أظهرت الأهمية البالغة للشيكات في الحياة الاقتصادية و الدور الذي تؤديه في المعاملات ، لاسيما في مجال الأعمال التجارية ، ضرورة توفير حماية فعالة لها ، ضمانا لقيامها بأداء وظائفها الاقتصادية ، و بصفة خاصة وظيفتها كأداة وفاء في المعاملات تقوم مقام النقود ، فمن الملاحظ أن اعتبار الشيك أداة وفاء مثل النقود دفع بعض الأفراد إلى إساءة استعمال الشيكات بغية التوصل عن طريقها إلى الاستيلاء على أموال الغير ، ودلك بتحرير شيكات ليس لها مقابل وفاء لدى المسحوب عليه ، ولا شك في أن إساءة استعمال الشك على هدا النحو يؤدي إلى فقدان الأفراد للثقة فيه كأداة وفاء و تجعله بالتالي غير قادر على أداء وظائفه الاقتصادية و التي وجد من اجلها . وحماية لذلك اتجه المشرع إلى تجريم فعل إصدار شيك دون رصيد و تدعيم هذا التشريع بالجزاء الجنائي، و بهذا جعله جريمة قائمة بذاتها لها أركانها الخاصة بها و هذا ما سنعالجه في هذا الفصل
بالتطرق لجريمة إصدار شيك دون رصيد من حيث الأركان التي بها تقوم الجريمة . و من الملاحظ أن هذه الأخيرة يمكن هدمها عن طريق ما يقدمه المتهم من دفوع قد تؤدي إلى نفيها ، كما قد لا تؤثر فيها فتبقى الجريمة قائمة على الرغم من إثارتها .
و هذا ما سنتطرق إليه في المبحثين المواليين حيث سنتناول في المبحث الأول أركان الجريمة بالدراسة في حين المخصص المبحث الثاني للدفوع التي من شأنها أن تعترض قيام هذه الأركان.
المبحث الأول :أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
باستقراء نص المادتين sad.gif 374 و 375) من قانون العقوبات نجد أن المشرع لم يحصر جرائم الشيك في صورة وحيدة ، بحيث جعلها تتخذ عدة مظاهر يمكن إيجازها فيما يلي :
أ – تسليم أو قبول شيك كضمان أو تظهير مثل هذا الشيك ، وهي الصورة المشار إليها بنص المادة( 374) في فقرتها الثالثة ، فالأصل في الشيك أنه أداة وفاء ولا أداة قرض و ائتمان ، و لأنه كذلك فإن القانون يجرم تسليم الشيك أو قبوله على سبيل الضمان ، وكذا فعل تظهير المستفيد للشيك المسلم له كضمان.
و جدير بالذكر أن المشرع لم يشترط في تظهير شيك سلم أو قبل كضمان سوء النية ، فتقوم الجريمة بمجرد توافر القصد الجنائي العام المستخلص من الوقائع.
ب- تزوير أو تزييف الشيك ،و أشارت إلى هذه الصورة المادة 375 من قانون العقوبات و تأخذ مظهرين أساسيين و هما : تزوير أو تزييف الشيك بوضع توقيع مزور ) سواء كان التزوير ماديا أو معنويا ( ، وقبول استلام شيك مزور أو مزيف.
ومع تعدد صور جرائم الشيك فإننا ارتأينا حصر نطاق دراستنا في صورة واحدة وهي : جريمة إصدار شيك بدون رصيد كونها الصورة الأكثر انتشارا والتي سنتطرق إليها بنوع من التفصيل من خلال تجسيد أركانها كما يأتي:
المطلب الأول: الركن الشرعي للجريمة .
تتحقق الجريمة بالفعل الصادر عن الشخص ، فتتخذ صورة مادية معينة ، وتختلف الأفعال المادية باختلاف نشاطات الأشخاص وهذا ما يجعل المشرع يتدخل لتحديد فئة الأفعال الضارة أو الخطرة على سلامة أفراد المجتمع ، فينهي عنها بموجب نص قانوني جزائي يجرم هذه الأفعال ويحدد عقوبة من يأتي على ارتكابها ، وبالتالي فإن قانون العقوبات هو الذي يحدد الجرائم ويضع لها عقابا فلا وجود للجريمة بدون نص تشريعي.
ويقصد بالركن الشرعي للجريمة الصفة غير المشروعة للفعل هذه الصفة التي خلقها نص التجريم الواجب التطبيق على الفعل بشرط أن لا يكون هناك سبب من أسباب الإباحة :
وقد نصت المادة الأولى من قانون العقوبات على أنه : *لا جريمة ولا عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون *
فالركن الشرعي هو الذي يحدد الماديات التي يصبغ عليها المشرع الصفة الغير مشروعة ، هذه الماديات التي تكون جوهر الركن المادي للجريمة
ويعني مبدأ الشرعية حصر الجرائم والعقوبات في نصوص القانون فيختص بتحديد الأفعال التي تعتبر جرائم وبيان أركانها ، وفرض العقوبات على هذه الأفعال .وعلى القاضي تطبيق ما يضعه المشرع من قواعد في هذا الشأن .فلا يستطيع القاضي تجريم فعل معين إلا إذا وجد نص يعتبر هذا الفعل جريمة .
