مــــــــــاهو السرطــــان ؟
جمسنا هو تجمع من ستين ألف بليون خلية ، يمثل نظاما ديناميا يتم فيه طول الوقت تبادل المعلومات في صورة مراسيل كيماوية. ولضمان سلاسة التفاعلات الكيماوية المميزة لعمليات الحياة ، فان الجسم يقوم بإنتاج الطاقة وتخزينها، ليبذلها فيما بعد في وظائف محددة تؤديها الأنسجة المختلفة: فالقلب يضخ الدم في الأوعية الدموية ، والرئة تبادل غازات الدم بغازات الجو ، وكرات الدم الحمراء تحمل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون، وانقباض العضلات يسمح بالأنماط المختلفة من الحركة، وعمليات التفكير تتم بالمخ، حيث تتحكم المراكز العصبية في كل أنشطة الكائن الحي. ومعظم الخلايا في أجسامنا تنمو وتنقسم طوال الوقت وهذا واضح من مرحلة الطفولة إلى الرجولة.
إن ما نعبر عنه بالساعة البيولوجية للكائن الحي فيقوم بضغط عملية انقسام الخلايا فعندما تتم العملية بصوره صحيحة فان العدد من الخلايا ينقسم في الوقت الصحيح ويحدث القليل من الأخطاء وتقوم آليات الإصلاح ، بكفاءتها الرائعة،بتصحيح ما يزيد على99.9 % من كل الأخطاء، تاركة وراءها البعض القليل منها وهذا البعض القليل يفسر وجود التباينات الو راثية في جزيئات الدنا0
والكثير من تباينات الدنا لا يؤثر على مصير الكائن الحي ، لكن القليل منها يتسبب في تحويرات ببروتينات تشترك في آليات تنظم انقسام الخلايا وتمايزها –بروتينات تشكل جزاء من الساعة البيولوجية0 نتيجة لذلك تفلت بعض الخلايا من قبضة السيطرة وتبدأ في التكاثر بطريقة فوضوية- لقد اكتسبت هذه الخلايا خصيصة أن تنمو وتتطور مستقلة ، لقد أصبحت خلايا سرطانية- 0
هناك عوامل عديدة مختلفة تدفع إلى التكاثر العشوائي للخلايا إلى الحد الذي قد نعتبر فيه كل سرطان مرضا مستقلا 0 والحق أن نمطا معينا محدد من السرطان قد يبتدى في صور مختلفة باختلاف المرضى 0 هناك اختلافات في درجات الحدة وزمن التنامي، وفي الزمن مابين أول الاعراض وبين الظهور الواقعي للنمو السرطاني0 فلقد يفصل مابين اكتساب الخصائص –قبل- السرطانية وبين التنامي الحقيقي للورم السرطاني ما يصل إلى خمسين عاما0
يمكن للسرطان أن يصيب أي خلية وأي عضو 0 وهو مثل القلب والحساسية – ليس مرض واحد، وتنما مجموعة متباينة من الاضطرابات نتيجتها النهائية – التكاثر العشوائي للخلايا- وهي الصورة الخطيرة الشائعة0 السرطان إذن مصطلح عام يشمل الكثير من الاضطرابات ظن وكل منها تحثه أسباب عديدة – مرض متعدد العوامل: وراثية وبيئية وسيكولوجية.
لا يمثل السرطان هذا الداء العضال ،اكتشافا جديدا بل هو مرض قديم عرفة القدماء إلا أن القرن العشرين الذي تطور فية المرض بالقدر الذي تهيأت فيه أرضيات البحث قد شهد اهتماما متزايد بهذا الداء لفهم أسبابه واعراضة ومحاولة التوصل إلى إيجاد حل وقائي في مرحلة لولى ، وعلاجي إذا ما استحالت الوقاية.
