Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

عــلوم ، دين ـ قرآن ، حج ، بحوث ، دراسات أقســام علمية و ترفيهية .


    ::::الزورق - قصة قصيرة::::

    avatar
    GODOF
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 10329
    نقــــاط التمـــيز : 61736
    تاريخ التسجيل : 08/04/2009
    العمر : 33

    ::::الزورق - قصة قصيرة:::: Empty ::::الزورق - قصة قصيرة::::

    مُساهمة من طرف GODOF الأحد 13 سبتمبر - 19:41

    الزورق
    قصة قصيرة


    كتبها : أحمد كمال
    أخيراً انتهى حفل الزفاف ، وآن لي أن أحمل عروسي وأرحل ، ترحل الناس في سياراتهم ، وأنا أرحل في زورق لأني صياد ، البحر دنياي ، وعلى الجزيرة مسكني ، والرزق في شباكي ، والأسماك مأكلي ، هذا قدري وأنا سعيد به
    سرت على الجسر الخشبي وسط المياه حيث يرسوا زورقي ، بينما العروس لا تزال تودع أهلها وتتلقى المزيد من النصائح ، ولا زلت غير مصدقاً أنني سقطت في شباك امرأة وتزوجت ، إنني لم ءألف النساء ، ولا أحسن معاملتهن ، ثم إنني بالكاد أعول نفسي ، فكيف أعولها ، ثم أبنائها .
    كدت أطيح في البحر بينما أرفع مرسى الزورق من هذا العبء الثقيل فصببت عليها جام غضبي وصرخت فيها منادياً :
    - هيا أيها العروس ... فأنت بالكاد تزوجتي ، ولا يزال أمامنا سفر بعيد .
    ارتعبت المسكينة وراحت تمسك بفستانها الأبيض الطويل وتركض نحوي حتى غضبي لا يستشيط ، وما أن أطرفت عيني إلا وكانت أمامي ، وأنا أنظر إلى الجسر الطويل ، وجسدها المنهك ، وأنفاسها التي تتلاحق كأنها عبرت المحيط !! أشفقت عليها وكدت اعتذر لها ، لكن لا.... لا هذا مستحيل .
    قفزت إلى الزورق كأنني عاشق ، واحتضنني الزورق كأنه عشيق ، وبقيت العروس على المرسى بلا عاشق ولا عشيق ، تنتظر يداً ممدودة ، فأبت اليد أن تلبي ، وتحجر قلبي بين الضلوع ، وأقسمت إذا لم تقفز فلسوف أتركها على المرسى وأرحل .
    وكأن ما همست به في نفسي قد ذاع في الوجود ، وإذا بها تقفز في يأس المنتحرة على متن الزورق وتستقر في قاعه وهي تتألم بأنات صامتة ، وتنظر لي في ذهول ، جلست في وسط القارب ، وأمسكت المجدافين ، ورحت أجدف في حماس ، وأنظر لها وهي تتوارى من الألم ، وتكتم النواح ، حتى تمكنت من الجلوس أمامي وبدأت تشعر بارتياح ، وساد صمت ، خيم عليه سكون ، فضحه ضوء القمر ، المتلأليء على بساط ممدود بلا حدود ، يشقه زورقي الجامح بلا هدوء .
    راحت تتنحنح ، وتتحشرج ، تحاول أن تستنطقني ، وأنا في وعثاء السفر غارق ، ومن التجديف منهك ، وأكظم غيظي ، فالزورق لم يكن ثقيلاً هكذا من قبل ، والطريق أبداً ما ألفته طويلاً ، تفصد جسدي عرقاً غزيراً ، غزيراً وابتل ثوبي وتغلغلت نسمات باردة في عظامي ، فسرت في جسدي قشعريرة ، وتباطأ الزورق شيئاً فشيئاً حتى كاد أن يتوقف وإذا بصوت آسر ، يدغدغ مسامعي :
    - هل تسمح لي أن أساعدك ؟!
    تكبرت أن أجيبها ، وأنا في نفسي أتوسل لها أن تفعل !! فدنت مني وجلست إلى جواري ، وأمسكت بالمجداف وراحت تضرب الماء بقوة الضعيف ، وراح الزورق يندفع ، ويندفع كأنه مستكين ، ويهلل الماء لمجدافها ويناشدها بالمزيد ، فانحرف الزورق في اتجاهها ، ولم أستطع مجاراتها ، فدار الزورق حول نفسه حتى صرت أستحي وأتلفت حولي عسى أن يشفق علي البحر ويبتلعني من هذا المشهد الرهيب ، فهمست بصوتها الآسر مرة أخرى متسللة إلى أعماق ، أعماق قلبي قائلة :
    - هل يمكن لك أن تستريح ؟
