خضير بوقايلة
نقاش حاد وجدل واسع في المنتديات السياسية الجزائرية، نشرات أخبار التلفزيون الحكومي تفتح وتغلق مستنفرة ومثل ذلك تفعل قنوات الإذاعة الحكومية وصحفها، الأمر جلل ولا بد على الرأي العام في الجزائر أن يكون في مستوى الحدث. الأمر لا يتعلق بالأزمة المالية التي تهز العالم لأن الجزائر في منأى عنها، ولا بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فهذا موضوع لا يقدّم ولا يؤخر. ولا حتى انتخابات الرئاسة الجزائرية أو تعديل الدستور كانا محور هذا الجدل الكبير.
الأمر أخطر من ذلك وأعظم. إنه جدل حول تصريحات أدلى بها نائب البرلمان الجزائري نور الدين آيت حمودة في لحظة غضب قال فيها إن عدد شهداء ثورة التحرير الجزائرية غير دقيق، وقصده طبعا هو أن العدد أقل من ذلك الذي يدرّس في كتب التاريخ ويتداول في كل المحافل الرسمية أي مليون ونصف مليون شهيد.
ونور الدين آيت حمودة لمن لا يعرفه هو ابن واحد من كبار هؤلاء الشهداء، العقيد عميروش. لكن هل كون الولد ابن أبيه يخوّل له النقر في خلية الدبابير؟ خصوم آيت حمودة قالوا إن ما تجرأ عليه هذا الأخير لم يكن ليبلغه ألد أعداء الجزائر وأشد خصوم الثورة.
ولعل الكثيرين منا كانوا شهودا في مجالس يتحدث فيها إخواننا العرب عن الثورة الجزائرية ويصفونها عادة بثورة المليون شهيد، وتلقائيا يثور الجزائري الحاضر في الجلسة ليصحح العدد ويقول مليون ونصف مليون شهيد من فضلك! بل حتى الذين يتحدثون عن ثورة المليون ونصف شهيد يتعرضون للتقريع لأن عليهم أن لا يقفوا عند النصف بل لا بد أن يضيفوا إليه كلمة مليون، فليس هناك نصف شهيد.
التلفزيون وبقية وسائل الإعلام الحكومية وشبه الحكومية تحركت بصورة تكاد تكون تلقائية للتصدي لهذا الشخص الفتان. لكن الذي فاته كلام البرلماني ابن العقيد الشهيد عميروش يصعب عليه فهم كل ذلك اللغط. نشرات الأخبار تفتتح على مثل هذا الكلام، نددت جمعية كذا بالتصريحات التي تسيء إلى الذاكرة التاريخية وثورة التحرير، من دون الإشارة طبعا إلى تفاصيل هذه التصريحات ولا حتى التفكير في دعوة صاحب هذه التصريحات ليكون ضيفا على نشرة واحدة من نشرات الأخبار أو برنامج حواري خاص فيسمع منه الناس ما أراد قوله ويُطلب منه تفسير لما قاله.
ثورة التحرير هي واحدة من المفاخر القليلة التي لا تزال تحفظ رأس الجزائر قائما، وكل من يحاول أن يمس هذا الصرح بسوء عليه أن ينتظر رد فعل عنيفا. فهل هذا هو ما حصل مع ابن العقيد الشهيد عميروش عندما تعرض له حماة القلعة من 'الأسرة الثورية'؟
اغلب ردود الفعل التي تداولتها نشرات الأخبار كانت من منظمات أبناء الشهداء والمجاهدين وأبناء المجاهدين. قد يقول قائل إن ذلك أمر طبيعي ومشروع، فكلام البرلماني تعرّض لشهداء الثورة وجماعة 'الأسرة الثورة' عودونا أن يكونوا هم وحدهم الناطقين باسم الوطنية والثورة. لولا أن الأمر يتعلق ببلد اسمه الجزائر معروف أن تنظيمات 'الأسرة الثورية' لا تتحرك إلا بمهماز، وتشاء الصدف أن تكون جل حملات هذه المنظمات موجهة لأطراف أو أشخاص محسوبين في الصفوف المعارضة لنظام الحكم القائم، ومتعارف عليه في قانون بني البشر أن الفم لا يعض اليد التي تطعمه وإلا كان جاحدا وتسبب في قطع رزقه.
