Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

عــلوم ، دين ـ قرآن ، حج ، بحوث ، دراسات أقســام علمية و ترفيهية .


    الأدب الفرنسي

    avatar
    GODOF
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 10329
    نقــــاط التمـــيز : 61741
    تاريخ التسجيل : 08/04/2009
    العمر : 33

    الأدب الفرنسي Empty الأدب الفرنسي

    مُساهمة من طرف GODOF الإثنين 10 مايو - 16:08



    جمع مواد هذا الكتاب وقدم له البروفيسور ميشيل بريكس الاستاذ في جامعة «نامور» بفرنسا والمختص بآداب القرن التاسع عشر. وقد جمع في هذا الكتاب مقالات الناقد الشهير سانت بيف. ومعلوم انه كان معاصراً لفيكتور هوغو وبلزاك والفريد دوموسيه وفلوبير وستندال وعمالقة الأدب الفرنسي في القرن التاسع عشر. وكان ناقداً ذائع الصيت ومرهوب الجانب. وكانت أحكامه التي يطلقها على الأدباء والشعراء ذات أهمية كبرى نظراً لعلو كتبه في مجال النقد الأدبي. وكان ينشر مقالاته في كل يوم اثنين وذلك اشتهر تحت اسم «أحاديث الاثنين». ومعلوم ان طه حسين قلّده عندما نشر كتابه «أحاديث الأربعاء».

    ولد سان بيف عام 1824، أي بعد فيكتور هوغو بسنتين فقط ومات عام 1869 عن عمر يناهز الخامسة والستين. وقد جمع في شخصه بين الكاتب والناقد والاستاذ الجامعي في آن معاً. ولكنه اشتهر كأحد كبار النقاد في التاريخ الأدبي الفرنسي وليس كشاعر أو كأديب. فالديوان الشعري الذي أصدره لم تكن له أية أهمية. ويقول لنا جامع الكتاب البروفيسور ميشيل بريكس منذ البداية ما يلي: بعد أن تراجعت الموجة البنيوية في فرنسا عاد الاهتمام بسان بيف إلى الساحة من جديد. ومعلوم انه كان يفسر العمل الأدبي من خلال شخصية صاحبه والأحداث التي عاشها أو مر بها.

    أما المنهجية البنيوية الشكلانية فتهتم فقط بالنسيج اللغوي للنص وتدرسه بذاته ولذاته مهملة صاحبه أو مؤلفه. وهي تنطلق من القناعة التالية: النص هو وحده المهم ولا يفيد في شيء أن نتعرف على حياة مؤلفه لكي نفهمه. وهذا الموقف المتطرف في النقد الأدبي ساد في فرنسا لفترة ولكنه تراجع وانحسر الآن.

    وهذا شيء مفهوم، إذ كيف يمكن أن نفهم النص عن طريق فصله كلياً عن مؤلفه. ما هذا الغباء الذي وقعت فيه المنهجية البنيوية؟ ما هذا الهذر الفارغ والمعادلات الرياضية والاحصائية التي أصبحت تملأ كتب النقد في فرنسا؟ ولكن ينبغي الاعتراف بأن الهجوم على سانت بيف ومنهجيته في النقد الأدبي سابق على المرحلة البنيوية بكل عجرها وبجرها، خيرها وشرها.

    انه يعود إلى مرحلة الروائي الشهير مارسيل بروست صاحب رواية «بحثاً عن الزمن الضائع» فقد ألف كتاباً تحت عنوان «ضد سان بيف» وعاب على انه يفسر العمل الأدبي عن طريق تسليط الضوء على مؤلفه بالدرجة الأولى وليس عليه هو بالذات. ونسي أنه العمل الأدبي هو من ابداع ذات أخرى غير الذات الحقيقية للمؤلف كما نعرفها في الحياة. فهناك أنا أخرى غير الأنا الظاهرة التي نراها كل يوم. وبلزاك في الحياة ليس هو بلزاك المبدع أو عندما يختلي بنفسه للخلق والإبداع. عندئذ يتلبّسه شيطان العبقرية. ويصبح شخصاً آخر.

    وهذه فكرة عبقرية في الواقع وتستحق الاهتمام. وقد عبّر عنها رامبو لاحقاً عندما قال عبارته الشهيرة «الأنا هي ذات أخرى، فالكاتب الكبير شخص مهووس أو مسكون من الداخل. انه مسكون بالأنا الإبداعية التي لا تظهر في الحياة اليومية ولا تتحرك إلا عندما يختلي بشيطان الابداع».

