بحث حول
الشيخ محمد بن عبدالوهاب
وحركته المجدده
إعداد
أبو أيوب
المقدمة
الحمدلله الذي نصر عبده واعز جنده وهزم الأحزاب وحده وصلى الله على محمد وأله وصحبه, أما بعد
فإن الحديث عن المصلحين وأئمة الدين لا يبلى مهما تعدد , ولا يمل مهما تردد , لأن الحديث عنهم معين ثري , يستطيبه
الكاتب والمتحدث , كما يولع به المتقى والسامع .
وإمامنا محمد بن عبدالوهاب اجزل الله له الثواب تعددت الكتابات عنه ولكنها سير في أثر , والتجدد فيها فكر ولفظا لم يتح , ولهذا بقيت الأجيال محتاجة , إلى تجديد وتقريب وتواقة .
ودعوة الإمام ( التى هي دعوة الإسلام , دعوة السلف الصالح )
يمكن أن يتحدث عنها المؤرخ فيسهب , والأديب فيطنب , والعالم فيؤسس , والمربي فيقرب , وغيرهم
صالح بن عبدالعزيز بن محمد أل الشيخ
الرياض 26/10/1419
حاولت جاهدا جمع سيرة الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب وأن آتي بجديد واجمع ما توفر لي من مواد في مصادر أو مذكرات أو مواقع على صفحات الإنترنت .
وقد حاولت عرض الموضوع بطريقة جديدة أتمنى أن تكون ميسره
وسهله للباحث والدارس في هذا الموضوع
وقد أرفقت مع البحث بعض ما توفر لي من صور لمدينة الشيخ ومسجده ونبذة عن المواقع التى زارها ومدى التأثير الذي أحدثه
وأقوال بعض الكتاب والعلماء والمؤرخين عنه .
دون التطرق قدر الإمكان للادعاءات التى أثيرت حول الشيخ ودعوته , والظاهر لي ولكثير غيري أن الشيخ محمد رحمه الله لم يأتي بجديد بل حاول نزع الشوائب والخرافات والشركيات عن الدين الإسلامي وإعادته لسابق عهده على منهج كتاب الله عز وجل وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام وأقوال السلف الصالح .
وهناك عدت أسماء لقبت بها دعوة الشيخ من قبل خصومه ومن أمثلتها ( الوهابية أو الموحدون) وغيرهم الكثير
حالة العالم الإسلامي الدينية بشكل عام ونجد بشكل خاص عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
ساد في العالم الاسلامي قبيل ظهور حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
أنواع وبدع و شركيات كثيرة وانحرف الناس عن كثير من أصول الدين والعقيدة وسنذكر بعضها :
مجال العقيدة :
نشأ الشرك وغلب على الناس تصورات كثيرة أبرزها الدعاء و طلب الحاجات من غير الله ومنها عبادة الأضرحة والقباب والتوسل بالمشايخ والصالحين أحياء وأموات , وانتشرت البدع و العادات والتقاليد التى حرمها الإسلام وغلبت الطرق الصوفية التي أصبحت المرجع الأساسي عن هؤلاء الناس في أمور الدين .
يصور الشيخ سليمان بن سحمان هذه الحالة في نجد بقوله (قد خلع الناس ربقة التوحيد والدين , وجدوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله تعالى من الأولياء والصالحين والأصنام والأوثان والشياطين))
و((كثير منهم يعتقد النفع في الأحجار والجمادات , ويتبركون بالأشجار , ويرجون منها القبول في جميع الأوقات(1) .
ففي مصر: بلد الأزهر رفع الناس لواء العبادات الوثنية والدعاوى الفرعونية وقامت دولة الأدعياء الدراويش .(2)
وفي الحجاز : أصبح الدعاء عند القبور من الأمور المألوفة عند الكثير من الناس. فيما يفعل عند قبر خديجة في المعلاة وعند قبة أبي طالب ومن استغاثة وطلب شفاعة شيء تهول له النفوس , وفي اليمن يوجد قبور يتبرك بها العوام وفي الحديدة وحضر موت ويافع.. وفي الشام توجد قبور في دمشق وحلب وأقصى الشام يتبرك بها.وفي العراق قبر أبي حنيفة , ومعروف الكرخي, وكذلك ما يفعله الناس عند مشهد قبر على ابن أبي طالب رضى الله عنه وفي النجف ومشهد قبر الحسين والكاضم في كربلاء. وهذه القبور وغيرها يأتيها الناس فيستغيثون بها ويسألونها قضاء حاجاتهم وتفريج كرباتهم . (3)
1- الشيخ سليمان بن سحمان, الضياء الشارق,القاهرة,مطبعة المنار, 1344ه,ص7.
2- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الشبهات التي أثيرت حول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب والرد عليها , إعداد عبد الكريم الخطيب,ج2,ص204.
3- حسين بن غنام , روضة الأفكار والافهام المرتاد حال الإمام وتعدد غزوات ذوي الإسلام , ج1, القاهرة , 1368ه , ص5-ص6.
