المبحث الأول
الجهة القضائية المختصة بالفصل في دعوى الغرامة التهديدية
تنص المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية: )يجوز للجهات القضائية بناءا على طلبات الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالية في حدود اختصاصها(
ولأن النظام القضائي الجزائري نظام مزدوج – قضاء عادي وقضاء إداري – نتناول الموضوع من خلال التطرق إلى اختصاص القاضي العادي )المطلب الأول( واختصاص القاضي الإداري )المطلب الثاني(
المطلب الأول
اختصاص القضاء العادي في توقيع الغرامة التهديدية
تناول المشرع الجزائري في الفقرة الأولى من المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية اختصاص قاضي الموضوع في توقيع الغرامة التهديدية وتصفيتها )الفرع الأول( ثم تناول في الفقرة الثانية من نفس المادة اختصاص قاضي الأمور المستعجلة وحدود هذا الاختصاص )الفرع الثاني(
الفرع الأول
اختصاص قاضي الموضوع
تنص الفقرة الأولى من المادة 471 المذكورة أعلاه: ( يجوز للجهات القضائية بناءا عل طلب الخصوم أن تصدر أحكاما بتهديدات مالية في حدود اختصاصها) فهذه المادة أعطت الاختصاص لمختلف الجهات القضائية على مختلف أنواعها ودرجاتها في إصدار أحكام بتهديدات مالية ثم مراجعتها و تصفيتها و هذا في حدود اختصاصها الذي يحدده موضوع النزاع الأصلي، إذ يجوز لقاضي الاجتماعي أن يصدر حكما بتوقيع الغرامة التهديدية ما دام النزاع اجتماعي مطروح أمامه و كذا الشأن بالنسبة لمختلف أقسام المحكمة الأخرى المدني أ و العقاري أو التجاري..... الخ.
ولا يقتصر اختصاص قاضي الموضوع في إصدار تهديدات مالية على قضاة الدرجة الأولى إذ يجوز لقضاة الاستئناف أيضا إصدار أحكام بتهديدات مالية لضمان تنفيذ أحكام أو قرارات قضائية، خاصة وأن المصطلح الذي استعمله المشرع في الفقرة 1 من المادة 471- الجهات القضائية- جاء عاما مما يعني شموليته لمختلف الجهات مهما كان نوعها أو درجتها، لكن السؤال الذي يطرح في هذا الصدد هل يجوز للدائن المطالبة بتوقيع غرامة تهديدية لأول مرة أمام جهة الاستئناف؟
كان القضاء الفرنسي بداية يعتبر طلب توقيع الغرامة التهديدية أمام جهة الاستئناف لأول مرة، طلب جديد يرفض على أساس المادة 461 من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي، إلا أنه تراجع عن هذا الموقف على أساس أن طلب الغرامة التهديدية لا يوسع من دائرة النزاع الأصلي، فالهدف منه هو حمل المدين على التنفيذ و قهر تعنته، فهو إذا طلب تابع للطلب الأصلي و مشتق عنه.
و بالرجوع إلى نص المادة 107 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري و التي تنص في فقرتها الثالثة و لا يعد طلبا جديدا الطلب المشتق من الطلب الأصلي في الدعوى و الذي إلى يهدف إلى الغاية نفسها). فالملاحظة أن طلب الغرامة التهديدية أمام الجهة الاستئنافية جائز و لا يعد طلبا جديدا فالغاية منه هو الضغط على المدين لتنفيذ التزامه محل الدعوى الأولى و بالتالي فهذا الطلب لا يوسع دائرة النزاع( ).
الفرع الثاني
اختصاص القاضي الاستعجالي في توقيع الغرامة التهديدية
أثار اختصاص قاضي الاستعجال في إصدار تهديدات مالية جدلا فقهيا حادا بين المعارضين له و مناصريه إلا أن المشرع الجزائري و تفاديا لذلك حسم الموضوع بالنص صراحة على اختصاصه القاضي من خلال المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية، وهو بذلك قد سبق المشرع الفرنسي الذي لم ينظم الموضوع إلا في سنة 1971 من خلال المرسوم 71-740 المؤرخ في 09/09/1971 ثم المرسوم 72-788 المؤرخ في 28/08/1972، و مع ذلك و تفاديا للانتقادات التي وجهها المعارضين لاختصاص القاضي الإستعجالي في إصدار تهديدات مالية حد المشرع من صلاحياته إذ أجاز له فقط توقيع الغرامة دون تصفيتها و مراجعتها فتنص المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية في الفقرة الثانية منها( يجوز للقاضي الأمور المستعجلة بناءا على طلب الخصوم أن يصدر أحكاما بتهديدات مالية و هذه التهديدات يجب مراجعتها و تصفيتها أمام الجهة القضائية المختصة).
و قد قدم الفقه عدة تبريرات لاختصاص قاضي الاستعجال في إصدار الغرامة التهديدية كانت بمثابة الرد الحاسم على الانتقادات الموجهة له تحملها فيما يلي:
1- أن قاضي الاستعجال بإصداره لتهديدات مالية يضمن بذلك تنفيذ الأوامر الوقتية التي يصدرها خاصة و أن الغرامة التهديدية من أهم مميزاتها كما سبق ذكره في الفصل الأول الطابع الوقتي فالهدف منها هو تسريع إجراءات التنفيذ و القاضي إذا حكم بها لا يبث في أصل النزاع و لا يتطرق لأصل الحق إطلاقا.
2- أن المشرع أعطى صراحة الاختصاص للقاضي الإستعجالي في إصدار أحكام بتهديدات مالية، على أن تتم تصفيتها و مراجعتها أمام قضاء الموضوع كما أن الأحكام الصادرة عن القاضي الإستعجالي نفسها لها طابع وقتي تحتاج البث فيها من القاضي الموضوع ما يقع معه عدم استعاد اختصاص القاضي الإستعجالي في إصدار أحكام بغرامة تهديدية يضمن بها بتنفيذ أحكامه.
و في هذا الصدد نتساءل هل اختصاص قاضي الأمور المستعجلة في إصدار أحكام بتهديدات مالية مناطه ضمان تنفيذ الأوامر الإستعجالية الصادرة عنه في إطار الدعوى الإستعجالية أم أنه يمكن له أن يصدر أحكاما بتهديدات مالية لضمان تنفيذ الأحكام الصادرة عن قضاة الموضوع أيضا ؟. ترددت المحاكم الفرنسية طويلا بهذا الشأن فذهبت أحيانا إلى عدم جواز ذلك و أجازت أحيانا أخرى إصدار قاضي الاستعجال لتهديدات مالية ضمانا لتنفيذ أحكام صادرة عن جهات قضائية أخرى ثم استقرت على هذا الرأي أخيرا.