    ولكن سان بيف لم يكن ساذجاً في النقد إلى الحد الذي يتصورونه. فالرجل كان يبحث عن شيء واحد أساسي عندما يدرس العمل الإبداعي ألا وهو: سر هذا الإبداع أو الجزء الذي يستحيل تفسيره في العبقريات الأدبية. فالناقد قد يستطيع أن يشرح رواية «مدام بوفاري» لفلوبير ويوضحها ويسهل فهمها على القارئ. ولكن يبقى في نهاية المطاف شيء غامض فيها ويستعصي على التفسير. وهذا الشيء الغامض المبهم هو الذي يميز الأعمال العبقرية من الأعمال العادية أو رواية فلوبير عن عشرات الروايات الاخرى التي كتبت في وقتها ولم تترك أي أثر.

    وبالتالي فالعبقرية يستحيل تفسيرها بشكل كامل. هذا رأي متفق عليه الآن لدى علماء النفس والنقاد على حد سواء. هناك ميزة أخرى لسان بيف هي: استقلاليته النقدية بالقياس إلى جميع السلطات. فعندما يعجبه عمل أدبي فإنه يعلن عن ذلك حتى ولو أزعج بعضهم. وأكبر دليل على ذك هو إعلانه عن اعجابه برواية «مدام بوفاري» لفلوبير.

    فقد أزعج ذلك السلطات العليا أيما ازعاج، ومعلوم انها كانت قد مارست الرقابة على الرواية بل وقدمت صاحبها إلى المحاكمة كما فعلت مع بودلير في ما يخص «أزهار الشر». ولكن هذا لم يمنع سان بيف من تقييمها بشكل موضوعي وقول رأيه الصريح فيها دون أي خوف أو وجل. وهذه نقطة تحسب له، بل لقد وصل الأمر به إلى حد عرض استقالته من منصبه الجامعي العالي على وزير التربية والتعليم بسبب هذه القصة. وبالتالي فقد خاطر بنفسه ومصلحته الشخصية من أجل قول ما يعتقده ولكيلا يخون واجبه كناقد موضوعي للأعمال الأدبية.

    وكان هذا الموقف شرفاً له. وهو الذي خلّد ذكره في التاريخ كأحد كبار النقاد الفرنسيين. فلنتخيل ولو للحظة واحدة انه أطلق حكماً سلبياً على رائعة فلوبير ارضاء للسلطات كانت الأجيال التالية ستلعنه على مدار التاريخ؟ ولو انه جامل السلطة والرأي العام السائد في ذلك الزمان لكان قد قضى على سمعته ومصداقيته كناقد أدبي من الطراز الأول. من هنا أهمية الموضوعية في الثقة والمحافظة على الاستقلالية الشخصية بالقياس الى كل الضغوط.

    وعندما كان سان بيف يقوم بعرض نقدي لكتب اصدقائه فانه كان يتحدث عنها بكل صراحة متبعا هذا المثل السائر: صديقك من صدقك لا من صدَّقك.. ولهذا السبب فانه كان لا يتردد عن قول الحقيقة حتى ولو جرحت هذا الصديق او ذاك. فالنزاهة هي أهم صفة ينبغي أن يتمتع بها الناقد. وهو يضر أصدقاءه اذا ما جاملهم اكثر من اللزوم ولم يقل لهم الحقيقة عن نصوصهم اذا ما كذب عليهم فانه ليس صديقهم.

    ثم يردف البروفيسور ميشيل بريكس قائلا: وقد اتبع سان بيف نفس القاعدة فيما يخص اطلاق الاحكام على القدماء.

    فهو لم يتردد عن نقد الفيلسوف مونتيني، وهو من هو بالنسبة للوعي الفرنسي. ومعلوم انه عاش في القرن السادس عشر وكان من كبار الفلاسفة الذين مهَّدوا لظهور ديكارت. كما وانتقد سان بيف نواقص الكتَّآب الاخرين من امثال راسين، كورني، فولتير، روسو، بلزاك، ستندال، الخ.. وذلك على الرغم من عظمتهم. ولكنهم ليسوا معصومين عن الخطأ.

    وكان الناقد الكبير يقول دائماً: لكل كاتب كبير وجهه المضيء المشرق وأمجاده، ولكن له ايضا جانبه المعتم ونواقصه. ولا ينبغي ان تنسينا عظمته هذه النواقص، فهو مثلا يعترف بأهمية فولتير ككاتب ومفكر ولكنه يعيب عليه احتقاره للشعب او للعامة وانعدام الحس الديمقراطي لديه. وذلك على عكس روسو. ففولتير كان يعتمد على النخبة ويعتقد ان الأذكياء قليلون. وبالتالي فينبغي ان نحمي النخبة المستنيرة من الشعب الجاهل والمتعصب. فالاكثرية ستظل غبية وجاهلة لانها خاضعة للكهنة والافكار القديمة. وبالتالي فالسيادة ينبغي ان تكون دائما للنخبة. ويحق لها ان تقود الشعب لانها مثقفة في حين انه جاهل. لا ريب في انه يمكننا زيادة عدد النخبة ولكن ليس كثيراً جداً.