ويصور الحالة التي وصل لها المسلمين إبان ظهور دعوة الشيخ الكاتب الأمريكي (لوتروب ستودارد ) بقوله : (( في القرن الثامن عشر كان العالم الإسلامي قد بلغ من التضعضع أعظم مبلغ , ومن التدني والانحطاط أعمق درك , فأربد جوه وطبعت الظلمة كل صقع من أصقاعه ورجا من أرجائه وانتشر فيه فساد الأخلاق والآداب , وتلاشى ما كان باقيا من أثار التهذيب العربي واستغرقت الأمم الإسلامية في اتباع الأهواء والشهوات وماتت الفضيلة في الناس , وساد الجهل , وانقلبت الحكومات الإسلامية إلى مطايا استبداد وفوضى واغتيال)) (1)
(( وأما الدين فقد غشيته غاشية سوداء , فألبست الوحدانية التي علمها صاحب الرسالة الناس سجفا من الخرافات وقشور الصوفية , دخلت المساجد من أرباب الصلوات وكثر عدد الأدعياء والجهلاء وطوائف الفقراء والمساكين يخرجون من مكان إلى مكان يحملون في أعناقهم التمام والتعاويذ والسبحات , ويهمون الناس بالباطل والشبهات ويرغبونهم في الحج إلى قبور الأولياء , ويزينون للناس التماس الشفاعة من دفناء القبور , وغابت عن الناس فضائل القرآن – فصار شرب الخمر والأفيون في كل مكان وانتشرت الرذائل وهتكت ستر الحرمات على غير خشية ولا استحياء , ونال مكة المكرمة والمدينة المنورة ما نال غيرهما من سائر مدن الإسلام , وعلى الجملة بدل المسلمون غير المسلمين وهبطوا مهبطا بعيد القرار فلو عاد صاحب الرسالة إلى الأرض في ذلك العصر ورأى ما كان يدعى الإسلام لغضب)) (2)
ويصور لنا ابن غنام الحالة التي وصلت إليها نجد قبل دعوة الشيخ محمد بقولة : ((فقد كان في بلدان نجد من ذلك أمر عظيم وهول مقيم , كان الناس يقصدون قبر زيد بن الخطاب في الجبيلة ويدعونه لتفريج الكرب , وكشف النوب , وقضاء الحاجان , وكانوا يزعمون أن في قرية في الدرعية قبور بعض الصحابة فعكقوا على عبادتها وصار أهلها أعظم في صدورهم من الله خوفا , ورهبة فتقربوا إليهم , وهم يعنون أنهم أسرع إلى تلبية حوائجهم من الله ......) . وكانوا يأتون إلى شعيب غبيرا من المنكر ما لا يعهد مثله يزعمون أن فيه قبر ضرار بن الأزور . وفي بلدة ( العفرا ) ذكر النخل المعروف ( بالفحال) يهذب إليه الرجال والنساء ويفعلون عنده المنكرات ما ينكره الدين , فالرجل الفقير يذهب إلى الفحال ليوسع له رزقه , والمريض يذهب إليه ليشفيه من المرض .
1- لوتروب ستودارد, حاضر العالم الإسلامي , ترجمة عجاج نويهض, وتعليق شكيب أرسلان , ج1,ص295.
2- المرجع السابق , ص 259.
والمرأة التي لم يتقدم لها خاطب تتوسل إليه في خضوع وتقول له : يا فحل الفحول ارزقني زوجا قبل الحول .
وكان هناك شجر تدعى شجرة الذئب يأمها النساء آلاتي يرزقن بمواليد ذكور ويعلقن عليها الخرق البالية لعل أولادهن يسلمون من الموت والحسد .
وكان في الخرج رجل يدعى ( تاج ) نهج الناس فيه سبيل الطواغيت فانهالت عليه النذر واعتقدوا فيه النفع والضرر وكانوا يذهرون للحج إليه أفواجا وينسجون حوله كثيرا من الأساطير والخرافات....)) (1)
ويلخص لنا الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن حال العصر الذي ظهر فيه الشيخ محمد بقوله :
((كان اهل عصره ومصره في تلك الأزمان قد اشتدت غربة الإسلام بينهم وعفت آثار الدين لديهم , وانهدمت قواعد الملة الحنيفية , وغلب على الأكثرين ما كان عليه آهل الجاهلية وانطمست أعلام الشريعة في ذلك الزمان , وغلب الجهل والتقليد والإعراض عن السنة و القرآن وشبه الصغير لا يعرف من الدين إلا ما كان عليه آهل تلك البلدان , وهرم الكبير على ما تلقاه من الأباء والأجداد , و أعلام الشريعة مطموسة , ونصوص التنزيل وأصول السنة فيما بينهم مدروسة , وطريق الأباء و الأسلاف مرفوعة الأعلام وأحاديث الكهان والطواغيت مقبول غير مردود ولا مدفوعة قد خلوا ربقة التوحيد والدين ودوا واجتهدوا في الاستغاثة والتعلق بغير الله من الأولياء والصالحين والأوثان والأصنام والشياطين , وعلمائهم ورؤساؤهم على ذلك مقبلون وببحر الأجاج شاربون به قد أغشتهم العوائد والمألوفات وحبستهم الشهوات والإيرادات عن الارتفاع إلى قلب الهدى من النصوص المحكمات والآيات البينات)) (2)
هذه نبذة موجزة عن الحالة الدينية في العالم الإسلامي بشكل عام ونجد بشكل خاص عند ظهور دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب أوردتها كمدخل للحديث عن حياة الشيخ ودعوته التي سنتناولها بإذن الله تعالى .
1-حسين بن غنام , تاريخ نجد, ص 11-ص12 بتصرف.
2-عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أل شيخ,
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية . ج3 , ص 381 – ص 382
نشأة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
نسبه :
ولد الشيخ محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن على بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن مشرف التميمي سنة 1115 هجري (1703م )
فأصله ينحدر إلى قبيلة تميم تلك القبيلة التى حافظت على موطنها في إقليم نجد واستقرت واستوطنت وتركت حياة البدو واشتغلت بأوجه النشاط الأخرى من زراعة وتجارة .