وإذا عدنا إلى التاريخ فقد وصف السرطان منذ حوالي 2000سنة قبل الميلاد و لكن وصفه كان على شكل أعراض ومظاهر فقط و قد استنتج الإنسان الآن أنها كانت مظاهر السرطان فقد وجد في مخطوطات المصريين القدماء مخطوطات نصف بعض مظاهر و أعراض هذا الداء كما أشارت إليها الحضارة اليونانية القديمة فوصف أبوقراط الذي يعتبره الغربيون أبا الطب الكثير منها كما أن الأطباء في ظل الحضارة الإسلامية تحدثوا عن هذه الأعراض و المظاهر كجزء من المرض و ليس كما كان الاعتقاد سائداً أنها تنتج عن الخطيئة و الشعوذة.
الجينات والسرطان : ـــــــ
الخلايا في الجسم تتوالد بالانقسام 0 ومعظم خلايا أعضاء الجسم ليست أزليه،بل لها عمر محدد0 فهي تفنى ويحل مكانها جيل جديد من الخلايا هذه العملية تتم بموجب تعليمات صدر عن جينات خاصة 0 جينات تأمر بالانقسام والتكاثر وجينات رادعة(Suppressor Genes) تردع الخلايا عن الانقسام0 هذه العملية التي تعمل في بضعة بلايين من أركان الوراثة، لابد آن يحصل فيها أغلاط والنظام الو راثي يقوم بواسطة بعض الجينات بإصلاح الخطأ وبعضها لا يطل التصليح أفراد منها هذه الخلايا لا ترتدع عن الانقسام وتستمر في التوالد والتكاثر 0
إنها خلايا شاردة وهي السرطان بعينه! خلايا تشذ عن المعتاد فتسبب خللا في العضو الذي هي فيه وتصنع التورم او الدمل ( Tumor)0 ينتج الشرود عن خلل في الجينات التي تتولى هذا الامر0 والمعلوم أن عددا من الأسباب يأتي بهذا الخلل 0 الفيروس، التعرض للأشعة، التدخين 0 جينات معرضة لهذا الخلل وموروثة عن الابوين0
لقد وجد العلماء أربع جينات في الإنسان لها علاقة بسرطان الأمعاء 0 ثم اكتشفوا أن إحدى الفطريات في غذاء أهل الصين تعطي نوعا من السم (Flatoxin) 0 الذي يجعل ركن الثايمين(T) يقع في مكان مخصص للغوانين(G)0 وهذا يقود إلى لتكوين سرطان أي خلايا سرطانية تمارس الانقسام دون توقف 0 كذلك بعض المأكولات تدعو للسرطان (Carcinogenetic) وكلها تبدآ في الجينات.
السرطان إذا هو مرض(طــــفرات) في الجينات قبل ان يصبح مرضا في الأعضاء التي تحتلها الخلايا الشاردة- المستديمة التوالد والتكاثر.
* أسباب السرطان: ـــــ
إن الأسباب الحقيقية المؤدية إلى السرطان لا زالت مجهولة إلى حد ما و لكن هناك عوامل تساعد أو تهيئ للسرطان و هذه العوامل هي: ــــ
1/ الوراثة : إن معظم السرطانات المعروفة و الشائعة لا تنتقل عن طريق الوراثة إنما تكون حالات فردية لا علاقة للوراثة بها و لكن الأبحاث أثبتت دور الوراثة في بعض الأورام و أهمها ورم أورمة الشبكية في العين التي تورث في أغلب الأحيان من الأب لأبـنائه و ليس بالضـرورة إلــى جميعهم و هي تصيب العينين معاً داء البوليات الكولونية العائلي الذي يورث إلى الأبناء ويتحول إلى سرطان كولون .
