بسم الله الرحمن الرحيم
"جماعة العدل والإحسان"
والتوظيف المنحرف لأدلة الرؤى والفراسة والإلهام
كثيرة هي العقبات التي تعترض طريق الدعوة إلى الله سبحانه، وتحول بين الناس وبين الهدى ودين الحق، وهما العلم النافع والعمل الصالح، المحققان لصلاح القلوب، وزكاة النفوس، واستقامة السلوك.
وإن من أسوأ تلك العقبات، ما يتخلل قافلة الدعوة من بعض المتطفلين المتعالمين، أو المغرضين المصلحيين الذين يدعون إلى أنفسهم أكثر مما يدعون إلى الله، ويُلبسون الدعوة لباس البدعة والحزبية المقيتة، والولاءات غير الشرعية.
ويعد الرد على هؤلاء، وبيان انحرافهم عن المنهج الدعوي الصحيح - والذي تحدده السنة وطريقة السلف - من أوجب الواجبات، وأوكد المطالب، حتى تبقى للحق معالمه، فيجده من طلبه، ويقف عليه من التمسه، ويحيى بذلك من حيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة...
قال العلامة ابن تيمية: (ولهذا يتغير الدين بالتبديل تارة وبالنسخ أخرى وهذا الدين لا ينسخ أبدا لكن يكون فيه من يدخل من التحريف والتبديل والكذب والكتمان ما يلبس به الحق بالباطل، ولا بد أن يقيم الله فيه من تقوم به الحجة خلفا عن الرسل فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فيحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون) [مجموع الفتاوى: 11 / 435].
أما بعد...
فقد طلب مني بعض الإخوان أن أكتب مقالا في مناقشة "الحوار العلمي" الذي كتبه محمد بن الأزرق - أحد أتباع "جماعة العدل والإحسان" - دفاعا عن منهج الجماعة في تبني باب الرؤى والإلهام ونحوهما، والطريقة التي يوظفونه بها
وقد أُثبِت في الصفحة الرئيسية لموقع الجماعة في الشبكة العنكبوتية بتاريخ:28 رمضان 1426 الموافق لليوم الأول من شهر نوفنبر2005.
وقد اجتهد كاتبه في إقامة مستند شرعي لمنهج الجماعة في ذلك
ويأتي هذا "الحوار" حميّة للجماعة ومرشدها عبد السلام ياسين في سياق ما تتعرض له في هذه الآونة الأخيرة من ردود تستهدف التحذير من انحرافاتها وانزلاقاتها الخطيرة.
يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}. ويؤسفني أن أقول: لقد سلك كاتب الحوار مسلك أهل الأهواء، في كونهم يذكرون من النصوص ما لهم دون ما عليهم؛ فقد عالج مسألة اطلاع بعض الناس من غير الرسل على الغيب، علاجا ظهر فيه ذلك الانحراف المنهجي، ولم يأت هذا البيت من بابه.
فقد كان المفروض أن ينطلق فيه - أو على الأقل يُذكِّر - بمسألة عقدية معلومة من الدين بالضرورة
ولو فعل لكان ذلك أدعى لسلامته مما وقع فيه من المخالفة الصريحة لهذه الحقيقة القرآنية، وذلك في قوله: (إن الله يطلع من يشاء من عباده على المغيبات الماضية والحاضرة والمستقبلة، ولا تشترط النبوة لذلك أبدا، وله في ذلك سبحانه طرق شتى ووسائل عدة، يعرفها أهل العلم الراسخون)!
كذا قال! وأرجو من القارئ أن يضع سطرا على قوله "المغيبات"، ويتنبه لما تتصف به هذه الكلمة من الإطلاق والذي أكده بقوله: (الماضية والحاضرة والمستقبلة).
ياسين يجوز اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ، ويدعي ذلك لنفسه:
وهذا الإطلاق يتبناه ياسين في فكره المنكوس ومعتقده الممسوس، حيث يصرح في كتاباته بأن الاطلاع على اللوح المحفوظ ممكن لبعض الأولياء، بل وواقع من كثير منهم، وأنه يسعى لهذا الأمر!
ومن ذلك قوله في "تنوير! المؤمنات" [1/290]: (ما لِي أتغذى من فُتات موائد الكرام، ولا أبحث كما بحثوا لأزاحم بالركب! كبار الصوفية كالغزالي؛ ينظرون في اللوح المحفوظ، فما مُقامي أنا في ظُلمة الجهل! وابن تيمية يقرأ في اللوح المحفوظ وينبئُ بغيب المستقبل، كيف؟! لوح محفوظ؟! وعلم غيْب؟! وابن تيمية؟! إِي نعم! لا أذكر لك الصفحة والجزء لكي تقرئي كتاب "مدارج السالكين" لتلميذ ابن تيمية الذكي الزكي، الذي قص كيف راجع شيخه حين أخبره شيخه أن المسلمين ينتصرون في معركة مع التتار، وأخبره شيخه أنه رأى ذلك في اللوح المحفوظ)!
