بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
ورد الحديث من رواية العباس وأبي هريرة وأبي ذر رضي الله عنهم مرفوعا ومن رواية ابن مسعود موقوفا :
1 - حديث العباس :
اخرجه أحمد في المسند ( 1 / 206 ) قال : ( حدثنا عبد الرزاق أنبأنا يحيى بن العلاء عن عمه شعيب بن خالد حدثني سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن عباس بن عبد المطلب قال : كنا جلوسا مع رسول الله بالبطحاء فمرت سحابة فقال رسول الله أتدرون ما هذا قال قلنا السحاب قال والمزن قلنا والمزن قال والعنان قال فسكتنا فقال هل تدرون كم بين السماء والأرض قال قلنا الله ورسوله أعلم قال بينهما مسيرة خمسمائة سنة ومن كل سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة سنة وكثف كل سماء مسيرة خمس مائة سنة وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين ركبهن وأظلافهن كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض والله تبارك وتعالى فوق ذلك وليس يخفى عليه من أعمال بنى آدم شيء "
وهذا إسناد ضعيف جداً فيه يحيى بن العلاء تفرد به :
قال أحمد : هو كذاب يضع الحديث .
وقال يحيى : ليس بثقة .
وقال الفلاس : متروك الحديث .
وقال ابن عدي : احاديثه موضوعات .
وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به.
والحديث منقطع أيضاً كما سيتبين
و رواه أبو داود برقم ( 4723 ) وابن ماجه برقم ( 193 ) والعقيلي في الضعفاء ( 2 / 284 ) من طريق الوليد بن أبى ثور والترمذي برقم ( 3320 ) من طريق عمرو بن أبي قيس كلاهما عن سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب به كنت في البطحاء في عصابة فيهم رسول الله فمرت بهم سحابة فنظر إليها فقال " ما تسمون هذه ؟ " قالوا السحاب قال " والمزن " قالوا والمزن قال " والعنان " قالوا والعنان قال " هل تدرون ما بعد ما بين السماء والأرض ؟ " قالوا لا ندري قال " إن بعد ما بينهما إما واحدة أو اثنتان أو ثلاث وسبعون سنة ثم السماء فوقها كذلك " حتى عد سبع سموات " ثم فوق السابعة بحر بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم فوق ذلك ثمانية أو عال بين أظلافهم وركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء ثم على ظهورهم العرش [ ما ] بين أسفله وأعلاه مثل ما بين سماء إلى سماء ثم الله تبارك وتعالى فوق ذلك "
وفيه علل :
1 - عبد الله بن عميرة لا يعرف له سماع من الأحنف بن قيس قاله البخاري .
2 - طريق ابي داود وابن ماجه فيه الوليد بن ابي ثور ضعيف .
قال ابن معين ليس بشيء .
وقال محمد بن عبد الله بن نمير كذاب .
وطريق الترمذي فيه عمرو بن ابي قيس :
قال الآجري عن أبي داود في حديثه خطأ .
وقال في موضع آخر لا بأس به .
وذكره بن حبان في الثقات .
ونقل ابن شاهين عن عثمان بن أبي شيبة أنه قال : لا بأس به كان يهم في الحديث قليلا .
وقال أبو بكر البزاز في السنن مستقيم الحديث .
وقال سعيد البرديجي عن أبي زرعة منكر الحديث يهم كثيرا .
3 - وقد روى شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة به بعض هذا الحديث وأوقفه كما قال الترمذي .
ورواية أبي دواود والترمذي وابن ماجه ليس فيها خمس مائة عام كما نرى .
2 - حديث أبي هريرة :
أخرجه أحمد في المسند ( 2 / 370 ) من طريق سريج قال نا الحكم بن عبدالملك عن قتادة عن الحسن عن ابي هريرة قال بينما نحن عند رسول الله اذ مرت سحابة فقال أتدرون ما هذه قال قلنا الله ورسوله اعلم قال هذه العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله الى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال هل تدرون ما فوقكم قلنا الله ورسوله اعلم قال فإنها رفيع موج مكفوف وسقف محفوظ ثم قال أتدرون كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله اعلم قال مسيرة خمسمائة عام ثم قال أتدرون ما الذي فوقها قلنا الله ورسوله اعلم قال سماء اخرى أتدرون كم بينكم وبينها قلنا الله ورسوله اعلم قال مسيرة خمس مائة عام حتى عد سبع سماوات ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك قلنا الله ورسوله اعلم قال العرش وبينه وبين السماء السابعة مسيرة خمس مائة عام ثم قال هل تدرون ما هذه التي تحتكم قالوا الله ورسوله اعلم قال فإنها الارض بينها وبين الارض التي تحتها مسيرة خمس مائة عام حتى عد سبع ارضين ثم قال وأيم الله لو دليتم أحدكم بحبل الى الارض السفلى السابعة لهبط على الله عز وجل ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم "
وهذا إسناد ضعيف فيه عدة علل :
الأولى : الحكم بن عبد الملك ضعيف :
قال ابن معين : ضعيف ليس بثقة وليس بشيء .
وقال أبو حاتم مضطرب الحديث وليس بقوي في الحديث .
قال أبو داود منكر الحديث .
وقال النسائي ليس بالقوي .
الثانية : قتادة مدلس وقد عنعن .
الثالثة : الحسن لم يسمع من أبي هريرة عند الأكثر .