و إذا قرأنا نص المادة 471 الفقرة 2 من قانون الإجراءات المدنية الجزائري نلاحظ أنه جاء عاما و لم يحدد بالضبط ما إذا كان اختصاص القاضي الاستعجال يقتصر فقط على إصدار تهديدات مالية لضمان تنفيذ الأوامر الإستعجالية الصادرة عنه أم يتعداها للأحكام الصادرة عن جهات أخرى مما يدفعنا إلى القول باتجاه إرادة المشرع إلى جواز ذلك. لكن هل يقع على قاضي الأمور المستعجلة عند بثه في طلب توقيع الغرامة التهديدية التأكد من توافر عنصر الاستعجال حسب ما تقتضيه المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية كأي دعوى استعجالي أم أن أساس اختصاصه هو القانون من خلال المادة 471. إن المحكمة العليا في قرارها المؤرخ في 22/10/1997 ذهبت إلى أن اختصاص قاضي الأمور المستعجلة أساسه هو نص المادة 471 وليس المادة 183 من قانون الإجراءات المدنية حيث جاء في حيثيات هذا القرار(من المقرر قانونا أن قاضي الاستعجال يجوز له بناءا على طلب الخصوم أن يصدر أحكام بتهديدات مالية ولما تبين في قضية الحال أن قضاة الاستعجال لما قضوا بعدم اختصاصهم في النزاع على أساس انعدام ركن الاستعجال وفقا للمادة 183 من قانون الإجراءات المدنية فإنهم يكونوا قد خالفوا القانون مما يستوجب النقض في القرار المطعون فيه)( )،و هو ما كرسه الأمر الاستعجالي الصادر عن محكمة سيدي بلعباس بتاريخ 20/02/2005 تحت رقم 25/05 حيث جاء في حيثياته (...حيث أن الدفع بعدم اختصاص المحكمة لعدم توافر عنصر الاستعجال في غير محله ذلك أن الطلب القضائي يخص توقيع غرامة تهديدية وهي المنصوص عنها في المادة 471من قانون الإجراءات المدنية و التي تعطي الاختصاص النوعي للقاضي الاستعجالي ومن ثم يتعين التصريح بقبول الدعوى شكلا. )
المطلب الثاني
اختصاص القضاء الإداري في توقيع الغرامة التهديدية
لقد استقر القضاء الإداري في فرنسا على أنه لا يوجد ما يمنع القاضي العادي من النطق بالغرامة التهديدية ضد الإدارة والمؤسسات العامة إذا كان العمل الذي قامت به يدخل في نطاق العمل المادي أو كان نشاطها تحكمه قواعد القانون الخاص ( ).
لكن المشكلة تثور عند الخوض في اختصاص القاضي الإداري في إصدار أحكام بغرامات تهديدية، فإذا كان المشرع الفرنسي قد حسم الخلاف بهذا الشأن ونص صراحة على اختصاصه، من خلال القانونين 80/539 و 95/125 فإن المشرع الجزائري لم يفعل ذلك بعد في انتظار ما سوف يسفر عنه مشروع تعديل قانون الإجراءات المدنية، وما يزال الخلاف قائما حول مدى اختصاص القاضي الإداري في الجزائر بإصدار أحكام بالغرامة التهديدية.
وفيما يلي نحاول عرض أهم الآراء الفقهية في هذا الموضوع وموقف القضاء منها وذلك من خلال التمييز بين موقفه من الغرامة التهديدية الصادرة لصالح الإدارة )الفرع الأول( وتلك الصادرة ضدها)الفرع الثاني(
الفرع الأول
الغرامة التهديدية لصالح الإدارة
إن الإدارة المتعاقدة مع الأفراد تملك من الامتيازات و الوسائل ما يجعلها تلزمهم على التنفيذ العيني أو بمقابل دون أن تلجأ إلى التهديد المالي( )، مما جعل القضاء الإداري في فرنسا يرفض الحكم لها بالغرامة التهديدية، غير أن مجلس الدولة الفرنسي ما لبث أن تراجع عن هذا المبدأاستثناءا على القاعدة العامة، و أجاز الحكم بالغرامة التهديدية لصالح الإدارة إذا كانت لا تملك طرق أخرى للتنفيذ إلا اللجوء إلى القضاء.
و في هذه الحالة تعد الغرامة التهديدية أجدى وسيلة لدى الإدارة للتنفيذ و أفضل من لجوئها إلى التنفيذ الجبري عن طريق القوة العمومية لما قد يثيره ذلك في اضطرا بات في المحيط الاجتماعي.
أما في الجزائر فيرى الأستاذ بن شنيتي حميد في هذا الصدد أن القاضي الإداري يستطيع إصدار أحكام بتهديدات مالية ضد الأفراد لصالح الإدارة ويقدم عدة تبريرات لذلك نجملها فيما يلي :
1- أن المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية لم تعين بالذات الأشخاص الذين يستفيدون من التهديد المالي، و لم تقصره على أشخاص القانون الخاص.
2- أنه بالرغم من أن الإدارة تتمتع بوسائل كثيرة لضمان تنفيذ حقوقها اتجاه الغير إلا أن المشرع أعطى لها سلطة الالتجاء إلى طلب تطبيق الغرامة التهديدية من خلال عدة نصوص، نذكر منها على سبيل المثال ما نصت عليه المادة 373 من قانون الضرائب المباشرة و الرسوم(إن رفض الإطلاع على الدفاتر و الأوراق و الوثائق المشار إليها أعلاه في المادتين 371 و 372 أو إتلافها قبل انقضاء مهلة 10 سنوات يعاقب عنها بغرامة جبائية من 100 دج إلى 10.000 دج، و ينتج عن هذه المخالفات فضلا عن ذلك تطبيق- تلجئة- غرامة تهديدية في النص الفرنسي- قدرها 50دج على الأقل عن كل يوم تأخير تسري من تاريخ المحضر المعد لإثبات الرفض) و هناك مادة أخرى من قانون الرسوم على رقم الأعمال تعطي الحق للإدارة في استصدار حكم بتهديد مالي ضد كل شخص أو شركة ترفض تقديم الوثائق الواجبة عليها .( )
1- أن الإدارة قد تكون عاجزة عن التنفيذ رغم الوسائل المتاحة لها، إذ أن المادة 324 من قانون الإجراءات المدنية، الفقرة 02 تقرر أنه عندما يكون التنفيذ من شأنه أن يعكر الأمن العمومي إلى درجة الخطورة، فيمكن للوالي أن يطلب التوقيف المؤقت لهذا التنفيذ.
