خصـــائص الإقلــيم الإقتصاديــة
أولا: الأقاليم الإقتصادية:
تتم عملية التقسيم إلى أقاليم إقتصادية نظرا لوجود حاجة ملحة لتنمية تلك الأقاليم ووضع سياسات تنموية مناسبة لكل إقليم على حدا، فإذا كان الإنسان هو محور الدراسات السكانية، وهو وبيئته محور الدراسات العمرانية والسياسية، فإن أنشطته الاقتصادية وعلاقتها بظروف البيئة، هي أساس الأقاليم الاقتصادية، إذ يهتم هذا الفرع الجغرافي بدراسة الأنشطة الاقتصادية للإنسان وعلاقاتها بظروف البيئة، كما أنه يعنى بدراسة موارد العالم الاقتصادية ما بين إنتاج واستهلاك، وما يترتب على ذلك من تبادل تجاري وطرق للنقل، كما يهتم بدراسة العوامل الطبيعية والبشرية المؤثرة في الإنتاج الاقتصادي، وبالتوزيع الجغرافي للحرف أو الأنشطة الضرورية أو المعيشية ، (جمع الطعام، والصيد البدائي، والرعي البدائي)، والأنشطة التجارية ، (قطع الأخشاب، وصيد الأسماك، والرعي التجاري، والزراعة).
وتستمد الأقاليم الإقتصادية جزءاً كبيراً من موضوعاتها من عدة علوم طبيعية وبشرية، فمن العلوم الطبيعية ، تستعين بالجيولوجيا، والمناخ، والتربة، والنبات، والحيوان، ومن العلوم الاجتماعية ، تستعين بالسكان، والاجتماع، والتاريخ، والإحصاء، إضافة إلى علم الاقتصاد والعلوم المتصلة به كالتسويق والتجارة الخارجية، وهي علوم تركز دراساتها على طرق الإنتاج، وربحيتها، والعوامل الاقتصادية المؤثرة في الإنتاج، إضافة إلى دراستها التجارية الدولية والأسعار وقوانين العرض والطلب.
1. أقسام النشاط الإقتصادي
يُقسم النشاط الإقتصادي إلى ثلاث أقسام رئيسية هي:
أ. الإنتاج Production يتضمن هذا القسم مجهودات الإنسان المتمثلة في حرفه المختلفة لاستخراج وإنتاج الخامات سواء كانت غذائية أو صناعية، وتنقسم الحرف الإنتاجية إلى ثلاث مجموعات هي:
1- حرف بدائية: ويُقصد بها الحرف التي يمارسها الإنسان من أجل الحصول على حاجياته من الخامات الأولية من الطبيعة، وتشمل حرف الجمع، والالتقاط، والصيد، والزراعة، والتعدين.
2- حرف المرتبة الثانية: وتعني الحرف، التي تزيد من قيمة حاجيات الإنسان بعد تحويلها في المصانع (الصناعات التحويلية ) من أشكالها الأولية إلى أشكال أخرى تتفق والاحتياجات المتعددة للإنسان كتحويل خامات الحديد إلى ألواح من الصلب، والقمح إلى دقيق، والخشب إلى أثاث.
3- حرف المرتبة الثالثة ويُقصد بها الخدمات المتعددة، المُمثلة في خدمات البيوت المالية، والنقل، والإصلاح، والتأمين، إضافة إلى الخدمات التعليمية، والصحية، والترفيهية، وكلها خدمات تؤدي دوراً رئيساً في العمليات الإنتاجية المختلفة.
ب. التبادل Exchange يعتمد التبادل إلى حد ما على حركة التجارة العالمية، التي أزداد حجمها وتعددت نوعيتها في العصر الحالي، تبعاً لتعدد احتياجات الإنسان. وتبادل السلع يزيد قيمتها لتغير مكانها، فالبترول العربي مثلاً، تزيد قيمته بنقله من مناطق إنتاجه في العالم العربي إلى الأسواق الأوروبية، والأمريكية، واليابانية.
ج. الإستهلاكConsommation يمثل استهلاك السلع والخدمات المرحلة الأخيرة من مراحل النشاط الإقتصادي، وللاستهلاك عدة أشكال هي:
1- استهلاك يقضي على السلع والخدمات بسرعة كبيرة وبشكل مباشر، مثل أكل المواد الغذائية، وحرق الفحم، واستهلاك البترول ومشتقاته.
2- استهلاك يقضي على السلع بشكل تدريجي، مثل استهلاك المركبات الآلية، والأدوات الكهربائية والأثاث.
