|¦|¦| شخصيات الدولة الأمويــــة |¦|¦| يونس بن عبيد |¦|¦|
يونس بن عبيد يونس بن عبيد (ع) ابن دينار الإمام القدوة، الحجة أبو عبد الله العبدي، مولاهم البصري. من صغار التابعين وفضلائهم.
رأى أنس بن مالك. وحدث عن الحسن، وابن سيرين، وعطاء، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وزياد بن جبير، وإبراهيم التيمي، وعمرو بن سعيد الثقفي، ومحمد بن زياد الجمحي، وأبي بردة بن أبي موسى، وحميد بن هلال، والحكم بن الأعرج وحصين بن أبي الحر، وثابت البناني، وأبي العالية البراء وعدة.
حدث عنه: حجاج بن حجاج، وشعبة، وسفيان، وحماد بن سلمة، ويزيد بن زريع، وهشيم، وعبد الوارث، وحماد بن زيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الوهاب الثقفي، ومحمد بن أبي عدي، وأبو همام محمد بن الزبرقان، ومعتمر بن سليمان، وسالم بن نوح، ووهيب. وخلق كثير.
قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. وقال أحمد وابن معين والناس: ثقة.
وقال أبو حاتم: هو أحب إلي من هشام بن حسان، وأكبر من سليمان التيمي، لا يبلغ التيمي منزلة يونس.
وعن سلمة بن علقمة قال: جالست يونس بن عبيد فما استطعت أن آخذ عليه كلمة. قال ابن سعد: ما كتبت شيئا قط.
وقال حماد بن زيد: كان يونس يحدث، ثم يقول: أستغفر الله، استغفر الله ثلاثا .
روى الأصمعي عن مؤمل بن إسماعيل قال: جاء رجل شامي إلى سوق الخزازين فقال: عندك مطرف بأربع مائة فقال يونس بن عبيد: عندنا بمائتين، فنادى المنادي: الصلاة. فانطلق يونس إلى بني قشير ليصلي بهم. فجاء وقد باع ابن أخته المطرف من الشامي، بأربع مائة، فقال: ما هذه الدراهم؟ قال: ثمن ذاك المطرف، فقال: يا عبد الله هذا المطرف الذي عرضته عليك بمائتي درهم. فإن شئت فخذه وخذ. مائتين، وإن شئت فدعه. قال: من أنت؟ قال: أنا رجل من المسلمين. قال: أسألك بالله من أنت؟ وما اسمك؟ قال: يونس بن عبيد. قال: فوالله إنا لنكون في نحر العدو، فإذا اشتد الأمر علينا قلنا: اللهم رب يونس فرج عنا، أو شبيه هذا...
فقال يونس: سبحان الله، سبحان الله! إسنادها مرسل.
وقال أمية بن خالد: جاءت امرأة يونس بن عبيد بجبة خز، فقالت له: اشترها. قال: بكم؟ قالت: بخمس مائة. قال: هي خير من ذلك. قالت: بست مائة قال: هي خير من ذلك. فلم يزل حتى بلغت ألفا. وكان يشتري الإبريسم من البصرة فيبعث به إلى وكيله بالسوس، وكان وكيله يبعث إليه بالخز. فإن كتب وكيله إليه: إن المتاع عندهم زائد، لم يشتر منهم أبدا حتى يخبرهم أن وكيله كتب إليه أن المتاع عندهم زائد.
قال بشر بن المفضل: جاءت امرأة بمطرف خز إلى يونس بن عبيد تعرضه عليه، فقال لها: بكم؟ قالت: بستين درهما. فألقاه إلى جاره، فقال: كيف تراه؟ قال: بعشرين ومائة. قال أرى ذاك ثمنه، أو نحوا من ثمنه. فقال لها: اذهبي فاستأمري أهلك في بيعه بخمس وعشرين ومائة. قالت: قد أمروني أن أبيعه بستين. قال: ارجعي فاستأمريهم.
وقال سعيد بن عامر الضبعي: حدثنا أسماء بن عبيد، سمعت يونس بن عبيد يقول: ليس شيء أعز من شيئين: درهم طيب، ورجل يعمل على سنة.
