السلام عليكم و رحمة الله
أهلا بيكم اعضاء و رواد منتدياتنا الأعزاء
أتيتكم اليوم بموضوع حول
دراسة |: المثقف العربي و المتغيرات |: ج2
--------------------------------------------------------------------------------
ومن تلك النقاط... الملامح أذكر أنه :
1ـ غابت عن ساحة الصراع الرئيسة، سياسياً وفكرياً واقتصادياً وعسكرياً : الشيوعية، والمجموعة الاشتراكية، وفلكها العالمي المحيط بها، وانعكس ذلك على العالم الاشتراكي بشكل صراعات وانقسامات ومآس ومجاعات، وحروب محتملة، بدأنا نرى حرائقها في مساحات منه. كما انعكس على المرتبطين به ومعه بأحلاف أو معاهدات، أو باتفاقيات اقتصادية وثقافية وعسكرية... الخ انعكس عليهم بأشكال مختلفة أثّرت تأثيراً مباشراً على أحوال أولئك المرتبطين وأهدافهم ونضالهم وقضاياهم الرئيسة وعلى أوضاعهم، حتى الداخلية والفردية منها في بعض الحالات والأماكن.
وإذا أخذنا العرب، من بين أولئك، نجد أن الدول التي كانت عازمة على خوض الصراع مع العدو الصهيوني حتى التحرير أخذت بمقولات التسوية السلمية والتنازلات الإقليمية، وحاولت أن تلائم نفسها مع واقع جديد، تسود فيه قوة عدو لها انتصر بانتصار حليفه، أو ازداد غطرسة بسقوط حليفها هي وباستعدادها للارتماء على عتبة القوة.. أية قوة. وفي توضيح لذلك أشير إلى حادثة قد تشكل استطراداً ولكنها تدخل في صلب الموضوع وتوضح ما رميت إليه : في الزيارة الأولى التي قام بها جيمس بيكر إلى سورية بعد نهاية حرب الخليج الثانية وبداية العمل من أجل مؤتمر مدريد، حاول جيمس بيكر أن يعامل سورية كدولة مهزومة في الحرب، على الرغم من كونها عضواً في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من وقوفها ضد احتلال العراق للكويت، وإرسالها قوات إلى هناك، ولم يكن ذلك الموقف إلاّ وليد اقتناع أميركي تام وشامل، بأن الاتحاد السوفييتي ـ الذي كان حليفاً للعراق، وهو حليف لسورية أيضاً، وتربطه بالعراق اتفاقية دفاع مشترك ـ أنه لم يستطع أن يفعل شيئاً لحلفائه، وثبت سقوطه أو عجزه أو تسليمه أو انهياره أو اختياره موقف المتفرج المحايد، أو المتواطئ الصامت في درس الحرب الأخير، ومن ثم، فإنه، أي بيكر، يعامل كل حلفاء الاتحاد السوفييتي معاملة واحدة، وسورية من ذلك الصنف من الحلفاء. وقد كان لسورية موقف متشدد من ذلك حال دون معاملتها معاملة المهزوم بالكامل على الأقل، أمام حليف الولايات المتحدة الأميركية الاستراتيجي "إسرائيل"، ومن دون إسقاط حقوقها ومواقفها النضالية النابعة أصلاً من التزام سورية بحقوق الأمة العربية ونضالها من أجل القضايا المصيرية، وعلى رأسها قضية فلسطين.
2 ـ انهارت منظومة حلف وارسو، ثم انهار الاتحاد السوفييتي وانتهى، وتقسمت جغرافيته السياسية بعد أن تفكك الجص الذي ربط جغرافيا البلدان التي أُلحقت بروسيا أو صنعت الاتحاد السوفييتي بقيادة روسيا، ولم يعد لذلك حضور سياسي أو عسكري أو ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي، الأمر الذي ترك نتائج كثيرة وهامة في كل مناحي الحياة، ليس في تلك البلدان فقط وإنما في بلدان العالم النامي وتلك التي في طريق النمو، وباستراتيجيات تلك البلدان على الصُّعُد المشار إليها جميعاً. وانعكس ذلك في العلاقات الدولية وفي مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات الدولية المنبثقة عنها؛ وأصبح مجلس الأمن، على سبيــــل المثال، مؤسسة أميركية إلى حد كبير (1)، بعد أن كان مؤسسة شبه معطلة بسبب الصراع الذي كان يدور داخلها. وسوف أشير لاحقاً إلى ما نتج عن ذلك من ازدواجية معايير ومكاييل في مجلس الأمن الدولي.