3- استهلاك لا يقضي على السلع، مثل زيارة المناطق الأثرية والمصايف والمشاتي.
2. تقسيم الموارد حسب توزيعها الجغرافي
ومن البديهيات أن البيئة الطبيعية بعناصرها المختلفة لا قيمة لها ولا أهمية بدون الإنسان، الذي يحول عناصرها إلى موارد طبيعية ، يستغلها في إشباع حاجياته وتحقيق رغباته بعد تحويلها إلى موارد اقتصادية ، وتنقسم الموارد الطبيعية من وجهة نظر الجغرافيا الاقتصادية، حسب توزيعها الجغرافي، وقدرتها على التجدد، وطبيعة تكوينها إلى ثلاث مجموعات هي:
أ. موارد منتشرة التوزيع:ويُقصد بها الموارد المنتشرة في كل مكان على سطح الأرض، ولا توجد صعوبة في الحصول عليها مثل الماء والأكسجين في الهواء الذي يتنفسه الإنسان.
ب. موارد متوسطة التوزيع: وتتمثل في الأراضي الزراعية المنتشرة في العالم، ومع ذلك تختلف قيمتها من مكان إلى آخر، تبعاً لخصائصها الطبيعية، والكيميائية، ومدى خصوبتها.
ج. مواد محدودة التوزيع : ويمثلها بعض الموارد المعدنية التي يرتبط توزيعها الجغرافي بتكوينات جيولوجية محدودة الانتشار، مثل معدن التيتانيوم ، إذ تنتجه سبع دول فقط (الولايات المتحدة الأمريكية، واستراليا، وكندا، والنرويج، وماليزيا، وفنلندا، وأسبانيا). وتنتج مجتمعة حوالي 97% من إجمالي الإنتاج العالمي، أمّا بقية الكمية (3%) فتتوزع على عدد محدود من دول العالم.
د. موارد محدودة التوزيع جداً : ويُقصد بها الموارد، التي يكاد يتركز توزيعها الجغرافي في مكان واحد على سطح الأرض. ويمثل النيكل هذا القسم، إذ يتركز أكثر من نصف إنتاجه في منطقة سدبري Sudberry، شمال بحيرة هورن في ولاية انتاريو في كندا.
3. تقسيم الموارد حسب قدرتها على التجدد والاستمرار
وتنقسم إلى قسمين:
أ. موارد متجددة :ويُقصد بها الموارد، التي لا تنفذ لأنها تتجدد باستمرار إما لطبيعتها الخاصة كالأكسجين في الهواء، وإمّا لتنظيم الإنسان في عمليات استغلالها كالتربة والثروة الحيوانية والنباتية.
ب. موارد غير متجددة: وهي الموارد القابلة للنفاذ إمّا لإهمال الإنسان وإسرافه في استغلالها مثل تعرية التربة، أو إنها غير متجددة مثل الموارد المعدنية.
4. تقسيم الموارد على أساس طبيعة تكوينها
وهي تنقسم إلى موارد عضوية مثل الموارد النباتية والحيوانية، والبترول، والفحم، أو غير عضوية مثل الصخور، ومعظم الموارد المعدنية، أو موارد تضم عناصر عضوية وأخرى غير عضوية كالتربة.
وهناك عوامل تؤثر في تقسيم الحيز المكاني إلى أقاليم اقتصادية منها المسافة، نوعية الأنشطة القائمة بالاقليم والفروق الاقتصادية.
فيؤثر عامل المسافة على العلاقات الاقتصادية بين الأقاليم، كما يؤثر تأثيرا مباشرا على تكلفة الإنتاج وتكاليف التوزيع، فكلما اقترب مركزان اقتصاديان من بعضهما كلما زادت العلاقات الاقتصادية بينهما، أما بعد المسافة بين مركزين اقتصاديين يؤدي إلى ضعف علاقات الترابط والتبادل الاقتصادي بينهما.
تختلف الأنشطة القائمة فيما بينها بين خدمات إنتاجية وأخرى اجتماعية ونوع النشاط يصبغ الإقليم بصبغة معينة ، فوجود النشاط الصناعي بدرجة كبيرة في إقليم ما يجعل الإقليم صناعيا، ووجود الزراعة بكثرة تجعل من الإقليم زراعيا وبمعنى آخر كلما زادت عمالة القطاع عن 50 % فنوعية العمالة تشكل نوعية الإقليم.
