تعريف الغلو :
الغلو في اللغة : للعلماء أقوال متقاربة في تعريف الغلو . وهذه بعض تلك التعريفات:
أ- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الغلو مجاوزة الحد، بأن يزاد في الشيء، في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك. وبنحو هذا التعريف عرّفه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله.
ب-وعرّفه الحافظ ابن حجر رحمه الله بأنه "المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد".
من صور الغلو:
ومن المعلوم أن الغلو المقصود في الشرع له صور متعددة منها الغلو في الأشخاص بتجاوز الحد في حقهم ورفعهم إلى مالا يستحقونه من الأوصاف وكذلك الغلو في الأحكام والغلو في الأفعال التي هي مشروعة في الأصل.
ومن صور الغلو ترك المباح أو المشرع تعبدا.
غير أن الحكم على عمل ما بأنه غلو يجب التثبت فيه ، وينظر إلى العمل بدقة لئلا يحكم عليه بأنه غلو مع أنه سليم، ولكن الوسيلة إليه قد تكون من باب الغلو فيقع الخلط من هذا الباب.
ومن صور الغلو الأخرى :
أ-تفسير النصوص تفسيرا متشددا.
ب-تكلف التعمق في معاني التنزيل.
ج-أن يكون الغلو متعلقا بالأحكام وذلك بأحد الأمور:
1-إلزام النفس أو الآخرين ما لم يوجبه الله عز وجل تعبدا وترهبا.
2-تحريم الطيبات التي أباحها الله عز وجل على وجه التعبد.
3-ترك الضروريات أو بعضها.
د-أن يكون الغلو متعلقا بالموقف من الآخرين وذلك بأحد أمرين:
1-أن يقف الإنسان من البعض موقف المادح الغالي الذي يوصل بشرا ما سواء أكان فردا أم جماعة إلى درجة لايستحقها كادعاء صفات الالوهية لبعض الصالحين والأولياء الذين ماتوا،من القدرة على شفاء المرض أو ادعاء العصمة لشخص وجعله مصدر الحق.
2-أن يقف الإنسان من بعض الناس أفرادا أو جماعات موقف الذام الغالي فيصم المسلم بالكفر والمروق من الدين أو يصم المجتمع المسلم بأنه مجتمع جاهلي.
خطر الغلو : للغلو مخاطر عدة منها :
1-الخروج عن جادة الحق مع ظن الإنسان الغالي بأنه على الحق
كما هو الشأن في أولئك الذين يدعون البشر مع الله أو من دون الله ويطلبون منهم مالايجوز طلبه إلا من الله كمغفرة الذنوب ، ورزق الأولاد ، ونحو ذلك .
وكما هو شأن الذين يتخذون الشفعاء الذين لم يأذن بهم الله
وكما هو شأن الذين يفرون المسلمين بالكبائر ويغلون في العبادة ، ويخرجون على جماعة المسلمين
وهم الخوارج الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
2–تفريق كلمة المسلمين وإضعاف شوكتهم على عدوهم ، فالغلو الذي يترتب عليه قتال لمسلمين وتكفيرهم من أعظم أسباب الفرقة والشتات والنزاع ، مما تضعف معه شوكة الأمة .
3–إيجاد رد فعل سيئ في واقع الأمة ، فإن الغلو قد يحدث بعد التفريط كرد فعل عليه ، ومعلوم أن الإرجاء نشأ في الأمة كرد فعل على غلو الخوارج .
4–قد يترتب عليه استحقاق العذاب والوعيد الوارد على الغلاة بالنسبة للفرد الغالي .
عالمية المشكلة:
-إن الغلو من السمات الظاهرة في هذا العصر، إذ صار في كل بلد وفي كل حضارة طوائف عرفت بتلك الأعمال، وتختلف طبيعة كل فئة بحسب الحضارة، أو الدين والمذهب الذي يعتنقه أفرادها، كما أن للعالمية وجها آخر: فقد نقل الإعلام المعاصر الأحداث (الإرهابية) من المحلية إلى العالمية.
-وقفات مع مشكلة الغلو في العصر الحاضر :
-من أبرز من كتب دراسة مؤصلة وشاملة عن مشكلة الغلو في العصر الحاضر الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق الأستاذ المساعد بقسم الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بالرياض
-وقد تميزت دراسته بالتنظير والتطبيق ، وله رؤى متميزة حول هذه المشكلة ،رأيت عرضها بإيجاز :فهو يرى :
-ضرورة تدارس المفهوم الصحيح للغلو:
-حيث أصبحت المفاهيم المتعلقة بالغلو، مفاهيم نسبية تحملها كل طائفة على ما يوافق أهواءها، وذلك على المستوى المحلي، وعلى المستوى العالمي أصبحت المفاهيم ضائعة في جو من الضبابية والاختلاف.