وقال: بئس المال مال المضاربة وهو خير من الدين، ما خط على سوداء في بيضاء قط، ولا أستطيع أن أقول لمائة درهم أصبتها إنه طاب لي منها عشرة، وايم الله، لو قلت: خمسة لبررت قالها غير مرة. وسمعته يقول: ما سارق يسرق الناس بأسوأ عندي منزلة من رجل أتى مسلما فاشترى منه متاعا إلى أجل مسمى، فحل الأجل، فانطلق في الأرض، يضرب يمينا وشمالا، يطلب فيه من فضل الله، والله لا يصيب منه درهما إلا كان حراما.
الأصمعي: حدثنا سكن صاحب الغنم قال: جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال: بعها وابرأ من أنها تقلب العلف وتنزع الوتد فبين قبل أن يقع البيع.
قال أبو عبد الرحمن المقرئ: نشر يونس بن عبيد ثوبا على رجل، فسبح رجل من جلسائه، فقال: ارفع، أحسبه قال: ما وجدت موضع التسبيح إلا هاهنا؟.
وعن جعفر بن برقان قال: بلغني عن يونس فضل وصلاح، فأحببت أن أكتب إليه أسأله. فكتب إليه: أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه. فأخبرك أني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها، وتكره لهم ما تكره لها، فإذا هي من ذاك بعيدة، ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير، فوجدت الصوم في اليوم الحار أيسر عليها من ذلك. هذا أمري يا أخي والسلام.
قال سعيد بن عامر: قيل إن يونس بن عبيد قال: إني لأعد مائة خصلة من خصال البر، ما في منها خصلة واحدة، ثم قال سعيد، عن جسر أبي جعفر قال: دخلت على يونس بن عبيد أيام الأضحى، فقال: خذ لنا كذا وكذا من شاة. ثم قال: والله ما أراه يتُقَبل مني شيء. قد خشيت أن أكون من أهل النار.
قلت: كل من لم يخش أن يكون في النار، فهو مغرور قد أمن مكر الله به.
قال سعيد بن عامر، عن سلام بن أبي مطيع أو غيره قال: ما كان يونس بأكثرهم صلاة، ولا صوما. ولكن لا والله ما حضر حق لله إلا وهو متهيئ له.
قال سعيد بن عامر: قال يونس: هان علي أن آخذ ناقصا، وغلبني أن أعطي راجحا. وقيل: إن يونس نظر إلى قدميه عند الموت وبكى، فقيل ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال: قدماي لم تغبر في سبيل الله.
قال: وحدثنا مبارك بن فضالة، عن يونس بن عبيد قال: لا تجد من البر شيئا واحدا يتبعه البر كله غير اللسان. فإنك تجد الرجل يكثر الصيام، ويفطر على الحرام، ويقوم الليل، ويسهد بالزور بالنهار. وذكر أشياء نحو هذا. ولكن لا تجده لا يتكلم إلا بحق، فيخالف ذلك عمله أبدا.
وعن جار ليونس قال: ما رأيت أكثر استغفارا من يونس. كان يرفع طرفه إلى السماء ويستغفر.
قال حماد بن زيد: سمعت يونس يقول: توشك عينك أن ترى ما لم تر، وأذنك أن تسمع ما لم تسمع، ثم لا تخرج من طبقة إلا دخلت فيما هو أشد منها حتى يكون آخر ذلك الجواز على الصراط.
وقال حماد بن زيد: شكى رجل إلى يونس وجعا في بطنه، فقال له: يا عبد الله، هذه دار لا توافقك، فالتمس دارا توافقك.
وقال غسان بن المفضل الغلابي، حدثني بعض أصحابنا قال: جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقا من حاله ومعاشه واغتماما بذلك. فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبسمعك؟ قال: لا. قال: فبلسانك؟ قال: لا. قال: فبعقلك؟ قال: لا. في خلال. وذكره نعم الله عليه، ثم قال يونس: أرى لك مائين ألوفا وأنت تشكو الحاجة؟ !.
حماد بن زيد، سمعت يونس بن عبيد يقول: عمدنا إلى ما يصلح الناس فكتبناه، وعمدنا إلى ما يصلحنا فتركناه.
وعن يونس قال: يرجى للرهق بالبر الجنة، ويخاف على المتأله بالعقوق النار.