القول باطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ عقيدة صوفية خطيرة:
وكيف لا يتبنى ياسين هذا الضلال وهو من عقائد أئمته الصوفية؛ كعبد الكريم الجيلي [انظر كتابه؛ الإنسان الكامل: 1/122 وغيرها]، وعبد العزيز الدباغ [الإبريز: ص 151 وما بعدها]، والشعراني [الطبقات الكبرى: 2/150]، وعلي حرازم ابن العربي برادة [جواهر المعاني: 1/53]، والشاذلي...
قال أوسطهم واصفا شيخه علي الخوّاص: (وكان محل كشفه اللوح المحفوظ عن المحو والإثبات، فكان إذا قال قولا لابد وأن يقع على الصفة التي قال، وكنت أرسل له الناس يشاورونه عن أحوالهم فما كان قط يحوجهم إلى كلام بل كان يخبر الشخص بواقعته التي أتى لأجلها قبل أن يتكلم فيتحير الشخص)
الطبقات الكبرى 2/250.
فهؤلاء سلف ياسين في هذا الضلال، وقد قيل:
ومن يكن الغراب له دليلا يمر به على جيف الكلاب
فيمسي من روائحها عليلا ويصبح تاركا خط الصواب
ومما يتعين التنبيه عليه ههنا: أن كلام ياسين ومشايخه معناه؛ تجويز علم الغيب لبعض الأولياء، وهم بهذا يرفعونهم إلى درجة أعلى من درجة الأنبياء الذين نفى القرآن عنهم هذه الصفة، وجعلها خاصة برب العالمين سبحانه.
وهذا لا يستبعد من الصوفية الذين يقول إمامهم الأكبر ابن عربي:
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
فهم يعتقدون أن مقام الولاية أعظم من مقام النبوة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بقلم؛ حمّاد القبّاج
و الله المستعان
"جماعة العدل والإحسان"
والتوظيف المنحرف لأدلة الرؤى والفراسة والإلهام
كثيرة هي العقبات التي تعترض طريق الدعوة إلى الله سبحانه، وتحول بين الناس وبين الهدى ودين الحق، وهما العلم النافع والعمل الصالح، المحققان لصلاح القلوب، وزكاة النفوس، واستقامة السلوك.
وإن من أسوأ تلك العقبات، ما يتخلل قافلة الدعوة من بعض المتطفلين المتعالمين، أو المغرضين المصلحيين الذين يدعون إلى أنفسهم أكثر مما يدعون إلى الله، ويُلبسون الدعوة لباس البدعة والحزبية المقيتة، والولاءات غير الشرعية.
ويعد الرد على هؤلاء، وبيان انحرافهم عن المنهج الدعوي الصحيح - والذي تحدده السنة وطريقة السلف - من أوجب الواجبات، وأوكد المطالب، حتى تبقى للحق معالمه، فيجده من طلبه، ويقف عليه من التمسه، ويحيى بذلك من حيى عن بينة ويهلك من هلك عن بينة...
قال العلامة ابن تيمية: (ولهذا يتغير الدين بالتبديل تارة وبالنسخ أخرى وهذا الدين لا ينسخ أبدا لكن يكون فيه من يدخل من التحريف والتبديل والكذب والكتمان ما يلبس به الحق بالباطل، ولا بد أن يقيم الله فيه من تقوم به الحجة خلفا عن الرسل فينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين فيحق الله الحق ويبطل الباطل ولو كره المشركون) [مجموع الفتاوى: 11 / 435].
أما بعد...
فقد طلب مني بعض الإخوان أن أكتب مقالا في مناقشة "الحوار العلمي" الذي كتبه محمد بن الأزرق - أحد أتباع "جماعة العدل والإحسان" - دفاعا عن منهج الجماعة في تبني باب الرؤى والإلهام ونحوهما، والطريقة التي يوظفونه بها
وقد أُثبِت في الصفحة الرئيسية لموقع الجماعة في الشبكة العنكبوتية بتاريخ:28 رمضان 1426 الموافق لليوم الأول من شهر نوفنبر2005.