و إذا رجعنا إلى أحكام القضاء الجزائري نجد أن مجلس الدولة الجزائري يرفض النطق بالغرامة التهديدية لصالح الإدارة و هذا من خلال قراره الصادر بتاريخ 08/04/2003.( ) حيث تتلخص الوقائع أنه بتاريخ 29/06/2003 قضى مجلس قضاء قسنطينة، الغرفة الإدارية بطرد السيدة ( ك.م ) و كل شاغل بإذنها من السكن الوظيفي التابع لمديرية التربية و هذا تحت طائلة غرامة تهديدية يومية 1000 دج، فقامت السيدة ( ك.م ) برفع دعوى أمام رئيسة مجلس الدولة تلتمس فيها عملا بنص المادة 283/2 من قانون الإجراءات المدنية وقف تنفيذ قرار مجلس قضاء قسنطينة، فأصدرت الغرفة الخامسة مشكلة من رئيسة المجلس على انفراد قرارها القاضي رفض طلب المستأنفة فيما يخص الطرد لعدم التأسيس و الاستجابة لطلب وقف الغرامة التهديدية، و قد جاء في حيثيات القرار حيث... و بما أن الغرامة التهديدية التزام ينطق القاضي به كعقوبة فانه ينبغي أن يطبق عليها مبدأ قانونية الجرائم و العقوبات و بالتالي يجب سنها قانوناً. حيث أنه لا يجوز للقاضي في المسائل الإدارية النطق بالغرامة التهديدية ما دام لا يوجد أي قانون يرخص بها صراحة)
وعليه فمجلس الدولة الجزائري يرفض إصدار تهديدات مالية لصالح الإدارة،بل أن حيثيات القرار المذكور أعلاه جاءت رافضة بشكل قطعي لاختصاصه مما يدفعنا إلى التساؤل عن اختصاصه في إصدار تهديدات مالية ضدها؟
الفرع الثاني
الغرامة التهديدية ضد الإدارة
كان مجلس الدولة الفرنسي بداية وقبل صدور القانون 80/539 يرفض إصدار القاضي الإداري لأي أوامر للإدارة بما في ذلك التهديدات المالية على أساس مبدأ الفصل بين السلطات الإدارية والقضائية ( ) حتى لو كان الأمر يتعلق بعدم تنفيذ بعض أحكامه.
وقد حاول القضاء الإداري تعويض ذلك بأساليب أخرى وذلك بلجوئه إلى أسلوب الإلزام التخييري الذي يتمثل في إلزام الإدارة إما بالتنفيذ خلال مدة معينة وإما بدفع تعويض عن الضرر الناتج عن عدم التنفيذ إلا أن هذا الأسلوب لاق الكثير من النقد فهو في الحقيقة ليس إلا تعويضا وليست له فعالية الغرامة التهديدية.
وقد اختلف الفـقه حـول هذا الموضوع فمـنه من عارض النطق بالغـرامة ضد الإدارة )أولا( ومنه من أيد ذلك )ثانيا( ونحاول في هذا الصدد عرض هذه المواقف لنخلص إلى رأي القضاء الجزائري حولها، خاصة وأن المشرع الجزائري لم يحسم الخلاف بعد.
أولا: الفقه المعارض للغرامة التهديدية ضد الإدارة:
إن الفقه الذي عارض تطبيق الغرامة التهديدية ضد الإدارة، استند إلى طبيعة الغرامة، كونها تحمل معنى الأمر، وأنه من أهم مبادئ القضاء الإداري عدم جواز توجيه الأمر للإدارة غير أن هذا الاتجاه لم يتفق على الأساس الذي استند إليه في استبعاد تطبيقها، حيث ذهب جانب منه إلى اعتماد الأساس العملي، و جانب آخر ارتكز على الأساس النظري. فيرى الاتجاه الأول الذي يستند إلى الأساس العملي لنفي تطبيق الغرامة التهديدية على الإدارة و على رأسهم الدكتور نصره منلا حيدر في مؤلفه التنفيذ الجبري و إجراءات التوزيع. أن الغرامة التهديدية تتطلب تدخل الإدارة لإتمامها، و هذا بخلاف الغرامة التهديدية في مواجهة الأفراد التي تتحقق بالحجز على مبالغ التهديد المالي بعد تصفيته، في حين لا يجوز الحجز على الإدارة، أما الجانب الآخر من الفقه فيستند إلى الأساس النظري أو القانوني و مؤدي ذلك أن أساس الحكم بالغرامة التهديدية لا يرجع إلى جبر الضرر الحاصل، و إنما يرجع إلى سلطة القاضي الخاصة و لو في غياب النص التشريعي التي تجيز له معاقبة المدين و فرض غرامة تهديدية لحمله على تنفيذ التزامه.( ) و هذا بخلاف الإدارة فنشاطها محدد بالتشريع و لا يمكن أن تتعداه، و في حالة الاعتراف للقاضي الإداري بفرض غرامة تهديدية على الإدارة نكون قد أعطيناه سلطة رئاسية عليها، و هو ما لا يتوافق مع روح القانون.
ثانيا: الفقه المؤيد للغرامة التهديدية:
يؤيد الكثير من الفقهاء تطبيق الغرامة التهديدية ضد الإدارة في حالة عدم التزامها بتنفيذ الحكم الصادر ضدها، و على رأسهم الأستاذين أوبي و دار قو و يبرران ذلك. أن القاضي الإداري له نفس صلاحيات القاضي المدني عند عدم إمكانية تنفيذ الالتزام تنفيذا جبريا، و هو ما يستوحى من نص المادة 1124 من القانون المدني الفرنسي التي تنص(كل التزام بعمل أو بالامتناع بعمل يتحول إلى تعويض في حالة عدم تنفيذ المدين لالتزامه)
و عليه فلا يوجد ما يمنع القاضي الإداري من تطبيق الغرامة التهديدية ضد الإدارة خصوصا و أن هذه الصلاحية تشبه الأحكام التي يضمنها القاضي تعويضات مالية ضد الإدارة.
و هناك من الفقه من يستند في تأييده للغرامة التهديدية ضد الإدارة على طبيعة الالتزام الواقع على عاتقها، حيث أنها تتناسب مع طبيعة الالتزامات الإدارية و خاصة في مجال تنفيذ الأحكام القاضية بالإلغاء التي لا تخرج عن كونها التزام بعمل أو الامتناع عنه يقتضي تنفيذها تدخلا من جانب الإدارة.
و إذا كانت تصطدم في الأخير بمبدأ عدم جواز تنفيذها تنفيذا جبرياً، عندما تتحول إلى تعويض نهائي، إلا أن هذا مردود عليه، فعدم جواز الحجز على أموال الدولة لا تواجه الأحكام الصادرة بتوقيع الغرامة التهديدية فقط بل تمتد إلى كل الأحكام الصادرة بالتعويضات. فإذا تم استبعاد اختصاص القاضي الإداري في توقيع الغرامة التهديدية على الإدارة على هذا الأساس، فإن ذلك يؤدي أيضا إلى استبعاد اختصاصه بإصدار أحكام التعويض التي تعد اختصاصاً أصيلاً له.
فالمشكل لا يتعلق بعدم جواز الحجز بقدر ما يتعلق بسلطة القاضي في مواجهة الإدارة لفرض احترام أحكامه كما أن تنفيذ الغرامة التهديدية عندما تتحول إلى تعويض نهائي لها أساليب خاصة كغيرها من أحكام التعويض الصادرة ضد الإدارة ( ).
أما عن موقف القضاء الجزائري من هذه النقطة فإننا نستخلصه من حيثيات قرار مجلس الدولة المؤرخ في 08/04/2003، المذكور أعلاه فنلاحظ أنه يمنع القاضي الإداري من النطق بالغرامة التهديدية ضد الإدارة أو لصالحها، ما دام لا يوجد نص يسمح له بذلك وتعليقاً عليه يرى الأستاذ غناي رمضان ( أن وضع هذا الشرط من باب الزيادة عن اللزوم، فالمادة 340 من قانون الإجراءات المدنية و المادة 471 منه كافيتان لإضفاء الشرعية على اختصاص القاضي الإداري، ذلك أن المادة 340 جاءت في الكتاب الثالث من قانون الإجراءات المدنية و المعنون بـالتنفيذ الجبري للأحكام المحاكم والقرارات القضائية و العقود الرسمية مما يفيد أن الغرامة التهديدية تتعلق بالأحكام أو قرارات المجالس سواء صدرت عن القضاء العادي أم الإداري.