قد يكون البرلماني آيت حمودة ارتكب جريمة تستحق كل تلك الحملة ضده وأكثر، وقد سمعنا مطالب بتقديمه للمحاكمة، لكن هل هو الوحيد الذي فعل أو قال ما يستحق كل هذه الهجمة والتركيز الإعلامي عليه لعدة أيام متتالية؟ وقبل أن أواصل علي أن أطمئن الثائرين ضد كلام نائب حزب 'التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية' إلى أن أكثر أنواع الإساءة لا يمكن أن تطال الشهداء الأبرار، فهم عند ربهم فرحون يرزقون ولا تهمهم شتيمة الشاتمين ولا مدح المداحين. وسواء أصبنا في إحصائهم أو اختلفنا مثلما اختُلف في عدد أصحاب الكهف فإن ذلك لن ينقص ولن يضيف شيئا للشهيد.
يبقى الآن الجدل والكلام الدنيوي، هل يتعين علينا أن نضفي عليه طابعا القدسية أم نتعامل معه وفق ما يقتضيه المقام؟ عندما يقول نور الدين آيت حمودة أو أي شخص آخر إن عدد شهداء ثورة التحرير الجزائرية ليس كما تدعيه الوثائق الرسمية مليونا ونصف مليون شهيد، هل نفتح عليه أبواب جهنم ونطلق في وجهه بيانات التنديد والتخوين ونصل إلى حد التشكيك في أصله وفصله أم يكفي أن نفتح سجل الشهداء وعوض قراءة البيانات تتلى عليه أسماء الشهداء واحدا واحداً حتى تكتمل قائمة المليون ونصف المليون؟ هذا إذا كانت مشكلتنا فعلا في عدد الشهداء غير منقوص.
نور الدين آيت حمودة صاحب التصريح الجدلي ابن شهيد ورمز من رموز ثورة التحرير، أو هكذا قيل لنا ودرسنا. لكن قبله قام رجل (لا أعرف أنه ابن شهيد) وأعلن عن تأسيس حركة انفصالية تطالب باستقلال منطقة القبائل عن باقي الجزائر، ولا أذكر أن الرجل تعرض إلى أكثر من بيان أو بيانين تنديديين. فهو لا يزال حرا طليقا ولا يزال يطالب بفصل منطقة القبائل عن باقي الجزائر ويجهر بذلك في البلد وخارج الحدود ولم نعلم أن السلطة حرضت ضده زبانيتها ولا حتى تعاملت معه بطريقة متحضرة واستدعته أمام المحكمة وفصلت في أمره بالقانون.
ولا أدري لماذا تنفرد الجزائر وحدها بمثل هذه الحكايات، لماذا لا يزال الجدل قائما حول ثورة التحرير بعد 46 سنة من الاستقلال؟ وهل يشرِّف الثورة الجزائرية أن يبقى أبناء الجزائر عاجزين عقودا وعقودا عن الاتفاق حول كلام موحد وصحيح عن تاريخ ليس ببعيد؟ نحن لا نتحدث عن مرحلة مرت عليها قرون ولم يبق منها شاهد حي واحد، بل عن فترة لا تزال روحها تخيم علينا. هل هذا الجدل يعود إلى خلافات حقيقية هدفها الوصول إلى الحقيقة أم لأن هذه الثورة تحولت إلى سجل تجاري يقتات منه الناس ويتقاتلون بحثا عن استفادات أكبر؟
بل هل كلام آيت حمودة أخطر أم الكلام الذي يردده الخاص والعام بخصوص وجود مئات أو عشرات أو ربما آلاف المجاهدين المزيفين؟ والتهمة ما دامت وصلت حد المجاهدين فلماذا نرفض أن تطال الشهداء أيضا؟ بل إنها طالتهم قبل أن ينطق ابن العقيد الشهيد عميروش بما نطق بحوالي عشرين سنة. ألم يكتشف الجزائريون يوما أن اثنين كانا محسوبين في عداد الشهداء أنهما لم يكونا كذلك (حتى لا نقول إنهما كانا خائنين) وقد كانت الكتب المدرسية تذكر الاسمين ضمن قوائم المليون ونصف المليون شهيد؟
وبعد أن اكتُشف ذلك سارعت السلطات إلى إزالة لوحتين كانتا تحملان اسميهما في شارعين رئيسيين من شوارع العاصمة الجزائرية ووضع بدلا عنهما اسمين لشهيدين آخرين كل أملنا أن لا تُنزع عنهما الصفة يوما ما. هل نندد بعد ذلك بالذي يقول لنا يوما إن عدد الشهداء هو مليون ونصف مليون إلا اثنين؟!