2/ التدخين : يطلق التدخين حوالي 3000 مادة تحوي مواد عديدة لها علاقة مباشرة مع السرطان أهم هذه المواد هي المسماة البنزبرين كما يقوم التدخين بإحداث تبدلات كبيرة على بشرة القصبات خاصة تحولها من بشرة تنفسية تقوم بعملها التنفسي إلى مجرد بشرة ساترة لا نقوم بأي عمل و هذا التغير يعتبر تغير قبل سرطاني و لا يحتاج إلا لخطوة واحدة ليتحول إلى سرطان .
3/ طبيعة الغذاء : تشير الدراسات المجراة على الغذاء إلى علاقة بعض أنواع الغذاء كالدسم و الكحول بالتأهيب للسرطان خاصة سرطانات المعدة و الأمعاء بينما الخضار و البقول و الألياف تقلل من حدوثه.
4/ الحمات الراشحة (الفيروسات) :لقد ثبتت وجود علاقة بين بعض الحمات الراشحة وبعض أنواع السرطان و هي : ــ
حمة ابشتاين بار لها علاقة بنشوء سرطانات البلعوم الأنفي في الصين و ليمفوما بيركيت في إفريقيا المدارية
حمى التهاب الكبد النموذج ب لها دور في سرطان الكبد
5/ الأشعة :
هناك علاقة بين الأشعة و سرطانات الجلد و الدم و الغدة الدرقية .
6/ التوزيع الجغرافي : لوحظ ازدياد بعض أنواع السرطانات في مناطق من العالم و قلتها في مناطق أخرى
7/ المهنة و التلوث : فهناك مواد مسرطنة يتعرض لها الإنسان سواءً في عمله أو في البيئة الملوثة .
وقد عرف الأطباء اليونانيون ما يسمى بالسرطانات الصلبة التى كان يمكن ملاحظتها دون اللجو إلى المجهر ومنها سرطان الكبد، والمعدة إلى أن شهد الطبيب الإنكليزي برسيفال بوت يحدد أن "سواد الدخان" كسبب رئيسي لعديد من سرطانات الجراب التى لاحظها لدى منظفي مداخن بلندن ، ثم جاء بعد ذلك العالم الفرنسي لوري بوارل ليعلن نظرية السرطان الحموية "نظرية حمى السرطان" وأكدها البيولوجي الأمريكي روس حيث اكتشف فيروسا، يسمى فيروس روس مسؤولا عن سرطان الدم والسركومة لدى الدجاج 0 وفي نفس الفترة تمت ملاحظة أول سرطان لدى شخص يستعمل قنديلا يصنع الناشعة السينية0 على أن هذه الحالة مثلها مثل إي نوع من السرطان والتي شدت انتباه الباحثين العلميــين والأطباء لم تكفي لتضع حدا للتهافت على هذه الأشعة السحرية حتى سقطت قنبلتي الموت في هيروشيما وناغازاكي في اليابان لتبعث الرعب في القلوب والأذهان من الأشعة القاتلة وخطر الإصابة به.
هكذا يمكننا القول أن أسباب السرطان الخارجية معروفة وهي المواد الكيماوية والأشعة السينية أو الفيروس .
* مرحلة الورم :ــــ
و تعبر عن مدى تقدم و استفحال الورم و بالتالي تحديد إنذاره و من الضروري معرفة مرحلة الورم قبل البدء بالعلاج لتحديد نوعيته . و إن المراحل المتقدمة تعبر عن إنذار سيئ بالنسبة للاستجابة للعلاج و الشفاء على عكس المراحل الأولى. و لتحديد مرحلة الورم ينبغي الحصول على العديد من المعلومات عن حجم الآفة و العقد الليمفاوية المصابة و الانتقالات البعيدة و تصنيف هذه المعلومات حسب التصنيف المعتمد عالمياً TNM حيث T هو الحرف الأول من TUMOR و تعني الورم و يقصد بها حجم الورم و اتساعه و كلما كبر الورم ساء الإنذار .أما N فهو الحرف الأول من NODE و تعني العقد و يقصد بها إصابة العقد الليمفاوية و كلما ازداد عدد مجموعات العقد المصابة ساء الإنذار وأخيرا M و هو الحرف الأول من Metastesis و تعني الانتقال و يقصد بها الانتقالات البعيدة و وجود انتقال بعيد يعني إنذار سيئ و وفق هذه المعطيات الثلاث يتحدد الإنذار و العلاج.
