إنتظروا قليلاً .. لم أمت بعد .. أنا حي !! ( من الأدب الساخر )
د. ناصر شافعي
كانت رغبتي .. وافقت و تعهدت وقررت و أقررت بكل إرادتي .. بعقلي الواعي و بتفكيري الراشد ، وبعزيمتي .. وفقاً لأسس و مبادئ ديني و عقيدتي ، التي تحترم و تقدر حياة البشر .. كل البشر على وجه الأرض .. وإستناداً على فتاوى الشيوخ و المفتي و البابا وكبار العلماء و الأطباء وفلاسفة الموتى و الأحياء .
سأتبرع بأعضاء جسدي المسجي أمامكم بلا روح .. لمن يستفيد منها من البشر الأحياء بعدي .. قطعوا فيه كما تريدوا بلا رحمة .. إعبثوا فيه كما ترغبوا بلا عاطفة أو شفقة .. وهل يضير الشاه سلخها بعد ذبحها !!
تساءل ( في تعجُب ) ، العقل الميت ، الصامت ،الساكن : كيف يطيل البشر من الاطباء عمر مريض غيري إذا جاء أجله ؟؟ .. هل يستطيع أحد من البشر أن يمنع الروح من الصعود إلى خالقها ، إذا جاء أجلها ؟؟ هذه أسئلة سخيفة مملة ، غير منطقية ، من ميت مثلي إلى فطاحل العلماء و الفقهاء . إن فكر و فلسفة و حكمة و بلاغة الأحياء ، تختلف تماماً عنها في أمثالي من الأموات ..
فالأحياء يمتلكون ألسنة و حناجر و خناجر .. ويمتلكون القدرة على إثبات الأدلة و الأسانيد و البراهين .. ونحن يا معشر الأموات لا نملك إلا السكون و الصمت وفناء الحيلة ، وإنعدام القدرات و الإمكانات .. ولا نملك سوى السمع والطاعة .
سأمنحكم أعضائي بعد وفاتي .. خذوها كلها .. لا تبقوا شيئاً منها .. فرقوها ، و وزعوها على كل محتاج ومسكين .. ولكن إنتظروا قليلاً حتى أموت !!
بكى الأهل .. وضحك و صرخ الأطباء في سخرية وغرور و إستعلاء :
هذه خدعة .. هذه حيلة ! .. لن ينفع منك ايها الجسد الساكن بلا روح أو نبض أو تدفق دموي ، ونبض قلبي .. سوى القرنية .. قرنية العينين !! .. أما باقي الأعضاء فلابد أن تكون .. أن تكون .. أن تكون !! .. أن تكون حياً .. ولكن في حكم الميت !!.. ميتاً موتاً جزعياً مخياً أكلينيكياً فقط !! .. سألت مستفسراً ، متعجباً : أرجو مزيداً من الإيضاح و التفسير و التنوير !! .. هل قلبي و كبدي , وأعضائي تعمل ؟ .. هل أتنفس ؟ .. تلقيت الإجابة بكل برود وغرور وتردد : نعم .. نعم .. إنها تعمل ! .. لذا أنت الميت الحي .. أو الحي الميت !! ..سننقل اعضائك منك إليهم .
عدت و تساءلت في حيرة ، مغلفة بالغباء المفتعل : وماذا عن روحي ؟؟ ..
أجاب أحد الأطباء في إستخفاف و سخرية : طلعت روحك .. راحت روحك .. فين مانعرفش !! .. إنت خلاص ميت .. ميت .. العقل لا يعمل .. ما عندكش مخ .. بمعنى ليس لديك عقل يعمل .. أنت حي فقط على الأجهزة الطبية !! بدونها أنت ميت .. ميت !! .. أجبت : إذن بها ( بالأجهزة الطبية ) أنا حي .. حي ... أنا حي .. حي .!!
هنا نسيت أني ميت .. أنهم يقولون أني مازلت حياً .. لقد سمعتها بإذني !! .. مازلت حياً على الأجهزة الطبية .. أجهزة جسمي تعمل .. فقط هو المخ الذي توقف عن العمل .. ربما يعود ويعمل .. ربما يعمل و أعود للحياة !! ..
قفزت من على فراش الموت ، نزعت كل الأجهزة الطبية الواصلة و المستوصلة بجسمي ، و إنطلقت أعدو خارج الغرفة كالمجنون .. و أهرول بين الطرقات و الأبواب و الحواجز .. و أفر من المستتشفى إلى قارعة الطريق ..
تعالت الصيحات من خلفي ، تنادي على : إلى أين تذهب ؟ .. لا تهرب !! .. تعال .. عد فوراً إلى هنا .. أدفع نفقات و تكاليف المستشفى !! .. نحن نريدك حي !!. نريك حي !!.