وقد روى هذا الحديث ابو جعفر الرازي عن قتادة عن الحسن قال احمد بن حنبل ابو جعفر مضطرب الحديث يروي ابو جعفر عن قتادة عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس عن النبي قال والذي نفسي بيده لو دليتم احدكم بحبل الى الارض السابعة لقدم على ربه عز وجل ثم تلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن .
ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 1 / 27 ) من طريق أحمد وقال : هذا الحديث لا يصح .
ورواه أبو الشيخ في العظمة ( 2 / 563 ) قال : ( حدثنا ابراهيم بن محمد بن الحسن حدثنا عبيد بن آدم حدثنا ابي حدثنا شيبان حدثنا قتادة عن الحسن عن ابي هريرة قال بينما رسول الله يحدث اصحابه فذكر نحوه )
وإبراهيم بن محمد بن الحسن هو أبو إسحاق المشهور بابن متويه الحافظ قال أبو الشيخ كان من معادن الصدق .
وعبيد بن آدم صدوق
وأبوه آدم بن أبي إياس ثقة .
وشيبان هو النحوي ثقة .
لكن يبقى تدليس قتادة والانقطاع بين الحسن وأبي هريرة
3 - حديث أبي ذر :
أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ( 2 / 289 ) برقم ( 850 ) من طريق أحمد بن عبد الجبار حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي نصر عن أبي ذر قال قال رسول الله ما بين السماء الى الأرض مسيرة خمس مائة عام وما بين السماء التي تليها خمس مائة عام كذلك الى السماء السابعة والأرضين مثل ذلك وما بين السماء السابعة الى العرش مثل جميع ذلك ولو حفرتم لصاحبكم فيها لوجدتموه يعنى علمه .
ورواه ابن الجوزي في العلل المتناهية ( 1 / 26 ) والجوزقاني في الأباطيل ( 1 / 68 ) من طريق البيهقي وفيه علل :
الأولى : أحمد بن عبد الجبار هو العطاردي ضعيف
قال ابن عدي : رأيت أهل العراق مجمعين على ضعفه
وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقوي عندهم
وقال حمزة السهمي : سألت الدارقطني عنه فقال : لا بأس به أثنى عليه أبو كريب .
الثانية : أبو نصر مجهول لا يعرف قاله ابن الجوزي في العلل والذهبي في الميزان ( 4 / 579 ) .
الثالثة : الأعمش مدلس وقد عنعن .
الرابعة : أن محاضرا رواه عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي نصر به كما عند البزار والجوزقاني في الأباطيل .
والعلة الأولى تزول بمتابعة أبي كريب عن أبي معاوية به أخرجه الذهبي في تذكرة الحفاظ بإسناده ( 2 / 748 )
وتابعهما أيضاً إبراهيم بن أبي معاوية وهناد بن السري قالا حدثنا أبو معاوية به عند ابن ابي شيبة في كتاب العرش ( ص 60 ) برقم ( 17 )
قال البزار : ( لا نعلمه يروى عن أبي ذر إلا بهذا الإسناد وأبو نصر أحسبه حميد بن هلال ولم يسمع من أبي ذر ) كشف الأستار ( 2 / 450 )
وقال ابن الجوزي في العلل : ( هذا حديث منكر )
هذا ما يتعلق بالحديث مرفوعا وقد جاء موقوفا على ابن مسعود بإسناد صحيح ومثله لا يقال بالرأي فله حكم الرفع :
رواه الدارمي في الرد على الجهمية ( ص 55 ) برقم ( 81 ) وفي الرد على المريسي ( 1 / 471 ، 519 ) وابن بطة في الإبانة ( 3 / 172 ) وابن خزيمة في التوحيد ( 1 / 242 ) برقم ( 149 ) والبيهقي في الأسماء والصفات ( 2 / 290 ) برقم ( 851 ) وأبو الشيخ في العظمة ( 2 / 688 ) برقم ( 279 ) والطبراني في الكبير ( 9 / 228 ) وابن عبد البر في التمهيد ( 7 / 139 ) من طريق حماد بن سلمة عن عاصم عن زر عن ابن مسعود أنه قال : " ما بين السماء الدنيا والتي تليها مسيرة خمس مئة عام ومابين كل سماء مسيرة خمس مائة عام وما بين السماء السابعة والكرسي مسيرة خمس مئة عام وما بين الكرسي والماء مسيرة خمس مئة عام والعرش على الماء والله عز وجل على العرش يعلم ما أنتم عليه "
وقد ورد اختلاف في إسناده :
- فأخرجه اللالكائي في شرح السنة برقم ( 659 ) من طريق الحسن بن أبي جعفر عن عاصم عن زر عن عبد الله به ، والحسن ضعيف .
- وأخرجه ابن خزيمة في التوحيد ( 2 / 885 ) وأبو الشيخ في العظمة ( 2 / 565 ) من طريق روح بن عبادة وأبي النظر هاشم بن القاسم عن المسعودي عن عاصم عن زر عن عبد الله به .
وخالفهما حفص بن سليمان القاري فرواه عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود به وحفص متروك الحديث .
-ورواه البيهقي في الأسماء والصفات ( 2 / 292 ) من طريق يونس بن بكير عن المسعودي عن عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود به
-و رواه أبو الشيخ في العظمة ( 3 / 1047 ) من طريق يزيد بن هارون عن المسعودي عن عاصم عن أبي وائل وزر بن حبيش عن ابن مسعود به .
فالذي يظهر أن هذا الاختلاف من المسعودي فإنه اختلط في آخره كما قال أحمد وابن معين وابن سعد وابن نمير وغيرهم .
قال الذهبي في العلو ( ص 63 - 64 ) : إسناده صحيح