    لم أتمالك نفسي ورحت أضحك ، وأضحك ، وأضحك ، ويعود صدى ضحكاتي إلي فأضحك أكثر ، وأكثر، وأكثر ، وأنا أنظر إلى هذا المتكبر يتنحى عن متن زورقه ، تاركاً مجدافيه لزوجته ، لأنه هوى من تعب مرير ، ولما استقريت على مؤخرة الزورق ، وبدأت ضحكاتي تتوارى مع فضيحتي المدوية ، سألتها :
    - لماذا قبلتي الزواج بي ؟
    فنظرت إلي وهي لا تزال تجدف كأنها ولدت في زورق قائلة :
    - أنا لم أعترض على ما وافق عليه أهلي ؟!
    فنظرت لها هازاً رأسي بأنني لم أفهم ، فقالت مستأذنة :
    - أتسمح لي بأن أشيح حجابي ؟!
    فأسرعت مازحاً :
    - ولما لا فأنا لست إلا زوجك !!
    تركت المجدافين ، وأشاحت بالحجاب عن وجهها ، وقد ارتسمت على شفتيها ابتسامة شاهدت فيها أفق الجنة ، وكشفت عن ساقيها ، وشمرت عن ذراعيها ، وراحت تجدف بحماس بالغ ، وشعرت بأنني مع صديقاً ألفته وليس امرأة تزوجتها ثم قالت :
    - أنا لم أخير حتى أختار ، والزواج قدر نخضع له متى جاء !!
    نظرت لها مستغرباً ، مندهشاً ، متسائلاً :
    - ألم تعشقي من قبل ؟!
    ضحكت ضحكة مجلجلة وحماسها في التجديف راح يزداد وقالت :
    - وهل علمت بعشق في هذه الديار ؟! نحن إذا عشقنا الشمس كسفوها ! وإذا عشقنا القمر خسفوه ! حتى الظلم إذا ما عشقناه نصروه؟!
    فصحت فيها معترضاً أحاول أن أهدأها :
    - ليس لهذه الدرجة فنحن نقدركن ، ونصون مشاعركن !!
    فعادت تضحك ضحكتها الساخرة قائلة :
    - أية مشاعر يا سيدي ... نحن لدينا عقول إذا فكرنا بها أتهمنا بالجنون ، وقلوب إذا عبرنا عنها أتهمنا بالفجور ، ومشاعرنا يجب أن تبقى حبيسة صدورنا حتى ينزلونا القبور !!
    ووجدت نفسي أنظر في قاع الزورق تهرب عينيا من مواجهتها ، فأنا منذ غمضة عين كنت قاسياً عليها ، وتعاملت معها أسوأ مما أتعامل به مع زورقي ، لا أدري ماذا أفعل ، كيف أتقرب إليها ، وأنا أرنوا منها بطرف عيني ، أتأمل وجهها الأبيض المستدير ، بملامحه الملائكية ، و جسدها الثائر ، الذي فجر بداخلي ينابيع لم تكن تتفجر لولاها ، حتى قالت :
    - أتعدني أن تحبني ؟ وإذا ما كرهتني لا تظلمني ؟!!
    أسرعت نحوها وأنا أشتم عبق أنفاسها الطاهرة ، وتلفحني خصلات شعرها المتراقصة ، لأقول بصدق لأول مرة يغمرني :
    - نعم أعدك بذلك !!
    تهللت أساريرها ، ولكن بدا تجديفها يخفت ، ويخفت ، حتى كاد الزورق يتوقف ، فرحت أجدف إلى جوارها ، فراح الزورق ينحرف في اتجاهي ، حتى أنهكت تماماً فشددت على أنامل كفها الصغير ، فارتعشت يديها ، وارتجف جسدها ، وراحت تغوص في أعماق ، أعماق عيني ، وصدقت لغة العيون عندما قالت عيناها كل قصائد العشق لعيني ، وهمست بصوت العاشق في أذنيها قائلاً :
    - سامحيني على قسوتي فإن الرجل الشرقي لا يكون إلا بقسوته رجلاً ، متكبراً أنا وكل من حولي صغار ، والحب كما توارثته امتلاك ، فامتلاك ، فجحود ، فاستريحي الآن يا حبيبتي .
    وجلست على مؤخرة الزورق ، ورحت أنا أجدف، وأجدف ، وأجدف ، وأصبح الزورق الذي كان ثقيلاً ، ريشة في الهواء ، وإذا بالزورق يغوص في الرمال ، لقد وصلنا الجزيرة ، وكان الإبحار قصيراً ، قصيراً ، قفزت من الزورق ، وأنا أمد يدي لتمسك بيديها ، حتى فاجأتها بأني إلي جذبتها ، فراحت تطلق ذراعيها في الهواء ، وسقطت بين ذراعي ، فحملتها وأنا امتلأ سعادة بحملها، وأنشد وأنا اخطوا بجدية :
    - مرحباً بك يا شريكتي .... في جزيرتي !!

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس 14 نوفمبر - 23:04