إنتهى. د. ناصرشافعي
د. ناصر شافعي
كانت رغبتي .. وافقت و تعهدت وقررت و أقررت بكل إرادتي .. بعقلي الواعي و بتفكيري الراشد ، وبعزيمتي .. وفقاً لأسس و مبادئ ديني و عقيدتي ، التي تحترم و تقدر حياة البشر .. كل البشر على وجه الأرض .. وإستناداً على فتاوى الشيوخ و المفتي و البابا وكبار العلماء و الأطباء وفلاسفة الموتى و الأحياء .
سأتبرع بأعضاء جسدي المسجي أمامكم بلا روح .. لمن يستفيد منها من البشر الأحياء بعدي .. قطعوا فيه كما تريدوا بلا رحمة .. إعبثوا فيه كما ترغبوا بلا عاطفة أو شفقة .. وهل يضير الشاه سلخها بعد ذبحها !!
تساءل ( في تعجُب ) ، العقل الميت ، الصامت ،الساكن : كيف يطيل البشر من الاطباء عمر مريض غيري إذا جاء أجله ؟؟ .. هل يستطيع أحد من البشر أن يمنع الروح من الصعود إلى خالقها ، إذا جاء أجلها ؟؟ هذه أسئلة سخيفة مملة ، غير منطقية ، من ميت مثلي إلى فطاحل العلماء و الفقهاء . إن فكر و فلسفة و حكمة و بلاغة الأحياء ، تختلف تماماً عنها في أمثالي من الأموات ..
فالأحياء يمتلكون ألسنة و حناجر و خناجر .. ويمتلكون القدرة على إثبات الأدلة و الأسانيد و البراهين .. ونحن يا معشر الأموات لا نملك إلا السكون و الصمت وفناء الحيلة ، وإنعدام القدرات و الإمكانات .. ولا نملك سوى السمع والطاعة .
سأمنحكم أعضائي بعد وفاتي .. خذوها كلها .. لا تبقوا شيئاً منها .. فرقوها ، و وزعوها على كل محتاج ومسكين .. ولكن إنتظروا قليلاً حتى أموت !!
بكى الأهل .. وضحك و صرخ الأطباء في سخرية وغرور و إستعلاء :
هذه خدعة .. هذه حيلة ! .. لن ينفع منك ايها الجسد الساكن بلا روح أو نبض أو تدفق دموي ، ونبض قلبي .. سوى القرنية .. قرنية العينين !! .. أما باقي الأعضاء فلابد أن تكون .. أن تكون .. أن تكون !! .. أن تكون حياً .. ولكن في حكم الميت !!.. ميتاً موتاً جزعياً مخياً أكلينيكياً فقط !! .. سألت مستفسراً ، متعجباً : أرجو مزيداً من الإيضاح و التفسير و التنوير !! .. هل قلبي و كبدي , وأعضائي تعمل ؟ .. هل أتنفس ؟ .. تلقيت الإجابة بكل برود وغرور وتردد : نعم .. نعم .. إنها تعمل ! .. لذا أنت الميت الحي .. أو الحي الميت !! ..سننقل اعضائك منك إليهم .
عدت و تساءلت في حيرة ، مغلفة بالغباء المفتعل : وماذا عن روحي ؟؟ ..
أجاب أحد الأطباء في إستخفاف و سخرية : طلعت روحك .. راحت روحك .. فين مانعرفش !! .. إنت خلاص ميت .. ميت .. العقل لا يعمل .. ما عندكش مخ .. بمعنى ليس لديك عقل يعمل .. أنت حي فقط على الأجهزة الطبية !! بدونها أنت ميت .. ميت !! .. أجبت : إذن بها ( بالأجهزة الطبية ) أنا حي .. حي ... أنا حي .. حي .!!
هنا نسيت أني ميت .. أنهم يقولون أني مازلت حياً .. لقد سمعتها بإذني !! .. مازلت حياً على الأجهزة الطبية .. أجهزة جسمي تعمل .. فقط هو المخ الذي توقف عن العمل .. ربما يعود ويعمل .. ربما يعمل و أعود للحياة !! ..
قفزت من على فراش الموت ، نزعت كل الأجهزة الطبية الواصلة و المستوصلة بجسمي ، و إنطلقت أعدو خارج الغرفة كالمجنون .. و أهرول بين الطرقات و الأبواب و الحواجز .. و أفر من المستتشفى إلى قارعة الطريق ..
تعالت الصيحات من خلفي ، تنادي على : إلى أين تذهب ؟ .. لا تهرب !! .. تعال .. عد فوراً إلى هنا .. أدفع نفقات و تكاليف المستشفى !! .. نحن نريدك حي !!. نريك حي !!.
إنتهى. د. ناصرشافعي