تعلمه :
ولد في عام 1115 هجرية على صاحبها أفضل الصلاة وأكمل التحية .
وتعلم على أبيه في بلدة العيينة وهذه البلدة هي مسقط رأسه رحمة الله عليه ، وهي قرية معلومة في اليمامة في نجد شمال غرب مدينة الرياض بينها وبين الرياض مسيرة سبعين كيلو مترا تقريبا ، أو ما يقارب ذلك من جهة الغرب . ولد فيها رحمة الله عليه ونشأ نشأة صالحة . وقرأ القرآن مبكرا .
واجتهد في الدراسة ، والتفقه على أبيه الشيخ عبد الوهاب بن سليمان - وكان فقيها كبيرا وعالما قديرا ، وكان قاضيا في بلدة العيينة - ثم بعد بلوغ الحلم حج وقصد بيت الله الحرام وأخذ عن بعض علماء الحرم الشريف .
ثم توجه إلى المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، فاجتمع بعلمائها ، وأقام فيها مدة ، وأخذ من عالمين كبيرين مشهورين في المدينة ذلك الوقت ، وهما : الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف النجدي ، أصله من المجمعة ، وهو والد الشيخ إبراهيم بن عبد الله صاحب العذب الفائض في علم الفرائض ، وأخذ أيضا عن الشيخ الكبير محمد حياة السندي بالمدينة . هذان العالمان ممن اشتهر أخذ الشيخ عنهما بالمدينة . ولعله أخذ عن غيرهما ممن لا نعرف .
ورحل الشيخ لطلب العلم إلى العراق فقصد البصرة واجتمع بعلمائها ، وأخذ عنهم ما شاء الله من العلم ، وأظهر الدعوة هناك إلى توحيد الله ودعا الناس إلى السنة ، وأظهر للناس أن الواجب على جميع المسلمين أن يأخذوا دينهم عن كتاب الله وسنة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، وناقش وذاكر في ذلك ، وناظر هنالك من العلماء ، واشتهر من مشايخه ، هناك شخص يقال له الشيخ محمد المجموعي ، وقد ثار عليه بعض علماء السوء بالبصرة وحصل عليه وعلى شيخه المذكور بعض الأذى ، فخرج من أجل ذلك وكان من نيته أن يقصد الشام فلم يقدر على ذلك لعدم وجود النفقة الكافية ، فخرج من البصرة إلى الزبير وتوجه من الزبير إلى الإحساء واجتمع بعلمائها وذاكرهم في أشياء من أصول الدين ثم توجه إلى بلاد حريملاء وذلك ( والله أعلم ) في العقد الخامس من القرن الثاني عشر لأن أباه كان قاضيا في العيينة وصار بينه وبين أميرها نزاع فانتقل عنها إلى حريملاء سنة 1139 هجرية فقدم الشيخ محمد على أبيه في حريملاء بعد انتقاله إليها سنة 1139 هجرية ، فيكون قدومه حريملاء في عام 1140 هـ أو بعدها ، واستقر هناك ولم يزل مشتغلا بالعلم والتعليم والدعوة في حريملاء حتى مات والده في عام 1153 هجرية فحصل من بعض أهل حريملاء شر عليه ، وهم بعض السفلة بها أن يفتك به . وقيل : إن بعضهم تسور عليه الجدار فعلم بهم بعض الناس فهربوا
إستقرارة في العيينة
بعد هذه الحادثة خرج الشيخ للعيينة واستقر بها ، وأسباب غضب هؤلاء السفلة عليه أنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، وكان يحث الأمراء على تعزير المجرمين الذين يعتدون على الناس بالسلب والنهب والإيذاء ، ومن جملتهم هؤلاء السفلة الذين يقال لهم : العبيد هناك ، ولما عرفوا من الشيخ أنه ضدهم وأنه لا يرضى بأفعالهم ، وأنه يحرض الأمراء على عقوباتهم ، والحد من شرهم غضبوا وهموا أن يفتكوا به ، فصانه الله وحماه ، ثم انتقل إلى بلدة العيينة وأميرها إذ ذاك عثمان بن محمد بن معمر ، فنزل عليه ورحب به الأمير ، وقال : قم بالدعوة إلى الله ونحن معك وناصروك وأظهر له الخير ، والمحبة والموافقة على ما هو عليه ، فاشتغل الشيخ بالتعليم والإرشاد والدعوة إلى الله عز وجل ، وتوجيه الناس إلى الخير ، والمحبة في الله ، رجالهم ونسائهم ، واشتهر أمره في العيينة وعظم صيته وجاء إليها الناس من القرى المجاورة .
وفي يوم من الأيام قال الشيخ للأمير عثمان : دعنا نهدم قبة زيد بن الخطاب رضي الله عنه فإنها أسست على غير هدى ، وأن الله جل وعلا لا يرضى بهذا العمل ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ، وهذه القبة فتنت الناس وغيرت العقائد ، وحصل بها الشرك فيجب هدمها ، فقال الأمير عثمان لا مانع من ذلك ، فقال الشيخ : إني أخشى أن يثور لها أهل الجبيلة ، والجبيلة قرية هناك قريبة من القبر ، فخرج عثمان ومعه جيش يبلغون 600 مقاتل لهدم القبة ، ومعهم الشيخ رحمة الله عليه فلما قربوا من القبة خرج أهل الجبيلة لما سمعوا بذلك لينصروها ويحموها .
