حالت الفاشية دون قيام كيان ثقافي مستقل. وعبَّر الشاعر المناهض للفاشية تشيزاري بافيزي[ر] عن بداية هذا العصر عندما قال عام 1949: «ليس ثمة ثقافة إيطالية اليوم، بل ثقافة أوربية وحتى عالمية» وضاقت من ثمّ دائرة المجتمع الأدبي وإن اغتنى في هذه المرحلة بروافد جديدة أخرى من التيارات الأدبية تجلت في المجلات الأدبية: اللاعقلانية L'irrazionalismo في الليوناردو (1903-1907) Il Leonardo والجمالية[ر] Estetismo في «لافوتشه» (أو الصوت) (1908-1916) La Voce والمستقبلية[ر] Futurismo في «لاشيربا» (1913-1915) Lacerba والاتباعية[ر] Classicismo في «لاروندا» (1919-1923) La Ronda والحداثة [ر] Modernismo في نوفشِنتو أو «القرن العشرون» (1926-1929) Novecento والوطنية Nazionalismo في لسان الفاشية، السلفاجيو (1924) Il Selvaggio. وأسهمت صحيفة الفيغارو الفرنسية Le Figaro في عددها الصادر في العشرين من شباط 1909 بنشر أول بيان رسمي للمستقبلية لفيليبو توماسو مارينِتي (1876-1945) Filippo Tommaso Marinetti الذي صاغ هذا المصطلح الأدبي الفني للمستقبلية Futurismo في رواية خيالية كتبها بالفرنسية عام 1909 تحت عنوان «مافاركا المستقبلي: رواية إفريقية» Mafarka le futuriste: roman africain. وقد عطفت حركة موسوليني الفاشية على هذه النزعة في أول توليها الحكم غير أنها سرعان ما تنكرت لها في أواخر عام 1924. وانطفأت جذوة هذه التيارات الأدبية عند اندلاع الحرب العالمية الثانية. و شهدت السنوات الأولى من القرن العشرين قيام حركة «الآفلين» Crepuscolari التي استمد شعراؤها مادتهم من الأوساط البائسة بعيداً عن عالم الصناعة الحديث غير الإنساني، وقورنوا بشعراء أدب الانحطاط في نهاية القرن التاسع عشر، وكان جوزيبه أنطونيو بورجيزي Giuseppe Antonio Borgese هو الذي وضع مصطلح «الأفول» Crepuscolare للدلالة على زوال الشعر الذي قرضه فوسكولو Foscolo ومنزوني Manzoni وليوباردي Leopardi. ومن أهم الشعراء الآفلين سيرجيو كوراتزيني Sergio Corazzini و مارينو موريتي Marino Moretti الذي عرف بقصائده المميزة: «قصائد كُتبت بالقلم» Poesie scritte col lapis وهي قصائد قاتمة أرادها رصاصية اللون شبيهة بقلمه إيذاناً بتشاؤمه وسخطه. واشتهر غويدو غوتزانو Guido Gozzano بمؤلفاته: مجموعة قصائد Raccolte di versi و«طريق الهروب» (1907) La via del rifugio و«محاورات» (1911) I Colloqui. وغربت حركة الآفلين بظهور حركة رواد المستقبل I Futuristi المعارضة لها التي وجدت مادتها في الحياة الصناعية الحديثة. وبحث النظام الفاشي عن مؤيدين مخلصين له بين المفكرين والأدباء إلا أنه أخفق بسبب التناقضات التي كانت تعصف به. فتارة كان يجابه العالم الحديث اللاأخلاقي وتارة يلجأ إلى القوة والعنف. واتجه الأدباء المناهضون للفاشية إثر خيبة أملهم في النظام نحو التحرر متسلحين برؤية جديدة ذات آفاق سياسية واجتماعية رحبة. وعبرت مجلتا «الثورة الحرة» La Rivoluzione