وأختم بمثل أخير.. قرأنا ولا نزال في كتب التاريخ أن هناك شهيدا بارزا من كبار قادة ثورة التحرير اسمه عبان رمضان، نعته الثورة عندما مات وأعيد دفن رفاته في مربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة إلى جانب رفات الأمير عبد القادر وكبار الشهداء والوطنيين، ثم استيقظ الجزائريون ذات صباح ليكتشفوا على لسان واحد من كبار قادة ثورة التحرير أن عبان رمضان لم تقتله فرنسا، بل استشهد على يد إخوانه لأنه 'خائن'.
لا أسوق كل هذا الكلام لأطعن الوجه الناصع لثورة التحرير المباركة، بل دعوة مني أن نضع حدا نهائيا لاستغلال التاريخ الجزائري المشترك في قضايا سياسوية ونقول لسماسرة التاريخ الثوري كفاكم متاجرة بدماء الشهداء وبطهر ثورة التحرير وليرنا كل واحد أن حبه للجزائر لا ينتهي عند ورقة وقلم وبيان تنديد يتلى في التلفزيون صباح مساء.
فهل الخيانة والمساس بالثورة وبرموز الوطن ومقدساته في كلام يشكك في عدد الشهداء أم في سياسة انحرفت عن رسالة الشهيد وخانت عهد الشهداء؟!
نقاش حاد وجدل واسع في المنتديات السياسية الجزائرية، نشرات أخبار التلفزيون الحكومي تفتح وتغلق مستنفرة ومثل ذلك تفعل قنوات الإذاعة الحكومية وصحفها، الأمر جلل ولا بد على الرأي العام في الجزائر أن يكون في مستوى الحدث. الأمر لا يتعلق بالأزمة المالية التي تهز العالم لأن الجزائر في منأى عنها، ولا بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فهذا موضوع لا يقدّم ولا يؤخر. ولا حتى انتخابات الرئاسة الجزائرية أو تعديل الدستور كانا محور هذا الجدل الكبير.
الأمر أخطر من ذلك وأعظم. إنه جدل حول تصريحات أدلى بها نائب البرلمان الجزائري نور الدين آيت حمودة في لحظة غضب قال فيها إن عدد شهداء ثورة التحرير الجزائرية غير دقيق، وقصده طبعا هو أن العدد أقل من ذلك الذي يدرّس في كتب التاريخ ويتداول في كل المحافل الرسمية أي مليون ونصف مليون شهيد.
ونور الدين آيت حمودة لمن لا يعرفه هو ابن واحد من كبار هؤلاء الشهداء، العقيد عميروش. لكن هل كون الولد ابن أبيه يخوّل له النقر في خلية الدبابير؟ خصوم آيت حمودة قالوا إن ما تجرأ عليه هذا الأخير لم يكن ليبلغه ألد أعداء الجزائر وأشد خصوم الثورة.
ولعل الكثيرين منا كانوا شهودا في مجالس يتحدث فيها إخواننا العرب عن الثورة الجزائرية ويصفونها عادة بثورة المليون شهيد، وتلقائيا يثور الجزائري الحاضر في الجلسة ليصحح العدد ويقول مليون ونصف مليون شهيد من فضلك! بل حتى الذين يتحدثون عن ثورة المليون ونصف شهيد يتعرضون للتقريع لأن عليهم أن لا يقفوا عند النصف بل لا بد أن يضيفوا إليه كلمة مليون، فليس هناك نصف شهيد.