وعند تطبيق ما سبق ذكره على جريمة إصدار شيك بدون رصيد نجد المشرع قد نص في المادة 374 من قانون العقوبات على أنه :
* يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن قيمة الشيك أو عن قيمة النقص في الرصيد :
1. كل من أصدر بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم ، وقابل للصرف أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو قام بسحب الرصيد كله أو بعضه بعد إصدار الشيك أو منع المسحوب عليه من صرفه.
2. كل من قبل أو ظهر شيكا صادرا في الظروف المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.
3. كل من أصدر أو قبل أو ظهر شيكا واشترط عدم صرفه فورا بل جعله كضمان*.
وقد وردت هذه المادة المتعلقة بجريمة إصدار شيك دون رصيد حسب موقعها في قانون العقوبات بالقسم الثاني الذي ورد بعنوان: * النصب وإصدار شيك دون رصيد * من الفصل الثالث المتعلق بالجنايات والجنح ضد الأموال من الباب الثاني الذي يحتوي على الجنايات والجنح ضد الأفراد من الكتاب الثالث الوارد بعنوان الجنايات والجنح وعقوباتها من الجزء الثاني المتعلق بالتجريم ، من قانون العقوبات والذي صدر بموجب الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 8 يونيو سنة 1966 المتضمن قانون العقوبات.
كما تجدر الإشارة إلى أن تجريم فعل إصدار شيك بدون رصيد قد ورد أيضا في القانون التجاري وذلك في نص المادة 538 منه ، والتي جاء فيها :
* يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مبلغ الشيك أو عن باقي قيمته:
1. كل من أصدر عن سوء نية شيكا ليس له مقابل وفاء سابق وقابل للتصرف فيه ، أو كان مقابل الوفاء أقل من مبلغ الشيك أو تراجع بعد استصدار الشيك كامل مقابل الوفاء أو بعضه أو منع المسحوب عليه من الوفاء.
2. من قبل عمدا تسلم الشيك أو ظهره وكان هذا الشيك صادرا في الأحوال المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.
3. كل من أصدر وقبل وظهر شيكا على شرط ألا يقبض مبلغه فورا وإنما على وجه الضمان *.
وقد وردت هذه المادة ، حسب موقعها من القانون التجاري بالفصل التاسع المتعلق
بالتقادم من الباب الثاني و الذي عنوانه الشيك من الكتاب الرابع المتضمن السندات التجارية ،
بالتطرق لجريمة إصدار شيك دون رصيد من حيث الأركان التي بها تقوم الجريمة . و من الملاحظ أن هذه الأخيرة يمكن هدمها عن طريق ما يقدمه المتهم من دفوع قد تؤدي إلى نفيها ، كما قد لا تؤثر فيها فتبقى الجريمة قائمة على الرغم من إثارتها .
و هذا ما سنتطرق إليه في المبحثين المواليين حيث سنتناول في المبحث الأول أركان الجريمة بالدراسة في حين المخصص المبحث الثاني للدفوع التي من شأنها أن تعترض قيام هذه الأركان.
المبحث الأول :أركان جريمة إصدار شيك بدون رصيد.
باستقراء نص المادتين sad.gif 374 و 375) من قانون العقوبات نجد أن المشرع لم يحصر جرائم الشيك في صورة وحيدة ، بحيث جعلها تتخذ عدة مظاهر يمكن إيجازها فيما يلي :
أ – تسليم أو قبول شيك كضمان أو تظهير مثل هذا الشيك ، وهي الصورة المشار إليها بنص المادة( 374) في فقرتها الثالثة ، فالأصل في الشيك أنه أداة وفاء ولا أداة قرض و ائتمان ، و لأنه كذلك فإن القانون يجرم تسليم الشيك أو قبوله على سبيل الضمان ، وكذا فعل تظهير المستفيد للشيك المسلم له كضمان.
و جدير بالذكر أن المشرع لم يشترط في تظهير شيك سلم أو قبل كضمان سوء النية ، فتقوم الجريمة بمجرد توافر القصد الجنائي العام المستخلص من الوقائع.
ب- تزوير أو تزييف الشيك ،و أشارت إلى هذه الصورة المادة 375 من قانون العقوبات و تأخذ مظهرين أساسيين و هما : تزوير أو تزييف الشيك بوضع توقيع مزور ) سواء كان التزوير ماديا أو معنويا ( ، وقبول استلام شيك مزور أو مزيف.