-تعقد المظاهر والأسباب وتشابكها: مما يعقّد المشكلة في العصر الحديث من حيث تعدد مظاهرها وأسبابها ومواردها، حيث لم تعد تلك المشكلة التي ليس لها مظهر أو مظهران، بل تعددت المظاهر وتنوعت.
وفي الأسباب مثل ذلك، فقد تنوعت وتعددت وتشابكت لتشكل المشكلة المعاصرة، والكلام فيها بعدل مقتضيا توسيع النظر في الأسباب والمظاهر.
-تصدي أصناف متعددة لهذه المشكلة: إن الواقع يُظهر أن هذه المشكلة أضحت نهبا لآراء متباينة تباين اتجاهـات المتكلمين فيها، بحسب تباين مشاربهم وعقائدهم، بل وأصبح التصدي للغلو و(الإرهاب) سلما لأغراض دنيوية كثيرة. وكل ذلك زاد المشكلة تعقيدا، وزاد في اضطراب الرؤية.
-انقسام الناس ما بين مهوّل ومهوّن: إن تهويل المشكلة يفقد الدارس لها الرؤية الصحيحة، كما أن تهوينها يفقد الرؤية الصحيحة أيضا، وعندما يُفتقد العدل في التعامل مع القضايا المتشابهة تزداد المشكلة تعقيدا، بل يصبح ذلك الجور في التعامل جزءا من المشكلة ذاتها. فبهذا يتضح أن المشكلة لم تعد مشكلة الغلو فقط ولكنها مشكلة الغلو ومشكلة الخطأ في فهم الغلو، ومشكلة تصدي من ليس بأهل للكلام في المشكلة للكلام فيها، ومشكلة اتخاذ الغلو ذريعة لمحاربة الإسلام، ومشكلة انقسام الناس ما بين مهوّل ومهوّن، إنها مشكلة مرتبطة بمشكلة أخرى
الغلو في اللغة : للعلماء أقوال متقاربة في تعريف الغلو . وهذه بعض تلك التعريفات:
أ- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: الغلو مجاوزة الحد، بأن يزاد في الشيء، في حمده أو ذمه على ما يستحق ونحو ذلك. وبنحو هذا التعريف عرّفه الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب، رحمهم الله.
ب-وعرّفه الحافظ ابن حجر رحمه الله بأنه "المبالغة في الشيء والتشديد فيه بتجاوز الحد".
من صور الغلو:
ومن المعلوم أن الغلو المقصود في الشرع له صور متعددة منها الغلو في الأشخاص بتجاوز الحد في حقهم ورفعهم إلى مالا يستحقونه من الأوصاف وكذلك الغلو في الأحكام والغلو في الأفعال التي هي مشروعة في الأصل.
ومن صور الغلو ترك المباح أو المشرع تعبدا.
غير أن الحكم على عمل ما بأنه غلو يجب التثبت فيه ، وينظر إلى العمل بدقة لئلا يحكم عليه بأنه غلو مع أنه سليم، ولكن الوسيلة إليه قد تكون من باب الغلو فيقع الخلط من هذا الباب.
ومن صور الغلو الأخرى :
أ-تفسير النصوص تفسيرا متشددا.
ب-تكلف التعمق في معاني التنزيل.
ج-أن يكون الغلو متعلقا بالأحكام وذلك بأحد الأمور:
1-إلزام النفس أو الآخرين ما لم يوجبه الله عز وجل تعبدا وترهبا.
2-تحريم الطيبات التي أباحها الله عز وجل على وجه التعبد.
3-ترك الضروريات أو بعضها.
د-أن يكون الغلو متعلقا بالموقف من الآخرين وذلك بأحد أمرين:
1-أن يقف الإنسان من البعض موقف المادح الغالي الذي يوصل بشرا ما سواء أكان فردا أم جماعة إلى درجة لايستحقها كادعاء صفات الالوهية لبعض الصالحين والأولياء الذين ماتوا،من القدرة على شفاء المرض أو ادعاء العصمة لشخص وجعله مصدر الحق.
2-أن يقف الإنسان من بعض الناس أفرادا أو جماعات موقف الذام الغالي فيصم المسلم بالكفر والمروق من الدين أو يصم المجتمع المسلم بأنه مجتمع جاهلي.
