ما احتضر أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه حين وفاته قال : و جاءت سكرة
الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .
و قال لعائشة :
انظروا ثوبي هذين ,
فإغسلوهما و كفنوني فيهما , فإن الحي أولى بالجديد من الميت .
و لما
حضرته الوفاة أوصى عمر رضي الله عنه قائلا :
إني أوصيك بوصية , إن أنت
قبلت عني : إن لله عز و جل حقا بالليل لا يقبله بالنهار , و إن لله حقا
بالنهار لا يقبله بالليل , و إنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة , و
إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا , و
ثقلت ذلك عليهم , و حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا , و إنما خفت
موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل , و خفته عليهم في الدنيا
و حق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا.
ولما طعن عمر
..
جاء عبدالله بن عباس , فقال .. : يا أمير المؤمنين , أسلمت حين كفر الناس ,
و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس , و قتلت شهيدا و
لم يختلف عليك اثنان , و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض
.
فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه , فقال : المغرور من غررتموه , و
الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .
و
قال عبدالله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه .
فقال
: ضع رأسي على الأرض .
فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي
؟!
فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض .
فقال عبدالله : فوضعته على
الأرض .
فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل.
أمير
المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه
قال حين طعنه الغادرون و
الدماء تسيل على لحيته :
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
اللهم
إني أستعديك و أستعينك على جميع أموري و أسألك الصبر على بليتي .
ولما
إستشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا . ففتحوه فوجدوا فيه ورقة
مكتوبا عليها (هذه وصية عثمان)
بسم الله الرحمن الرحيم .
عثمان بن
عفان يشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و
أن الجنة حق . و أن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا
يخلف الميعاد . عليها يحيا و عليها يموت و عليها يبعث إن شاء الله .
أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بعد أن طعن علي رضي الله عنه
قال
: ما فعل بضاربي ؟
قالو : أخذناه
قال : أطعموه من طعامي , و اسقوه
من شرابي , فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي , و إن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا
تزيدوه عليها .
ثم أوصى الحسن أن يغسله و قال : لا تغالي في الكفن فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب
سلبا سريعا
و أوصى : إمشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي , و لا تبطئوا ,
فإن كان خيرا عجلتموني إليه , و إن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم .
معاذ
بن جبل رضي الله عنه و أرضاه
الصحابي الجليل معاذ بن جبل .. حين حضرته
الوفاة ..
و جاءت ساعة الإحتضار .. نادى ربه ... قائلا .. :
يا رب
إنني كنت أخافك , و أنا اليوم أرجوك .. اللهم إنك تعلم أنني ما كنت أحب
الدنيا لجري الأنهار , و لا لغرس الأشجار .. و إنما لظمأ الهواجر , و
مكابدة الساعات , و مزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم .
ثم فاضت روحه
بعد أن قال :لا إله إلا الله ...
روى الترمذي أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال .. : نعم الرجل معاذ بن جبل
و روى البخاري أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : أرحم الناس بأمتي أبوبكر .... إلى أن قال ... و
أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ .
بلال بن رباح رضي الله عنه و أرضاه
حينما
أتى بلالا الموت .. قالت زوجته : وا حزناه ..
فكشف الغطاء عن وجهه و هو
في سكرات الموت .. و قال : لا تقولي واحزناه , و قولي وا فرحاه
ثم قال :
غدا نلقى الأحبة ..محمدا و صحبه .
أبو ذر الغفاري رضي الله عنه و
أرضاه
لما حضرت أبا ذر الوفاة .. بكت زوجته .. فقال : ما يبكيك ؟
قالت
: و كيف لا أبكي و أنت تموت بأرض فلاة و ليس معنا ثوب يسعك كفنا ...
فقال
لها : لا تبكي و أبشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول لنفر أنا
منهم :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين
و ليس من
أولئك النفر أحد إلا و مات في قرية و جماعة , و أنا الذي أموت بفلاة , و
الله ما كذبت و لا كذبت فانظري الطريق
قالت :أنى و قد ذهب الحاج و تقطعت
الطريق
فقال انظري فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا : ما
لك يا أمة الله ؟
قالت : امرؤ من المسلمين تكفونه ..
فقالوا : من هو ؟
قالت
: أبو ذر
قالوا : صاحب رسول الله
ففدوه بأبائهم و أمهاتهم و دخلوا
عليه فبشرهم و ذكر لهم الحديث
و قال : أنشدكم بالله , لا يكفنني أحد كان
أمير أو عريفا أو بريدا
فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئا غير فتى من
الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى
و صلى عليه عبدالله بن مسعود
فكان
في ذلك القوم
رضي الله عنهم أجمعين.
الصحابي الجليل أبوالدرداء
رضي الله عنه و أرضاه
لما جاء أبا الدرداء الموت ... قال :
ألا رجل
يعمل لمثل مصرعي هذا ؟
ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟
ألا رجل يعمل
لمثل ساعتي هذه ؟
ثم قبض رحمه الله.