كما أن المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية تمنح الاختصاص في الفصل في طلبات الغرامات التهديدية إلى الجهات القضائية دون تخصيص مما يعني أنها تشمل القضاء الإداري.
هذا بالإضافة إلى أن المادة 40 من القانون العضوي 98/01 المتعلق بالمحاكم الإدارية و المادة 168 من قانون الإجراءات المدنية أخضعت الغرف الإدارية للعمل حسب مقتضيات قانون الإجراءات المدنية المتبع أمام القضاء العادي.
و أمام هذه التبريرات الكافية لاختصاص القاضي الإداري يثور التساؤل: ما هي الدوافع الحقيقية التي أدت بمجلس الدولة الجزائري إلى تبني هذا الاتجاه.
وبالرجوع إلى قرار مجلس الدولة المؤرخ في 15/04/2002، و الذي جاء في إحدى حيثياته: ( ليس بإمكان القضاء أن يصدر أوامر أو تعليمات للإدارة فهو لا يستطيع أن يلزمها بالقيام بعمل ).
فالقاضي لا يمكنه توجيه أوامر للإدارة، و إن كان من حقه إلغاء القرارات الغير شرعية و إلزامها بالتعويض، و مبرر ذلك مبدأ الفصل بين السلطات. ويجد هذا تبريره في القراءة الموسعة لنص المادة 168 من قانون الإجراءات المدنية الواردة في الباب الثاني منه تحت عنوان الإجراءات المتبعة أمام المجلس القضائي في المواد الإدارية والتي تنص على: ( تطبق النصوص الواردة في الكتاب الرابع أمام المجلس القضائي و هو يبث في المواد الإدارية و ذلك في الحدود التي تتعارض فيها مع أحكام هذا الباب...ولا تطبق المادتان 174- 182 الخاصتان بأوامر الأداء ... )
ومن هنا استخلص القضاء الجزائري أن نص المادة 168 على النحو المذكور أعلاه يدل على تجسيد مبدأ عدم جواز توجيه الأوامر للإدارة، إلا في حالة التعدي، إذ يجوز في هذه الحالة أن يأمر القاضي الإداري الإدارة بالكف عن الاعتداء و يلزمها بذلك، و في هذا الصدد تقول الرئيسة السابقة لمجلس الدولة- فريدة أبركان: ( الإدارة التي تتجاوز حدود الصلاحيات الشرعية و تنهك الحريات و الحقوق إنما تفقد الاحترام المستحق لها مما يبرر أن يحكم عليها القاضي بل أن يكلفها بالكف عن التعدي(( )
إلا أن هذه الحجج مردود عليها، فالمادة 168 استبعدت تطبيق القاضي الإداري للمواد 174 و 182 و هي المتعلقة بأوامر الأداء دون غيرها من الأوامر، و عموما نتساءل كيف يمكن للقاضي الإداري أن يصدر أوامر للإدارة في حالة التعدي و الاستيلاء و الغلق على أساس إخلالها بالشرعية و انتهاك الحقوق و لا يفعل ذلك لضمان تنفيذ قراراته و أحكامه بإصداره تهديدات مالية؟
إن القول بهذا فيه مساس و تقليل من شأن القرارات القضائية التي يصدرها كما أنه يضرب عرض الحائط بأوامره الإدارة بالكف عن التعدي إذا فما جدوى توجيه أوامر للإدارة، إذا لم يكن يملك السلطة لإكراهها على ذلك؟ ( )
وعموما تضاربت قرارات مجلس الدولة بشأن تطبيق الغرامة التهديدية على الإدارة فبعد أن ذهب إلى جواز الحكم بها وذلك من خلال عدة قـرارات أهمـهـا الـقــرار الصــادر بتاريــخ:03/03/1999 ( ) وذلك على أساس المادتين 340و471 من قانون الإجراءات المدنية ثم بعد ذلك رفضها في قراره الصادر بتاريخ 19/04/1999 على أساس عدم
وجود نص يسمح بها وبقي على هذا المنوال إلى يومنا هذا ( ). وعموما فإن قرار مجلس الدولة الأخير القاضي برفض الغرامة التهديدية على الإدارة ليس قرارا مبدئيا ولا منشأ كونه لم يصدر عن الغرف المجتمعة ويبقى الأمر معلقا على تدخل المشرع الذي لم يحسم الخلاف حتى الساعة ( ).
المبحث الثاني
موضوع دعوى الغرامة التهديدية
لا يخرج موضوع دعوى الغرامة التهديدية على اثنين، فهو يتمثل في طلب توقيع غرامة تهديدية على المدين من جهة وطلب تصفية مبالغ الغرامة التهديدية إذا ما تعنت المدين و أصر على عدم التنفيذمن جهة أخرى.
وهو ما يفرض التعرض لمسألتين: دعوى توقيع الغرامة التهديدية)المطلب الأول( ودعوى تصفية الغرامة التهديدية)المطلب الثاني(
المطلب الأول
دعوى توقيع الغرامة التهديدية
الأصل أن يبدأ الدائن بالمطالبة بالتنفيذ فإذا امتنع المدين جار له حسب المادة 340 و المادة 174 بتوقيع الغرامة التهديدية على مدينه لحمله على تنفيذ الالتزام و لذا فإن موضوع الدعوى بداية هو طلب فرض غرامة تهديدية عن كل وحدة زمنية يتأخر فيها المدين على التنفيذ أو طلب مراجعتها إذا كانت هذه المبالغ زهيدة و لم تحقق الغرض منها ألا و هو الضغط على المدين.
و في هذا الصدد نعالج الأمر من خلال التطرق لسلطة القاضي في فرض الغرامة التهديدية)الفرع الأول( ثم العناصر التي يعتمدها في إطار أعمال سلطته التقديرية لتحديد مبلغ الغرامة التهديدية و بدأ سريانها و مدتها)الفرع الثاني(
الفرع الأول
سلطة القاضي في فرض الغرامة التهديدية
يتمتع القاضي بسلطة تقديرية واسعة في هذا الصدد، فالأمر جوازي للمحكمة تقدره حسب ظروف الدعوى، ما دام الهدف منها هو حمل المدين على التنفيذ العيني للالتزام.
فللقاضي أن يرفض توقيعها رغم توافر جميع الشروط و هو بذلك لا يخضع لرقابة المحكمة العليا كون ذلك يعد من مسائل الموضوع التي تخرج من نطاق الرقابة.