ثانيا : أسس التقسيم إلى أقاليم اقتصادية
هناك مجموعة من الأسس يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقسيم الدولة إلى أقاليم اقتصادية أهمها:
1. تحقيق التجانس الاقتصادي بين الأقاليم بمعنى وجود مجموعة من الأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي تكمل بعضها البعض وبهذا توفر قدر من التوازن بين أجزاء الأقاليم.
2. مراعاة التوفيق بين الحدود الاقتصادية للإقليم والعناصر الطبيعية التي تمثل عوائق حركة النقل والمواصلات سواء للسلع أو المواد الخام، هذه العوائق الطبيعية يمكن التغلب عليها بالوسائل التكنولوجية الحديثة.
3. وجود نسبة ميزة اقتصادية لكل إقليم مثل وجود صناعة معينة على مستوى عال من التقدم أو محصول معين أو مورد طبيعي.
والأقاليم الاقتصادية أنواع:
1- أقاليم ذات أنشطة متنوعة: وهي الأقاليم التي يوجد بها عدد كبير من الأنشطة المختلفة وهي ضرورة هامة لأنها تعالج مساوئ الأقاليم المتخصصة، حيث يمنع التدهور الاجتماعي الاقتصادي، وعلى العموم من الأفضل إحداث نشاط بكل إقليم على قدر من التوازن تفاديا للبطالة الموسمية وما يترتب عليها من خفض الأجور وضعف النشاط الاقتصادي وضعف القدرة الشرائية ومستوى المعيشة.
2- الأقاليم المتخصصة: هي أقاليم يتواجد فيها عدد من الأنشطة المرتبطة والمعتمدة على عناصر بارزة وموجودة بالإقليم ومن المشاكل التي ترتبط بالأقاليم المتخصصة أن التخصص الإقليمي لايستطيع حماية المنطقة من البطالة بالإضافة غلى أن الأنشطة المتخصصة تحتاج إلى عمال جدد كما وكيفا من الصعب الحصول عليهم دون الحاجة إلى انتقالهم من مكان للآخر ولا يساعد على استغلال الإمكانيات البشرية المتاحة.
5-1 أنواع النشاطات
ترتبط الأقاليم الاقتصادية بنوع النشاط زراعيا كان ، صناعيا أو خدماتيا خاصة كل ما يتعلق بالنقل والمواصلات والتجارة.
أ-النقل والمواصلات:
تُعد طرق النقل المختلفة (البرية والبحرية والجوية) شرايين النشاط الاقتصادي في العالم، وما كانت دول العالم دونها أن تتمكّن من تبادل منفعة السلع المختلفة. والنقل عملية متممة للإنتاج، حيث لا تتكامل عملية إنتاج السلع والمنتجات المختلفة إلاّ بنقلها إلى أسواق التصريف بواسطة وسائل النقل، فالبترول ومشتقاته، المخصصة للتصدير إلى الأسواق العالمية، من الموانئ العربية، يعد سلعة في مرحلة الإنتاج لحين نقلها بالفعل إلى أسواق التصريف الدولية. ومن ثم يُعد النقل عملية أساسية لا غنى عنها، لتوفير السلع والمنتجات عن طريق التبادل والتجارة.
وإذا كانت البيئة قد أسهمت في توزيع الموارد الطبيعية في الأقاليم المختلفة، فإن مدى إمكانية شق طرق النقل، وتكلفتها، وكفاءتها، يحدد مستوى استغلال هذه الموارد في اقتصاديات عملية الإنتاج. فهناك أقاليم في العالم تستغل مواردها الطبيعية منذ زمن بعيد وبمستوى اقتصادي مجزٍ لجودة موقعها الجغرافي، وبالتالي سهولة مد شبكات الطرق بها مما أنعشها سكانياً واقتصادياً، كما هو الحال في حقول البترول في آسيا العربية، وفي أقاليم التعدين الرئيسية في أوروبا، والأقاليم الرعوية في أمريكا الشمالية وجنوب أفريقيا، وأقاليم خام النحاس في شيلي، وخام الحديد في أسوان (مصر). وعلى العكس من ذلك هناك أقاليم تأخر استغلال مواردها لفترة طويلة حتى شُقَّت شبكة من الطرق بها، وأبرز الأمثلة على ذلك سهول سيبريا في شمال آسيا، والتي استغلت مواردها بعد شق سكة حديد سيبريا.