سلمان الفارسي رضي الله عنه و
أرضاه
بكى سلمان الفارسي عند موته , فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال :
عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب , و
حولي هذه الأزواد .
و قيل : إنما كان حوله إجانة و جفنة و مطهرة !
الإجانة
: إناء يجمع فيه الماء
الجفنة : القصعة يوضع فيها الماء و الطعام
المطهرة
: إناء يتطهر فيه.
الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
لما
حضر عبدالله بن مسعود الموت دعا إبنه فقال : يا عبدالرحمن بن عبدالله بن
مسعود , إني أوصيك بخمس خصال , فإحفظهن عني :
أظهر اليأس للناس , فإن
ذلك غنى فاضل .
و دع مطلب الحاجات إلى الناس , فإن ذلك فقر حاضر .
و
دع ما تعتذر منه من الأمور , و لا تعمل به .
و إن إستطعت ألا يأتي عليك
يوم إلا و أنت خير منك بالأمس , فافعل .
و إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع ,
كأنك لا تصلي بعدها .الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه
حينما
حضر عمرو بن العاص الموت .. بكى طويلا .. و حول وجهه إلى الجدار , فقال له
إبنه :ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله ....
فأقبل عمرو رضي الله
عنه إليهم بوجهه و قال : إن أفضل ما نعد ... شهادة أن لا إله إلا الله , و
أن محمدا رسول الله ..
إني كنت على أطباق ثلاث ..
لقد رأيتني و ما
أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني , و لا أحب إلى أن أكون
قد استمكنت منه فقتلته , فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.....
فلما
جعل الله الإسلام في قلبي , أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : إبسط
يمينك فلأبايعنك , فبسط يمينه , قال : فقضبت يدي ..
فقال : ما لك يا
عمرو ؟
قلت : أردت أن أشترط
فقال : تشترط ماذا ؟
قلت : أن يغفر لي
.
فقال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله , و أن الهجرة تهدم ما
كان قبلها , و أن الحج يهدم ما كان قبله ؟
و ما كان أحد أحب إلي من رسول
الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني منه , و ما كنت أطيق أن أملأ
عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه , لأني لم أكن
أملأ عيني منه ,
و لو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ,
ثم
ولينا أشياء , ما أدري ما حالي فيها ؟
فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة و
لا نار , فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما
تنحر جزور و يقسم لحمها , حتى أستأنس بكم , و أنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟
الصحابي
الجليل أبو موسى الأشعري
لما حضرت أبا موسى - رضي الله عنه - الوفاة ,
دعا فتيانه , و قال لهم :
إذهبوا فاحفروا لي و أعمقوا ...
ففعلوا ..
فقال
: اجلسوا بي , فو الذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين , إما ليوسعن قبري
حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعا , و ليفتحن لي باب من أبواب الجنة ,
فلأنظرن إلى منزلي فيها و إلى أزواجي , و إلى ما أعد الله عز و جل لي فيها
من النعيم , ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي , و
ليصيبني من روحها و ريحانها حتى أبعث .
و إن كانت الأخرى ليضيقن علي
قبري حتى تختلف منه أضلاعي , حتى يكون أضيق من كذا و كذا , و ليفتحن لي باب
من أبواب جهنم , فلأنظرن إلى مقعدي و إلى ما أعد الله عز و جل فيها من
السلاسل و الأغلال و القرناء , ثم لأنا إلى مقعدي من جهنم لأهدى مني اليوم
إلى منزلي , ثم ليصيبني من سمومها و حميمها حتى أبعث .
سعد بن
الربيع رضي الله عنه
لما إنتهت غزوة أحد .. قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : من يذهب فينظر ماذا فعل سعد بن الربيع ؟
فدار رجل من الصحابة
بين القتلى .. فأبصره سعد بن الربيع قبل أن تفيض روحه .. فناداه .. : ماذا
تفعل ؟
فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثني لأنظر ماذا فعلت ؟
فقال
سعد :
إقرأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم مني السلام و أخبره أني
ميت و أني قد طعنت إثنتي عشرة طعنة و أنفذت في , فأنا هالك لا محالة , و
إقرأ على قومي من السلام و قل لهم .. يا قوم .. لا عذر لكم إن خلص إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم و فيكم عين تطرف ...
عبدالله بن عمر رضي
الله عنهما
قال عبدالله بن عمر قبل أن تفيض روحه :
ما آسى من الدنيا
على شيء إلا على ثلاثة :
ظمأ ا لهواجر ومكابدةالليل و مراوحة الأقدام
بالقيام لله عز و جل ,
و أني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت
(و
لعله يقصد الحجاج و من معه).
عبادة بن الصامت رضي الله عنه و أرضاه
لما
حضرت عبادة بن الصامت الوفاة ، قال :
أخرجوا فراشي إلى الصحن
ثم قال
:
اجمعوا لي موالي و خدمي و جيراني و من كان يدخل علي
فجمعوا له
.... فقال :
إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا ، و
أول ليلة من الآخرة ، و إنه لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني
شيء ، و هو والذي نفس عبادة بيده ، القصاص يوم القيامة ، و أحرج على أحد
منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي .
فقالوا : بل
كنت والدا و كنت مؤدبا .
فقال : أغفرتم لي ما كان من ذلك ؟
قالوا :
نعم .
فقال : اللهم اشهد ... أما الآن فاحفظوا وصيتي ...
أحرج على كل
إنسان منكم أن يبكي ، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا فأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل
كل إنسان منكم مسجدا فيصلي ثم يستغفر لعبادة و لنفسه ، فإن الله عز و جل
قال : و استعينوا بالصبر و الصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين ... ثم
أسرعوا بي إلى حفرتي ، و لا تتبعوني بنار .
الإمام الشافعي رضي الله
عنه
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه
فقال له
:كيف أصبحت يا أبا عبدالله ؟!
فقال الشافعي :
أصبحت من الدنيا راحلا,
و للإخوان مفارقا , و لسوء عملي ملاقيا , و لكأس المنية شاربا , و على
الله واردا , و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار
فأعزيها , ثم أنشأ يقول :
و لما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي
جـعـلت
رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـما قرنتـه
بعـفــوك
ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجـود و
تعـفـو منــة و تكـرمـا
الحسن البصري رضي الله عنه و أرضاه
حينما
حضرت الحسن البصري المنية
حرك يديه و قال :
هذه منزلة صبر و إستسلام
!
عبدالله بن المبارك
العالم العابد الزاهد المجاهد عبدالله بن
المبارك , حينما جاءته الوفاة إشتدت عليه سكرات الموت
ثم أفاق .. و رفع
الغطاء عن وجهه و ابتسم قائلا :
لمثل هذا فليعمل العاملون .... لا إله
إلا الله ....
ثم فاضت روحه.
الفضيل بن عياض
العالم العابد
الفضيل بن عياض الشهير بعابد الحرمين
لما حضرته الوفاة , غشي عليه , ثم
أفاق و قال :
وا بعد سفراه ...
وا قلة زاداه ...!
الإمام
العالم محمد بن سيرين
روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة , بكى ,
فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال : أبكي لتفريطي في الأيام الخالية و قلة عملي
للجنة العالية و ما ينجيني من النار الحامية.
الخليفة العادل
الزاهد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه
لما حضر الخليفة العادل عمر بن
عبد العزيز الموت قال لبنيه و كان مسلمة بن عبدالملك حاضرا :
يا بني ,
إني قد تركت لكم خيرا كثيرا لا تمرون بأحد من المسلمين و أهل ذمتهم إلا رأو
لكم حقا .
يا بني , إني قد خيرت بين أمرين , إما أن تستغنوا و أدخل
النار , أو تفتقروا و أدخل الجنة , فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي ,
قوموا عصمكم الله ... قوموا رزقكم الله ...
قوموا عني , فإني أرى خلقا
ما يزدادون إلا كثرة , ما هم بجن و لا إنس ..
قال مسلمة : فقمنا و
تركناه , و تنحينا عنه , و سمعنا قائلا يقول : تلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين
ثم خفت
الصوت , فقمنا فدخلنا , فإذا هو ميت مغمض مسجى !
الخليفة المأمون
أمير المؤمنين رحمه الله
حينما حضر المأمون الموت قال :
أنزلوني من
على السرير.
فأنزلوه على الأرض ...
فوضع خده على التراب و قال :
يا
من لا يزول ملكه ... إرحم من قد زال ملكه ... !
أمير المؤمنين
عبدالملك من مروان رحمه الله
يروى أن عبدالملك بن مروان لما أحس بالموت
قال : ارفعوني على شرف , ففعل ذلك , فتنسم الروح , ثم قال :
يا دنيا ما
أطيبك !
إن طويلك لقصير ...
و إن كثيرك لحقير ...
و إن كنا منك
لفي غرور ... !
هشام بن عبدالملك رحمه الله
لما أحتضر هشام بن
عبدالملك , نظر إلى أهله يبكون حوله فقال : جاء هشام إليكم بالدنيا و جئتم
له بالبكاء , ترك لكم ما جمع و تركتم له ما حمل , ما أعظم مصيبة هشام إن لم
يرحمه الله .
أمير المؤمنين الخليفة المعتصم رحمه الله
قال
المعتصم عند موته :
لو علمت أن عمري قصير هكذا ما فعلت ... !
أمير
المؤمنين الخليفة الزاهد المجاهد هارون الرشيد رحمه الله
لما مرض هارون
الرشيد و يئس الأطباء من شفائه ... و أحس بدنو أجله .. قال : أحضروا لي
أكفانا فأحضروا له ..فقال :
احفروا لي قبرا ...
فحفروا له ... فنظر
إلى القبر و قال :
ما أغنى عني مالية ... هلك عني سلطانية ... !