فلما رأوا الأمير عثمان ومن معه كفوا ورجعوا عن ذلك ، فباشر الشيخ هدمها لإزالتها فأزالها الله عز وجل على يديه رحمة الله عليه . فقال الشيخ للأمير عثمان بن معمر : لا بد من هدم هذه القبة على قبر زيد - وزيد بن الخطاب رضي الله عنه هو أخو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين رضي الله تعالى عن الجميع ، وكان من جملة الشهداء في قتال مسيلمة الكذاب في عام 12 من الهجرة النبوية ، فكان ممن قتل هناك وبني على قبره قبة فيما يذكرون ، وقد يكون قبر غيره ، لكنه فيما يذكرون أنه قبره - فوافقه عثمان كما تقدم ، وهدمت القبة بحمد الله وزال أثرها إلى اليوم ولله الحمد والمنة ، أماتها جل وعلا لما هدمت عن نية صالحة ، وقصد مستقيم ونصر للحق ، وهناك قبور أخرى منها قبر يقال : إنه قبر ضرار بن الأوزر كانت عليه قبة هدمت أيضا ، وهناك مشاهد أخرى أزالها الله عز وجل ، وكانت هناك غيران وأشجار تعبد من دون الله جل وعلا فأزيلت وقضى عليها وحذر الناس عنها . والمقصود أن الشيخ استمر رحمة الله عليه على الدعوة قولا وعملا كما تقدم ، ثم إن الشيخ أتته امرأة واعترفت عنده بالزنا عدة مرات ، وسأل عن عقلها فقيل : إنها عاقلة ولا بأس بها ، فلما صممت على الاعتراف ، ولم ترجع عن اعترافها ، ولم تدع إكراها ولا شبهة وكانت محصنة ، أمر الشيخ رحمة الله عليه بأن ترجم فرجمت بأمره حالة كونه قاضيا بالعيينة ، فاشتهر أمره بعد ذلك بهدم القبة وبرجم المرأة وبالدعوة العظيمة إلى الله وهجرة المهاجرين إلى العيينة .
طرد الشيخ بن عبدالوهاب من العيينة :
وبلغ أمير الإحساء وتوابعها من بني خالد سليمان بن عريعر الخالدي أمر الشيخ وأنه يدعو إلى الله وأنه يهدم القباب ، وأنه يقيم الحدود فعظم على هذا البدوي أمر الشيخ ، لأن من عادة البادية إلا من هدى الله ، الإقدام على الظلم ، وسفك الدماء ، ونهب الأموال ، وانتهاك الحرمات ، فخاف أن هذا الشيخ يعظم أمره ويزيل سلطان الأمير البدوي ، فكتب إلى عثمان يتوعده ويأمره أن يقتل هذا المطوع الذي عنده في العيينة ، وقال : إن المطوع الذي عندكم بلغنا عنه كذا ، وكذا!! فإما أن تقتله ، وإما أن نقطع عنك خراجك الذي عندنا!! وكان عنده للأمير عثمان خراج من الذهب ، فعظم على عثمان أمر هذا الأمير ، وخاف إن عصاه أن يقطع عنه خراجه أو يحاربه ، فقال للشيخ : إن هذا الأمير كتب إلينا كذا وكذا ، وأنه لا يحسن منا أن نقتلك وأنا نخاف هذا الأمير ولا نستطيع محاربته ، فإذا رأيت أن تخرج عنا فعلت ، فقال له الشيخ : إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله ، وتحقيق شهادة أن محمدا رسول الله ، فمن تمسك بهذا الدين ونصره وصدق في ذلك نصره الله وأيده وولاه على بلاد أعدائه ، فإن صبرت واستقمت وقبلت هذا الخبر فأبشر فسينصرك الله ويحميك من هذا البدوي وغيره ، وسوف يوليك الله بلاده وعشيرته ، فقال : أيها الشيخ أنا لا نستطيع محاربته ، ولا صبر لنا على مخالفته.
دخول الشيخ محمد إلى الدرعية :
فخرج الشيخ عند ذلك وتحول من العيينة إلى بلاد الدرعية ، جاء إليها ماشيا فيما ذكروا حتى وصل إليها في آخر النهار ، وقد خرج من العيينة في أول النهار ماشيا على الأقدام لم يرحله عثمان ، فدخل على شخص من خيارها في أعلى البلد يقال له : محمد بن سويلم العريني فنزل عليه ، ويقال : إن هذا الرجل خاف من نزوله عليه وضاقت به الأرض بما رحبت ، وخاف من أمير الدرعية محمد بن سعود فطمأنه الشيخ وقال له : أبشر بخير ، وهذا الذي أدعو الناس إليه دين الله ، وسوف يظهره الله ، فبلغ محمد بن سعود خبر الشيخ محمد ، ويقال :
أخبره به زوجته جاء إليها بعض الصالحين وقال لها : أخبري محمدا بهذا الرجل ، وشجعيه على قبول دعوته وحرضيه على مؤازرته ومساعدته وكانت امرأة صالحة طيبة ، فلما دخل عليها محمد بن سعود أمير الدرعية وملحقاتها قالت له : أبشر بهذه الغنيمة العظيمة! هذه غنيمة ساقها الله إليك ، رجل داعية يدعو إلى دين الله ، ويدعو إلى كتاب الله ، يدعو إلى سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام يا لها من غنيمة! بادر بقبوله وبادر بنصرته ، ولا تقف في ذلك أبدا ، فقبل الأمير مشورتها ، ثم تردد هل يذهب إليه أو يدعوه إليه؟! فأشير عليه ويقال : إن المرأة أيضا هي التي أشارت عليه مع جماعة من الصالحين وقالوا له : لا ينبغي أن تدعوه إليك ، بل ينبغي أن تقصده في منزله ، وأن تقصده أنت وأن تعظم العلم والداعي إلى الخير ، فأجاب إلى ذلك لما كتب الله له من السعادة والخير رحمة الله عليه وأكرم الله مثواه
لقاء الشيخ بن عبدالوهاب ببن سعود والعد بينهم :
فذهب إلى الشيخ في بيت محمد بن سويلم ، وقصده وسلم عليه وتحدث معه ، وقال له يا شيخ محمد أبشر بالنصرة وأبشر بالأمن وأبشر بالمساعدة ، فقال له الشيخ : وأنت أبشر بالنصرة أيضا والتمكين والعاقبة الحميدة ، هذا دين الله من نصره نصره الله ، ومن أيده أيده الله وسوف تجد آثار ذلك سريعا ، فقال : يا شيخ سأبايعك على دين الله ورسوله وعلى الجهاد في سبيل الله ، ولكنني أخشى إذا أيدناك ونصرناك وأظهرك الله على
أعداء الإسلام ، أن تبتغي غير أرضنا ، وأن تنتقل عنا إلى أرض أخرى فقال : لا أبايعك على هذا . . . أبايعك على أن الدم بالدم والهدم بالهدم لا أخرج عن بلادك أبدا ، فبايعه على النصرة وعلى البقاء في البلد وأنه يبقى عند الأمير يساعده ، ويجاهد معه في سبيل الله حتى يظهر دين الله ، وتمت البيعة على ذلك .