التلفزيون وبقية وسائل الإعلام الحكومية وشبه الحكومية تحركت بصورة تكاد تكون تلقائية للتصدي لهذا الشخص الفتان. لكن الذي فاته كلام البرلماني ابن العقيد الشهيد عميروش يصعب عليه فهم كل ذلك اللغط. نشرات الأخبار تفتتح على مثل هذا الكلام، نددت جمعية كذا بالتصريحات التي تسيء إلى الذاكرة التاريخية وثورة التحرير، من دون الإشارة طبعا إلى تفاصيل هذه التصريحات ولا حتى التفكير في دعوة صاحب هذه التصريحات ليكون ضيفا على نشرة واحدة من نشرات الأخبار أو برنامج حواري خاص فيسمع منه الناس ما أراد قوله ويُطلب منه تفسير لما قاله.
ثورة التحرير هي واحدة من المفاخر القليلة التي لا تزال تحفظ رأس الجزائر قائما، وكل من يحاول أن يمس هذا الصرح بسوء عليه أن ينتظر رد فعل عنيفا. فهل هذا هو ما حصل مع ابن العقيد الشهيد عميروش عندما تعرض له حماة القلعة من 'الأسرة الثورية'؟
اغلب ردود الفعل التي تداولتها نشرات الأخبار كانت من منظمات أبناء الشهداء والمجاهدين وأبناء المجاهدين. قد يقول قائل إن ذلك أمر طبيعي ومشروع، فكلام البرلماني تعرّض لشهداء الثورة وجماعة 'الأسرة الثورة' عودونا أن يكونوا هم وحدهم الناطقين باسم الوطنية والثورة. لولا أن الأمر يتعلق ببلد اسمه الجزائر معروف أن تنظيمات 'الأسرة الثورية' لا تتحرك إلا بمهماز، وتشاء الصدف أن تكون جل حملات هذه المنظمات موجهة لأطراف أو أشخاص محسوبين في الصفوف المعارضة لنظام الحكم القائم، ومتعارف عليه في قانون بني البشر أن الفم لا يعض اليد التي تطعمه وإلا كان جاحدا وتسبب في قطع رزقه.
قد يكون البرلماني آيت حمودة ارتكب جريمة تستحق كل تلك الحملة ضده وأكثر، وقد سمعنا مطالب بتقديمه للمحاكمة، لكن هل هو الوحيد الذي فعل أو قال ما يستحق كل هذه الهجمة والتركيز الإعلامي عليه لعدة أيام متتالية؟ وقبل أن أواصل علي أن أطمئن الثائرين ضد كلام نائب حزب 'التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية' إلى أن أكثر أنواع الإساءة لا يمكن أن تطال الشهداء الأبرار، فهم عند ربهم فرحون يرزقون ولا تهمهم شتيمة الشاتمين ولا مدح المداحين. وسواء أصبنا في إحصائهم أو اختلفنا مثلما اختُلف في عدد أصحاب الكهف فإن ذلك لن ينقص ولن يضيف شيئا للشهيد.
يبقى الآن الجدل والكلام الدنيوي، هل يتعين علينا أن نضفي عليه طابعا القدسية أم نتعامل معه وفق ما يقتضيه المقام؟ عندما يقول نور الدين آيت حمودة أو أي شخص آخر إن عدد شهداء ثورة التحرير الجزائرية ليس كما تدعيه الوثائق الرسمية مليونا ونصف مليون شهيد، هل نفتح عليه أبواب جهنم ونطلق في وجهه بيانات التنديد والتخوين ونصل إلى حد التشكيك في أصله وفصله أم يكفي أن نفتح سجل الشهداء وعوض قراءة البيانات تتلى عليه أسماء الشهداء واحدا واحداً حتى تكتمل قائمة المليون ونصف المليون؟ هذا إذا كانت مشكلتنا فعلا في عدد الشهداء غير منقوص.