محمد
رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الواحد العلام
و على النبي
الكريم الصلاة و السلام
أما بعد ..
فهذا ما تيسر جمعه من على فراش
الموت ..
جمعتها تذكرة لنفسي أولا و لإخواني .. لنأخذ منها العظة .. و
لنتذكر حقيقة هذه الدنيا ...
و خير ختام لهذه الحلقات .. اللحظات
الأخيرة على فراش موت النبي عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام ...
في يوم
الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول للسنة الحادية عشرة للهجرة
كان المرض
قد أشتد برسول الله صلى الله عليه و سلم ، و سرت أنباء مرضه بين أصحابه ، و
بلغ منهم القلق مبلغه ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أوصى أن
يكون أبو بكر إماما لهم ، حين أعجزه المرض عن الحضور إلى الصلاة .
و في
فجر ذلك اليوم و أبو بكر يصلي بالمسلمين ، لم يفاجئهم و هم يصلون إلا رسول
الله و هو يكشف ستر حجرة عائشة ، و نظر إليهم و هم في صفوف الصلاة ، فتبسم
مما رآه منهم فظن أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد أن يخرج
للصلاة ، فأراد أن يعود ليصل الصفوف ، و هم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم ،
فرحا برسول الله صلى الله عليه و سلم
فأشار إليهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم ، و أومأ إلى أبي بكر ليكمل الصلاة ، فجلس عن جانبه و صلى عن
يساره ....... و عاد رسول الله إلى حجرته ، و فرح الناس بذلك أشد الفرح ، و
ظن الناس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أفاق من وجعه ، و إستبشروا
بذلك خيرا ...
و جاء الضحى .. و عاد الوجع لرسول الله صلى الله عليه و
سلم ، فدعا فاطمة .. فقال لها سرا أنه سيقبض في وجعه هذا .. فبكت لذلك .. ،
فأخبرها أنها أول من يتبعه من أهله ، فضحكت ...
و إشتد الكرب برسول
الله صلى الله عليه و سلم .. و بلغ منه مبلغه ... فقالت فاطمة : واكرباه
... فرد عليها رسول الله قائلا : لا كرب على أبيك بعد اليوم
و أوصى رسول
الله صلى الله عليه و سلم وصيته للمسلمين و هو على فراش موته : الصلاة
الصلاة .. و ما ملكت أيمانكم ...... الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم .... و
كرر ذلك مرارا ......
و دخل عبد الرحمن بن أبي بكر و بيده السواك ،
فنظر إليه رسول الله ، قالت عائشة : آخذه لك .. ؟ ، فأشار برأسه أن نعم ...
فإشتد عليه ... فقالت عائشة : ألينه لك ... فأشار برأسه أن نعم ... فلينته
له ...
و جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل يديه في ركوة فيها
ماء ، فيمسح بالماء وجهه و هو يقول : لا إله إلا الله ... إن للموت لسكرات
...
و في النهاية ... شخص بصر رسول الله صلى الله عليه و سلم ... و
تحركت شفتاه قائلا : .... مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقين و
الشهداء و الصالحين ، اللهم إغفر لي و إرحمني ... و ألحقني بالرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى
و
فاضت روح خير خلق الله .. فاضت أطهر روح خلقت إلى ربها .. فاضت روح من
أرسله الله رحمة للعالمين و صلى اللهم عليه و سلم تسليما
الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد .
و قال لعائشة :
انظروا ثوبي هذين ,
فإغسلوهما و كفنوني فيهما , فإن الحي أولى بالجديد من الميت .
و لما
حضرته الوفاة أوصى عمر رضي الله عنه قائلا :
إني أوصيك بوصية , إن أنت
قبلت عني : إن لله عز و جل حقا بالليل لا يقبله بالنهار , و إن لله حقا
بالنهار لا يقبله بالليل , و إنه لا يقبل النافلة حتى تؤدى الفريضة , و
إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه في الآخرة بإتباعهم الحق في الدنيا , و
ثقلت ذلك عليهم , و حق لميزان يوضع فيه الحق أن يكون ثقيلا , و إنما خفت
موازين من خفت موازينه في الآخرة باتباعهم الباطل , و خفته عليهم في الدنيا
و حق لميزان أن يوضع فيه الباطل أن يكون خفيفا.
ولما طعن عمر
..
جاء عبدالله بن عباس , فقال .. : يا أمير المؤمنين , أسلمت حين كفر الناس ,
و جاهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خذله الناس , و قتلت شهيدا و
لم يختلف عليك اثنان , و توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو عنك راض
.
فقال له : أعد مقالتك فأعاد عليه , فقال : المغرور من غررتموه , و
الله لو أن لي ما طلعت عليه الشمس أو غربت لافتديت به من هول المطلع .
و
قال عبدالله بن عمر : كان رأس عمر على فخذي في مرضه الذي مات فيه .
فقال
: ضع رأسي على الأرض .
فقلت : ما عليك كان على الأرض أو كان على فخذي
؟!
فقال : لا أم لك , ضعه على الأرض .