طرق تشخيص الأورام : ـ
ظل الأطباء -لسنوات طويلة- يعتمدون في التشخيص المبكر للأورام على ظهور أي أعراض يشتبه فيها، مثل حدوث نزيف بولي، سواء كان شديدًا أم حتى ميكروسكوبيًا (أي أن يكون ظاهرًا تحت الميكروسكوب فقط) أو أن يلاحظ ظهور أو تضخم مثلما يحدث في سرطان الكليتين، وخصوصًا في الأطفال أو في حالات سرطان الخصية في كل الأعمار، ثم حدث اكتشاف بعض دلالات الأورام، التي ساعدت إلى حد كبير في تشخيص بعض هذه الأورام.
الاضطراب الو راثي وتكوين الأورام: ــ
ولكن الأسباب الثابتة والأكيدة وراء حدوث وظهور الأورام ظلت لغزًا كبيرًا، ولذلك عكف العلماء والباحثون لسنوات طويلة في جهود مضنية لمحاولة اكتشاف أي طرف خيط قد يفسِّر ظهور الخلايا السرطانية بالجسم، وبالفعل أكدت الدراسات والأبحاث البالغة الدقة والعالية التقنية وجود علاقة مباشرة بين نمو الخلايا السرطانية ووجود خلل في تكوين الكر وموسومات التي تحتويها النواة بهذه الخلايا، وخلل أيضًا في عدد وتوزيع الجينات الو راثية الموجودة على هذه الكر وموسومات، كان أول خيط في هذا الاكتشاف هو الجين المسمى “P53” وهو الجين المسئول عن تنظيم انشطا ر الخلية السليمة، حيث إن الخلية الطبيعية لها معدل معين من الانشطار أو التكاثر، وهذا الجين الـ “P53” هو الذي يحد ويوقف حدوث أي نشاط زائد في هذا الانشطار، فقد ثبت أنه إذا حدث خلل لهذا الجين فإن الخلية التي تحتويه تستمر في عملية التكاثر والانشطار أكثر وبدون منظم يكبح هذا النمو؛ فينتج عنه ظهور الورم الخبيث، الذي قد يستمر في التكاثر حتى يجد طريقه من خلال الأوعية الدموية والغدد الليمفاوية، فيحدث الانتشار لأجزاء وأعضاء أخرى بالجسم، وقد يحدث الاضطراب في الجينات على صورة اختفاء جزء من أحد الكر وموسومات التي تحتوي على الجينات المائعة أو المحيطة لتكاثر الورم عن طريق معادلة أو مقاومة المواد والصفات الو راثية المحفزة والدافعة لنمو الأورام، ولذلك عند اختفاء هذه الجينات تنطلق الخلايا السرطانية في التكاثر والنمو ويبدأ الورم في الظهور.
