هناك اتفاق بين الباحثين والمهتمين بظاهرة التغيرات المناخية أنه لو استمر المعدل الحالي لارتفاع حرارة الجو فإن ذلك ينذر بكوارث لا قبل للإنسانية بتحملها أو مواجهتها في المستقبل القريب. والتغيرات المناخية التي وصفنا أهمها وذكرنا بعض عواقبها هي جميعاً من صنع الإنسان ويمكن للإنسان أن يتجاهلها (كما يفعل البعض عندنا للأسف الشديد) أو يستعد لمواجهتها والتقليل من آثارها باستخدام العلم والتكنولوجيا.
وهناك عدة طرق يتم استعمالها والتوسع فيها بمرور الوقت لمواجهة ارتفاع درجة حرارة الأرض عن طريق تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منها مثلاً :
- استعمال السيارات الهجين التي تسير بالبنزين أو السولار بالاضافة الي الطاقة الشمسية .
- ابتكار مصانع وآلأت صديقة للبيئة.
- زيادة كفاءة أحتراق الوقود في المحركات.
- تقليل معدلات قطع الغابات واستهلاك الاخشاب.
- توفير بدائل لحرق الاخشاب لدي فقراء االمناطق الاستوائية.
- ...... الخ.
وقد شاهدت مؤخراً في أحدي الفضائيات فيلما تسجيليا بعنوان "خمس طرق لإنقاذ العالم" وهو يتناول ظاهرة الاحتباس الحرارى وآثارها الكارثية على كوكب الارض ويبين أنه إذا لم تفلح الطرق المتبعه حاليا فى الحد من مسببات ونتائج هذه الظاهره فلا بد حينئذ من اتباع طرق أخرى ربما يصح أن نطلق عليها طرق "ثورية" فى التفكير والتنفيذ. وقد فكر العلماء المبدعين والمبتكرين فى الدول المتقدمه فى خمس طرق يمكن اتباع بعضها أو اتباعها معا لتفادى الكوارث المحتملة (أو بالاحرى المؤكده) لأرتفاع حرارة الارض. وهذه الطرق الخمس يمكن وصفها باختصار فيما يلى :
1. عمل مظلة هائلة من فقاقيع الزجاج الرقيقة بسمك 1 مليمتر وارسالها بواسطة صواريخ لفردها على ارتفاع مليون ميل من سطح الأرض كي تغطي مساحة يبلغ قطرها مليون كيلو متر مربع. وقد تم عمل تجارب معملية في أمريكا بينت أن هذه المظلة الهائلة تشتت 2% من حرارة الشمس الساقطة عليها وتنفذ الباقي ليصل إلى جو الأرض. وهذه التقنية يمكن أن تقلل من حرارة جو الأرض (كما تفعل المظلة التي يستظل بها الإنسان عند سيره تحت أشعة الشمس الحارقة. وعيب هذه الطريقة أنها مكلفة جداً (يقدر أنها سوف تتكلف أكثر من 4 ترليون دولار) كما أن نشر هذه المظلة الهائلة في الفضاء الخارجي سوف يستغرق حوالي 30 سنة.
2. لاحظ بعض العلماء أثناء طيرانهم فوق السحب أن هناك سحب ناصعة البياض دليل على أنها تعكس كمية اكبر من حرارة الشمس وهذه السحب تسمى "سحب القرد" (لا أعرف لماذا) ومن هذه الملاحظة البسيطة فكر العلماء في نثر كميات هائلة من رذاذ مياه المحيطات لتعزيز هذه السحب. وتم ابتكار عائمات بحرية عملاقة تحمل ابراج حلزونية دوارة تأخذ مياه المحيط وتحولها إلى رذاذ دقيق جداً يتم نثره ودفعه تجاه السحب فتذيد من سمكها وتماسكها وانتشارها فتحجب كمية من حرارة الشمس. ويحتاج تنفيذ هذه التقنية إلى بناء حوالي مليون عائمة بحرية تحمل ابراج نثر الرذاذ تجاه السحب حتى يمكنها تلطيف حرارة الأرض.