إلا إذا بنى رفضه على عدم توافر شروط الحكم بالغرامة، ففي هذه الحالة يجب أن يسبب حكمة و إلا تعرض للنقض فالمسألة عندئذ قانونية تخضع لرقابة المحكمة العليا( ) لكن هل يجوز للقاضي النطق بالغرامة التهديدية تلقائيا؟
إذا ما رجعنا إلى النصوص القانونية التي تحكم الغرامة التهديدية نستخلص أن المشرع جعل منها رخصة للدائن قد يلجأ إليها و قد لا يفعل ذلك و يفضل مباشرة اللجوء إلى التنفيذ الجبري و طلب حجز أموال مدينه لاقتضاء دينه أي التنفيذ بمقابل.
إلا أن المشرع الفرنسي على خلاف المشرع الجزائري و المصري أجاز للقاضي النطق بالغرامة التهديدية سواء تعلق الأمر بالقاضي العادي أو الإداري، حيــث جاء فــي القانون 72/626 يجوز للمحاكم و لو تلقائيا أن تقرر غرامة تهديدية ) و في هذا الصدد يقول الأستاذ Jacques Boré: ( إن وجود الغرامة التهديدية ذاته يخضع لسلطة القاضي التقديرية ليس فقط في أن يقدر القاضي بسلطته التقديرية الملائمة التي توجد لتوقيعها إذا طلب منه توقيعها و لكن كذلك سلطة توقيعها تلقائيا).
و نفس الشيء أجازه المشرع الفرنسي للقاضي الإداري، و ذلك من خلال المادة الثانية من القانون 80/539 المؤرخ في 16/07/1980 و المتعلق بقرض الغرامة التهديدية ضد الإدارة.
و أما في القانون الجزائري الحالي فلا يجوز للقاضي سواء العادي أو الإداري الحكم بالغرامة التهديدية تلقائياً و إن كان مشروع تعديل قانون الإجراءات المدنية في المادة 1020 منه تجيز لمجلس الدولة الحكم بالغرامة التهديدية على الإدارة و لو تلقائيا ( )
الفرع الثاني
سلطة القاضي في تقدير الغرامة التهديدية
لم يحدد المشرع الجزائري العناصر التي يعتمدها القاضي لتقدير قيمة الغرامة التهديدية، و مدتها و بدأ سريانها، و ترك المجال مفتوحا له لإعمال سلطته التقديرية. و نحاول في هذا الصدد معالجة الموضوع من خلال التطرق إلى أهم العناصر التي يعتمدها القاضي في تقدير مبلغ الغرامة)أولا( ثم بعد ذلك سلطته التقديرية فيما يخص بدأ سريانها ولحظة انطلاقها)ثانيا( وتحديد مدة سريان الغرامة التهديدية)ثالثا(
أولا: سلطة القاضي في تقدير مبلغ الغرامة:
رأينا عند التطرق إلى خصائص الغرامة التهديدية أن أهم مميزاتها الطابع التحكمي لها .. فالقاضي له سلطة تقديرية واسعة في تقدير مبلغ الغرامة، و لا مقياس لها إلا تحقيق الغاية منها و هي حمل المدين و الضغط عليه لتنفيذ التزامه عينا. فالقاضي لا يعتد بالضرر الحاصل للدائن بل قد لا يوجد ضرر أصلاً و مع ذلك يحكم بالغرامة التهديدية، كون الغاية منها تتحقق عن المستقبل.
إن القاضي، سواء كان قاضي استعجال أو قاضي الموضوع، يراعي عند تحديد مبلغ الغرامة يسر المدين و قدرته المالية، فقيمة الغرامة التهديدية المفروضة على شركة لإتمام المشروع الذي تعهدت به تكون حتما أكبر من قيمة الغرامة المفروضة على المستأجر الذي امتنع عن إخلاء العين المؤجرة تنفيذا لحكم الطرد الصادر ضده.
و عموما لا يتعلق تحديد معدل الغرامة بطبيعة الالتزام لا بمضمونه بقدر ما يتعلق بيسر المدين أو إعساره فهذه الوسيلة تهدف إلى الضغط على ذمة المدين المالية.
إلا أن المتمعن في أحكام المحاكم في هذا الصدد يلاحظ أن القاضي لا يعطي هذه المسألة أولويـة كاملـة و عـادة مـا يحـدد قيمـة الغرامـة حسـب طلب الدائن انطلاقا من المبدأ القائل (لا يجوز للمحكمة أن تحكم بأكثر مما طلبة الخصوم)
لكن ماذا إذا كان المبلغ المطلوب من الدائن لا يحقق الغرض من توقيع الغرامة.
إن المشرع الجزائري تدارك هذا، و نص في المادة 174/2 و إذا رأى القاضي أن مقدار الغرامة غير كاف لإكراه المدين الممتنع عن التنفيذ جاز له أن يزيد في الغرامة كلما رأى داعيا لذلك )
فمن خلال هذا النص يتضح لنا أنه يجوز للقاضي الرجوع في حكم التهديد المالي للزيادة في نصابه متى طلب الدائن مراجعته، و إذا كان هذا هو المعمول به في القانون المدني إلا أن المشرع و في هذا الصدد خص الغرامة التهديدية في المسائل الاجتماعية بأحكام خاصة، إذ حد من سلطة القاضي في تقديرها نوعا ما، و يتجلى ذلك من خلال نص المادة 34 من القانون المتعلق بتسوية منازعات العمل الفردية، 90/04 المؤرخ في 06/02/1990 و التي تنص ( في حالة عدم تنفيذ اتفاق المصالحة من قبل أحد الأطراف وفقا للشروط و الآجال المحددة في المادة 33 من هذا القانون بأمر رئيس المحكمة الفاصلة في المسائل الاجتماعية و الملتمس بعريضة من أجل التنفيذ في أول جلسة و مع استدعاء المدعى عليه نظاميا، التنفيذ المعجل لمحضر المصالحة مع تحديد غرامة تهديدية يومية لا تقل عن %25 من الراتب الشهري الأدنى المضمون كما يحدده التشريع المعمول به ) و ينطبق نفس الحكم على تنفيذ الأحكام الصادرة عن القسم الاجتماعي فالمادة 39 أحالت على المادة 34 المذكورة أعلاه.
فيلاحظ أن المشرع تدخل في وضع حد أدنى لقيمة الغرامة، لا يجوز للقاضي النزول عنه و هو ربع الراتب الشهري الأدنى المضمون أي (2500دج) عن كل يوم تأخير، حتى و لو طلب الدائن مبلغا أقل، و هو المعمول به في محكمة سيدي بلعباس ( )
و تضيف المادة 35 من نفس القانون : ( عندما يتعلق التنفيذ بكل أو بجزء من الاتفاق الجماعي للعمل، يكون ممثلوا العمال طرف فيه أو واحد أو أكثر من المستخدمين، فإن الغرامة التهديدية اليومية المحددة طبقا للمادة 34 من هذا القانون تتضاعف بقدر عدد العمال المعنيين و في حدود مائة عامل ).
و هذا يعني أنه إذا كان النزاع يتعلق بتنفيذ اتفاق جماعي بين العمال و أرباب العمل، فإن الغرامة تتضاعف بحسب عدد العمال على أن لا تتجاوز في كل الأحوال حدود 100 عامل أي (250.000 دج) و لو تجاوز عدد العمال 100 عامل.