قال حزم بن أبي حزم: مر بنا يونس بن عبيد على حمار ونحن قعود، على باب ابن لاحق. فوقف. فقال: أصبح من إذا عرف السنة عرفها، غريبا، وأغرب منه الذي يعرفها.
قال سعيد بن عامر: حدثنا جسر أبو جعفر قلت ليونس: مررت بقوم يختصمون في القدر. فقال: لو همتهم ذنوبهم ما اختصموا في القدر.
قال النضر بن شميل: غلا الخز في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة، وكان يونس بن عبيد خزازا فعلم بذلك فاشترى من رجل متاعا بثلاثين ألفا. فلما كان بعد ذلك، قال لصاحبه: هل كنت علمت أن المتاع غلا بأرض كذا وكذا؟ قال: لا. ولو علمت لم أبع. قال: هلم إلي مالي، وخذ ما لك. فرد عليه الثلاثين الألف.
قال حماد بن سلمة: سمعت يونس يقول: ما هم رجلا كسبه إلا همه أين يضعه.
مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان قال: ما رأيت أحدا يطلب بالعلم وجه الله إلا يونس بن عبيد.
عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا إبراهيم بن الحسن الباهلي، حدثنا حماد بن زيد قال: قال يونس بن عبيد: ثلاثة احفظوهن عني: لا يدخل أحدكم على سلطان يقرأ عليه القرآن، ولا يخلون أحدكم مع امرأة يقرأ عليها القرآن، ولا يمكن أحدكم سمعه من أصحاب الأهواء.
ضمرة عن ابن شوذب، سمعت يونس وابن عون اجتمعا، فتذاكرا الحلال والحرام فكلاهما قال: ما أعلم في مالي درهما حلالا.
قلت: والظن بهما أنهما لا يعرفان في مالهما أيضا درهما حواما.
وقال ابن شوذب: سمعت يونس يقول: خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما: صلاته ولسانه.
وروى سلام بن أبي مطيع عن يونس قال: رحم الله الحسن، إني لأحسب الحسن تكلم حسبة، رحم الله محمدا إني لأحسبه سكت حسبة.
سعيد بن عامر، حدثنا حرب بن ميمون الصدوق المسلم، عن خويل، يعني -ختن شعبة- قال: كنت عند يونس فجاءه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ; تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد، وقد دخل عليه ابنك؟ قال: ابني ! قال: نعم. فتغيظ الشيخ. فلم أبرح حتى جاء ابنه. فقال: يا بني، قد عرفت رأيي في عمرو ثم تدخل عليه؟ قال: كان معي فلان. وجعل يعتذر. قال: أنهاك عن الزنا، والسرقة، وشرب الخمر. ولأن تلقى الله بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو.
وقال سعيد بن عامر: قال يونس: إني لأعدها من نعمة الله أني لم أنشأ بالكوفة.
وقيل: التقى يونس وأيوب، فلما تفرقا قال أيوب: قبح الله العيش بعدك.
وقال فضيل بن عبد الوهاب: حدثنا خالد بن عبد الله قال: أراد يونس بن عبيد أن يلجم حمارا: فلم يحسن. فقال لصاحب له: ترى الله كتب الجهاد على رجل لا يلجم حمارا؟
أنبأني أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن عبد الله التستري البزاز، حدثنا محمد بن صدران، حدثنا عامر بن أبي عامر الخراز، سمعت يونس بن عبيد وهو يرثي بهذه الأبيات. من المـوت لا ذو الصبـر ينجيه صبـره
ولا لجــزوع كــاره المـوت مجـزع
أرى كــل ذي نفس وإن طـال عمرهـا
وعاشـت، لها سـم مـن المـوت منقـع
فكـل امـرئ لاق مـن المـوت سـكرة
لـه ســاعة فيهــا يــذل ويضـرع
وإنــك مــن يعجـبـك لا تـك مثلـه
إذا أنـت لـم تصنـع كما كان يصنــع
قال حماد بن زيد. ولد يونس قبل طاعون الجارف. وقيل: كان يونس أسن من أبي عون بسنة. قال محمد بن سعد: مات يونس سنة أربعين ومائة وقال فهد بن حيان: مات سنة تسع وثلاثين قال محمد بن عبد الله الأنصاري: رأيت سليمان وعبد الله ابني علي بن عبد الله بن عباس، وابني سليمان يحملون سرير يونس بن عبيد على أعناقهم. فقال عبد الله بن علي: هذا والله الشرف !.
