهو يستسلم للنوم:

    ـ يجب أن ننتصر أولا على أنفسنا..

    استسلم للنوم كما استسلم قبله للضياع.. ألقيت عليه نظرة مودعة وأنا أغادر المكان.. عما قريب سيصبح نسيا منسيا كما أصبحت همتنا..


      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 2 مايو - 8:31