أعمال الشيخ بالدرعية :
توافد الناس إلى الدرعية من كل مكان ، من العيينة ، وعرقة ، ومنفوحة ، والرياض وغير ذلك ، من البلدان المجاورة ، ولم تزل الدرعية موضع هجرة يهاجر إليها الناس من كل مكان ، وتسامع الناس بأخبار الشيخ ، ودروسه في الدرعية ودعوته إلى الله وإرشاده إليه ، فأتوا زرافات ووحدانا .
فأقام الشيخ بالدرعية معظما مؤيدا محبوبا منصورا ورتب الدروس في الدرعية في العقائد ، وفي القرآن الكريم ، وفي التفسير ، وفي الفقه ، وأصوله ، والحديث ، ومصطلحة ، والعلوم العربية ، والتاريخية ، وغير ذلك من العلوم النافعة ، وتوافد الناس عليه من كل مكان ، وتعلم الناس علمه في الدرعية الشباب وغيرهم ، ورتب للناس دروسا كثيرة للعامة ، والخاصة ، ونشر العلم في الدرعية واستمر على الدعوة .
بدأ بالجهاد وكاتب الناس إلى الدخول في هذا الميدان وإزالة الشرك الذي في بلادهم ، وبدأ بأهل نجد ،
وكاتب أمراءها وعلماؤها . كاتب علماء الرياض وأميرها دهام بن دواس ، كاتب علماء الخرج وأمراءها ، وعلماء بلاد الجنوب والقصيم وحائل والوشم ، وسدير وغير ذلك ، ولم يزل يكاتبهم ويكاتب علماءهم وأمراءهم .
وهكذا علماء الإحساء وعلماء الحرمين الشريفين ، وهكذا علماء الخارج في مصر ، والشام ، والعراق ، والهند ، واليمن ، وغير ذلك ، ولم يزل يكاتب الناس ويقيم الحجج ويذكر الناس ما وقع فيه أكثر الخلق من الشرك والبدع ، وليس معنى هذا أنه ليس هناك أنصار للدين بل هناك أنصار والله جل وعلا قد ضمن لهذا الدين أن لا بد له من ناصر ولا تزال طائفة في هذه الأمة على الحق منصورة كما قال النبي عليه الصلاة والسلام ، فهناك أنصار للحق في أقطار كثيرة .
ولكن الحديث الآن عن نجد ، فكان فيها من الشر والفساد والشرك والخرافات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل . مع أن فيها علماء فيهم خير ، ولكن لم يقدر لهم أن ينشطوا في الدعوة وأن يقوموا بها كما ينبغي ، وهناك أيضا في اليمن وغير اليمن دعاة إلى الحق وأنصار قد عرفوا هذا الشرك وهذه الخرافات ، ولكن لم يقدر الله لدعوتهم النجاح ما قدر لدعوة الشيخ محمد لأسباب كثيرة ،
منها : عدم تيسر الناصر المساعد لهم .
ومنها : عدم الصبر لكثير من الدعاة وتحمل الأذى في سبيل الله ،
ومنها : قلة علوم بعض الدعاة التي يستطيع بها أن يوجه الناس بالأساليب المناسبة ، والعبارات اللائقة ، والحكمة والموعظة الحسنة .