قلت: كان عبد الله بن علي بعد أن بويع بالخلافة بالشام وغيرها قد عمل مصافا مع أبي مسلم الخراساني، فانهزم جيش عبد الله، وفر هو إلى عند أخيه أمير البصرة سليمان فأجاره من المنصور.
فأما يونس بن عبيد فشيخ لا يعرف من موالي ثقيف. له عن البراء بن عازب: كانت راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سوداء من نمرة لم يرو عنه سوى أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الثقفي. أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه. فيظنه من لا يدري أنه الإمام البصري صاحب الترجمة.
وروى حميد بن هلال عن يونس، عن البراء، له في أول غريب أبي عبيد. فيقال له: إن صاحب الترجمة لا يدرك البراء. فيقول ما المانع من أن يكون روى عن البراء مرسلا؟ فيقال له: إن صاحب الترجمة من موالي عبد القيس، والراوي حديث الراية من موالي ثقيف.
وقد جمع أبو عروبة الحراني حديث يونس بن عبيد الإمام، وقرأت من ذلك الجزء الأول والثاني، على أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة أربع وتسعين، عن عبد المعز بن محمد الهروي، أنبأنا زاهر بن طاهر، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، أنبأنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ، حدثنا أبو عروبة بحران، حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد عن يونس، عن الحكم بن الأعرج، عن الأشعث بن ثرملة، عن أبي بكرة، سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من قتل معاهدا بغير حله، حرم الله عليه الجنة، أن يجد ريحها هذا حديث صالح الإسناد، أخرجه النسائي، من طريق ابن علية عن يونس.
يونس بن عبيد يونس بن عبيد (ع) ابن دينار الإمام القدوة، الحجة أبو عبد الله العبدي، مولاهم البصري. من صغار التابعين وفضلائهم.
رأى أنس بن مالك. وحدث عن الحسن، وابن سيرين، وعطاء، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وزياد بن جبير، وإبراهيم التيمي، وعمرو بن سعيد الثقفي، ومحمد بن زياد الجمحي، وأبي بردة بن أبي موسى، وحميد بن هلال، والحكم بن الأعرج وحصين بن أبي الحر، وثابت البناني، وأبي العالية البراء وعدة.
حدث عنه: حجاج بن حجاج، وشعبة، وسفيان، وحماد بن سلمة، ويزيد بن زريع، وهشيم، وعبد الوارث، وحماد بن زيد، وعبد الأعلى بن عبد الأعلى، وعبد الوهاب الثقفي، ومحمد بن أبي عدي، وأبو همام محمد بن الزبرقان، ومعتمر بن سليمان، وسالم بن نوح، ووهيب. وخلق كثير.
قال علي بن المديني: له نحو مائتي حديث. وقال ابن سعد: كان ثقة، كثير الحديث. وقال أحمد وابن معين والناس: ثقة.
وقال أبو حاتم: هو أحب إلي من هشام بن حسان، وأكبر من سليمان التيمي، لا يبلغ التيمي منزلة يونس.
وعن سلمة بن علقمة قال: جالست يونس بن عبيد فما استطعت أن آخذ عليه كلمة. قال ابن سعد: ما كتبت شيئا قط.
وقال حماد بن زيد: كان يونس يحدث، ثم يقول: أستغفر الله، استغفر الله ثلاثا .
روى الأصمعي عن مؤمل بن إسماعيل قال: جاء رجل شامي إلى سوق الخزازين فقال: عندك مطرف بأربع مائة فقال يونس بن عبيد: عندنا بمائتين، فنادى المنادي: الصلاة. فانطلق يونس إلى بني قشير ليصلي بهم. فجاء وقد باع ابن أخته المطرف من الشامي، بأربع مائة، فقال: ما هذه الدراهم؟ قال: ثمن ذاك المطرف، فقال: يا عبد الله هذا المطرف الذي عرضته عليك بمائتي درهم. فإن شئت فخذه وخذ. مائتين، وإن شئت فدعه. قال: من أنت؟ قال: أنا رجل من المسلمين. قال: أسألك بالله من أنت؟ وما اسمك؟ قال: يونس بن عبيد. قال: فوالله إنا لنكون في نحر العدو، فإذا اشتد الأمر علينا قلنا: اللهم رب يونس فرج عنا، أو شبيه هذا...