ويوجد أيضا جينات من نوع Metastesis (MTSI) تعطي بروتين قابل الاستعمال كدواء ويقدرون أن هذا العلاج هو موضوع رهان في مكافحة السرطان وكذلك فان بروتين “P53” وهو إنتاج احد الجينات الرادعة يمنع في الطبيعة نمو الشرايين في أماكن لا لزوم لها (بين مفاصل الهيكل العظمي مثلا) وقد استعملوه في منع نمو الشرايين في داخل الأورام السرطانية، أولا منعا لتغذية الخلايا الشاردة وثانيا منعا لدخول هذه الخلايا في مجرى الدم والانتقال إلى أعضاء الجسد وتأسيس أورام قاتلة فيها0 وقد نشر ما يفوق على 1000 رسالة علمية حول هذا البروتين المهم 0
جمسنا هو تجمع من ستين ألف بليون خلية ، يمثل نظاما ديناميا يتم فيه طول الوقت تبادل المعلومات في صورة مراسيل كيماوية. ولضمان سلاسة التفاعلات الكيماوية المميزة لعمليات الحياة ، فان الجسم يقوم بإنتاج الطاقة وتخزينها، ليبذلها فيما بعد في وظائف محددة تؤديها الأنسجة المختلفة: فالقلب يضخ الدم في الأوعية الدموية ، والرئة تبادل غازات الدم بغازات الجو ، وكرات الدم الحمراء تحمل الأوكسجين وثاني أكسيد الكربون، وانقباض العضلات يسمح بالأنماط المختلفة من الحركة، وعمليات التفكير تتم بالمخ، حيث تتحكم المراكز العصبية في كل أنشطة الكائن الحي. ومعظم الخلايا في أجسامنا تنمو وتنقسم طوال الوقت وهذا واضح من مرحلة الطفولة إلى الرجولة.
إن ما نعبر عنه بالساعة البيولوجية للكائن الحي فيقوم بضغط عملية انقسام الخلايا فعندما تتم العملية بصوره صحيحة فان العدد من الخلايا ينقسم في الوقت الصحيح ويحدث القليل من الأخطاء وتقوم آليات الإصلاح ، بكفاءتها الرائعة،بتصحيح ما يزيد على99.9 % من كل الأخطاء، تاركة وراءها البعض القليل منها وهذا البعض القليل يفسر وجود التباينات الو راثية في جزيئات الدنا0
والكثير من تباينات الدنا لا يؤثر على مصير الكائن الحي ، لكن القليل منها يتسبب في تحويرات ببروتينات تشترك في آليات تنظم انقسام الخلايا وتمايزها –بروتينات تشكل جزاء من الساعة البيولوجية0 نتيجة لذلك تفلت بعض الخلايا من قبضة السيطرة وتبدأ في التكاثر بطريقة فوضوية- لقد اكتسبت هذه الخلايا خصيصة أن تنمو وتتطور مستقلة ، لقد أصبحت خلايا سرطانية- 0
هناك عوامل عديدة مختلفة تدفع إلى التكاثر العشوائي للخلايا إلى الحد الذي قد نعتبر فيه كل سرطان مرضا مستقلا 0 والحق أن نمطا معينا محدد من السرطان قد يبتدى في صور مختلفة باختلاف المرضى 0 هناك اختلافات في درجات الحدة وزمن التنامي، وفي الزمن مابين أول الاعراض وبين الظهور الواقعي للنمو السرطاني0 فلقد يفصل مابين اكتساب الخصائص –قبل- السرطانية وبين التنامي الحقيقي للورم السرطاني ما يصل إلى خمسين عاما0
يمكن للسرطان أن يصيب أي خلية وأي عضو 0 وهو مثل القلب والحساسية – ليس مرض واحد، وتنما مجموعة متباينة من الاضطرابات نتيجتها النهائية – التكاثر العشوائي للخلايا- وهي الصورة الخطيرة الشائعة0 السرطان إذن مصطلح عام يشمل الكثير من الاضطرابات ظن وكل منها تحثه أسباب عديدة – مرض متعدد العوامل: وراثية وبيئية وسيكولوجية.
لا يمثل السرطان هذا الداء العضال ،اكتشافا جديدا بل هو مرض قديم عرفة القدماء إلا أن القرن العشرين الذي تطور فية المرض بالقدر الذي تهيأت فيه أرضيات البحث قد شهد اهتماما متزايد بهذا الداء لفهم أسبابه واعراضة ومحاولة التوصل إلى إيجاد حل وقائي في مرحلة لولى ، وعلاجي إذا ما استحالت الوقاية.