Liberale و«الباريتي» Il Baretti التي أسسها بييترو غوبيتي (1901-1926) Pietro Gobetti في تورينو عن مواقف الأدباء النقاد. واستطاعت الفاشية أن تقضي على مؤسس المجلة الشاب غوبيتي الذي لقي حتفه إثر التعذيب، إلا أنها لم تفلح في إسكات صوت المعارضة الذي كان ينادي بنظام أخلاقي رافض كل تسوية سياسية وتائق إلى أدب شبيه بأدب عصر التنوير Letteratura illuministica. ومن أبرز شعراء هذا الاتجاه أوجينيو مونتالي [ر] Eugenio Montale الذي صور في أبياته عِظام حبّار (1925) Ossi di Sepia والفرص (1939) Le Occasioni القلق الذي أصاب جيل العصر الذي كان يرى أن الحروب تهدد وجوده، والشيوعية تزيد مخاوفه والفاشية والنازية تسلبان حريته. وفي المدة الواقعة بين عام 1930و1940 اشتهر شعراء ينتسبون إلى المدرسة الشعرية الهرمسية Ermetismo (نسبة إلى هرمس Hermes ابن الإله زيوس عند اليونان). وكانوا ينادون بالشعر الغامض والمبهم مقلدين في أساليبهم الشعراء الفرنسيين مالارميه[ر] Mallarme ورامبو[ر] Rimbaud وفاليري[ر] Valéry. وتجلى هذا الأسلوب في أعمال ألفونسو غاتو Alfonso Gatto وأدريانو غراندي Adriano Grande وماريو لوتزي Mario Luzi وفيتوريو سيريني Vittorio Sereni وليوناردو سينيسغالي Leonardo Sinisgalli وسيرجيو سولمي Sergio Solmi وبخاصة سلفاتوري كوازيمودو[ر] Salvatore Quasimodo الحائز جائزة نوبل والذي أضاء جوانب الواقع بدعوته من زوايا شعرية إلى عالم يخلو من الحقد والعذاب. وكان الشعر الفرنسي قد ترك أثراً واضحاً في الشعر الإيطالي في القرن العشرين كما يتجلّى في أعمال جوزيبي أونغارِتّي[ر] Giuseppe Ungaretti الذي عكس شعره تجربته الحزينة في الحياة وفي شعر أومبرتو سابا[ر] Umberto Saba الذي ربط آلامه بالواقع الاجتماعي. إلا أن المدرسة الهرمسية أحدثت فرزاً عميقاً في المجتمع عندما ابتعدت عن الكلمة المبسطة كلمة الفئة البرجوازية. ومع انقشاع سحب الحرب العالمية الثانية شهد العالم تحولات جذرية ونهض الأدباء الإيطاليون ليشيّعوا أحزان الماضي الوجيع ويستقبلوا طلائع الفجر الجديد بحماسة، فقد ربحوا الكلمة الحرة، وكان لابد من الثورة على أشكال الحياة القديمة في التفكير والتعبير. وصار الأديب ينظر إلى الحياة نظرة شاملة تحاول أن تربط ظواهر الحياة بحركتها وتناقضاتها ودوافعها المختلفة، ومن أثر ذلك تجددت الوسائل التعبيرية للأجناس الأدبية وتنوعت أساليبها. فبرز الشعر الحديث وكان ثورة على الشعر التقليدي في كل عناصره التعبيرية، وحطم وحدة القافية ورتابتها وجنح للتعبير بالصورة الرمزية التي تكثف التجربة الشعورية في صورة عميقة الدلالة، ونزعت الألفاظ إلى السهولة حتى كادت أن تكون لغة الحديث العادي، لكن الشعراء شحنوها بمعان ملونة جديدة تجاوزت معانيها التقليدية وجاءت التراكيب في نسق ظاهرُهُ السهولة والنثرية لكنه ينبض بانفعالات الشاعر وروحه. وتخلى الشعر الحديث عن الخطابة وتهاويل الحماسة، وحاول أن يكون حديث النفس ونجواها.