فقال يونس: سبحان الله، سبحان الله! إسنادها مرسل.
وقال أمية بن خالد: جاءت امرأة يونس بن عبيد بجبة خز، فقالت له: اشترها. قال: بكم؟ قالت: بخمس مائة. قال: هي خير من ذلك. قالت: بست مائة قال: هي خير من ذلك. فلم يزل حتى بلغت ألفا. وكان يشتري الإبريسم من البصرة فيبعث به إلى وكيله بالسوس، وكان وكيله يبعث إليه بالخز. فإن كتب وكيله إليه: إن المتاع عندهم زائد، لم يشتر منهم أبدا حتى يخبرهم أن وكيله كتب إليه أن المتاع عندهم زائد.
قال بشر بن المفضل: جاءت امرأة بمطرف خز إلى يونس بن عبيد تعرضه عليه، فقال لها: بكم؟ قالت: بستين درهما. فألقاه إلى جاره، فقال: كيف تراه؟ قال: بعشرين ومائة. قال أرى ذاك ثمنه، أو نحوا من ثمنه. فقال لها: اذهبي فاستأمري أهلك في بيعه بخمس وعشرين ومائة. قالت: قد أمروني أن أبيعه بستين. قال: ارجعي فاستأمريهم.
وقال سعيد بن عامر الضبعي: حدثنا أسماء بن عبيد، سمعت يونس بن عبيد يقول: ليس شيء أعز من شيئين: درهم طيب، ورجل يعمل على سنة.
وقال: بئس المال مال المضاربة وهو خير من الدين، ما خط على سوداء في بيضاء قط، ولا أستطيع أن أقول لمائة درهم أصبتها إنه طاب لي منها عشرة، وايم الله، لو قلت: خمسة لبررت قالها غير مرة. وسمعته يقول: ما سارق يسرق الناس بأسوأ عندي منزلة من رجل أتى مسلما فاشترى منه متاعا إلى أجل مسمى، فحل الأجل، فانطلق في الأرض، يضرب يمينا وشمالا، يطلب فيه من فضل الله، والله لا يصيب منه درهما إلا كان حراما.
الأصمعي: حدثنا سكن صاحب الغنم قال: جاءني يونس بن عبيد بشاة فقال: بعها وابرأ من أنها تقلب العلف وتنزع الوتد فبين قبل أن يقع البيع.
قال أبو عبد الرحمن المقرئ: نشر يونس بن عبيد ثوبا على رجل، فسبح رجل من جلسائه، فقال: ارفع، أحسبه قال: ما وجدت موضع التسبيح إلا هاهنا؟.
وعن جعفر بن برقان قال: بلغني عن يونس فضل وصلاح، فأحببت أن أكتب إليه أسأله. فكتب إليه: أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه. فأخبرك أني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها، وتكره لهم ما تكره لها، فإذا هي من ذاك بعيدة، ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير، فوجدت الصوم في اليوم الحار أيسر عليها من ذلك. هذا أمري يا أخي والسلام.
قال سعيد بن عامر: قيل إن يونس بن عبيد قال: إني لأعد مائة خصلة من خصال البر، ما في منها خصلة واحدة، ثم قال سعيد، عن جسر أبي جعفر قال: دخلت على يونس بن عبيد أيام الأضحى، فقال: خذ لنا كذا وكذا من شاة. ثم قال: والله ما أراه يتُقَبل مني شيء. قد خشيت أن أكون من أهل النار.
قلت: كل من لم يخش أن يكون في النار، فهو مغرور قد أمن مكر الله به.
قال سعيد بن عامر، عن سلام بن أبي مطيع أو غيره قال: ما كان يونس بأكثرهم صلاة، ولا صوما. ولكن لا والله ما حضر حق لله إلا وهو متهيئ له.
قال سعيد بن عامر: قال يونس: هان علي أن آخذ ناقصا، وغلبني أن أعطي راجحا. وقيل: إن يونس نظر إلى قدميه عند الموت وبكى، فقيل ما يبكيك أبا عبد الله؟ قال: قدماي لم تغبر في سبيل الله.
