حماية الغابات المدارية... شرط لمكافحة التغير المناخي
تجمّع حوالي 12 ألف شخص في جزيرة بالي الإندونيسية في الأسبوع الماضي، في مسعى منهم لإيجاد استجابة دولية منظمة لخطر التغير المناخي، ترمي للتوصل إلى صفقة من شأنها إبطاء الدمار الذي تتعرض له الغابات الاستوائية، وهي الاستجابة الأفضل فيما يبدو للحد من تصاعد هذا الخطر. غير أن إزالة الغابات ظلت إحدى القضايا الرئيسية المثيرة للجدل والخلاف، ما أطال أمد المفاوضات حول التغير المناخي وأثار الخلافات حولها، على رغم اتساع دائرة الاتفاق العام حول حقيقة التغير المناخي نفسه، وكونه من صنع الإنسان قبل أي عوامل أو مؤثرات أخرى. وفي الوقت الذي حسم فيه العلم تحديد العوامل المسببة للتغير المناخي، فها هي جهود كيفية التصدي له قد بدأت بالأمس القريب هنا في جزيرة بالي.
والحقيقة أن إزالة الغابات تعد من أهم المسببات لتراكم انبعاثات غازات بيت الزجاج في الغلاف الجوي. ففي كل عام تتم إزالة مساحة من الغابات المدارية تعادل مساحة ولاية نيويورك، مع العلم أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها أشجار هذه الغابات، تصل إلى نسبة 20 في المئة من إجمالي انبعاثات غازات بيت الزجاج عالمياً، وهي نفسها نسبة انبعاثات أميركا من هذه الغازات. وفي قمة بالي الأخيرة تصدرت الدعوة إلى التفاوض حول صفقة مناخية، يتمخض عنها تطوير نظام بيئي مناخي عالمي خلال عامين من انعقاد القمة، مجموعة من الدول النامية المشاركة، تتحد جميعها على هدف مشترك واحد هو ربط النظام البيئي المناخي العالمي الجديد، بفرض خفض انبعاثات غازات بيت الزجاج على الدول الغنية المسؤولة عنها. على أن أمل الدول النامية الفقيرة في أن تكافأ مالياً على عدم إزالتها لغاباتها، ربما لا يتحقق في ظل الخلافات الجارية الآن حول من يتحمل المسؤولية الأكبر تجاه إبطاء معدلات التغير المناخي، ومن ثم من يتحمل المسؤولية المالية الأكبر إزاء التعويض عن مضاره؟ يذكر أن الدول النامية التي تستثمر في مجال قطع الأشجار وفي أنشطة التوسع الزراعي والمعماري، تأمل في أن تتلقى مساعدات وحوافز مالية على جهود الحفاظ على غاباتها بدلاً من الاستثمار فيها، وكذلك على مساهمتها في الإبطاء من خطر التغير المناخي. غير أن الكثير من الدول الصناعية المتقدمة، ترفض تقديم مساعدات مالية للدول النامية على جهود لم تبذلها بعد، إلى جانب ما تبديه الدول الصناعية من تحفظات وشكوك في المدى الذي يمكن أن تلتزم به الدول النامية بوقف ممارسات إزالة غاباتها. وكما يقول "يوفو دو باور"، السكرتير التنفيذي لـ"إطار معاهدة التغير المناخي" التابعة للأمم المتحدة، وهي المنظمة المشرفة على سير المفاوضات المناخية الدولية: "فإن أساس المشاكل كلها يكمن في التفاصيل التي تحويها المعاهدة المقترحة. لكن إذا ما تركنا مشكلة إزالة الغابات جانباً، فإن ما تم التوصل إليه في جزيرة بالي، هو الذي يشكل الإطار الأوسع والأعم لهذه المعاهدة، ولذلك فإن من المهم جداً أن تمضي نتائج قمة بالي كما هو مرجو، وإلا واجهنا مشكلة كبيرة للغاية". وقد