وفي مجال المسرح ازدهرت المسرحية ازدهاراً واسعاً وتكوّن لها جمهور كبير. وكانت مجالاً رحباً لمعالجة القضايا السياسية الكبرى التي تشغل اهتمام الإنسان. وصار الأدباء ينشدون ضرورة وحدة إيطالية ويبينون المقومات التي تهيئ لها السبل إلى التحقق. واكتسب مسرح لويجي بيرانديلو[ر] Luigi Pirandello شهرة عالمية؛ وتحررت الكلمة والعاطفة في مسرح الغروتسك Teatro Grottesco (المسرح المضحك المحاط بالغرابة).
وفي مجال النقد الأدبي لمع اسم بِنِديتو كروتشه [ر] Benedetto Croce الذي ناهض في مجلة «النقد» (1903-1944) La Critica أدب الانحطاط والتدهور الذي ساد في نهاية القرن التاسع عشر. وكانت نظريته المثالية تنادي بالمثل العليا الكامنة في الوحي الداخلي للنفس البشرية. أما المؤرخ الناقد أنطونيو غرامشي[ر] Antonio Gramsci فكان من رواد الاشتراكية ومن ثم أصبح من مؤسسي الحزب الشيوعي الإيطالي. وشهدت نهاية الحرب العالمية الثانية انتشار الفكر الماركسي.
أما الرواية فقد حظيت باهتمام كبير لدى الجماهير المثقفة جعلها تتقدم على سائر الأجناس الأدبية لقدرتها على استيعاب الحياة استيعاباً أشمل وأعمق. وقد تنوعت اتجاهاتها فكان هنالك الاتجاه الإبداعي Storia Romantica الذي يحرك الأحداث بالعواطف ويسلط أضواء التحليل على هذه العواطف بمنأى عن ارتباطاتها بواقع الحياة وظروفها والاتجاه الواقعي النقدي الذي يكشف الجوانب السلبية في الواقع وينتقدها بإثارة الاحتجاج عليها ورفضها، ويصور أيضاً نهوض الوعي السياسي لدى الجماهير.
ومن أبرز الروائيين ألبيرتو بينكيرلي الملقب بألبيرتو مورافيا[ر] Alberto Moravia الذي اشتهر بروايته «اللامبالون» (1929) Gl'indifferenti وموضوعها اجتماعي يصور مورافيا فيها مشكلة العجز عن التكيف مع الحياة. وقد أعطى مورافيا هذه المشكلة الاجتماعية أولوية فتكررت مختلفةً في روايات أخرى منها «السأم» (1960) La Noia وفي مجموعة حكايات: «شتاء مريض» Inverno di malato و«نهاية علاقة» Fine di una relazione. ويذكر أيضاً من الروائيين المعاصرين إيليو فيتوريني Elio Vittorini («القرنفل الأحمر» (1933-1934) Il Garofano rosso ـ «حديث في صقلية» (1938-1939) Conversazione in Sicilia وكارلو برناري Carlo Bernari الذي ابتعد عن اللغة الأدبية عندما كتب روايته «ثلاثة عمال» (1934) Tre operai وفاسكو براتوليني Vasco Pratolini الذي عرف بكتابيه «واقعة عائلية» (1947) Cronaca familiare و«وقائع عاشقين بائسين» Cronache di poveri amanti (1947)، وإيتالو كالفينو Italo Calvino الذي صنف بين أدباء المقاومة («درب بيوت العنكبوت» (1947) Il Sentiero dei nidi di ragno و«القط النمر» Serval). ومن الروايات الشهيرة التي صدرت بعد وفاة كاتبها رواية «الفهد» Il Gattopardo لجوزيبي توماس دي لامبيدوسا. كما تُذكر رواية «حياة عنيفة» (1959) Una vita violenta لبيير باولو بازوليني Pier Paolo Pasolini. كذلك حقق كارلو إميليو غادا[ر] Carlo Emilio Gadda شهرة في مجال الرواية ومن رواياته «معرفة الألم» (1963) La Cognizione del dolore.