3 ـ انتهت الحرب الباردة في العالم وبدأت حروب من نوع آخر تتمخض عنها الأحداث وصراعات المصالح وسوف يظهرها الزمن القريب ومن ذلك مثلاً :
ـ الحرب التجارية بين أميركا وأوروبا الغربية التي توشك على الانفجار، وكلما اقتربت من ذلك تُعطى لها المسكّنات وتجمد إلى أن تحقق أوروبا الغربية حضورها كقوة ذات استقلال شامل، بعد وحدتها، الأمر الذي يواجهه الأميركيون بتحالفات جديدة في الشرقين الأدنى والأقصى والخليج العربي، وفي أماكن وجود الطاقة والأسواق التجارية ومناطق النفوذ الهامة والمؤثرة. (2)
ـ محاولة استقطاب قوى جديدة تصبح ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، على أرضية ما حققته من تقدم وازدهار ونجاحات في المجال الاقتصادي بالدرجة الأولى، مثل اليابان وألمانيا الموحدة (3).
وذلك بغية كسب قوى أخرى تكون أطراف التحالف المقبل، في حال انفجار الصراع البارد أولاً فالساخن أخيراً الذي أَذِنَت الحرب العالمية الثالثة بولادته، بين أوروبا الموحدة وأميركا، وهي حرب على المصالح والنفوذ، وسوف تكون ذات وجه اقتصادي ثقافي بالدرجة الأولى.
ـ محاولة البحث عن صيغة للعلاقات ولكيفية اتخاذ قرارات مختلفة عن تلك التي كانت سائدة ( النظام العالمي) في أثناء الحرب الباردة، ولا سيما في مجال القرارات الدولية وفي الأطر والهيئات التي تصنع تلك القرارات. ولكن ذلك بقي على مستوى اللعب بالأوراق في إطار امتصاص موجات السخط في العالم، وتهدئة غضب بعض الشعوب، وتقديم أجوبة استهلاكية حول قضايا وأسئلة جوهرية تطرحها الدول والشعوب، ولا سيما بعد أن أعلن جورج بوش أمام مجلسي الكونغرس، بعد نهاية حرب الخليج الثانية، أن القهر والخوف لم يعد لهما مكان في العالم وأن عهداً جديداً من العلاقات الدولية سوف يسود العالم، وأن حلولاً ملائمة لكل القضايا المطروحة سوف تجد طريقها إلى الوجود، وأن هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن سوف يستعيدان حضورهما وهيبتهما، وستراعى مبادئ العدالة الدولية... إلى آخر ذلك من إعلانات إيجابية زرعت الآمال في نفوس ودول وشعوب، ولكن الإعلانات تبقى دائماً شيئاً مغايراً للتطبيق، لا سيما في لعبة المصالح التي تلعبها القوى الكبرى (4).
4 ـ احتل الأقوياء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية / أي الحلفاء / بعد أن سووا خلافاتهم وانتهوا من صراعاتهم، احتلوا مجلس الأمن بقيادة موحدة أُجبروا على الانصياع لها أو اختاروا الرضا بها، وأصبح لزاماً عليهم أن يأتمروا بأوامرها تحت تأثير القوى والمعطيات والمؤثرات الآتية :
ـ قوة السلاح النووي والتقليدي معاً بعد انهيار قوة الاتحاد السوفييتي، أو إبطال مفعولها المناوئ للقوة الأميركية، واطمئنان الولايات المتحدة الأميركية إلى تفوقها الشامل في العالم؛ وقد أشار إلى ذلك بوضوح وزير الدفاع الأميركي " ديك تشيني " حين قال : " لا توجد دول حليفة معادية لمصالحنا، بل إن قوى دول العالم، وأكثرها إمكانات وقدرات، هي دول صديقة لنا. وليس هناك منطقة في العالم تشكل خطراً على مصالحنا ويسيطر عليها حكم معاد وغير ديمقراطي (5)".
ـ قوة الاقتصاد الأميركي وارتباطاته المؤثرة وسيطرته على النفط، لا سيما في الخليج العربي كله بعد إخراج العراق من السوق.