وإذا عدنا إلى التاريخ فقد وصف السرطان منذ حوالي 2000سنة قبل الميلاد و لكن وصفه كان على شكل أعراض ومظاهر فقط و قد استنتج الإنسان الآن أنها كانت مظاهر السرطان فقد وجد في مخطوطات المصريين القدماء مخطوطات نصف بعض مظاهر و أعراض هذا الداء كما أشارت إليها الحضارة اليونانية القديمة فوصف أبوقراط الذي يعتبره الغربيون أبا الطب الكثير منها كما أن الأطباء في ظل الحضارة الإسلامية تحدثوا عن هذه الأعراض و المظاهر كجزء من المرض و ليس كما كان الاعتقاد سائداً أنها تنتج عن الخطيئة و الشعوذة.
الجينات والسرطان : ـــــــ
الخلايا في الجسم تتوالد بالانقسام 0 ومعظم خلايا أعضاء الجسم ليست أزليه،بل لها عمر محدد0 فهي تفنى ويحل مكانها جيل جديد من الخلايا هذه العملية تتم بموجب تعليمات صدر عن جينات خاصة 0 جينات تأمر بالانقسام والتكاثر وجينات رادعة(Suppressor Genes) تردع الخلايا عن الانقسام0 هذه العملية التي تعمل في بضعة بلايين من أركان الوراثة، لابد آن يحصل فيها أغلاط والنظام الو راثي يقوم بواسطة بعض الجينات بإصلاح الخطأ وبعضها لا يطل التصليح أفراد منها هذه الخلايا لا ترتدع عن الانقسام وتستمر في التوالد والتكاثر 0
إنها خلايا شاردة وهي السرطان بعينه! خلايا تشذ عن المعتاد فتسبب خللا في العضو الذي هي فيه وتصنع التورم او الدمل ( Tumor)0 ينتج الشرود عن خلل في الجينات التي تتولى هذا الامر0 والمعلوم أن عددا من الأسباب يأتي بهذا الخلل 0 الفيروس، التعرض للأشعة، التدخين 0 جينات معرضة لهذا الخلل وموروثة عن الابوين0
لقد وجد العلماء أربع جينات في الإنسان لها علاقة بسرطان الأمعاء 0 ثم اكتشفوا أن إحدى الفطريات في غذاء أهل الصين تعطي نوعا من السم (Flatoxin) 0 الذي يجعل ركن الثايمين(T) يقع في مكان مخصص للغوانين(G)0 وهذا يقود إلى لتكوين سرطان أي خلايا سرطانية تمارس الانقسام دون توقف 0 كذلك بعض المأكولات تدعو للسرطان (Carcinogenetic) وكلها تبدآ في الجينات.
السرطان إذا هو مرض(طــــفرات) في الجينات قبل ان يصبح مرضا في الأعضاء التي تحتلها الخلايا الشاردة- المستديمة التوالد والتكاثر.
* أسباب السرطان: ـــــ
إن الأسباب الحقيقية المؤدية إلى السرطان لا زالت مجهولة إلى حد ما و لكن هناك عوامل تساعد أو تهيئ للسرطان و هذه العوامل هي: ــــ
1/ الوراثة : إن معظم السرطانات المعروفة و الشائعة لا تنتقل عن طريق الوراثة إنما تكون حالات فردية لا علاقة للوراثة بها و لكن الأبحاث أثبتت دور الوراثة في بعض الأورام و أهمها ورم أورمة الشبكية في العين التي تورث في أغلب الأحيان من الأب لأبـنائه و ليس بالضـرورة إلــى جميعهم و هي تصيب العينين معاً داء البوليات الكولونية العائلي الذي يورث إلى الأبناء ويتحول إلى سرطان كولون .