كان الهدف من تلك القمة هو التوصل إلى اتفاقات مناخية جديدة تبدأ بالسريان إثر انتهاء بروتوكول معاهدة كيوتو للتغير المناخي في عام 2012، الذي تم التفاوض عليه منذ عقد مضى. وبموجب تلك المعاهدة، فقد طبقت أوروبا نظاماً لتجارة غاز ثاني أكسيد الكربون ووضع سقف محدد له مع بقية الغازات الأخرى المسببة للتغير المناخي. وقد أصبحت هذه التجارة قادرة الآن على ضخ مليارات الدولارات لخزانات الحكومات الأوروبية. ويأمل المسؤولون الحكوميون في أن يكتب لما حققته قمة بالي النجاح بحيث يصبح إنجازاً ملموساً. وربما يكون أحد أهم هذه الإنجازات توصلهم لاتفاق بشأن المحافظة على غابات العالم. وعلى حد تعليق دنكان مارش، مدير سياسات المناخ العالمي بمجموعة Nature Conservancy –الحفاظ على الطبيعة- المدافعة عن البيئة "فإن المحافظة على غابات العالم، هي مجال التفاوض البيئي الذي يتعين التوصل فيه إلى نتائج ملموسة بين الدول الغنية والفقيرة، أكثر من غيره من القضايا المثارة في قمة بالي الأخيرة". وقد توفرت أدلة علمية على مدى أهمية الغابات المدارية بشكل خاص في الحد من خطر التغير المناخي. وحسب الدراسة العلمية التي أجراها العالم كين كالديرا – من شعبة الدراسات البيئية العالمية بمؤسسة كارنيجي- فقد تبين أن الغابات المدارية ليست قادرة على امتصاص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون فحسب، وإنما لديها القدرة أيضاً على تكوين سحب بيضاء في الغلاف الجوي، تعمل على عكس أشعة الشمس إلى الفضاء، ما يساعد على ترطيب وتخفيف درجات الحرارة العالمية. يذكر أن بروتوكول "كيوتو" لعام 1997، قد أغفل أهمية التوصل إلى اتفاق دولي بشأن وقف تدمير الغابات وقطع أشجارها، بسبب الخلافات التي دارت بين الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية حينئذ، إلى جانب تحفظ بعض الدول مثل البرازيل من أي تدخل دولي فيما ترى فيه شأناً داخلياً له علاقة بسيادتها الوطنية على غاباتها. وعلى رغم إعطاء قمة بالي الأخيرة أهمية كبيرة لهذا الأمر، إلا أنه يصعب من الناحية العملية، إقناع الدول النامية الفقيرة بالحد من إزالة غاباتها والاستثمار في أشجارها ومساحاتها، دون أن تتعهد الدول الصناعية الغنية بمكافأتها وتعويضها عن جهود المحافظة على البيئة.
تجمّع حوالي 12 ألف شخص في جزيرة بالي الإندونيسية في الأسبوع الماضي، في مسعى منهم لإيجاد استجابة دولية منظمة لخطر التغير المناخي، ترمي للتوصل إلى صفقة من شأنها إبطاء الدمار الذي تتعرض له الغابات الاستوائية، وهي الاستجابة الأفضل فيما يبدو للحد من تصاعد هذا الخطر. غير أن إزالة الغابات ظلت إحدى القضايا الرئيسية المثيرة للجدل والخلاف، ما أطال أمد المفاوضات حول التغير المناخي وأثار الخلافات حولها، على رغم اتساع دائرة الاتفاق العام حول حقيقة التغير المناخي نفسه، وكونه من صنع الإنسان قبل أي عوامل أو مؤثرات أخرى. وفي الوقت الذي حسم فيه العلم تحديد العوامل المسببة للتغير المناخي، فها هي جهود كيفية التصدي له قد بدأت بالأمس القريب هنا في جزيرة بالي.