قال: وحدثنا مبارك بن فضالة، عن يونس بن عبيد قال: لا تجد من البر شيئا واحدا يتبعه البر كله غير اللسان. فإنك تجد الرجل يكثر الصيام، ويفطر على الحرام، ويقوم الليل، ويسهد بالزور بالنهار. وذكر أشياء نحو هذا. ولكن لا تجده لا يتكلم إلا بحق، فيخالف ذلك عمله أبدا.
وعن جار ليونس قال: ما رأيت أكثر استغفارا من يونس. كان يرفع طرفه إلى السماء ويستغفر.
قال حماد بن زيد: سمعت يونس يقول: توشك عينك أن ترى ما لم تر، وأذنك أن تسمع ما لم تسمع، ثم لا تخرج من طبقة إلا دخلت فيما هو أشد منها حتى يكون آخر ذلك الجواز على الصراط.
وقال حماد بن زيد: شكى رجل إلى يونس وجعا في بطنه، فقال له: يا عبد الله، هذه دار لا توافقك، فالتمس دارا توافقك.
وقال غسان بن المفضل الغلابي، حدثني بعض أصحابنا قال: جاء رجل إلى يونس بن عبيد فشكا إليه ضيقا من حاله ومعاشه واغتماما بذلك. فقال: أيسرك ببصرك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبسمعك؟ قال: لا. قال: فبلسانك؟ قال: لا. قال: فبعقلك؟ قال: لا. في خلال. وذكره نعم الله عليه، ثم قال يونس: أرى لك مائين ألوفا وأنت تشكو الحاجة؟ !.
حماد بن زيد، سمعت يونس بن عبيد يقول: عمدنا إلى ما يصلح الناس فكتبناه، وعمدنا إلى ما يصلحنا فتركناه.
وعن يونس قال: يرجى للرهق بالبر الجنة، ويخاف على المتأله بالعقوق النار.
قال حزم بن أبي حزم: مر بنا يونس بن عبيد على حمار ونحن قعود، على باب ابن لاحق. فوقف. فقال: أصبح من إذا عرف السنة عرفها، غريبا، وأغرب منه الذي يعرفها.
قال سعيد بن عامر: حدثنا جسر أبو جعفر قلت ليونس: مررت بقوم يختصمون في القدر. فقال: لو همتهم ذنوبهم ما اختصموا في القدر.
قال النضر بن شميل: غلا الخز في موضع كان إذا غلا هناك غلا بالبصرة، وكان يونس بن عبيد خزازا فعلم بذلك فاشترى من رجل متاعا بثلاثين ألفا. فلما كان بعد ذلك، قال لصاحبه: هل كنت علمت أن المتاع غلا بأرض كذا وكذا؟ قال: لا. ولو علمت لم أبع. قال: هلم إلي مالي، وخذ ما لك. فرد عليه الثلاثين الألف.
قال حماد بن سلمة: سمعت يونس يقول: ما هم رجلا كسبه إلا همه أين يضعه.
مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان قال: ما رأيت أحدا يطلب بالعلم وجه الله إلا يونس بن عبيد.
عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا إبراهيم بن الحسن الباهلي، حدثنا حماد بن زيد قال: قال يونس بن عبيد: ثلاثة احفظوهن عني: لا يدخل أحدكم على سلطان يقرأ عليه القرآن، ولا يخلون أحدكم مع امرأة يقرأ عليها القرآن، ولا يمكن أحدكم سمعه من أصحاب الأهواء.
ضمرة عن ابن شوذب، سمعت يونس وابن عون اجتمعا، فتذاكرا الحلال والحرام فكلاهما قال: ما أعلم في مالي درهما حلالا.
قلت: والظن بهما أنهما لا يعرفان في مالهما أيضا درهما حواما.
وقال ابن شوذب: سمعت يونس يقول: خصلتان إذا صلحتا من العبد صلح ما سواهما: صلاته ولسانه.
وروى سلام بن أبي مطيع عن يونس قال: رحم الله الحسن، إني لأحسب الحسن تكلم حسبة، رحم الله محمدا إني لأحسبه سكت حسبة.