ـ قوة الإعلام الأميركي المؤثر بوسائل تقنية متقدمة، وانتشاره، وسيطرته، مع أخذ القوى الغربية الموالية تقليدياً للولايات المتحدة الأميركية ـ لا سيما بريطانيا ـ بعين الاعتبار.
ـ قوة تأثير الجاسوسية الأميركية أو الـ C.I.A على مواقع قرار متعددة سياسياً في العالم.
ـ سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على سوق السلاح العالمي بالدرجة الأولى؛ حيث أصبح مكانها هو المكان الأول، بعد أن تراجعت مبيعات الدول المنافسة، لا سيما الاتحاد السوفييتي، وبعد فتح أسواق مبيع جديدة تمت السيطرة عليها كلياً من قبل أميركا، وهي أسواق الخليج العربي : السعودية ـ الكويت ـ الإمارات العربية المتحدة ـ قطر ـ عمان ـ البحرين...الخ وتبين الأرقام الآتية ارتفاع المبيعات الأميركية في السنوات الأخيرة مقارنة مع مبيعات سواها :
/ الأرقام بملايين الدولارات الأميركية /(6)
1985
1986
1987
1988
1989
1990
الولايات المتحدة
8943
10304
12596
10503
11749
9528
الاتحاد السوفيتي
13458
14731
14916
12559
12220
6397
فرنسا
3970
4096
3011
2300
2577
1821
إنكلترا
1847
1500
1817
1401
1800
1236
الصين
1352
1463
2553
1868
874
1003
ومن المعروف جيداً أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا تحديداً، قد زادت مبيعات كل منها في عام 1991 و1992 عن الدول التي كانت تزاحمها، لا سيما في أسواق الخليج العربي، بعد أن توقفت مبيعات الاتحاد السوفييتي تقريباً إلى أهم المستوردين لأسباب معروفة(7).
وبسبب من هذا كله أصبح القرار السياسي الأميركي هو قرار عالمي ملزم / طوعاً أو كرهاً / للآخرين، وممهور ببصمات ممثلي الدول الأخرى المقهورة أو المشتراة أو المبهورة بخاتم السيد الأميركي في حلته الجديدة.
أهلا بيكم اعضاء و رواد منتدياتنا الأعزاء
أتيتكم اليوم بموضوع حول
دراسة |: المثقف العربي و المتغيرات |: ج2
--------------------------------------------------------------------------------
ومن تلك النقاط... الملامح أذكر أنه :
1ـ غابت عن ساحة الصراع الرئيسة، سياسياً وفكرياً واقتصادياً وعسكرياً : الشيوعية، والمجموعة الاشتراكية، وفلكها العالمي المحيط بها، وانعكس ذلك على العالم الاشتراكي بشكل صراعات وانقسامات ومآس ومجاعات، وحروب محتملة، بدأنا نرى حرائقها في مساحات منه. كما انعكس على المرتبطين به ومعه بأحلاف أو معاهدات، أو باتفاقيات اقتصادية وثقافية وعسكرية... الخ انعكس عليهم بأشكال مختلفة أثّرت تأثيراً مباشراً على أحوال أولئك المرتبطين وأهدافهم ونضالهم وقضاياهم الرئيسة وعلى أوضاعهم، حتى الداخلية والفردية منها في بعض الحالات والأماكن.
وإذا أخذنا العرب، من بين أولئك، نجد أن الدول التي كانت عازمة على خوض الصراع مع العدو الصهيوني حتى التحرير أخذت بمقولات التسوية السلمية والتنازلات الإقليمية، وحاولت أن تلائم نفسها مع واقع جديد، تسود فيه قوة عدو لها انتصر بانتصار حليفه، أو ازداد غطرسة بسقوط حليفها هي وباستعدادها للارتماء على عتبة القوة.. أية قوة. وفي توضيح لذلك أشير إلى حادثة قد تشكل استطراداً ولكنها تدخل في صلب الموضوع وتوضح ما رميت إليه : في الزيارة الأولى التي قام بها جيمس بيكر إلى سورية بعد نهاية حرب الخليج الثانية وبداية العمل من أجل مؤتمر مدريد، حاول جيمس بيكر أن يعامل سورية كدولة مهزومة في الحرب، على الرغم من كونها عضواً في التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الأميركية، وعلى الرغم من وقوفها ضد احتلال العراق للكويت، وإرسالها قوات إلى هناك، ولم يكن ذلك الموقف إلاّ وليد اقتناع أميركي تام وشامل، بأن الاتحاد السوفييتي ـ الذي كان حليفاً للعراق، وهو حليف لسورية أيضاً، وتربطه بالعراق اتفاقية دفاع مشترك ـ أنه لم يستطع أن يفعل شيئاً لحلفائه، وثبت سقوطه أو عجزه أو تسليمه أو انهياره أو اختياره موقف المتفرج المحايد، أو المتواطئ الصامت في درس الحرب الأخير، ومن ثم، فإنه، أي بيكر، يعامل كل حلفاء الاتحاد السوفييتي معاملة واحدة، وسورية من ذلك الصنف من الحلفاء. وقد كان لسورية موقف متشدد من ذلك حال دون معاملتها معاملة المهزوم بالكامل على الأقل، أمام حليف الولايات المتحدة الأميركية الاستراتيجي "إسرائيل"، ومن دون إسقاط حقوقها ومواقفها النضالية النابعة أصلاً من التزام سورية بحقوق الأمة العربية ونضالها من أجل القضايا المصيرية، وعلى رأسها قضية فلسطين.