و نلاحظ أن التدخل في سلطة القاضي التقديرية من المشرع في مجال المواد الاجتماعية، كان الهدف منها حماية الطرف الضعيف في علاقة العمل و هو العامل.
وعموما وخارج مجال المواد الاجتماعية تبقى للقاضي سلطة واسعة في تحديد معدل الغرامة، لكن هل يجوز للقاضي أن يحكم بمبلغ نهائي أو بالأحرى هل يصح أن تكون الغرامة التهديدية مبلغا نهائيا جامدا يدفعه المدين إلى الدائن في حالة إصراره على عدم التنفيذ ؟
يقول الأستاذ Jacques Boré الغرامة التهديدية تكون نهائية عندما يكون المبلغ الذي يضعه القاضي أو المشرع على عاتق المدين مقرر بصفة نهائية للمستفيد من الحكم دون إمكانية إعادة النظر فيه و تكون الغرامة التهديدية بالعكس مؤقتة أو يمكن إعادة النظر فيها عندما يمكن تعديل المبلغ الوارد في الحكم بانتهاء المدة المحددة للمدين للتنفيذ حسب درجة تأثير الغرامة التهديدية، و يظهر الفرق بين النوعين عند تصفيتها أمام قاضي الموضوع فالغرامة التهديدية النهائية و التي تكون مبلغ جامد تسويتها تكون شبه تلقائية في حين تسوية الغرامة التهديدية المؤقتة تترك سلطة تقديرية واسعة للقاضي))1(
وإذا كان القانون الفرنسي يكرس نظام مزدوج للغرامات التهديدية فالمشرع الجزائري و حتى الساعة- قبل صدور قانون الإجراءات المدنية المعدل- لا يعترف إلا بالغرامة التهديدية المؤقتة التي تخضع لتقدير القاضي من حيث نصابها و مدتها و بدأ سريانها، و هو الأصح، ذلك أن الغرامة التهديدية تفقد طابعها التهديدي إذا حددت مرة واحدة كمبلغ إجمالي و لا تحقق الغاية منها و هي حمل المدين على التنفيذ العيني خوفا من تراكم مبالغ التهديد المالي.
ثانيا: سلطة القاضي في تحديد بدأ سريان الغرامة التهديدية:
لا يوجد في قانون الإجراءات المدنية ما يشير إلى هذه النقطة فالقاضي له كامل الحرية في تقديرها، و الأصل أن تتحدد بداية الغرامة التهديدية من تاريخ تبليغ الحكم إلى غاية تصفيتها إذا رفض المدين التنفيذ وإن كـان هنـاك من القضـاة مـن يحـدد هذه المدة من تاريخ النطق بالحكم ( (، على أساس أن الهدف من إصدارها أولا و أخيرا هو ضمان التنفيذ العيني عن المستقبل، و مع ذلك فلا يوجد ما يمنع القاضي من منح مهلة وفاء للمدين على أن تسري الغرامة التهديدية بعد انتهائها و ذلك محاولة منه في ترك فرصة للتنفيذ الودي، و له كامل السلطة في تحديد هذه المدة حسب طبيعة الالتزام المراد تنفيذه، و هو ما يجري به العمل وجوبا في المادة الاجتماعية إذ تنص المادة 34/2 من القانون 90/04 المتعلق بتسوية المنازعات الفردية للعمل: ( غير أن هذه الغرامة التهديدية لا تنفذ إلا عندما تنقضي مهلة الوفاء التي لا تتجاوز 15 يوماً﴾ ( ) و عليه فلا يبدأ سريان أو حساب الغرامة التهديدية في المسائل الاجتماعية إلا بعد انقضاء مهلة 15 يوم المخصصة للوفاء.
و عموما قد نتصور ضرورة اللجوء إلى فترة معينة للوفاء، و لا يبدأ سريان الغرامة التهديدية إلا بقضائها، في الحالة التي يحكم فيها القاضي بالغرامة التهديدية في نفس الحكم الصادر في الموضوع، أما إذا كان هناك حكم في الموضوع في حالة عدم تنفيذه، نرجع إلى القاضي المختص لطلب غرامة تهديدية، ففي هذه الحالة يبدو جليا امتناع المدين على التنفيذ و لذا يصبح من الأفضل أن تسري الغرامة ابتداءً من تاريخ تبليغ الحكم للمدين ذلك أنه لا يصبح مخاطبا به إلا بعد تبليغه لكن ماذا إذا كان الحكم القاضي بالغرامة التهديدية محل استئناف فما هو أثر الاستئناف على سريان الغرامة في حالة تأييد الحكم المستأنف أو إلغاؤه.
إن الحكم بالغرامة التهديدية لا يرتب حقا للمحكوم له فهي مجد وسيلة إجبار لا غير يرتبط مصيرها بمصير الالتزام الأصلي محل التنفيذ، فإذا ما ألغى المجلس الحكم المستأنف فإنه يقع عليه لزاما التطرق إلى مصير الغرامة التهديدية بوضع حد لها، أما إذا أيده كليا أو جزئيا فهنا يثور التساؤل متى يبدأ سريان الغرامة التهديدية؟
وللإجابة على هذا السؤال بجب التمييز بين حالتين:
الحالة الأولى: إذا أيد المجلس الحكم كليا فإن الغرامة التهديدية تسري ابتداء من تبليغ الحكم المستأنف وليس من تاريخ تبليغ القرار المؤيد له.
الحالة الثانية: إذا أيد المجلس القضائي الحكم جزئيا وقضى بدفع مبلغ الغرامة التهديدية فإن الزيادة لا يكون لها أثر رجعي أي تسري الغرامة من التاريخ الذي حدده الحكم محل الاستئناف وبالقيمة نفسها على أن الزيادة لا تؤخذ بعين الاعتبار إلا من تاريخ تبليغ القرار القاضي بها.
ولا يثور أي خلاف إذا قضى المجلس بالغرامة التهديدية لأول مرة أثناء نظره للاستئناف ففي هذه الحالة تسري الغرامة التهديدية من تاريخ تبليغ القرار و من تاريخ الذي يحدده لا من تاريخ الحكم المستأنف.
لكن ماذا إذا كان الحكم محل الاستئناف ليس هو نفسه القاضي بالغرامة التهديدية الصادرة لضمان تنفيذه أو بالأحرى إذا صدر أمر عن القاضي الأمور المستعجلة بالإلزام على تنفيذ حكم امتنع المدين عن تنفيذه ثم كان هذا الحكم محل استئناف؟ فما مصير الأمر القاضي بتوقيع الغرامة التهديدية إذا ألغى المجلس الحكم المستأنف؟
إن الجهات القضائية في هذه الحالة حسب ما هو جاري به العمل لا تتطرق إلى مصير هذا الأمر إلا إذا رجع المحكوم له أمام قاضي الموضوع وطلب تصفية الغرامة، ففي هذه الحالة يكون مصير دعواه الرفض لعدم التأسيس كون الحكم محل التنفيذ ألغي فلم يعد هناك جدوى من الغرامة التهديدية و لم يعد هناك محل للتنفيذ أصلا.