فقال عبدالله : فوضعته على
الأرض .
فقال : ويلي وويل أمي إن لم يرحمني ربي عز و جل.
أمير
المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه و أرضاه
قال حين طعنه الغادرون و
الدماء تسيل على لحيته :
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين .
اللهم
إني أستعديك و أستعينك على جميع أموري و أسألك الصبر على بليتي .
ولما
إستشهد فتشوا خزائنه فوجدوا فيها صندوقا مقفلا . ففتحوه فوجدوا فيه ورقة
مكتوبا عليها (هذه وصية عثمان)
بسم الله الرحمن الرحيم .
عثمان بن
عفان يشهد أن لا إله إلا الله و حده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و
أن الجنة حق . و أن الله يبعث من في القبور ليوم لا ريب فيه إن الله لا
يخلف الميعاد . عليها يحيا و عليها يموت و عليها يبعث إن شاء الله .
أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه
بعد أن طعن علي رضي الله عنه
قال
: ما فعل بضاربي ؟
قالو : أخذناه
قال : أطعموه من طعامي , و اسقوه
من شرابي , فإن أنا عشت رأيت فيه رأيي , و إن أنا مت فاضربوه ضربة واحدة لا
تزيدوه عليها .
ثم أوصى الحسن أن يغسله و قال : لا تغالي في الكفن فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب
سلبا سريعا
و أوصى : إمشوا بي بين المشيتين لا تسرعوا بي , و لا تبطئوا ,
فإن كان خيرا عجلتموني إليه , و إن كان شرا ألقيتموني عن أكتافكم .
معاذ
بن جبل رضي الله عنه و أرضاه
الصحابي الجليل معاذ بن جبل .. حين حضرته
الوفاة ..
و جاءت ساعة الإحتضار .. نادى ربه ... قائلا .. :
يا رب
إنني كنت أخافك , و أنا اليوم أرجوك .. اللهم إنك تعلم أنني ما كنت أحب
الدنيا لجري الأنهار , و لا لغرس الأشجار .. و إنما لظمأ الهواجر , و
مكابدة الساعات , و مزاحمة العلماء بالركب عند حلق العلم .
ثم فاضت روحه
بعد أن قال :لا إله إلا الله ...
روى الترمذي أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال .. : نعم الرجل معاذ بن جبل
و روى البخاري أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : أرحم الناس بأمتي أبوبكر .... إلى أن قال ... و
أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ .
بلال بن رباح رضي الله عنه و أرضاه
حينما
أتى بلالا الموت .. قالت زوجته : وا حزناه ..
فكشف الغطاء عن وجهه و هو
في سكرات الموت .. و قال : لا تقولي واحزناه , و قولي وا فرحاه
ثم قال :
غدا نلقى الأحبة ..محمدا و صحبه .
أبو ذر الغفاري رضي الله عنه و
أرضاه
لما حضرت أبا ذر الوفاة .. بكت زوجته .. فقال : ما يبكيك ؟
قالت
: و كيف لا أبكي و أنت تموت بأرض فلاة و ليس معنا ثوب يسعك كفنا ...
فقال
لها : لا تبكي و أبشري فقد سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول لنفر أنا
منهم :ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين
و ليس من
أولئك النفر أحد إلا و مات في قرية و جماعة , و أنا الذي أموت بفلاة , و
الله ما كذبت و لا كذبت فانظري الطريق
قالت :أنى و قد ذهب الحاج و تقطعت
الطريق
فقال انظري فإذا أنا برجال فألحت ثوبي فأسرعوا إلي فقالوا : ما
لك يا أمة الله ؟
قالت : امرؤ من المسلمين تكفونه ..
فقالوا : من هو ؟
قالت
: أبو ذر
قالوا : صاحب رسول الله
ففدوه بأبائهم و أمهاتهم و دخلوا
عليه فبشرهم و ذكر لهم الحديث
و قال : أنشدكم بالله , لا يكفنني أحد كان
أمير أو عريفا أو بريدا
فكل القوم كانوا نالوا من ذلك شيئا غير فتى من
الأنصار فكفنه في ثوبين لذلك الفتى
و صلى عليه عبدالله بن مسعود
فكان
في ذلك القوم
رضي الله عنهم أجمعين.
الصحابي الجليل أبوالدرداء
رضي الله عنه و أرضاه
لما جاء أبا الدرداء الموت ... قال :
ألا رجل
يعمل لمثل مصرعي هذا ؟
ألا رجل يعمل لمثل يومي هذا ؟
ألا رجل يعمل
لمثل ساعتي هذه ؟
ثم قبض رحمه الله.
سلمان الفارسي رضي الله عنه و
أرضاه
بكى سلمان الفارسي عند موته , فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال :
عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يكون زاد أحدنا كزاد الراكب , و
حولي هذه الأزواد .
و قيل : إنما كان حوله إجانة و جفنة و مطهرة !
الإجانة
: إناء يجمع فيه الماء
الجفنة : القصعة يوضع فيها الماء و الطعام
المطهرة
: إناء يتطهر فيه.
الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه
لما
حضر عبدالله بن مسعود الموت دعا إبنه فقال : يا عبدالرحمن بن عبدالله بن
مسعود , إني أوصيك بخمس خصال , فإحفظهن عني :
أظهر اليأس للناس , فإن
ذلك غنى فاضل .
و دع مطلب الحاجات إلى الناس , فإن ذلك فقر حاضر .
و
دع ما تعتذر منه من الأمور , و لا تعمل به .
و إن إستطعت ألا يأتي عليك
يوم إلا و أنت خير منك بالأمس , فافعل .
و إذا صليت صلاة فصل صلاة مودع ,
كأنك لا تصلي بعدها .الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه
حينما
حضر عمرو بن العاص الموت .. بكى طويلا .. و حول وجهه إلى الجدار , فقال له
إبنه :ما يبكيك يا أبتاه ؟ أما بشرك رسول الله ....
فأقبل عمرو رضي الله
عنه إليهم بوجهه و قال : إن أفضل ما نعد ... شهادة أن لا إله إلا الله , و
أن محمدا رسول الله ..
إني كنت على أطباق ثلاث ..
لقد رأيتني و ما
أحد أشد بغضا لرسول الله صلى الله عليه و سلم مني , و لا أحب إلى أن أكون
قد استمكنت منه فقتلته , فلو مت على تلك الحال لكنت من أهل النار.....
فلما
جعل الله الإسلام في قلبي , أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : إبسط
يمينك فلأبايعنك , فبسط يمينه , قال : فقضبت يدي ..
فقال : ما لك يا
عمرو ؟
قلت : أردت أن أشترط
فقال : تشترط ماذا ؟
قلت : أن يغفر لي
.
فقال : أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله , و أن الهجرة تهدم ما
كان قبلها , و أن الحج يهدم ما كان قبله ؟
و ما كان أحد أحب إلي من رسول
الله صلى الله عليه و سلم و لا أحلى في عيني منه , و ما كنت أطيق أن أملأ
عيني منه إجلالا له , و لو قيل لي صفه لما إستطعت أن أصفه , لأني لم أكن
أملأ عيني منه ,
و لو مت على تلك الحال لرجوت أن أكون من أهل الجنة ,
ثم
ولينا أشياء , ما أدري ما حالي فيها ؟
فإذا أنا مت فلا تصحبني نائحة و
لا نار , فإذا دفنتموني فسنوا علي التراب سنا ثم أقيموا حول قبري قدر ما
تنحر جزور و يقسم لحمها , حتى أستأنس بكم , و أنظر ماذا أراجع به رسل ربي ؟
الصحابي
الجليل أبو موسى الأشعري
لما حضرت أبا موسى - رضي الله عنه - الوفاة ,
دعا فتيانه , و قال لهم :
إذهبوا فاحفروا لي و أعمقوا ...
ففعلوا ..
فقال
: اجلسوا بي , فو الذي نفسي بيده إنها لإحدى المنزلتين , إما ليوسعن قبري
حتى تكون كل زاوية أربعين ذراعا , و ليفتحن لي باب من أبواب الجنة ,
فلأنظرن إلى منزلي فيها و إلى أزواجي , و إلى ما أعد الله عز و جل لي فيها
من النعيم , ثم لأنا أهدى إلى منزلي في الجنة مني اليوم إلى أهلي , و
ليصيبني من روحها و ريحانها حتى أبعث .
و إن كانت الأخرى ليضيقن علي
قبري حتى تختلف منه أضلاعي , حتى يكون أضيق من كذا و كذا , و ليفتحن لي باب
من أبواب جهنم , فلأنظرن إلى مقعدي و إلى ما أعد الله عز و جل فيها من
السلاسل و الأغلال و القرناء , ثم لأنا إلى مقعدي من جهنم لأهدى مني اليوم
إلى منزلي , ثم ليصيبني من سمومها و حميمها حتى أبعث .
سعد بن
الربيع رضي الله عنه
لما إنتهت غزوة أحد .. قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : من يذهب فينظر ماذا فعل سعد بن الربيع ؟
فدار رجل من الصحابة
بين القتلى .. فأبصره سعد بن الربيع قبل أن تفيض روحه .. فناداه .. : ماذا
تفعل ؟
فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثني لأنظر ماذا فعلت ؟
فقال
سعد :
إقرأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم مني السلام و أخبره أني
ميت و أني قد طعنت إثنتي عشرة طعنة و أنفذت في , فأنا هالك لا محالة , و
إقرأ على قومي من السلام و قل لهم .. يا قوم .. لا عذر لكم إن خلص إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم و فيكم عين تطرف ...
عبدالله بن عمر رضي
الله عنهما
قال عبدالله بن عمر قبل أن تفيض روحه :
ما آسى من الدنيا
على شيء إلا على ثلاثة :
ظمأ ا لهواجر ومكابدةالليل و مراوحة الأقدام
بالقيام لله عز و جل ,
و أني لم أقاتل الفئة الباغية التي نزلت
(و
لعله يقصد الحجاج و من معه).