2 ـ انهارت منظومة حلف وارسو، ثم انهار الاتحاد السوفييتي وانتهى، وتقسمت جغرافيته السياسية بعد أن تفكك الجص الذي ربط جغرافيا البلدان التي أُلحقت بروسيا أو صنعت الاتحاد السوفييتي بقيادة روسيا، ولم يعد لذلك حضور سياسي أو عسكري أو ثقافي أو اقتصادي أو اجتماعي، الأمر الذي ترك نتائج كثيرة وهامة في كل مناحي الحياة، ليس في تلك البلدان فقط وإنما في بلدان العالم النامي وتلك التي في طريق النمو، وباستراتيجيات تلك البلدان على الصُّعُد المشار إليها جميعاً. وانعكس ذلك في العلاقات الدولية وفي مجلس الأمن وهيئة الأمم المتحدة والمنظمات والهيئات الدولية المنبثقة عنها؛ وأصبح مجلس الأمن، على سبيــــل المثال، مؤسسة أميركية إلى حد كبير (1)، بعد أن كان مؤسسة شبه معطلة بسبب الصراع الذي كان يدور داخلها. وسوف أشير لاحقاً إلى ما نتج عن ذلك من ازدواجية معايير ومكاييل في مجلس الأمن الدولي.
3 ـ انتهت الحرب الباردة في العالم وبدأت حروب من نوع آخر تتمخض عنها الأحداث وصراعات المصالح وسوف يظهرها الزمن القريب ومن ذلك مثلاً :
ـ الحرب التجارية بين أميركا وأوروبا الغربية التي توشك على الانفجار، وكلما اقتربت من ذلك تُعطى لها المسكّنات وتجمد إلى أن تحقق أوروبا الغربية حضورها كقوة ذات استقلال شامل، بعد وحدتها، الأمر الذي يواجهه الأميركيون بتحالفات جديدة في الشرقين الأدنى والأقصى والخليج العربي، وفي أماكن وجود الطاقة والأسواق التجارية ومناطق النفوذ الهامة والمؤثرة. (2)
ـ محاولة استقطاب قوى جديدة تصبح ذات عضوية دائمة في مجلس الأمن الدولي، على أرضية ما حققته من تقدم وازدهار ونجاحات في المجال الاقتصادي بالدرجة الأولى، مثل اليابان وألمانيا الموحدة (3).
وذلك بغية كسب قوى أخرى تكون أطراف التحالف المقبل، في حال انفجار الصراع البارد أولاً فالساخن أخيراً الذي أَذِنَت الحرب العالمية الثالثة بولادته، بين أوروبا الموحدة وأميركا، وهي حرب على المصالح والنفوذ، وسوف تكون ذات وجه اقتصادي ثقافي بالدرجة الأولى.