والحقيقة أن إزالة الغابات تعد من أهم المسببات لتراكم انبعاثات غازات بيت الزجاج في الغلاف الجوي. ففي كل عام تتم إزالة مساحة من الغابات المدارية تعادل مساحة ولاية نيويورك، مع العلم أن كمية ثاني أكسيد الكربون التي تمتصها أشجار هذه الغابات، تصل إلى نسبة 20 في المئة من إجمالي انبعاثات غازات بيت الزجاج عالمياً، وهي نفسها نسبة انبعاثات أميركا من هذه الغازات. وفي قمة بالي الأخيرة تصدرت الدعوة إلى التفاوض حول صفقة مناخية، يتمخض عنها تطوير نظام بيئي مناخي عالمي خلال عامين من انعقاد القمة، مجموعة من الدول النامية المشاركة، تتحد جميعها على هدف مشترك واحد هو ربط النظام البيئي المناخي العالمي الجديد، بفرض خفض انبعاثات غازات بيت الزجاج على الدول الغنية المسؤولة عنها. على أن أمل الدول النامية الفقيرة في أن تكافأ مالياً على عدم إزالتها لغاباتها، ربما لا يتحقق في ظل الخلافات الجارية الآن حول من يتحمل المسؤولية الأكبر تجاه إبطاء معدلات التغير المناخي، ومن ثم من يتحمل المسؤولية المالية الأكبر إزاء التعويض عن مضاره؟ يذكر أن الدول النامية التي تستثمر في مجال قطع الأشجار وفي أنشطة التوسع الزراعي والمعماري، تأمل في أن تتلقى مساعدات وحوافز مالية على جهود الحفاظ على غاباتها بدلاً من الاستثمار فيها، وكذلك على مساهمتها في الإبطاء من خطر التغير المناخي. غير أن الكثير من الدول الصناعية المتقدمة، ترفض تقديم مساعدات مالية للدول النامية على جهود لم تبذلها بعد، إلى جانب ما تبديه الدول الصناعية من تحفظات وشكوك في المدى الذي يمكن أن تلتزم به الدول النامية بوقف ممارسات إزالة غاباتها. وكما يقول "يوفو دو باور"، السكرتير التنفيذي لـ"إطار معاهدة التغير المناخي" التابعة للأمم المتحدة، وهي المنظمة المشرفة على سير المفاوضات المناخية الدولية: "فإن أساس المشاكل كلها يكمن في التفاصيل التي تحويها المعاهدة المقترحة. لكن إذا ما تركنا مشكلة إزالة الغابات جانباً، فإن ما تم التوصل إليه في جزيرة بالي، هو الذي يشكل الإطار الأوسع والأعم لهذه المعاهدة، ولذلك فإن من المهم جداً أن تمضي نتائج قمة بالي كما هو مرجو، وإلا واجهنا مشكلة كبيرة للغاية". وقد كان الهدف من تلك القمة هو التوصل إلى اتفاقات مناخية جديدة تبدأ بالسريان إثر انتهاء بروتوكول معاهدة كيوتو للتغير المناخي في عام 2012، الذي تم التفاوض عليه منذ عقد مضى. وبموجب تلك المعاهدة، فقد طبقت أوروبا نظاماً لتجارة غاز ثاني أكسيد الكربون ووضع سقف محدد له مع بقية الغازات الأخرى المسببة للتغير المناخي. وقد أصبحت هذه التجارة قادرة الآن على ضخ مليارات الدولارات لخزانات الحكومات الأوروبية. ويأمل المسؤولون الحكوميون في أن يكتب لما حققته قمة بالي النجاح بحيث يصبح إنجازاً ملموساً. وربما يكون أحد أهم هذه الإنجازات توصلهم لاتفاق بشأن المحافظة على غابات العالم. وعلى حد تعليق دنكان مارش، مدير سياسات المناخ العالمي بمجموعة Nature Conservancy –الحفاظ على الطبيعة- المدافعة عن البيئة "فإن المحافظة على غابات العالم، هي مجال التفاوض البيئي الذي يتعين التوصل فيه إلى نتائج ملموسة بين الدول الغنية والفقيرة، أكثر من غيره من القضايا المثارة في قمة بالي الأخيرة". وقد توفرت أدلة علمية على مدى أهمية الغابات المدارية بشكل خاص في الحد من خطر التغير المناخي. وحسب الدراسة العلمية التي أجراها العالم كين كالديرا – من شعبة الدراسات البيئية العالمية بمؤسسة كارنيجي- فقد تبين أن الغابات المدارية ليست قادرة على امتصاص كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون فحسب، وإنما لديها القدرة أيضاً على تكوين سحب بيضاء في الغلاف الجوي، تعمل على عكس أشعة الشمس إلى الفضاء، ما يساعد على ترطيب وتخفيف درجات الحرارة العالمية. يذكر أن بروتوكول "كيوتو" لعام 1997، قد أغفل أهمية التوصل إلى اتفاق دولي بشأن وقف تدمير الغابات وقطع أشجارها، بسبب الخلافات التي دارت بين الدول الصناعية المتقدمة والدول النامية حينئذ، إلى جانب تحفظ بعض الدول مثل البرازيل من أي تدخل دولي فيما ترى فيه شأناً داخلياً له علاقة بسيادتها الوطنية على غاباتها. وعلى رغم إعطاء قمة بالي الأخيرة أهمية كبيرة لهذا الأمر، إلا أنه يصعب من الناحية العملية، إقناع الدول النامية الفقيرة بالحد من إزالة غاباتها والاستثمار في أشجارها ومساحاتها، دون أن تتعهد الدول الصناعية الغنية بمكافأتها وتعويضها عن جهود المحافظة على البيئة.