ثالثا: سلطة القاضي في تحديد مدة سريان الغرامة التهديدية :
الأصل أن القاضي يترك المدة مفتوحة إلى غاية التنفيذ إلا أن هذا لا يعني أن القاضي لا يستطيع أن يحدد مدة معينة للغرامة، و له كامل السلطة في مد هذه المدة إذا رأى ضرورة لذلك، وهو ما ذهبت إليه المحكمة العليا في قرارها رقم 41783 المؤرخ في 27/11/1985 والذي جاء في حيثياته( ) ( ولما كان ثابتا في - قضية الحال- أن قضاة الاستعجال قضوا على الطاعن برد الماء فورا إلى المطعون ضده تحت غرامة تهديدية 500 دج عن كل يوم تأخير تسري إبتداءا من تاريخ تبليغ القرار وفي حالة الرفض الإذن في ظرف أسبوع للمطعون ضده بالتركيب عداد للماء فإنهم لما رخصوا للمطعون ضده بتركيب عداد مستقل فقد فتحوا له مجال التصدي للضرر الحاصل وإنهائه بعد أسبوع من تبليغ القرار، ومن ثم فإن الغرامة التهديدية يتوقف احتسابها بعد أسبوع ولا يستمر سريانها إلا إذا عرقل المؤجر تركيب العداد، وعند ذلك يرجع المستأجر إلى المحكمة للنظر من جديد في استمرار الغرامة ومتى خالف هؤلاء القضاة تطبيق هذا المبدأ استوجب نقض قراره ).
و مع ذلك فإننا نرى أن تحديد مدة الغرامة التهديدية يتنافى والطابع التهديدي لها، إذ أن هذا قد يجعل المدين على علم بالمبالغ التي سيحكم بها عليه بداية، فلا تحقق الغرامات الغاية منها وفي إجبار المدين.
فللقاضي كامل الحرية و السلطة في تقدير قيمة الغرامة ومدتها و بدأ سريانها دون رقابة عليه من المحكمة العليا ، فهل له نفس السلطة عند تصفيتها؟
المطلب الثاني
دعوى تصفية الغرامة التهديدية
و هي الدعوى الرامية إلى تصفية مبالغ التهديد المالي في حالة تعنت المدين و عدم امتثاله للأمر بالتنفيذ الصادر في الحكم القاضي بالغرامة التهديدية بداية.
و يعود الاختصاص في تسوية الغرامة التهديدية لقاضي الموضوع الذي نطق بها ( )، وتبعا لذلك يخرج الأمر عن اختصاص القاضي الإستعجالي، فالمشرع نص على أن تصفية مبالغ الغرامة التهديدية، تكون بمعرفة الجهة القضائية المختصة، و لم يقل الجهة مصدرة الأمر، إذ أن تسوية الغرامة تتطلب دراسة الموضوع و تقدير التعويض بناءاً على عناصر معينة دراستها تتنافى وشرط المساس بأصل الحق الذي يحكم اختصاص القاضي الاستعجالي، حسب المادة 186 من قانون الإجراءات المدنية و عموما دعوى تسوية الغرامة التهديدية يجمع القضاء على أنها من اختصاص قضاة الموضوع.
و قد تناول المشرع الجزائري أحكام دعوى تسوية الغرامة من خلال المادة 175 من القانون المدني و المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية، سواء فيما يتعلق بشكل التصفية)الفرع الأول( أو فيما يخص عناصر تقدير التعويض من طرف القاضي )الفرع الثاني (
الفرع الأول
شـكـل الـتـصفـية
تنص المادة 175 من القانون المدني: ( إذا تم التنفيذ العيني أو أصر المدين على رفض التنفيذ، حدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعيا في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن والعنت الذي بدا من المدين ) فمن خلال هذا النص نلاحظ أن نهاية الحكم بالغرامة التهديدية لا يخرج على أحد الموقفين فالمدين إما أن يرضخ لأمر التنفيذ و يقـلع عن عناده و إما أن يصر على موقفه و يصمم على عدم التنفيذ،و في الحالتين يجوز اللجوء إلى القضاء لطلب تصفية مبالغ التهديد المالي إذ لم يعد هناك جدوى من بقائها، و من ثم وجب النظر في مصير هذه الغرامة بتسويتها و تحويلها إلى تعويض ولكن يختلف الوضع في حالة التنفيذ العيني عنه في حالة الاستمرار في الامتناع عن التنفيذ:
· ففي الحالة الأولى متى نفذ المدين التزامه،· يقوم القاضي بإلغاء الحكم بالغرامة التهديدية،· و لا يوجد ما يمنعه من تصفيتها إلى تعويض لقاء التأخير عن التنفيذ.
· أما في حالة الامتناع عن التنفيذ فإن القاضي يقوم بتسوية الغرامة و تحويلها إلى تعويض ،· حسب ما جاء في نص المادة 175 من القانون المدني،· إلا أنه وقبل ذلك لا بد عليه أن يعيد دراسة شروط الغرامة التهديدية للتأكد من توافرها فإذا رأى أن القاضي الذي أصدر الحكم بالتهديد المالي لم يراعي الشروط فله أن يرفض التصفية لعدم تأسيس الدعوى أما إذا رأى أن الشروط جميعها متوافرة فإنه يشير إلى ذلك ثم ينتقل إلى تصفية الغرامة وفي هذا الصدد ذهبت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 19/07/1989 تحت رقم 51084 والذي جاء في حيثياته: ( من المقرر قانونا أن الحكم الفاصل في موضوع الدعوى دون أن يراجع الغرامة التهديدية المحكوم بها سابقا ويعمل على تصفيتها ودون أن يبين ما إذا كان مقدار التعويض عن الضرر الفعلي يعد منعدما للأساس القانوني ومخالفا للقانون) ( ) لكن ما هو شكل هذه التصفية ؟
التصفية نوعان تصفية مؤقتة وتصفية نهائية، فالتصفية المؤقتة تكون متى لم يتخذ المدين موقفا معينا من الغرامة التهديدية إذ يجوز للدائن في هذه الحالة المطالبة بتعويض نظير التأخر عن التنفيذ مع إبقاء الغرامة سارية المفعول ومن خصائص هذه التصفية أنها جزئية لا تمثل إلا المدة التي تأخر فيها المدين عن التنفيذ كما أنها مؤقتة فللقاضي أن يتراجع عنها أو ينقص منها، أما التصفية النهائية فتكون متى امتنع المدين عن التنفيذ واتضح موقفه في ذلك ،ونلاحظ أن المشرع الجزائري لم ينص صراحة على التصفية المؤقتة إلا انه وبالرجوع إلى نص المادة 174/2 والتي تسمح للقاضي بالزيادة في مبلغ الغرامة إذا لم تحقق الغاية منها في إكراه المدين على التنفيذ ،نستنتج أن القاضي يمكنه تصفية مبالغ التهديد المالي مؤقتا و يكون الحكم في هذه الحالة قابل للتنفيذ كما أن ذلك فيه إيلام ومساس بالذمة المالية للمدين قد يجعله يسارع إلى التنفيذ و هو ما يجعل الغرامة التهديدية أكثر فعالية وأهمية، و على العموم لم نصادف في محكمة سيدي بلعباس أي حكم يقضي بتصفية الغرامة التهديدية مؤقتا .