وقد اجتهد كاتبه في إقامة مستند شرعي لمنهج الجماعة في ذلك
ويأتي هذا "الحوار" حميّة للجماعة ومرشدها عبد السلام ياسين في سياق ما تتعرض له في هذه الآونة الأخيرة من ردود تستهدف التحذير من انحرافاتها وانزلاقاتها الخطيرة.
يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ}. ويؤسفني أن أقول: لقد سلك كاتب الحوار مسلك أهل الأهواء، في كونهم يذكرون من النصوص ما لهم دون ما عليهم؛ فقد عالج مسألة اطلاع بعض الناس من غير الرسل على الغيب، علاجا ظهر فيه ذلك الانحراف المنهجي، ولم يأت هذا البيت من بابه.
فقد كان المفروض أن ينطلق فيه - أو على الأقل يُذكِّر - بمسألة عقدية معلومة من الدين بالضرورة
ولو فعل لكان ذلك أدعى لسلامته مما وقع فيه من المخالفة الصريحة لهذه الحقيقة القرآنية، وذلك في قوله: (إن الله يطلع من يشاء من عباده على المغيبات الماضية والحاضرة والمستقبلة، ولا تشترط النبوة لذلك أبدا، وله في ذلك سبحانه طرق شتى ووسائل عدة، يعرفها أهل العلم الراسخون)!
كذا قال! وأرجو من القارئ أن يضع سطرا على قوله "المغيبات"، ويتنبه لما تتصف به هذه الكلمة من الإطلاق والذي أكده بقوله: (الماضية والحاضرة والمستقبلة).
ياسين يجوز اطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ، ويدعي ذلك لنفسه:
وهذا الإطلاق يتبناه ياسين في فكره المنكوس ومعتقده الممسوس، حيث يصرح في كتاباته بأن الاطلاع على اللوح المحفوظ ممكن لبعض الأولياء، بل وواقع من كثير منهم، وأنه يسعى لهذا الأمر!
ومن ذلك قوله في "تنوير! المؤمنات" [1/290]: (ما لِي أتغذى من فُتات موائد الكرام، ولا أبحث كما بحثوا لأزاحم بالركب! كبار الصوفية كالغزالي؛ ينظرون في اللوح المحفوظ، فما مُقامي أنا في ظُلمة الجهل! وابن تيمية يقرأ في اللوح المحفوظ وينبئُ بغيب المستقبل، كيف؟! لوح محفوظ؟! وعلم غيْب؟! وابن تيمية؟! إِي نعم! لا أذكر لك الصفحة والجزء لكي تقرئي كتاب "مدارج السالكين" لتلميذ ابن تيمية الذكي الزكي، الذي قص كيف راجع شيخه حين أخبره شيخه أن المسلمين ينتصرون في معركة مع التتار، وأخبره شيخه أنه رأى ذلك في اللوح المحفوظ)!
القول باطلاع الأولياء على اللوح المحفوظ عقيدة صوفية خطيرة:
وكيف لا يتبنى ياسين هذا الضلال وهو من عقائد أئمته الصوفية؛ كعبد الكريم الجيلي [انظر كتابه؛ الإنسان الكامل: 1/122 وغيرها]، وعبد العزيز الدباغ [الإبريز: ص 151 وما بعدها]، والشعراني [الطبقات الكبرى: 2/150]، وعلي حرازم ابن العربي برادة [جواهر المعاني: 1/53]، والشاذلي...
قال أوسطهم واصفا شيخه علي الخوّاص: (وكان محل كشفه اللوح المحفوظ عن المحو والإثبات، فكان إذا قال قولا لابد وأن يقع على الصفة التي قال، وكنت أرسل له الناس يشاورونه عن أحوالهم فما كان قط يحوجهم إلى كلام بل كان يخبر الشخص بواقعته التي أتى لأجلها قبل أن يتكلم فيتحير الشخص)
الطبقات الكبرى 2/250.
فهؤلاء سلف ياسين في هذا الضلال، وقد قيل:
ومن يكن الغراب له دليلا يمر به على جيف الكلاب
فيمسي من روائحها عليلا ويصبح تاركا خط الصواب
ومما يتعين التنبيه عليه ههنا: أن كلام ياسين ومشايخه معناه؛ تجويز علم الغيب لبعض الأولياء، وهم بهذا يرفعونهم إلى درجة أعلى من درجة الأنبياء الذين نفى القرآن عنهم هذه الصفة، وجعلها خاصة برب العالمين سبحانه.
وهذا لا يستبعد من الصوفية الذين يقول إمامهم الأكبر ابن عربي:
مقام النبوة في برزخ فويق الرسول ودون الولي
فهم يعتقدون أن مقام الولاية أعظم من مقام النبوة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
بقلم؛ حمّاد القبّاج
و الله المستعان