3. الطريقة الثالثة حدث التفكير فيها من ملاحظة عواقب ثورة بركان هائلة في جزيرة سومطرة منذ عدة آلاف من السنين، حيث حدثت بعده برودة في منطقة البركان سرعان ما عمت الكرة الأرضية وساد عصر جليدي لفترة طويلة. وقد لوحظ أن كميات غازات الكبريت الناتج عن ثورة البركان هي السبب في ذلك حيث أن غازات الكبريت تعكس جزءاً من حرارة الشمس. وكان الاستنتاج من هذه الملاحظات أن نثر كميات ضخمة من غازات الكبريت في جو الأرض يمكن أن يقلل من ارتفاع الحرارة (غير أن من فكروا في هذه الطريقة حذروا من بعض آثارها الجانبية حيث أن ذوبان غازات أكاسيد الكبريت في الأمطار الساقطة سوف يجعلها أمطاراً حمضية قد تقضي على بعض صور الحياة مثل الأشجار والأسماك والكائنات البحرية.
4. كل الطرق السابقة كانت تهدف إلى تشتيت جزء من حرارة الشمس. غير أنه يمكن أيضا ً تقليل نسبة ثاني اكسيد الكربون الذي يحبس الحرارة في جو الأرض , وقد توصل بعض العلماء الي استخلاص ثاني اكسيد الكربون من جو الأرض وتخزينه بشكل دائم وآمن في أعماق الأرض ، ويمكن استخلاص ثاني أكسيد الكربون عن طريق محاكاة الطبيعة فإذا كانت أشجار الغابات تمتص ثاني أكسيد الكربون وتخزنه في انسجتها على شكل طاقة فيمكن عمل أشجار اصطناعية تقوم بنفس الوظيفة، وقد تم بالفعل عمل نماذج لأشجار ترتفع سيقانها لحوالي عشرين متراً وكل شجرة تمتص 90 الف طن من غاز ثاني أكسيد الكربونأو ما يوازي الانبعاثات الناتجة عن 20 الف سيارة في سنة كاملة.
5. وهناك طريقة اخرى ربما كانت أرخص اهتدى إليها بعض العلماء حين لاحظوا آثار فيضان نهر كبير في أمريكا جرف كميات ضخمة من التربة الزراعية المحتوية على أسمدة ومغذيات. وعندما وصلت مياه الفيضان إلى مياه المحيط حدثت زيادة هائلة في نمو النباتات المعلقة في مياه المحيط، وهذه النباتات تمتص أيضاً ثاني اكسيد الكربون. اذن يمكن عن طريق بث كميات من المغذيات في مياه المحيطات حول العالم تشجيع نمو النباتات البحرية المعلقة التي يمكن أن تخلص جو الأرض من كميات لا بأس بها من ثاني أكسيد الكربون. وأهم المغذيات هو النيتروجين الذي يكون 80% من تكوين الغلاف الجوي ويمكن استعماله كمصدررخيص لتعزيز نمو النباتات البحرية (وكل النباتات في الواقع).
وهكذا نرى أن العلماء في الدول المتقدمة الذين تعلموا وتدربوا في ظل تعليم يشجع الإبداع وينمي القدرة على الابتكار (على خلاف تعليمنا الذي يقتل عامداً كل هذه القدرات) هؤلاء العلماء _ عن طريق الملاحظات الدقيقة لظواهر الطبيعة – توصلوا إلى ابتكار تكنولوجيات تستطيع مواجهة الكوارث التي يمكن أن تنتج عن ارتفاع حرارة الأرض.
وهذه التقنيات جميعها أفكار مستقبلية حتى نكون جاهزين بطرق تستطيع إنقاذ الأرض. وقد وصفنا هذه الأفكار بأنها أفكار "ثورية" نظراً لأنها تمثل مشروعات ضخمة جداً وتتضمن تكاليف هائلة (لكنها أرخص على أي حال من تكاليف ارتفاع حرارة الأرض) غير ان هذه المشروعات تتضمن أيضاً تدخلاً ضخماً في تغيير الطبيعة. ونحن قد غيرنا الطبيعة عندما تسببنا في بث كميات ضخمة من الملوثات في جو الأرض ، وتغيير الطبيعة بهذه الدرجة العنيفة يصاحبه ردود أفعال عنيفة، يحاول الإنسان مواجهتها بالعلم والتكنولوجيا في صراع مستمر لا أحد يعرف مداه.