خطر الغلو : للغلو مخاطر عدة منها :
1-الخروج عن جادة الحق مع ظن الإنسان الغالي بأنه على الحق
كما هو الشأن في أولئك الذين يدعون البشر مع الله أو من دون الله ويطلبون منهم مالايجوز طلبه إلا من الله كمغفرة الذنوب ، ورزق الأولاد ، ونحو ذلك .
وكما هو شأن الذين يتخذون الشفعاء الذين لم يأذن بهم الله
وكما هو شأن الذين يفرون المسلمين بالكبائر ويغلون في العبادة ، ويخرجون على جماعة المسلمين
وهم الخوارج الذين قال فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم ( يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية .
2–تفريق كلمة المسلمين وإضعاف شوكتهم على عدوهم ، فالغلو الذي يترتب عليه قتال لمسلمين وتكفيرهم من أعظم أسباب الفرقة والشتات والنزاع ، مما تضعف معه شوكة الأمة .
3–إيجاد رد فعل سيئ في واقع الأمة ، فإن الغلو قد يحدث بعد التفريط كرد فعل عليه ، ومعلوم أن الإرجاء نشأ في الأمة كرد فعل على غلو الخوارج .
4–قد يترتب عليه استحقاق العذاب والوعيد الوارد على الغلاة بالنسبة للفرد الغالي .
عالمية المشكلة:
-إن الغلو من السمات الظاهرة في هذا العصر، إذ صار في كل بلد وفي كل حضارة طوائف عرفت بتلك الأعمال، وتختلف طبيعة كل فئة بحسب الحضارة، أو الدين والمذهب الذي يعتنقه أفرادها، كما أن للعالمية وجها آخر: فقد نقل الإعلام المعاصر الأحداث (الإرهابية) من المحلية إلى العالمية.
-وقفات مع مشكلة الغلو في العصر الحاضر :
-من أبرز من كتب دراسة مؤصلة وشاملة عن مشكلة الغلو في العصر الحاضر الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق الأستاذ المساعد بقسم الثقافة الإسلامية بكلية الشريعة بالرياض
-وقد تميزت دراسته بالتنظير والتطبيق ، وله رؤى متميزة حول هذه المشكلة ،رأيت عرضها بإيجاز :فهو يرى :
-ضرورة تدارس المفهوم الصحيح للغلو:
-حيث أصبحت المفاهيم المتعلقة بالغلو، مفاهيم نسبية تحملها كل طائفة على ما يوافق أهواءها، وذلك على المستوى المحلي، وعلى المستوى العالمي أصبحت المفاهيم ضائعة في جو من الضبابية والاختلاف.
-تعقد المظاهر والأسباب وتشابكها: مما يعقّد المشكلة في العصر الحديث من حيث تعدد مظاهرها وأسبابها ومواردها، حيث لم تعد تلك المشكلة التي ليس لها مظهر أو مظهران، بل تعددت المظاهر وتنوعت.
وفي الأسباب مثل ذلك، فقد تنوعت وتعددت وتشابكت لتشكل المشكلة المعاصرة، والكلام فيها بعدل مقتضيا توسيع النظر في الأسباب والمظاهر.
-تصدي أصناف متعددة لهذه المشكلة: إن الواقع يُظهر أن هذه المشكلة أضحت نهبا لآراء متباينة تباين اتجاهـات المتكلمين فيها، بحسب تباين مشاربهم وعقائدهم، بل وأصبح التصدي للغلو و(الإرهاب) سلما لأغراض دنيوية كثيرة. وكل ذلك زاد المشكلة تعقيدا، وزاد في اضطراب الرؤية.
-انقسام الناس ما بين مهوّل ومهوّن: إن تهويل المشكلة يفقد الدارس لها الرؤية الصحيحة، كما أن تهوينها يفقد الرؤية الصحيحة أيضا، وعندما يُفتقد العدل في التعامل مع القضايا المتشابهة تزداد المشكلة تعقيدا، بل يصبح ذلك الجور في التعامل جزءا من المشكلة ذاتها. فبهذا يتضح أن المشكلة لم تعد مشكلة الغلو فقط ولكنها مشكلة الغلو ومشكلة الخطأ في فهم الغلو، ومشكلة تصدي من ليس بأهل للكلام في المشكلة للكلام فيها، ومشكلة اتخاذ الغلو ذريعة لمحاربة الإسلام، ومشكلة انقسام الناس ما بين مهوّل ومهوّن، إنها مشكلة مرتبطة بمشكلة أخرى