ومنها : أسباب أخرى غير هذه الأسباب ، وبسبب هذه المكاتبات الكثيرة والرسائل والجهاد اشتهر أمر الشيخ ، وظهر أمر الدعوة ، واتصلت رسائله بالعلماء في داخل الجزيرة ، وفي خارجها . وتأثر بدعوته جمع غفير من الناس في الهند وفي أندونيسيا ، وفي أفغانستان ، وفي أفريقيا وفي المغرب ، وهكذا في مصر ، والشام ، والعراق ، وكان هناك دعاة كثيرون عندهم معرفة بالحق والدعوة إليه فلما بلغتهم دعوة الشيخ زاد نشاطهم ، وزادت قوتهم واشتهروا بالدعوة ولم تزل دعوة الشيخ تشتهر وتظهر بين العالم الإسلامي وغيره ، ثم في هذا العصر الأخير طبعت كتبه ، ورسائله ، وكتب أبنائه ، وأحفاده ، وأنصاره ، وأعوانه من علماء المسلمين في الجزيرة وخارجها ، وكذلك طبعت الكتب في دعوته ، وترجمته ، وأحواله ، وأحوال أنصاره ، حتى اشتهرت بين الناس في غالب الأقطار والأمصار ، ومن المعلوم أن لكل نعمة حاسدا وأن لكل داعي أعداء كثيرين قال الله تعالى : وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ
فلما اشتهر الشيخ بالدعوة وكتب الكتابات الكثيرة ، وألف المؤلفات القيمة ، ونشرها في الناس ، وكاتبه العلماء ، ظهر جماعة كثيرون من حساده ، ومن مخالفيه ، وظهر أيضا أعداء آخرون ، وصار أعداؤه وخصومه قسمين :
قسم عادوه باسم العلم والدين ، وقسم : عادوه باسم السياسة ولكن تستروا بالعلم ، وتستروا باسم الدين ، واستغلوا عداوة من عاداه من العلماء الذين أظهروا عداوته وقالوا : إنه على غير الحق ، وإنه كيت وكيت .
والشيخ رحمة الله عليه مستمر في الدعوة يزيل الشبه ، ويوضح الدليل ، ويرشد الناس إلى الحقائق على ما هي علي من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، وطورا . يقولون : إنه من الخوارج ، وتارة يقولون : يخرق الإجماع ، ويدعي الاجتهاد المطلق ولا يبالي بمن قبله من العلماء والفقهاء وتارة يرمونه بأشياء أخرى وما ذاك إلا من قلة العلم من طائفة منه وطائفة أخرى قلدت غيرها واعتمدت عليها ، وطائفة أخرى خافت على مراكزها فعادته سياسة وتستتر باسم الإسلام والدين واعتمدت على أقوال المخرفين والمضللين .
والخصوم في الحقيقة ثلاثة أقسام :
علماء مخرفون يرون الحق باطلا والباطل حقا ، ويعتقدون أن البناء على القبور ، واتخاذ المساجد عليها ،ودعاءها من دون الله والاستغاثة بها وما أشبه ذلك دين وهدى ، ويعتقدون أن من أنكر ذلك فقد أبغض الصالحين ، وأبغض الأولياء ، وهو عدو يجب جهاده .
وقسم آخر : من المنسوبين للعلم جهلوا حقيقة هذا الرجل ، ولم يعرفوا عنه الحق الذي دعا إليه بل قلدوا غيرهم وصدقوا ما قيل فيه من الخرافيين المضللين ، وظنوا أنهم على هدى فيما نسبوه إليه من بغض الأولياء والأنبياء ، ومن معاداتهم ، وإنكار كراماتهم ، فذموا الشيخ ، وعابوا ونفروا عنه .
وقسم آخر : خافوا على المناصب والمراتب فعادوه لئلا تمتد أيدي أنصار الدعوة الإسلامية إليهم فتنزلهم عن مراكزهم ، وتستولي على بلادهم ، واستمرت الحرب الكلامية . والمجادلات والمساجلات بين الشيخ وخصومه ، يكاتبهم ويكاتبونه ، ويجادلهم ويرد عليهم ، ويردون عليه ، وهكذا جرى بين أبنائه وأحفاده وأنصاره وبين خصوم الدعوة . حتى اجتمع من ذلك رسائل كثيرة ، وردود جمة ، وقد جمعت هذه الرسائل والفتاوى والردود فبلغت مجلدات ، وقد طبع أكثرها والحمد لله ، واستمر الشيخ في الدعوة والجهاد وساعده الأمير محمد بن سعود أمير الدرعية ، وجد الأسرة السعودية على ذلك ، ورفعت راية الجهاد وبدأ الجهاد من عام 1158 هـ .
بدايت الجهاد بالسيف :
بدأ الجهاد بالسيف ، وبالكلام والبيان ، والحجة ، والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره .
ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان ، والهدى والإيضاح ، وأنزل معهم الميزان ، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق ، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة ، فهو الملزم بالحق ، وهو القامع للباطل ، ولقد أحسن من قال في مثل هذا :
وما هو إلا الوحي أوحد مرهف تزيل ظباه اخدعي كل مائل
فهذا دواء الداء من كل جاهل وهذا دواء الداء من كل عادل
فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود ، طيب الله ثراهم على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، ونضال ، وجدال في الحق ، وإيضاح لما قاله الله ورسوله ، ودعوة إلى دين الله ، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام .
حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق .
وعمرت المساجد بالصلوات ، وحلقات العلم ، وأديت الزكوات ، وصام الناس رمضان ، كما شرع الله عز وجل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وساد الأمن في الأمصار ، والقرى ، والطرق ، والبوادي ، ووقف البادية عند حدهم ، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق ، ونشر الشيخ فيهم الدعوة .
وأرسل الشيخ إليهم المرشدين ، والدعاة في الصحراء والبوادي ، كما أرسل المعلمين ، والمرشدين ، والقضاة إلى البلدان والقرى ، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها وانتشر فيها الحق ، وظهر فيها دين الله عز وجل .
عمل أبناء الشيخ بعده :
ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه استمر أبناؤه ، وأحفاده ، وتلاميذه ، وأنصاره في الدعوة والجهاد ، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد ، والشيخ حسين بن محمد ، والشيخ علي بن محمد ، والشيخ إبراهيم بن محمد ، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ علي بن حسين ، والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد وجماعة آخرون ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ، وجمع غفير من علماء الدرعية ، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشر دين الله تعالى وكتابة الرسائل وتأليفات المؤلفات ، وجهاد أعداء الدين ، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل ، والاستقامة على ذلك ، وهدم المساجد والقباب التي على القبور ، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها ودعوا إلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود الشرعية . هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس .
والخلاصة : أنهم أرشدوا الناس إلى توحيد الله ، وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالله ومن وسائله وذرائعه ، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية ، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان ، والإيضاح والحجة ، جاهدوه في الله عز وجل وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق ، وينيب إليه ويلزموه به بالقوة والسيف ، حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك .
وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، كالبناء على القبور ، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت ، وسؤال السحرة والكهنة ، وتصديقهم وغير ذلك ، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعا . وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة ، والتاريخ الإسلامي ، والعلوم العربية النافعة ، وصار الناس في مذاكرة ، وعلم ، وهدى ، ودعوة ، وإرشاد ، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك ، علم وعمل ، ودعوة وإرشاد ، ودنيا ودين ، فهو يتعلم ويذاكر ، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي ، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك . فتارة لدينه ، وتارة لدنياه دعاة إلى الله وموجهون
إلى سبيله ، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم ، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم ، وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين ، وجنوب الجزيرة.
دخول الحرمين :
كاتبوا علماء الحرمين سابقا ، ولاحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب ، واتخاذها على القبور ، ووجود الشرك عندها ، والسؤال لأربابها ، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة توجه إلى الحجاز ، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، ونازلهم بقوة أرسلها إليها الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم ، ساعدوه حتى استولى على الطائف ، وأخرج منها أمراء الشريف ، وأظهر فيه الدعوة إلى الله ، وأرشد إلى الحق ، ونهى فيها عن الشرك ، وعبادة ابن عباس ، وغيره مما كان يعبده هناك الجهال ، والسفهاء من أهل الطائف ، ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز ، وجمعت الجيوش حول مكة .
فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة . ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال واستولوا على مكة في فجر 1 من شهر محرم من عام 1218هـ وأظهروا فيها الدعوة إلى دين الله ، وهدموا ما فيها
من القباب التي بنيت علي قبر خديجة وغيره ، فأزالوا القباب كلها ، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل ، وعينوا فيها العلماء والمدرسين ، والموجهين والمرشدين ، والقضاة الحاكمين بالشريعة
ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة ، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220هـ بعد مكة بنحو سنتين ، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود ، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين ، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة ، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقرائهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال ، وواسوهم ، وعلموهم كتاب الله ، وأرشدوهم إلى الخير ، وعظموا العلماء ، وشجعوهم على التعليم ، والإرشاد ولم ينزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226هـ ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمين ، لأسباب كثيرة تقدم بعضها ، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم ، وحسادهم ، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة ، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم ، وأن تقضي على أطماعهم ، كذبوا على الشيخ ، وأتباعه ، وأنصاره ، وقالوا إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم يبغضون الأولياء ، وينكرون كراماتهم ، وقالوا
إنهم أيضا يقولون كيت وكيت مما يزعمون أنهم ينتقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وصدق هذا بعض الجهال ، وبعض المغرضين ، وجعلوه سلما للنيل منهم والقتال لهم ، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم ، فجرى ما جرى من الفتن والقتال - وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم وبين آل سعود في نجد ، والحجاز ، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل .
والخلاصة : أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إنما قام لإظهار دين الله ، وإرشاد الناس إلى توحيد الله ، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات ، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق ، وزجرهم عن الباطل ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر .
هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه ، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه ، وصفاته ، ويؤمن بملائكته ، ورسله وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله ، وإخلاص العبادة له جل وعلا . وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه ، لا يعطل صفات الله ، ولا يشبه الله بخلقه . وفي الإيمان بالبعث ، والنشور ، والجزاء والحساب ، والجنة والنار ، وغير ذلك .
خلاصة فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب :
يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع . وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه .
وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي :
أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص .
ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة .
ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم .
لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم .
فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم
انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب خارج نجد عندما استولت الدولة السعودية على مكة المكرمة سنة 1219 هجري واصبح حجاج البلاد المسلمة يفدون إلى مكة المكرمة ويشاهدون علماء هذه الدعوة الحقا , ويسمعون خطبهم وإرشاداتهم , كما شاهدوا سيرة الدولة إن ذاك , وما هي علية من الاعتصام بكتاب الله والسنة , فتأثر بعض الحجاج بالدعوة وأخذوا ينشرون مبادئ الدعوة ويحاربون الخرافات والبدع في بلادهم .
وكان لانتشار الدعوة في العالم الاسلامي عدة آثار من أهمها :
1- قيام يقظة فكرية إسلامية كان العالم الاسلامي والمسلمين في اشد الحاجة لها .
2- كانت الدعوة عاملا مهما من عوامل نمو الوعي الوطني في كثير من البلاد الإسلامية التى ابتليت بالاستعمار .
3- كان من أثر الدعوة السلفية في كثير من الدول الإسلامية تجميد وإضعاف كل الأفكار المعادية لهذه الدعوة المباركة .
4- تأييد شامل لهذه الدعوة الإصلاحية من العلماء المسلمين الغيورين على دينهم وعقيدتهم في البلاد الاسلامية , والمنبع الذي اعتمد عليه كثير من رجال الإصلاح المسلمين .