ولا يتوقف دور النقل على عملية التبادل السلعي ونقل المنتجات فحسب، وإنما يمتد دوره إلى توزيع السكان على سطح الأرض على المستويين الإقليمي والعالمي طوال مراحل التاريخ، فقد كان لتوافر عامل النقل، وخاصة النقل البري والنقل البحري، دور لا يمكن إغفاله في ظهور الحضارات القديمة، وخاصة في مصر، والصين، وشبه القارة الهندية، وأراضي الرافدين، والساحل الفينيقي (ساحل الشام)، وسواحل الأناضول، وساعدت وسائل النقل على اتصال تلك الحضارات ببعضها، وخاصة تلك، التي عرفت كيفية اختراق الصحاري مثل الحضارات الآسيوية، وتلك التي عرفت الملاحة البحرية مثل الحضارات الفرعونية، والفينيقية، والإغريقية، مما أسهم بدوره في تطور الفكر البشري، وازدهار العلوم، وتبادل الثقافات.
وكان لتطور وسائل النقل، وخاصة النقل البحري، خلال القرن الخامس عشر، دور مباشر في نشاط حركة الكشوف الجغرافية، التي أدت إلى اكتشاف أراضي جديدة سواء في الأمريكتين أو استراليا. وما تبع ذلك من إعادة توزيع سكان العالم، حيث اندفعت موجات متتالية من سكان العالم القديم وخاصة من أوروبا إلى الأراضي الجديدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى بدأت حركة الاستعمار الأوروبي كالبرتغال، وأسبانيا، في المراحل الأولى من الكشوف الجغرافية، ثم هولندا، وفرنسا، وبريطانيا، وباقي الدول الأوروبية الاستعمارية بعد ذلك.
ويُعد الاهتمام بشبكات الطرق من الأهداف الإستراتيجية للعديد من دول العالم وخاصة الدول كبيرة المساحة، وذلك للمحافظة على وحدة أراضيها وسلامتها، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والبرازيل، والمملكة العربية السعودية. وفي الأخير كلما كان الإقليم مهيكل جيدا ومتصل بباقي المناطق يكون الإقليم مهيأ وقابل لأي نوع من التخطيط ومتوفر على قدر من التوازن بين أجزائه.
ب- النشاط الزراعي:
يتألف اصطلاح الزراعة Agriculture، من مقطعين هما Agri وتعني حقل، وCultura وتعني زراعة أو رعاية، ومعنى ذلك أن الكلمة ترمز بمعناها السابق إلى زراعة الحقل ورعايته، ويُعرف الجغرافيون هذا الفرع بأنه الفرع الجغرافي الذي يدرس الظروف الجغرافية المؤثرة في توزيع النشاط الزراعي على سطح الأرض، وتحليل التغيرات المساحية في مجال تلك الحرفة. وتهتم الجغرافيا الزراعية بالربط بين المعلومات الجغرافية الخاصة بظروف البيئة وبالملامح البشرية من جهة وأساليب الإنتاج من جهة أخرى، وتستغل هذه المعلومات في معالجة موضوعاتها المُمثلة في توزيع، ووصف، وتحليل الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بإنتاج، وتبادل، واستهلاك الثروة الزراعية.وتعد الزراعة من أرقى وسائل الحصول على الغذاء، وأوسعها انتشاراً على سطح الأرض، وأكثرها أهمية للمجتمعات البشرية حتى الصناعية منها، فهي تقدم العديد من الخامات الصناعية كالقطن، والكتان، والمطاط، وقصب السكر، ومن ثم كان الارتباط قوياً بين المناطق الصناعية والنطاقات الزراعية.
وهذا ما يجمع الإقليم الصناعي يحوي النشاطين معا زراعي وصناعي، وقد عرف الإنسان الزراعة في وقت متقدم، إذ ترجع الأدلة على امتهان الإنسان الزراعة إلى سنة 7000 قبل الميلاد، ويأتي القمح والشعير في مقدمة المحاصيل التي نجح الإنسان في زراعتها، وأخذت النطاقات الزراعية في الاتساع والانتشار بعد ذلك في أحواض أنهار النيل، ودجلة، والفرات، واليانجتسي، والهوانجو، والسند، والجانج خلال الألف الخامسة قبل الميلاد.