نور الدين آيت حمودة صاحب التصريح الجدلي ابن شهيد ورمز من رموز ثورة التحرير، أو هكذا قيل لنا ودرسنا. لكن قبله قام رجل (لا أعرف أنه ابن شهيد) وأعلن عن تأسيس حركة انفصالية تطالب باستقلال منطقة القبائل عن باقي الجزائر، ولا أذكر أن الرجل تعرض إلى أكثر من بيان أو بيانين تنديديين. فهو لا يزال حرا طليقا ولا يزال يطالب بفصل منطقة القبائل عن باقي الجزائر ويجهر بذلك في البلد وخارج الحدود ولم نعلم أن السلطة حرضت ضده زبانيتها ولا حتى تعاملت معه بطريقة متحضرة واستدعته أمام المحكمة وفصلت في أمره بالقانون.
ولا أدري لماذا تنفرد الجزائر وحدها بمثل هذه الحكايات، لماذا لا يزال الجدل قائما حول ثورة التحرير بعد 46 سنة من الاستقلال؟ وهل يشرِّف الثورة الجزائرية أن يبقى أبناء الجزائر عاجزين عقودا وعقودا عن الاتفاق حول كلام موحد وصحيح عن تاريخ ليس ببعيد؟ نحن لا نتحدث عن مرحلة مرت عليها قرون ولم يبق منها شاهد حي واحد، بل عن فترة لا تزال روحها تخيم علينا. هل هذا الجدل يعود إلى خلافات حقيقية هدفها الوصول إلى الحقيقة أم لأن هذه الثورة تحولت إلى سجل تجاري يقتات منه الناس ويتقاتلون بحثا عن استفادات أكبر؟
بل هل كلام آيت حمودة أخطر أم الكلام الذي يردده الخاص والعام بخصوص وجود مئات أو عشرات أو ربما آلاف المجاهدين المزيفين؟ والتهمة ما دامت وصلت حد المجاهدين فلماذا نرفض أن تطال الشهداء أيضا؟ بل إنها طالتهم قبل أن ينطق ابن العقيد الشهيد عميروش بما نطق بحوالي عشرين سنة. ألم يكتشف الجزائريون يوما أن اثنين كانا محسوبين في عداد الشهداء أنهما لم يكونا كذلك (حتى لا نقول إنهما كانا خائنين) وقد كانت الكتب المدرسية تذكر الاسمين ضمن قوائم المليون ونصف المليون شهيد؟
وبعد أن اكتُشف ذلك سارعت السلطات إلى إزالة لوحتين كانتا تحملان اسميهما في شارعين رئيسيين من شوارع العاصمة الجزائرية ووضع بدلا عنهما اسمين لشهيدين آخرين كل أملنا أن لا تُنزع عنهما الصفة يوما ما. هل نندد بعد ذلك بالذي يقول لنا يوما إن عدد الشهداء هو مليون ونصف مليون إلا اثنين؟!
وأختم بمثل أخير.. قرأنا ولا نزال في كتب التاريخ أن هناك شهيدا بارزا من كبار قادة ثورة التحرير اسمه عبان رمضان، نعته الثورة عندما مات وأعيد دفن رفاته في مربع الشهداء بمقبرة العالية بالعاصمة إلى جانب رفات الأمير عبد القادر وكبار الشهداء والوطنيين، ثم استيقظ الجزائريون ذات صباح ليكتشفوا على لسان واحد من كبار قادة ثورة التحرير أن عبان رمضان لم تقتله فرنسا، بل استشهد على يد إخوانه لأنه 'خائن'.
لا أسوق كل هذا الكلام لأطعن الوجه الناصع لثورة التحرير المباركة، بل دعوة مني أن نضع حدا نهائيا لاستغلال التاريخ الجزائري المشترك في قضايا سياسوية ونقول لسماسرة التاريخ الثوري كفاكم متاجرة بدماء الشهداء وبطهر ثورة التحرير وليرنا كل واحد أن حبه للجزائر لا ينتهي عند ورقة وقلم وبيان تنديد يتلى في التلفزيون صباح مساء.
فهل الخيانة والمساس بالثورة وبرموز الوطن ومقدساته في كلام يشكك في عدد الشهداء أم في سياسة انحرفت عن رسالة الشهيد وخانت عهد الشهداء؟!