2/ التدخين : يطلق التدخين حوالي 3000 مادة تحوي مواد عديدة لها علاقة مباشرة مع السرطان أهم هذه المواد هي المسماة البنزبرين كما يقوم التدخين بإحداث تبدلات كبيرة على بشرة القصبات خاصة تحولها من بشرة تنفسية تقوم بعملها التنفسي إلى مجرد بشرة ساترة لا نقوم بأي عمل و هذا التغير يعتبر تغير قبل سرطاني و لا يحتاج إلا لخطوة واحدة ليتحول إلى سرطان .
3/ طبيعة الغذاء : تشير الدراسات المجراة على الغذاء إلى علاقة بعض أنواع الغذاء كالدسم و الكحول بالتأهيب للسرطان خاصة سرطانات المعدة و الأمعاء بينما الخضار و البقول و الألياف تقلل من حدوثه.
4/ الحمات الراشحة (الفيروسات) :لقد ثبتت وجود علاقة بين بعض الحمات الراشحة وبعض أنواع السرطان و هي : ــ
حمة ابشتاين بار لها علاقة بنشوء سرطانات البلعوم الأنفي في الصين و ليمفوما بيركيت في إفريقيا المدارية
حمى التهاب الكبد النموذج ب لها دور في سرطان الكبد
5/ الأشعة :
هناك علاقة بين الأشعة و سرطانات الجلد و الدم و الغدة الدرقية .
6/ التوزيع الجغرافي : لوحظ ازدياد بعض أنواع السرطانات في مناطق من العالم و قلتها في مناطق أخرى
7/ المهنة و التلوث : فهناك مواد مسرطنة يتعرض لها الإنسان سواءً في عمله أو في البيئة الملوثة .
وقد عرف الأطباء اليونانيون ما يسمى بالسرطانات الصلبة التى كان يمكن ملاحظتها دون اللجو إلى المجهر ومنها سرطان الكبد، والمعدة إلى أن شهد الطبيب الإنكليزي برسيفال بوت يحدد أن "سواد الدخان" كسبب رئيسي لعديد من سرطانات الجراب التى لاحظها لدى منظفي مداخن بلندن ، ثم جاء بعد ذلك العالم الفرنسي لوري بوارل ليعلن نظرية السرطان الحموية "نظرية حمى السرطان" وأكدها البيولوجي الأمريكي روس حيث اكتشف فيروسا، يسمى فيروس روس مسؤولا عن سرطان الدم والسركومة لدى الدجاج 0 وفي نفس الفترة تمت ملاحظة أول سرطان لدى شخص يستعمل قنديلا يصنع الناشعة السينية0 على أن هذه الحالة مثلها مثل إي نوع من السرطان والتي شدت انتباه الباحثين العلميــين والأطباء لم تكفي لتضع حدا للتهافت على هذه الأشعة السحرية حتى سقطت قنبلتي الموت في هيروشيما وناغازاكي في اليابان لتبعث الرعب في القلوب والأذهان من الأشعة القاتلة وخطر الإصابة به.
هكذا يمكننا القول أن أسباب السرطان الخارجية معروفة وهي المواد الكيماوية والأشعة السينية أو الفيروس .
* مرحلة الورم :ــــ
و تعبر عن مدى تقدم و استفحال الورم و بالتالي تحديد إنذاره و من الضروري معرفة مرحلة الورم قبل البدء بالعلاج لتحديد نوعيته . و إن المراحل المتقدمة تعبر عن إنذار سيئ بالنسبة للاستجابة للعلاج و الشفاء على عكس المراحل الأولى. و لتحديد مرحلة الورم ينبغي الحصول على العديد من المعلومات عن حجم الآفة و العقد الليمفاوية المصابة و الانتقالات البعيدة و تصنيف هذه المعلومات حسب التصنيف المعتمد عالمياً TNM حيث T هو الحرف الأول من TUMOR و تعني الورم و يقصد بها حجم الورم و اتساعه و كلما كبر الورم ساء الإنذار .أما N فهو الحرف الأول من NODE و تعني العقد و يقصد بها إصابة العقد الليمفاوية و كلما ازداد عدد مجموعات العقد المصابة ساء الإنذار وأخيرا M و هو الحرف الأول من Metastesis و تعني الانتقال و يقصد بها الانتقالات البعيدة و وجود انتقال بعيد يعني إنذار سيئ و وفق هذه المعطيات الثلاث يتحدد الإنذار و العلاج.