واختلفت المحاصيل، التي زرعها الإنسان لأول مرة من إقليم إلى آخر، تبعاً لخصائص البيئة الطبيعية، رغم تصدر الحبوب والتمر قائمة هذه المحاصيل، فبينما ساد القمح والشعير بصفة خاصة أقاليم الزراعة في مصر وغربي آسيا وأوروبا، ساد الأرز في جنوب وشرق آسيا، والذرة في الأمريكتين، والمحاصيل الدرنية في الأقاليم المدارية المطيرة
أولا: الأقاليم الإقتصادية:
تتم عملية التقسيم إلى أقاليم إقتصادية نظرا لوجود حاجة ملحة لتنمية تلك الأقاليم ووضع سياسات تنموية مناسبة لكل إقليم على حدا، فإذا كان الإنسان هو محور الدراسات السكانية، وهو وبيئته محور الدراسات العمرانية والسياسية، فإن أنشطته الاقتصادية وعلاقتها بظروف البيئة، هي أساس الأقاليم الاقتصادية، إذ يهتم هذا الفرع الجغرافي بدراسة الأنشطة الاقتصادية للإنسان وعلاقاتها بظروف البيئة، كما أنه يعنى بدراسة موارد العالم الاقتصادية ما بين إنتاج واستهلاك، وما يترتب على ذلك من تبادل تجاري وطرق للنقل، كما يهتم بدراسة العوامل الطبيعية والبشرية المؤثرة في الإنتاج الاقتصادي، وبالتوزيع الجغرافي للحرف أو الأنشطة الضرورية أو المعيشية ، (جمع الطعام، والصيد البدائي، والرعي البدائي)، والأنشطة التجارية ، (قطع الأخشاب، وصيد الأسماك، والرعي التجاري، والزراعة).
وتستمد الأقاليم الإقتصادية جزءاً كبيراً من موضوعاتها من عدة علوم طبيعية وبشرية، فمن العلوم الطبيعية ، تستعين بالجيولوجيا، والمناخ، والتربة، والنبات، والحيوان، ومن العلوم الاجتماعية ، تستعين بالسكان، والاجتماع، والتاريخ، والإحصاء، إضافة إلى علم الاقتصاد والعلوم المتصلة به كالتسويق والتجارة الخارجية، وهي علوم تركز دراساتها على طرق الإنتاج، وربحيتها، والعوامل الاقتصادية المؤثرة في الإنتاج، إضافة إلى دراستها التجارية الدولية والأسعار وقوانين العرض والطلب.
1. أقسام النشاط الإقتصادي
يُقسم النشاط الإقتصادي إلى ثلاث أقسام رئيسية هي:
أ. الإنتاج Production يتضمن هذا القسم مجهودات الإنسان المتمثلة في حرفه المختلفة لاستخراج وإنتاج الخامات سواء كانت غذائية أو صناعية، وتنقسم الحرف الإنتاجية إلى ثلاث مجموعات هي:
1- حرف بدائية: ويُقصد بها الحرف التي يمارسها الإنسان من أجل الحصول على حاجياته من الخامات الأولية من الطبيعة، وتشمل حرف الجمع، والالتقاط، والصيد، والزراعة، والتعدين.
2- حرف المرتبة الثانية: وتعني الحرف، التي تزيد من قيمة حاجيات الإنسان بعد تحويلها في المصانع (الصناعات التحويلية ) من أشكالها الأولية إلى أشكال أخرى تتفق والاحتياجات المتعددة للإنسان كتحويل خامات الحديد إلى ألواح من الصلب، والقمح إلى دقيق، والخشب إلى أثاث.
3- حرف المرتبة الثالثة ويُقصد بها الخدمات المتعددة، المُمثلة في خدمات البيوت المالية، والنقل، والإصلاح، والتأمين، إضافة إلى الخدمات التعليمية، والصحية، والترفيهية، وكلها خدمات تؤدي دوراً رئيساً في العمليات الإنتاجية المختلفة.
ب. التبادل Exchange يعتمد التبادل إلى حد ما على حركة التجارة العالمية، التي أزداد حجمها وتعددت نوعيتها في العصر الحالي، تبعاً لتعدد احتياجات الإنسان. وتبادل السلع يزيد قيمتها لتغير مكانها، فالبترول العربي مثلاً، تزيد قيمته بنقله من مناطق إنتاجه في العالم العربي إلى الأسواق الأوروبية، والأمريكية، واليابانية.
ج. الإستهلاكConsommation يمثل استهلاك السلع والخدمات المرحلة الأخيرة من مراحل النشاط الإقتصادي، وللاستهلاك عدة أشكال هي:
1- استهلاك يقضي على السلع والخدمات بسرعة كبيرة وبشكل مباشر، مثل أكل المواد الغذائية، وحرق الفحم، واستهلاك البترول ومشتقاته.
2- استهلاك يقضي على السلع بشكل تدريجي، مثل استهلاك المركبات الآلية، والأدوات الكهربائية والأثاث.
3- استهلاك لا يقضي على السلع، مثل زيارة المناطق الأثرية والمصايف والمشاتي.