تعليقات بعض الكتاب والمؤرخين على انتشار دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان
العقاد :
يقول العقاد (( ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه , فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجاز , وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه )) (1)
ويقول العقاد أيضا :
(( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 م واتبعها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية , فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة , ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب , وأوجب على اتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخين وتقدمهم في القتال حتى الموت .)) (2)
أرنولد :
يقول في كتابه ( الدعوة إلى الإسلام)
(( وفي القرن العشرين نشطت حركة الدعوة إلى الإسلام في البنغال نشاطا ملحوظا , و أرسلت طوائف كثيرة ينتمي أهلها إلى تأثير الحركة الوهابية الإصلاحية , دعاتهم يتنقلون في هذه المناطق , ويطهرون البلاد من بقايا العقائد الهندوكية بين الكفار (3)
1- عباس محمود العقاد , الإسلام في القرن العشرين , ص 86
2- نفس المرجع صفحة 69
3- توماس أرنولد , الدعوة إلى الإسلام , ص 239
في اليمن :
ظهر في اليمن الشيخ على الشوكاني المتوفي سنة 1250 هجري , ودعا بما يشب دعوة الشيخ بن الوهاب وتقلد ببن تيمية وألف كتاب (نبيل الأوطان ) لشرح كتاب شيخ الإسلام ( منتقى الأخبار ) (1)
في العراق :
نجد أسرة (الألوسي ) التي بذلت حياتهم لتعميق التربية الإسلامية في العراق وقد كتبوا عن الشيخ ودعوته ونافحوا عنها ز (2)
في الجزائر :
إن من أول من حمل راية الدعوة السلفية هو المؤرخ الجزائري
( أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن يجتمع بتلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الحج . و ذاكرهم في أمور إلى أن انتهى به الأمر بالاقتناع , وكان ذلك بحضور وفد حجيج كان يرأسه ولي عهد المغرب آنذاك . (3)
كذلك تأسست ( جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) الوجه السلفي بزعامة عبدالحميد بن باديس (1305-1359) الذي أطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما ذهب للحج في مكة المكرمة . و دعا إلى إصلاح عقائد الجزائريين من البدع والخرافات , ودعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية . (4)
السودان :
يقول السير أرنولد : (( وحول نهاية القرن الثامن عشر ظهر من بين جماعة الفلبي رجل معروف يدعى الشيخ عثمان دانفودو , عرف انه مصلح ديني وداع ومحارب , وقد ذهب من السودان إلى مكة لأداء فريضة الحج , فعاد من هناك مليئا بالحماس والغيرة من أجل الإصلاح والدعوة للإسلام,
وتأثر بالوهابية الذين كانت قوتهم أخذة في النماء , فأنكر الصلاة على روح الميت , تعظيم من مات من الأولياء , وأستنكر من بالغ في تمجيد محمد نفسه , وهاجم شرب الخمر وفساد الأخلاق اللتين كانتا منتشرتين ))
1- دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأثرها في العالم الإسلامي
2- المصدر السابق , ص 83
3- عبد الحليم عويس , أثر الإمام محمد بن عبدالوهاب في الفكر الإسلامي الإصلاحي بالجزائر , مصر ,
دار الصحوة , 1305 هجري , ص 13
4- محمد السلمان , دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 95
5- محمد بن عبدالوهاب , أحمد عبد الغفور العطار , ص 213
مصر :
نجد الشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا تبنيا مبادئ دعوة محمد بن عبدالوهاب , ودافعا عنها في مؤلفاتهم , وكذلك عبدالرحمن الجبرتي مؤرخ مصر , وهو من اشد المتأثرين بدعوة بن عبدالوهاب , وكان يرى أن الأتراك قد ارتكبوا خطأ كبير عندما حاربوا دعوة الشيخ و أنصارها مما دفع محمد علي باشا لقتله . (1)
المغرب :
تأثر بها (سيدي محمد بن عبدالله ) الذي حارب الصوفية متأثر بكتب وأراء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذلك (مولاي سليمان ) الذي قام ضد الزوايا ودعا إلى التوحيد . (2)
ومما سبق نلاحظ أن انتشار الدعوة السلفية الإصلاحية المباركة في العالم الإسلامي تنتشر بشدة وتقوم بالمجتمعات التى تصلها حركات إصلاحية هدفها نشر الإسلام وتطهيره من البدع والشوائب والخرافات
وتصحيح أوضاع الحياة الفاسدة , ثم محاولة تأسيس دولة إسلامية وتكوين حكومة إسلامية صالحة . (3)
1- للمزيد من المعلومات , انظر : بحوث الشيخ محمد بن عبدالوهاب ,ج2 , ص320-ص337
2- حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الاستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص208
3- للمزيد من المعلومات عن انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب , انظر مقال الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل , العدد الرابع , مجلة الدارة , عام 1399 , ص 32- ص 24
أقوال بعض المنصفين عن دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب
أحمد القطان :
(( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة , واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات. )) (1)
محمد كرد:
كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية )
اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ )) (2)
طه حسين:
قال يصف دعوة محمد بن عبدالوهاب (( قلت أن هذا مذهب جديد قديم معا , والواقع أنه ليس بجديد بالنسبة للمعاصرين , ولكنه قديم في حقيقة الامر , لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من شوائب الشرك والوثنية , وهو دعوة إلى الإسلام كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم خالصا له , ملغيا كل واسطة بين الله وبين الناس ))(3)
1- عبدالله بن يوسف الشبل , الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 64
2- القديم والحديث , محمد كرد علي , ص 120
3- حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص 210
حافظ وهبة
قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم ))
الزركلي :
قال في كتابه ( الأعلام ا