سعيد بن عامر، حدثنا حرب بن ميمون الصدوق المسلم، عن خويل، يعني -ختن شعبة- قال: كنت عند يونس فجاءه رجل، فقال: يا أبا عبد الله ; تنهانا عن مجالسة عمرو بن عبيد، وقد دخل عليه ابنك؟ قال: ابني ! قال: نعم. فتغيظ الشيخ. فلم أبرح حتى جاء ابنه. فقال: يا بني، قد عرفت رأيي في عمرو ثم تدخل عليه؟ قال: كان معي فلان. وجعل يعتذر. قال: أنهاك عن الزنا، والسرقة، وشرب الخمر. ولأن تلقى الله بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو.
وقال سعيد بن عامر: قال يونس: إني لأعدها من نعمة الله أني لم أنشأ بالكوفة.
وقيل: التقى يونس وأيوب، فلما تفرقا قال أيوب: قبح الله العيش بعدك.
وقال فضيل بن عبد الوهاب: حدثنا خالد بن عبد الله قال: أراد يونس بن عبيد أن يلجم حمارا: فلم يحسن. فقال لصاحب له: ترى الله كتب الجهاد على رجل لا يلجم حمارا؟
أنبأني أحمد بن سلامة، عن أبي المكارم اللبان، أنبأنا أبو علي الحداد، أنبأنا أبو نعيم، حدثنا سليمان بن أحمد، حدثنا أحمد بن عبد الله التستري البزاز، حدثنا محمد بن صدران، حدثنا عامر بن أبي عامر الخراز، سمعت يونس بن عبيد وهو يرثي بهذه الأبيات. من المـوت لا ذو الصبـر ينجيه صبـره
ولا لجــزوع كــاره المـوت مجـزع
أرى كــل ذي نفس وإن طـال عمرهـا
وعاشـت، لها سـم مـن المـوت منقـع
فكـل امـرئ لاق مـن المـوت سـكرة
لـه ســاعة فيهــا يــذل ويضـرع
وإنــك مــن يعجـبـك لا تـك مثلـه
إذا أنـت لـم تصنـع كما كان يصنــع
قال حماد بن زيد. ولد يونس قبل طاعون الجارف. وقيل: كان يونس أسن من أبي عون بسنة. قال محمد بن سعد: مات يونس سنة أربعين ومائة وقال فهد بن حيان: مات سنة تسع وثلاثين قال محمد بن عبد الله الأنصاري: رأيت سليمان وعبد الله ابني علي بن عبد الله بن عباس، وابني سليمان يحملون سرير يونس بن عبيد على أعناقهم. فقال عبد الله بن علي: هذا والله الشرف !.
قلت: كان عبد الله بن علي بعد أن بويع بالخلافة بالشام وغيرها قد عمل مصافا مع أبي مسلم الخراساني، فانهزم جيش عبد الله، وفر هو إلى عند أخيه أمير البصرة سليمان فأجاره من المنصور.
فأما يونس بن عبيد فشيخ لا يعرف من موالي ثقيف. له عن البراء بن عازب: كانت راية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سوداء من نمرة لم يرو عنه سوى أبي يعقوب إسحاق بن إبراهيم الثقفي. أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه. فيظنه من لا يدري أنه الإمام البصري صاحب الترجمة.
وروى حميد بن هلال عن يونس، عن البراء، له في أول غريب أبي عبيد. فيقال له: إن صاحب الترجمة لا يدرك البراء. فيقول ما المانع من أن يكون روى عن البراء مرسلا؟ فيقال له: إن صاحب الترجمة من موالي عبد القيس، والراوي حديث الراية من موالي ثقيف.
وقد جمع أبو عروبة الحراني حديث يونس بن عبيد الإمام، وقرأت من ذلك الجزء الأول والثاني، على أبي الفضل أحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء في سنة أربع وتسعين، عن عبد المعز بن محمد الهروي، أنبأنا زاهر بن طاهر، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن الأديب، أنبأنا أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ، حدثنا أبو عروبة بحران، حدثنا إسحاق بن شاهين، حدثنا خالد عن يونس، عن الحكم بن الأعرج، عن الأشعث بن ثرملة، عن أبي بكرة، سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: من قتل معاهدا بغير حله، حرم الله عليه الجنة، أن يجد ريحها هذا حديث صالح الإسناد، أخرجه النسائي، من طريق ابن علية عن يونس.