طرق تشخيص الأورام : ـ
ظل الأطباء -لسنوات طويلة- يعتمدون في التشخيص المبكر للأورام على ظهور أي أعراض يشتبه فيها، مثل حدوث نزيف بولي، سواء كان شديدًا أم حتى ميكروسكوبيًا (أي أن يكون ظاهرًا تحت الميكروسكوب فقط) أو أن يلاحظ ظهور أو تضخم مثلما يحدث في سرطان الكليتين، وخصوصًا في الأطفال أو في حالات سرطان الخصية في كل الأعمار، ثم حدث اكتشاف بعض دلالات الأورام، التي ساعدت إلى حد كبير في تشخيص بعض هذه الأورام.
الاضطراب الو راثي وتكوين الأورام: ــ
ولكن الأسباب الثابتة والأكيدة وراء حدوث وظهور الأورام ظلت لغزًا كبيرًا، ولذلك عكف العلماء والباحثون لسنوات طويلة في جهود مضنية لمحاولة اكتشاف أي طرف خيط قد يفسِّر ظهور الخلايا السرطانية بالجسم، وبالفعل أكدت الدراسات والأبحاث البالغة الدقة والعالية التقنية وجود علاقة مباشرة بين نمو الخلايا السرطانية ووجود خلل في تكوين الكر وموسومات التي تحتويها النواة بهذه الخلايا، وخلل أيضًا في عدد وتوزيع الجينات الو راثية الموجودة على هذه الكر وموسومات، كان أول خيط في هذا الاكتشاف هو الجين المسمى “P53” وهو الجين المسئول عن تنظيم انشطا ر الخلية السليمة، حيث إن الخلية الطبيعية لها معدل معين من الانشطار أو التكاثر، وهذا الجين الـ “P53” هو الذي يحد ويوقف حدوث أي نشاط زائد في هذا الانشطار، فقد ثبت أنه إذا حدث خلل لهذا الجين فإن الخلية التي تحتويه تستمر في عملية التكاثر والانشطار أكثر وبدون منظم يكبح هذا النمو؛ فينتج عنه ظهور الورم الخبيث، الذي قد يستمر في التكاثر حتى يجد طريقه من خلال الأوعية الدموية والغدد الليمفاوية، فيحدث الانتشار لأجزاء وأعضاء أخرى بالجسم، وقد يحدث الاضطراب في الجينات على صورة اختفاء جزء من أحد الكر وموسومات التي تحتوي على الجينات المائعة أو المحيطة لتكاثر الورم عن طريق معادلة أو مقاومة المواد والصفات الو راثية المحفزة والدافعة لنمو الأورام، ولذلك عند اختفاء هذه الجينات تنطلق الخلايا السرطانية في التكاثر والنمو ويبدأ الورم في الظهور.
ويوجد أيضا جينات من نوع Metastesis (MTSI) تعطي بروتين قابل الاستعمال كدواء ويقدرون أن هذا العلاج هو موضوع رهان في مكافحة السرطان وكذلك فان بروتين “P53” وهو إنتاج احد الجينات الرادعة يمنع في الطبيعة نمو الشرايين في أماكن لا لزوم لها (بين مفاصل الهيكل العظمي مثلا) وقد استعملوه في منع نمو الشرايين في داخل الأورام السرطانية، أولا منعا لتغذية الخلايا الشاردة وثانيا منعا لدخول هذه الخلايا في مجرى الدم والانتقال إلى أعضاء الجسد وتأسيس أورام قاتلة فيها0 وقد نشر ما يفوق على 1000 رسالة علمية حول هذا البروتين المهم 0