2. تقسيم الموارد حسب توزيعها الجغرافي
ومن البديهيات أن البيئة الطبيعية بعناصرها المختلفة لا قيمة لها ولا أهمية بدون الإنسان، الذي يحول عناصرها إلى موارد طبيعية ، يستغلها في إشباع حاجياته وتحقيق رغباته بعد تحويلها إلى موارد اقتصادية ، وتنقسم الموارد الطبيعية من وجهة نظر الجغرافيا الاقتصادية، حسب توزيعها الجغرافي، وقدرتها على التجدد، وطبيعة تكوينها إلى ثلاث مجموعات هي:
أ. موارد منتشرة التوزيع:ويُقصد بها الموارد المنتشرة في كل مكان على سطح الأرض، ولا توجد صعوبة في الحصول عليها مثل الماء والأكسجين في الهواء الذي يتنفسه الإنسان.
ب. موارد متوسطة التوزيع: وتتمثل في الأراضي الزراعية المنتشرة في العالم، ومع ذلك تختلف قيمتها من مكان إلى آخر، تبعاً لخصائصها الطبيعية، والكيميائية، ومدى خصوبتها.
ج. مواد محدودة التوزيع : ويمثلها بعض الموارد المعدنية التي يرتبط توزيعها الجغرافي بتكوينات جيولوجية محدودة الانتشار، مثل معدن التيتانيوم ، إذ تنتجه سبع دول فقط (الولايات المتحدة الأمريكية، واستراليا، وكندا، والنرويج، وماليزيا، وفنلندا، وأسبانيا). وتنتج مجتمعة حوالي 97% من إجمالي الإنتاج العالمي، أمّا بقية الكمية (3%) فتتوزع على عدد محدود من دول العالم.
د. موارد محدودة التوزيع جداً : ويُقصد بها الموارد، التي يكاد يتركز توزيعها الجغرافي في مكان واحد على سطح الأرض. ويمثل النيكل هذا القسم، إذ يتركز أكثر من نصف إنتاجه في منطقة سدبري Sudberry، شمال بحيرة هورن في ولاية انتاريو في كندا.
3. تقسيم الموارد حسب قدرتها على التجدد والاستمرار
وتنقسم إلى قسمين:
أ. موارد متجددة :ويُقصد بها الموارد، التي لا تنفذ لأنها تتجدد باستمرار إما لطبيعتها الخاصة كالأكسجين في الهواء، وإمّا لتنظيم الإنسان في عمليات استغلالها كالتربة والثروة الحيوانية والنباتية.
ب. موارد غير متجددة: وهي الموارد القابلة للنفاذ إمّا لإهمال الإنسان وإسرافه في استغلالها مثل تعرية التربة، أو إنها غير متجددة مثل الموارد المعدنية.
4. تقسيم الموارد على أساس طبيعة تكوينها
وهي تنقسم إلى موارد عضوية مثل الموارد النباتية والحيوانية، والبترول، والفحم، أو غير عضوية مثل الصخور، ومعظم الموارد المعدنية، أو موارد تضم عناصر عضوية وأخرى غير عضوية كالتربة.
وهناك عوامل تؤثر في تقسيم الحيز المكاني إلى أقاليم اقتصادية منها المسافة، نوعية الأنشطة القائمة بالاقليم والفروق الاقتصادية.
فيؤثر عامل المسافة على العلاقات الاقتصادية بين الأقاليم، كما يؤثر تأثيرا مباشرا على تكلفة الإنتاج وتكاليف التوزيع، فكلما اقترب مركزان اقتصاديان من بعضهما كلما زادت العلاقات الاقتصادية بينهما، أما بعد المسافة بين مركزين اقتصاديين يؤدي إلى ضعف علاقات الترابط والتبادل الاقتصادي بينهما.
تختلف الأنشطة القائمة فيما بينها بين خدمات إنتاجية وأخرى اجتماعية ونوع النشاط يصبغ الإقليم بصبغة معينة ، فوجود النشاط الصناعي بدرجة كبيرة في إقليم ما يجعل الإقليم صناعيا، ووجود الزراعة بكثرة تجعل من الإقليم زراعيا وبمعنى آخر كلما زادت عمالة القطاع عن 50 % فنوعية العمالة تشكل نوعية الإقليم.