الفرع الثاني
العناصر التي يعتمدها القاضي في تقدير التعويض
لقد حدد المشرع الجزائري في المادة 175 من القانون المدني و المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية العناصر التي يعتمدها القاضي لتحديد قيمة المبلغ المصفى.
حيث تنص المادة 175 من القانون المدني: ( مراعياً في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن و العنت الذي بدا من المدين ) وجاء في نص المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية( و هذه التهديدات يجب مراجعتها و تصفيتها بمعرفة الجهة القضائية المختصة و لا يجوز أن يتعدى مقدار التهديد المالي التعويض عن الضرر الفعلي الذي نشأ )
و عليه فتحديد مبلغ التعويض النهائي المصفى يقدر انطلاقا من الضرر الناشئ عن عدم التنفيذ أو التأخر عنه) أولا( و العنت الذي بدا من المدين)ثانيا(
أولا: عنصر الضرر الفعلي الناشئ:
تنص المادة 175 : ( إذا تم التنفيذ العيني أو أصر المدين على رفض التنفيذ، حدد القاضي مقدار التعويض الذي يلزم به المدين مراعيا في ذلك الضرر الذي أصاب الدائن و العنت الذي بدا من المدين ).
فمقدار التعويض أولا يتحدد على أساس الضرر الفعلي الناشئ. و القاضي عند تقديره يرجع إلى القواعد العامة التي تنظم التعويض و التي تناولها المشرع الجزائري في المادتين 131 و 182.
حيث تنص المادة 131 في فقرتها الأولى: ( يقدر القاضي مدى التعويض عن الضرر الذي لحق المصاب طبقا لأحكام المادة 182 مع مراعاة الظروف الملابسة ).
و تضيف المادة 182/1 إذا لم يكن التعويض مقدرا في العقد أو في القانون فالقاضي هو الذي يقدره و يشمل التعويض ما لحق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعة لعدم الوفاء بالالتزام أو التأخر فيه )
و عليه نلاحظ أن التعويض عن الضرر يشمل عنصرين هامين هما ما لحق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب.
فالمطرب الذي لا يقوم بتنفيذ التزامه بالغناء يدفع تعويضا للدائن مقابل ما أنفقه في تنظيم تلك الحفلة كما يعوضه عما فاته من كسب كان سيجنيه لو قام المدين بالتزامه.
و يقع عبء الإثبات في هذه الحالة على من يدعيه أي على الدائن فيثبت مقدار ما فاته من كسب و لحقه من خسارة، و تبقى للقاضي السلطة التقديرية في إرجاع المبلغ إلى حده المعقول، إذا كان مبالغ فيه.( )
كما يأخذ القاضي في تقديره التعويض الظروف الملابسة و يقصد بها الظروف الشخصية للمضرور كحالته الصحية و المالية و العائلية.
و يجب على القاضي إبراز عناصر الضرر في حيثيات الحكم و إلا شابه عيب انعدام التسبيب و كان عرضه للنقض و في هذا الصدد ذهبت المحكمة العليا في قرارها الصادر بتاريخ 6/05/1990 تحت رقم 65555: ( متى كان من المقرر قانوناً أنه لا يجوز أن يتعدى مقدار التهديد المالي المحكوم به مقدار التعويض عن الضرر الفعلي الناشئ فإن قضاة الموضوع الذي قضوا بدفع غرامة تهديدية دون إجراء تحقيق حول مقدار الضرر الحقيقي الذي نشأ يكونوا قد عرضوا قرارهم لانعدام التسبب و متى كان كذلك استوجب نقض القرار المطعون فيه ) ( )
ثانيا: عـنصر العـنـت:
و يقصد به إصرار المدين على عدم التنفيذ و مقاومته لأمر القاضي و هو العنصر الذي يعتبره بعض الفقه يخرج بالتعويض عن معناه المألوف إلى ما يتفق و التهديد المالي.( )
فيستطيع القاضي أن يزيد في التعويض في مقابل الضرر الأدبي الذي لحق بالدائن من جراء عناد المدين و إصراره على عدم التنفيذ.
و يمكن أن يتحقق هذا العنصر حتى و لو قام المدين بتنفيذ التزامه متأخراً. فهذا التأخر في التنفيذ من المدين يسبب ضرر أدبي للدائن إلا أنه يكون أكثر وضوحاً في حالة الامتناع كليا عن التنفيذ.
و في غياب هذا العنصر يفقد التهديد المالي ميزته الرئيسية و لا يصلح أداة للضغط على المدين و التغلب عليه.
و قد نصت المادة 175 صراحة عليه، و إن كانت المادة 471 من قانون الإجراءات المدنية و هي الأسبق لم تشير إليه مما يجعلنا بصدد إلغاء ضمني لأحكامها، كون القاعدة القانونية اللاحقة تلغي السابقة في حالة تعارضها.
و عموما يجب على القاضي أن يشير إلى هذا العنصر عند تقديره للتعويض و هو في ذلك يخضع لرقابة المحكمة العليا كون الأمر يتعلق بمسألة قانونية ، لكنه لا يخضع للرقابة فيما يخص تقديره لهذا العنصر فله سلطة مطلقة في ذلك حسب ظروف كل قضية و ملابساتها .
و يلاحظ أن أغلب القضاة لا يذكرون هذا العنصر في أحكامهم لا من قريب و لا من بعيد، ما يجعل مبالغ الغرامة التهديدية المتراكمة تفوق مبالغ التعويض المحكوم بها عند التصفية وذلك يقلل من القيمة العملية لنظام التهديد المالي.
و قــد جاء في المذكـرة الإيضاحية للمشــروع التمهــيـدي المصري فـي أهـــمية هذا العنصــر: ( و لكن ينبغي أن يراعي في هذا التقدير ما يكون من أمر ممانعة المدين تعنتا باعتبار هذه الممانعة عنصراً أدبياً من عناصر التعويض و هذا العنصر يمثل لب نظام الغرامة التهديدية و معقل القوة فيه ) ( )
الــــــــخـاتـمـة
من خلال هذا البحث نخلص إلى التأكيد على أهمية الغرامة التهديدية كوسيلة لتنفيذ بعض الالتزامات التي تستدعي تدخل المدين شخصيا، و ذلك لما تحققه من انزعاج في نفسه يدفعه إلى المسارعة في التنفيذ.
إلا أن المشرع الجزائري لم يتناولها بالتفصيل الكافي و ترك المجال مفتوحا أمام سلطة القــاضي التـقـديــرية يعملها بما يتــوافـق و تحقــيــق الغاية منها خاصة بشأن بدأ سـريــانـها و مدتها، و هو ما يفتح باب التعسف في استعمالها و يخرج بها عن غايتها المثلى كما أن هذا الإيجاز في تنظيمها أدى إلى تباين إن لم نقل تناقض بين أحكام الجهات القضائية،
كما أنه لم يح