ـ محاولة البحث عن صيغة للعلاقات ولكيفية اتخاذ قرارات مختلفة عن تلك التي كانت سائدة ( النظام العالمي) في أثناء الحرب الباردة، ولا سيما في مجال القرارات الدولية وفي الأطر والهيئات التي تصنع تلك القرارات. ولكن ذلك بقي على مستوى اللعب بالأوراق في إطار امتصاص موجات السخط في العالم، وتهدئة غضب بعض الشعوب، وتقديم أجوبة استهلاكية حول قضايا وأسئلة جوهرية تطرحها الدول والشعوب، ولا سيما بعد أن أعلن جورج بوش أمام مجلسي الكونغرس، بعد نهاية حرب الخليج الثانية، أن القهر والخوف لم يعد لهما مكان في العالم وأن عهداً جديداً من العلاقات الدولية سوف يسود العالم، وأن حلولاً ملائمة لكل القضايا المطروحة سوف تجد طريقها إلى الوجود، وأن هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن سوف يستعيدان حضورهما وهيبتهما، وستراعى مبادئ العدالة الدولية... إلى آخر ذلك من إعلانات إيجابية زرعت الآمال في نفوس ودول وشعوب، ولكن الإعلانات تبقى دائماً شيئاً مغايراً للتطبيق، لا سيما في لعبة المصالح التي تلعبها القوى الكبرى (4).
4 ـ احتل الأقوياء المنتصرون في الحرب العالمية الثانية / أي الحلفاء / بعد أن سووا خلافاتهم وانتهوا من صراعاتهم، احتلوا مجلس الأمن بقيادة موحدة أُجبروا على الانصياع لها أو اختاروا الرضا بها، وأصبح لزاماً عليهم أن يأتمروا بأوامرها تحت تأثير القوى والمعطيات والمؤثرات الآتية :
ـ قوة السلاح النووي والتقليدي معاً بعد انهيار قوة الاتحاد السوفييتي، أو إبطال مفعولها المناوئ للقوة الأميركية، واطمئنان الولايات المتحدة الأميركية إلى تفوقها الشامل في العالم؛ وقد أشار إلى ذلك بوضوح وزير الدفاع الأميركي " ديك تشيني " حين قال : " لا توجد دول حليفة معادية لمصالحنا، بل إن قوى دول العالم، وأكثرها إمكانات وقدرات، هي دول صديقة لنا. وليس هناك منطقة في العالم تشكل خطراً على مصالحنا ويسيطر عليها حكم معاد وغير ديمقراطي (5)".
ـ قوة الاقتصاد الأميركي وارتباطاته المؤثرة وسيطرته على النفط، لا سيما في الخليج العربي كله بعد إخراج العراق من السوق.
ـ قوة الإعلام الأميركي المؤثر بوسائل تقنية متقدمة، وانتشاره، وسيطرته، مع أخذ القوى الغربية الموالية تقليدياً للولايات المتحدة الأميركية ـ لا سيما بريطانيا ـ بعين الاعتبار.
ـ قوة تأثير الجاسوسية الأميركية أو الـ C.I.A على مواقع قرار متعددة سياسياً في العالم.
ـ سيطرة الولايات المتحدة الأميركية على سوق السلاح العالمي بالدرجة الأولى؛ حيث أصبح مكانها هو المكان الأول، بعد أن تراجعت مبيعات الدول المنافسة، لا سيما الاتحاد السوفييتي، وبعد فتح أسواق مبيع جديدة تمت السيطرة عليها كلياً من قبل أميركا، وهي أسواق الخليج العربي : السعودية ـ الكويت ـ الإمارات العربية المتحدة ـ قطر ـ عمان ـ البحرين...الخ وتبين الأرقام الآتية ارتفاع المبيعات الأميركية في السنوات الأخيرة مقارنة مع مبيعات سواها :
/ الأرقام بملايين الدولارات الأميركية /(6)
1985
1986
1987
1988
1989
1990
الولايات المتحدة
8943
10304
12596
10503
11749
9528
الاتحاد السوفيتي
13458
14731
14916
12559
12220
6397
فرنسا
3970
4096
3011
2300
2577
1821
إنكلترا
1847
1500
1817
1401
1800
1236
الصين
1352
1463
2553
1868
874
1003
ومن المعروف جيداً أن الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا تحديداً، قد زادت مبيعات كل منها في عام 1991 و1992 عن الدول التي كانت تزاحمها، لا سيما في أسواق الخليج العربي، بعد أن توقفت مبيعات الاتحاد السوفييتي تقريباً إلى أهم المستوردين لأسباب معروفة(7).
وبسبب من هذا كله أصبح القرار السياسي الأميركي هو قرار عالمي ملزم / طوعاً أو كرهاً / للآخرين، وممهور ببصمات ممثلي الدول الأخرى المقهورة أو المشتراة أو المبهورة بخاتم السيد الأميركي في حلته الجديدة.