    فالنخبة المثقفة سوف تظل اقلية بالقياس الى العامة والدهماء والغوغاء. وهذا الموقف مضاد للموقف الديمقراطي الذي يعتقد بامكانية تثقيف الشعب واخراجه من حالة الجهل عن طريق محو الأمية ورفع مستواه. واما عن جان جاك روسو فيقول لي سان بيف بما معناه: لقد كان كاتبا ضخما وعظيما.

    ولكن تفكيره انحرف بسبب تأثير الجنون والهلوسات عليه. وعلى الرغم من ذلك فاننا لا نملك الا ان نحبه لانه كان طيبا، بريئا، صادقا مع نفسه الى ابعد الحدود. لقد نفخ الروح في لغتنا الفرنسية وقدم لها اسلوبا جديدا لم تعرفه في تاريخها السابق كله. يضاف الى ذلك ان حبه للطبيعة يعدينا ويجعلنا نحبها مثله. وبالتالي فاننا نغفر له أخطاءه ونواقصه لأن ميزاته كانت أكبر بكثير.

    ثم يخصص سان بيف فصلا لبلزاك تحت عنوان: البحث عن المطلق. والواقع انه أي بلزاك كان مهووسا بالمطلق، بشيء أعلى يتجاوزه مثل استاذه جان جاك روسو. ثم يردف سانت بيف قائلا: لقد آن الأوان لكي نتحدث عن اكثر كتَّابنا شهرة في هذه الأيام، واكثرهم خصوبة وانتاجا.

    والواقع ان السيد بلزاك لم يصبح مشهورا الا منذ أربع سنوات فقط. فحتى عام 1829 كان كاتبا مغمورا. ولكن عندما نشر روايته: تشريح فيسيولوجي للزواج، لفت الانتباه اليه. وكان ذلك عام 1830. ثم توالت رواياته بعدئذ بتسارع كبير واصبح اكبر روائي في فرنسا. بل تعدت شهرته الافاق حتى وصلت الى روسيا وكل انحاء أوروبا .

    وتروى بهذا الصدد الحكاية التالية: عندما كان بلزاك في زيارة الى روسيا اضطر الى الالتجاء ليلا الى احد القصور مع بعض الأصدقاء فاستقبلتهم سيدة البيت دون ان تعرف من هم بالضبط. ولكن صديقتها التي خرجت لتحضير المائدة فور وصولهم كانت عارفة بالادب. ولذلك فعندما عادت الى البيت والطبق في يدها وسمعت صاحبة البيت وهي تقول: تعلم يا سيد بلزاك انه.. وما أن لفظت هذه العبارة، بل وحتى قبل ان تكملها حتى صعقت الصديقة في مكانها ووقع الطبق من يدها لكثرة الانفعال.

    فقد كانت تعرف روايات بلزاك جيدا وما كانت تتوقع انها سترى الكاتب بلحمه ودمه أمامها يوماً ما ! كان ذلك اكبر من طاقتها على التحمل فانكسرت الكؤوس والصحون وهي تنظر مذهولة الى أكبر روائي في ذلك العصر.

    ولكن للأسف فان بلزاك لم يعش طويلا لكي ينعم بكل أمجاده. فقد مات في الواحدة والخمسين من العمر عندما حقق جميع أمنياته وبلغ القمة. ثم يتحدث سان بيف عن فيكتور هوغو صديقه اللدود. ومعلوم انه كانت بينهما مشاكل بسبب حبّ هذا الناقد الشهير لزوجة الشاعر الفرنسي الكبير. وكانت هناك حساسيات ومنافسات لا تخفى على أحد. ومع ذلك فقد حاول سان بيف ان يكون موضوعيا مع فيكتور هوغو ان يعطيه حقه.

    وهناك فصول اخرى تتحدث عن رأيه بكبار ادباء فرنسا الاخرين من أمثال: فلوبير، جورج صاند، تيوفيل غوتييه، الفريد دوموسيه، لامارتين، ستندال، شاتوبريان، بومارشيه، مونتسيكو راسين ، كورني، موليير، لافونتين، رابليه، مونتيني، وآخرين عديدين. انها لثقة حقيقية ان يكتشف القارئ رأي هذا الناقد الكبير في هؤلاء الأدباء

    الكتاب: سان بيف.. بانوراما الافذاذ

    الادب الفرنسي

    جمع وتقديم : ميشيل بريكس

    الناشر: المكتبة العامة الفرنسية باريس 2004

    االصفحات: 1515 صفحة من القطع المتوسط

    البيان / الأثنين 25 أبريل 2005 ، 16ربيع الأول 1426هـ السنة الخامسة والعشرون ، العدد 9077

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 6:35