ثانيا : أسس التقسيم إلى أقاليم اقتصادية
هناك مجموعة من الأسس يجب أن تؤخذ في الاعتبار عند تقسيم الدولة إلى أقاليم اقتصادية أهمها:
1. تحقيق التجانس الاقتصادي بين الأقاليم بمعنى وجود مجموعة من الأنشطة الاقتصادية المتنوعة التي تكمل بعضها البعض وبهذا توفر قدر من التوازن بين أجزاء الأقاليم.
2. مراعاة التوفيق بين الحدود الاقتصادية للإقليم والعناصر الطبيعية التي تمثل عوائق حركة النقل والمواصلات سواء للسلع أو المواد الخام، هذه العوائق الطبيعية يمكن التغلب عليها بالوسائل التكنولوجية الحديثة.
3. وجود نسبة ميزة اقتصادية لكل إقليم مثل وجود صناعة معينة على مستوى عال من التقدم أو محصول معين أو مورد طبيعي.
والأقاليم الاقتصادية أنواع:
1- أقاليم ذات أنشطة متنوعة: وهي الأقاليم التي يوجد بها عدد كبير من الأنشطة المختلفة وهي ضرورة هامة لأنها تعالج مساوئ الأقاليم المتخصصة، حيث يمنع التدهور الاجتماعي الاقتصادي، وعلى العموم من الأفضل إحداث نشاط بكل إقليم على قدر من التوازن تفاديا للبطالة الموسمية وما يترتب عليها من خفض الأجور وضعف النشاط الاقتصادي وضعف القدرة الشرائية ومستوى المعيشة.
2- الأقاليم المتخصصة: هي أقاليم يتواجد فيها عدد من الأنشطة المرتبطة والمعتمدة على عناصر بارزة وموجودة بالإقليم ومن المشاكل التي ترتبط بالأقاليم المتخصصة أن التخصص الإقليمي لايستطيع حماية المنطقة من البطالة بالإضافة غلى أن الأنشطة المتخصصة تحتاج إلى عمال جدد كما وكيفا من الصعب الحصول عليهم دون الحاجة إلى انتقالهم من مكان للآخر ولا يساعد على استغلال الإمكانيات البشرية المتاحة.
5-1 أنواع النشاطات
ترتبط الأقاليم الاقتصادية بنوع النشاط زراعيا كان ، صناعيا أو خدماتيا خاصة كل ما يتعلق بالنقل والمواصلات والتجارة.
أ-النقل والمواصلات:
تُعد طرق النقل المختلفة (البرية والبحرية والجوية) شرايين النشاط الاقتصادي في العالم، وما كانت دول العالم دونها أن تتمكّن من تبادل منفعة السلع المختلفة. والنقل عملية متممة للإنتاج، حيث لا تتكامل عملية إنتاج السلع والمنتجات المختلفة إلاّ بنقلها إلى أسواق التصريف بواسطة وسائل النقل، فالبترول ومشتقاته، المخصصة للتصدير إلى الأسواق العالمية، من الموانئ العربية، يعد سلعة في مرحلة الإنتاج لحين نقلها بالفعل إلى أسواق التصريف الدولية. ومن ثم يُعد النقل عملية أساسية لا غنى عنها، لتوفير السلع والمنتجات عن طريق التبادل والتجارة.
وإذا كانت البيئة قد أسهمت في توزيع الموارد الطبيعية في الأقاليم المختلفة، فإن مدى إمكانية شق طرق النقل، وتكلفتها، وكفاءتها، يحدد مستوى استغلال هذه الموارد في اقتصاديات عملية الإنتاج. فهناك أقاليم في العالم تستغل مواردها الطبيعية منذ زمن بعيد وبمستوى اقتصادي مجزٍ لجودة موقعها الجغرافي، وبالتالي سهولة مد شبكات الطرق بها مما أنعشها سكانياً واقتصادياً، كما هو الحال في حقول البترول في آسيا العربية، وفي أقاليم التعدين الرئيسية في أوروبا، والأقاليم الرعوية في أمريكا الشمالية وجنوب أفريقيا، وأقاليم خام النحاس في شيلي، وخام الحديد في أسوان (مصر). وعلى العكس من ذلك هناك أقاليم تأخر استغلال مواردها لفترة طويلة حتى شُقَّت شبكة من الطرق بها، وأبرز الأمثلة على ذلك سهول سيبريا في شمال آسيا، والتي استغلت مواردها بعد شق سكة حديد سيبريا.