عبادة بن الصامت رضي الله عنه و أرضاه
لما
حضرت عبادة بن الصامت الوفاة ، قال :
أخرجوا فراشي إلى الصحن
ثم قال
:
اجمعوا لي موالي و خدمي و جيراني و من كان يدخل علي
فجمعوا له
.... فقال :
إن يومي هذا لا أراه إلا آخر يوم يأتي علي من الدنيا ، و
أول ليلة من الآخرة ، و إنه لا أدري لعله قد فرط مني إليكم بيدي أو بلساني
شيء ، و هو والذي نفس عبادة بيده ، القصاص يوم القيامة ، و أحرج على أحد
منكم في نفسه شيء من ذلك إلا اقتص مني قبل أن تخرج نفسي .
فقالوا : بل
كنت والدا و كنت مؤدبا .
فقال : أغفرتم لي ما كان من ذلك ؟
قالوا :
نعم .
فقال : اللهم اشهد ... أما الآن فاحفظوا وصيتي ...
أحرج على كل
إنسان منكم أن يبكي ، فإذا خرجت نفسي فتوضئوا فأحسنوا الوضوء ، ثم ليدخل
كل إنسان منكم مسجدا فيصلي ثم يستغفر لعبادة و لنفسه ، فإن الله عز و جل
قال : و استعينوا بالصبر و الصلاة و إنها لكبيرة إلا على الخاشعين ... ثم
أسرعوا بي إلى حفرتي ، و لا تتبعوني بنار .
الإمام الشافعي رضي الله
عنه
دخل المزني على الإمام الشافعي في مرضه الذي توفي فيه
فقال له
:كيف أصبحت يا أبا عبدالله ؟!
فقال الشافعي :
أصبحت من الدنيا راحلا,
و للإخوان مفارقا , و لسوء عملي ملاقيا , و لكأس المنية شاربا , و على
الله واردا , و لا أدري أروحي تصير إلى الجنة فأهنيها , أم إلى النار
فأعزيها , ثم أنشأ يقول :
و لما قسـا قلبي و ضاقـت مذاهبي
جـعـلت
رجـائي نحـو عفـوك سلـما
تعاظـمــني ذنبــي فلـما قرنتـه
بعـفــوك
ربـي كـان عفوك أعظـما
فما زلت ذا عفو عن الذنب لم تزل
تجـود و
تعـفـو منــة و تكـرمـا
الحسن البصري رضي الله عنه و أرضاه
حينما
حضرت الحسن البصري المنية
حرك يديه و قال :
هذه منزلة صبر و إستسلام
!
عبدالله بن المبارك
العالم العابد الزاهد المجاهد عبدالله بن
المبارك , حينما جاءته الوفاة إشتدت عليه سكرات الموت
ثم أفاق .. و رفع
الغطاء عن وجهه و ابتسم قائلا :
لمثل هذا فليعمل العاملون .... لا إله
إلا الله ....
ثم فاضت روحه.
الفضيل بن عياض
العالم العابد
الفضيل بن عياض الشهير بعابد الحرمين
لما حضرته الوفاة , غشي عليه , ثم
أفاق و قال :
وا بعد سفراه ...
وا قلة زاداه ...!
الإمام
العالم محمد بن سيرين
روي أنه لما حضرت محمد بن سيرين الوفاة , بكى ,
فقيل له : ما يبكيك ؟
فقال : أبكي لتفريطي في الأيام الخالية و قلة عملي
للجنة العالية و ما ينجيني من النار الحامية.
الخليفة العادل
الزاهد عمر بن عبدالعزيز رضي الله عنه
لما حضر الخليفة العادل عمر بن
عبد العزيز الموت قال لبنيه و كان مسلمة بن عبدالملك حاضرا :
يا بني ,
إني قد تركت لكم خيرا كثيرا لا تمرون بأحد من المسلمين و أهل ذمتهم إلا رأو
لكم حقا .
يا بني , إني قد خيرت بين أمرين , إما أن تستغنوا و أدخل
النار , أو تفتقروا و أدخل الجنة , فأرى أن تفتقروا إلى ذلك أحب إلي ,
قوموا عصمكم الله ... قوموا رزقكم الله ...
قوموا عني , فإني أرى خلقا
ما يزدادون إلا كثرة , ما هم بجن و لا إنس ..
قال مسلمة : فقمنا و
تركناه , و تنحينا عنه , و سمعنا قائلا يقول : تلك الدار الآخرة نجعلها
للذين لا يريدون علوا في الأرض و لا فسادا و العاقبة للمتقين
ثم خفت
الصوت , فقمنا فدخلنا , فإذا هو ميت مغمض مسجى !
الخليفة المأمون
أمير المؤمنين رحمه الله
حينما حضر المأمون الموت قال :
أنزلوني من
على السرير.
فأنزلوه على الأرض ...