ومع تعدد صور جرائم الشيك فإننا ارتأينا حصر نطاق دراستنا في صورة واحدة وهي : جريمة إصدار شيك بدون رصيد كونها الصورة الأكثر انتشارا والتي سنتطرق إليها بنوع من التفصيل من خلال تجسيد أركانها كما يأتي:
المطلب الأول: الركن الشرعي للجريمة .
تتحقق الجريمة بالفعل الصادر عن الشخص ، فتتخذ صورة مادية معينة ، وتختلف الأفعال المادية باختلاف نشاطات الأشخاص وهذا ما يجعل المشرع يتدخل لتحديد فئة الأفعال الضارة أو الخطرة على سلامة أفراد المجتمع ، فينهي عنها بموجب نص قانوني جزائي يجرم هذه الأفعال ويحدد عقوبة من يأتي على ارتكابها ، وبالتالي فإن قانون العقوبات هو الذي يحدد الجرائم ويضع لها عقابا فلا وجود للجريمة بدون نص تشريعي.
ويقصد بالركن الشرعي للجريمة الصفة غير المشروعة للفعل هذه الصفة التي خلقها نص التجريم الواجب التطبيق على الفعل بشرط أن لا يكون هناك سبب من أسباب الإباحة :
وقد نصت المادة الأولى من قانون العقوبات على أنه : *لا جريمة ولا عقوبة أو تدبير أمن بغير قانون *
فالركن الشرعي هو الذي يحدد الماديات التي يصبغ عليها المشرع الصفة الغير مشروعة ، هذه الماديات التي تكون جوهر الركن المادي للجريمة
ويعني مبدأ الشرعية حصر الجرائم والعقوبات في نصوص القانون فيختص بتحديد الأفعال التي تعتبر جرائم وبيان أركانها ، وفرض العقوبات على هذه الأفعال .وعلى القاضي تطبيق ما يضعه المشرع من قواعد في هذا الشأن .فلا يستطيع القاضي تجريم فعل معين إلا إذا وجد نص يعتبر هذا الفعل جريمة .
وعند تطبيق ما سبق ذكره على جريمة إصدار شيك بدون رصيد نجد المشرع قد نص في المادة 374 من قانون العقوبات على أنه :
* يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن قيمة الشيك أو عن قيمة النقص في الرصيد :
1. كل من أصدر بسوء نية شيكا لا يقابله رصيد قائم ، وقابل للصرف أو كان الرصيد أقل من قيمة الشيك أو قام بسحب الرصيد كله أو بعضه بعد إصدار الشيك أو منع المسحوب عليه من صرفه.
2. كل من قبل أو ظهر شيكا صادرا في الظروف المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.
3. كل من أصدر أو قبل أو ظهر شيكا واشترط عدم صرفه فورا بل جعله كضمان*.
وقد وردت هذه المادة المتعلقة بجريمة إصدار شيك دون رصيد حسب موقعها في قانون العقوبات بالقسم الثاني الذي ورد بعنوان: * النصب وإصدار شيك دون رصيد * من الفصل الثالث المتعلق بالجنايات والجنح ضد الأموال من الباب الثاني الذي يحتوي على الجنايات والجنح ضد الأفراد من الكتاب الثالث الوارد بعنوان الجنايات والجنح وعقوباتها من الجزء الثاني المتعلق بالتجريم ، من قانون العقوبات والذي صدر بموجب الأمر رقم 66-156 المؤرخ في 18 صفر عام 1386 الموافق ل 8 يونيو سنة 1966 المتضمن قانون العقوبات.
كما تجدر الإشارة إلى أن تجريم فعل إصدار شيك بدون رصيد قد ورد أيضا في القانون التجاري وذلك في نص المادة 538 منه ، والتي جاء فيها :
* يعاقب بالسجن من سنة إلى خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مبلغ الشيك أو عن باقي قيمته:
1. كل من أصدر عن سوء نية شيكا ليس له مقابل وفاء سابق وقابل للتصرف فيه ، أو كان مقابل الوفاء أقل من مبلغ الشيك أو تراجع بعد استصدار الشيك كامل مقابل الوفاء أو بعضه أو منع المسحوب عليه من الوفاء.
2. من قبل عمدا تسلم الشيك أو ظهره وكان هذا الشيك صادرا في الأحوال المشار إليها في الفقرة السابقة مع علمه بذلك.
3. كل من أصدر وقبل وظهر شيكا على شرط ألا يقبض مبلغه فورا وإنما على وجه الضمان *.
وقد وردت هذه المادة ، حسب موقعها من القانون التجاري بالفصل التاسع المتعلق
بالتقادم من الباب الثاني و الذي عنوانه الشيك من الكتاب الرابع المتضمن السندات التجارية ،