ولا يتوقف دور النقل على عملية التبادل السلعي ونقل المنتجات فحسب، وإنما يمتد دوره إلى توزيع السكان على سطح الأرض على المستويين الإقليمي والعالمي طوال مراحل التاريخ، فقد كان لتوافر عامل النقل، وخاصة النقل البري والنقل البحري، دور لا يمكن إغفاله في ظهور الحضارات القديمة، وخاصة في مصر، والصين، وشبه القارة الهندية، وأراضي الرافدين، والساحل الفينيقي (ساحل الشام)، وسواحل الأناضول، وساعدت وسائل النقل على اتصال تلك الحضارات ببعضها، وخاصة تلك، التي عرفت كيفية اختراق الصحاري مثل الحضارات الآسيوية، وتلك التي عرفت الملاحة البحرية مثل الحضارات الفرعونية، والفينيقية، والإغريقية، مما أسهم بدوره في تطور الفكر البشري، وازدهار العلوم، وتبادل الثقافات.
وكان لتطور وسائل النقل، وخاصة النقل البحري، خلال القرن الخامس عشر، دور مباشر في نشاط حركة الكشوف الجغرافية، التي أدت إلى اكتشاف أراضي جديدة سواء في الأمريكتين أو استراليا. وما تبع ذلك من إعادة توزيع سكان العالم، حيث اندفعت موجات متتالية من سكان العالم القديم وخاصة من أوروبا إلى الأراضي الجديدة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى بدأت حركة الاستعمار الأوروبي كالبرتغال، وأسبانيا، في المراحل الأولى من الكشوف الجغرافية، ثم هولندا، وفرنسا، وبريطانيا، وباقي الدول الأوروبية الاستعمارية بعد ذلك.
ويُعد الاهتمام بشبكات الطرق من الأهداف الإستراتيجية للعديد من دول العالم وخاصة الدول كبيرة المساحة، وذلك للمحافظة على وحدة أراضيها وسلامتها، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، والبرازيل، والمملكة العربية السعودية. وفي الأخير كلما كان الإقليم مهيكل جيدا ومتصل بباقي المناطق يكون الإقليم مهيأ وقابل لأي نوع من التخطيط ومتوفر على قدر من التوازن بين أجزائه.
ب- النشاط الزراعي:
يتألف اصطلاح الزراعة Agriculture، من مقطعين هما Agri وتعني حقل، وCultura وتعني زراعة أو رعاية، ومعنى ذلك أن الكلمة ترمز بمعناها السابق إلى زراعة الحقل ورعايته، ويُعرف الجغرافيون هذا الفرع بأنه الفرع الجغرافي الذي يدرس الظروف الجغرافية المؤثرة في توزيع النشاط الزراعي على سطح الأرض، وتحليل التغيرات المساحية في مجال تلك الحرفة. وتهتم الجغرافيا الزراعية بالربط بين المعلومات الجغرافية الخاصة بظروف البيئة وبالملامح البشرية من جهة وأساليب الإنتاج من جهة أخرى، وتستغل هذه المعلومات في معالجة موضوعاتها المُمثلة في توزيع، ووصف، وتحليل الأنشطة الاقتصادية المتعلقة بإنتاج، وتبادل، واستهلاك الثروة الزراعية.وتعد الزراعة من أرقى وسائل الحصول على الغذاء، وأوسعها انتشاراً على سطح الأرض، وأكثرها أهمية للمجتمعات البشرية حتى الصناعية منها، فهي تقدم العديد من الخامات الصناعية كالقطن، والكتان، والمطاط، وقصب السكر، ومن ثم كان الارتباط قوياً بين المناطق الصناعية والنطاقات الزراعية.
وهذا ما يجمع الإقليم الصناعي يحوي النشاطين معا زراعي وصناعي، وقد عرف الإنسان الزراعة في وقت متقدم، إذ ترجع الأدلة على امتهان الإنسان الزراعة إلى سنة 7000 قبل الميلاد، ويأتي القمح والشعير في مقدمة المحاصيل التي نجح الإنسان في زراعتها، وأخذت النطاقات الزراعية في الاتساع والانتشار بعد ذلك في أحواض أنهار النيل، ودجلة، والفرات، واليانجتسي، والهوانجو، والسند، والجانج خلال الألف الخامسة قبل الميلاد.
واختلفت المحاصيل، التي زرعها الإنسان لأول مرة من إقليم إلى آخر، تبعاً لخصائص البيئة الطبيعية، رغم تصدر الحبوب والتمر قائمة هذه المحاصيل، فبينما ساد القمح والشعير بصفة خاصة أقاليم الزراعة في مصر وغربي آسيا وأوروبا، ساد الأرز في جنوب وشرق آسيا، والذرة في الأمريكتين، والمحاصيل الدرنية في الأقاليم المدارية المطيرة