فوضع خده على التراب و قال :
يا
من لا يزول ملكه ... إرحم من قد زال ملكه ... !
أمير المؤمنين
عبدالملك من مروان رحمه الله
يروى أن عبدالملك بن مروان لما أحس بالموت
قال : ارفعوني على شرف , ففعل ذلك , فتنسم الروح , ثم قال :
يا دنيا ما
أطيبك !
إن طويلك لقصير ...
و إن كثيرك لحقير ...
و إن كنا منك
لفي غرور ... !
هشام بن عبدالملك رحمه الله
لما أحتضر هشام بن
عبدالملك , نظر إلى أهله يبكون حوله فقال : جاء هشام إليكم بالدنيا و جئتم
له بالبكاء , ترك لكم ما جمع و تركتم له ما حمل , ما أعظم مصيبة هشام إن لم
يرحمه الله .
أمير المؤمنين الخليفة المعتصم رحمه الله
قال
المعتصم عند موته :
لو علمت أن عمري قصير هكذا ما فعلت ... !
أمير
المؤمنين الخليفة الزاهد المجاهد هارون الرشيد رحمه الله
لما مرض هارون
الرشيد و يئس الأطباء من شفائه ... و أحس بدنو أجله .. قال : أحضروا لي
أكفانا فأحضروا له ..فقال :
احفروا لي قبرا ...
فحفروا له ... فنظر
إلى القبر و قال :
ما أغنى عني مالية ... هلك عني سلطانية ... !
محمد
رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحمد لله الواحد العلام
و على النبي
الكريم الصلاة و السلام
أما بعد ..
فهذا ما تيسر جمعه من على فراش
الموت ..
جمعتها تذكرة لنفسي أولا و لإخواني .. لنأخذ منها العظة .. و
لنتذكر حقيقة هذه الدنيا ...
و خير ختام لهذه الحلقات .. اللحظات
الأخيرة على فراش موت النبي عليه أفضل الصلاة و أزكى السلام ...
في يوم
الإثنين الثاني عشر من ربيع الأول للسنة الحادية عشرة للهجرة
كان المرض
قد أشتد برسول الله صلى الله عليه و سلم ، و سرت أنباء مرضه بين أصحابه ، و
بلغ منهم القلق مبلغه ، و كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أوصى أن
يكون أبو بكر إماما لهم ، حين أعجزه المرض عن الحضور إلى الصلاة .
و في
فجر ذلك اليوم و أبو بكر يصلي بالمسلمين ، لم يفاجئهم و هم يصلون إلا رسول
الله و هو يكشف ستر حجرة عائشة ، و نظر إليهم و هم في صفوف الصلاة ، فتبسم
مما رآه منهم فظن أبو بكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد أن يخرج
للصلاة ، فأراد أن يعود ليصل الصفوف ، و هم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم ،
فرحا برسول الله صلى الله عليه و سلم
فأشار إليهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم ، و أومأ إلى أبي بكر ليكمل الصلاة ، فجلس عن جانبه و صلى عن
يساره ....... و عاد رسول الله إلى حجرته ، و فرح الناس بذلك أشد الفرح ، و
ظن الناس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أفاق من وجعه ، و إستبشروا
بذلك خيرا ...
و جاء الضحى .. و عاد الوجع لرسول الله صلى الله عليه و
سلم ، فدعا فاطمة .. فقال لها سرا أنه سيقبض في وجعه هذا .. فبكت لذلك .. ،
فأخبرها أنها أول من يتبعه من أهله ، فضحكت ...
و إشتد الكرب برسول
الله صلى الله عليه و سلم .. و بلغ منه مبلغه ... فقالت فاطمة : واكرباه
... فرد عليها رسول الله قائلا : لا كرب على أبيك بعد اليوم
و أوصى رسول
الله صلى الله عليه و سلم وصيته للمسلمين و هو على فراش موته : الصلاة
الصلاة .. و ما ملكت أيمانكم ...... الصلاة الصلاة و ما ملكت أيمانكم .... و
كرر ذلك مرارا ......
و دخل عبد الرحمن بن أبي بكر و بيده السواك ،
فنظر إليه رسول الله ، قالت عائشة : آخذه لك .. ؟ ، فأشار برأسه أن نعم ...
فإشتد عليه ... فقالت عائشة : ألينه لك ... فأشار برأسه أن نعم ... فلينته
له ...
و جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل يديه في ركوة فيها
ماء ، فيمسح بالماء وجهه و هو يقول : لا إله إلا الله ... إن للموت لسكرات
...
و في النهاية ... شخص بصر رسول الله صلى الله عليه و سلم ... و
تحركت شفتاه قائلا : .... مع الذين أنعمت عليهم من النبيين و الصديقين و
الشهداء و الصالحين ، اللهم إغفر لي و إرحمني ... و ألحقني بالرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى
اللهم الرفيق الأعلى
و
فاضت روح خير خلق الله .. فاضت أطهر روح خلقت إلى ربها .. فاضت روح من
أرسله الله رحمة للعالمين و صلى اللهم عليه و سلم تسليما