وفي مجال المسرح ازدهرت المسرحية ازدهاراً واسعاً وتكوّن لها جمهور كبير. وكانت مجالاً رحباً لمعالجة القضايا السياسية الكبرى التي تشغل اهتمام الإنسان. وصار الأدباء ينشدون ضرورة وحدة إيطالية ويبينون المقومات التي تهيئ لها السبل إلى التحقق. واكتسب مسرح لويجي بيرانديلو[ر] Luigi Pirandello شهرة عالمية؛ وتحررت الكلمة والعاطفة في مسرح الغروتسك Teatro Grottesco (المسرح المضحك المحاط بالغرابة).
وفي مجال النقد الأدبي لمع اسم بِنِديتو كروتشه [ر] Benedetto Croce الذي ناهض في مجلة «النقد» (1903-1944) La Critica أدب الانحطاط والتدهور الذي ساد في نهاية القرن التاسع عشر. وكانت نظريته المثالية تنادي بالمثل العليا الكامنة في الوحي الداخلي للنفس البشرية. أما المؤرخ الناقد أنطونيو غرامشي[ر] Antonio Gramsci فكان من رواد الاشتراكية ومن ثم أصبح من مؤسسي الحزب الشيوعي الإيطالي. وشهدت نهاية الحرب العالمية الثانية انتشار الفكر الماركسي.
أما الرواية فقد حظيت باهتمام كبير لدى الجماهير المثقفة جعلها تتقدم على سائر الأجناس الأدبية لقدرتها على استيعاب الحياة استيعاباً أشمل وأعمق. وقد تنوعت اتجاهاتها فكان هنالك الاتجاه الإبداعي Storia Romantica الذي يحرك الأحداث بالعواطف ويسلط أضواء التحليل على هذه العواطف بمنأى عن ارتباطاتها بواقع الحياة وظروفها والاتجاه الواقعي النقدي الذي يكشف الجوانب السلبية في الواقع وينتقدها بإثارة الاحتجاج عليها ورفضها، ويصور أيضاً نهوض الوعي السياسي لدى الجماهير.
ومن أبرز الروائيين ألبيرتو بينكيرلي الملقب بألبيرتو مورافيا[ر] Alberto Moravia الذي اشتهر بروايته «اللامبالون» (1929) Gl'indifferenti وموضوعها اجتماعي يصور مورافيا فيها مشكلة العجز عن التكيف مع الحياة. وقد أعطى مورافيا هذه المشكلة الاجتماعية أولوية فتكررت مختلفةً في روايات أخرى منها «السأم» (1960) La Noia وفي مجموعة حكايات: «شتاء مريض» Inverno di malato و«نهاية علاقة» Fine di una relazione. ويذكر أيضاً من الروائيين المعاصرين إيليو فيتوريني Elio Vittorini («القرنفل الأحمر» (1933-1934) Il Garofano rosso ـ «حديث في صقلية» (1938-1939) Conversazione in Sicilia وكارلو برناري Carlo Bernari الذي ابتعد عن اللغة الأدبية عندما كتب روايته «ثلاثة عمال» (1934) Tre operai وفاسكو براتوليني Vasco Pratolini الذي عرف بكتابيه «واقعة عائلية» (1947) Cronaca familiare و«وقائع عاشقين بائسين» Cronache di poveri amanti (1947)، وإيتالو كالفينو Italo Calvino الذي صنف بين أدباء المقاومة («درب بيوت العنكبوت» (1947) Il Sentiero dei nidi di ragno و«القط النمر» Serval). ومن الروايات الشهيرة التي صدرت بعد وفاة كاتبها رواية «الفهد» Il Gattopardo لجوزيبي توماس دي لامبيدوسا. كما تُذكر رواية «حياة عنيفة» (1959) Una vita violenta لبيير باولو بازوليني Pier Paolo Pasolini. كذلك حقق كارلو إميليو غادا[ر] Carlo Emilio Gadda شهرة في مجال الرواية ومن رواياته «معرفة الألم» (1963) La Cognizione del dolore.