Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
Research - Scripts - cinema - lyrics - Sport - Poemes

عــلوم ، دين ـ قرآن ، حج ، بحوث ، دراسات أقســام علمية و ترفيهية .


    ظاهرة التيسير اللغوي في العربية بين ضعف المتلقى وشحوب الأمة

    avatar
    GODOF
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 10329
    نقــــاط التمـــيز : 61741
    تاريخ التسجيل : 08/04/2009
    العمر : 33

    ظاهرة التيسير اللغوي في العربية بين ضعف المتلقى وشحوب الأمة Empty ظاهرة التيسير اللغوي في العربية بين ضعف المتلقى وشحوب الأمة

    مُساهمة من طرف GODOF الإثنين 12 أبريل - 16:38

    تعد ظاهرة التيسير اللغوي والنحوي في اللغة العربية من الظواهر المهمة التي شغلت العقل العربي قديما وحديثا، وذلك لوجود ارتباط وثيق بين بروز هذه الظاهرة وطبيعة الظروف الاجتماعية المواكبة لظهورها استنادا إلى المقولة التي يؤكدها علماء اللغة في الشرق والغرب( ) بأن المجتمع هو صاحب التصرف في هذه اللغة وليست اللغة هي التي تحكم المجتمع وتوجهه، أو على حد قول الدكتور تمام حسان: "إن المستوى الصوابي معيار لغوي يرضى عن الصواب، ويرفض الخطأ في الاستعمال، وهو الصوغ القياسي لا يمكن النظر إليه باعتباره فكرة يستعين الباحث بواسطتها في تحديد الصواب والخطأ اللغوي، وإنما هو مقياس اجتماعي يفرضه المجتمع اللغوي على الأفراد، ويرجع الأفراد إليه عند الاحتكام في الاستعمال" ( ) وهذا يعنى أن ما يؤيده الاستعمال العام لمتحدثى لغة ما هو ما يمكن أن نسميه الصواب اللغوي.
    ولما كان هناك ارتباط بين اللغة العربية والمجتمع العربي انسحبت لذلك كل المتغيرات الاجتماعية على طبيعة اللغة التي تجاوبت مع هذه المتغيرات، وبدت طيعة قابلة للتطور ومستوعبة لعدة ظواهر لغوية وافدة فرضتها الظروف السياسية والفكرية للمجتمع العربي قديما وحديثا.
    لقد تجاوبت لغتنا العربية مع معطيات الواقع العربي في العصر العباسي وهو العص الذي شهد انفتاحا على الثقافة الفارسية والثقافة اليونانية والرومانية، ولعبت فيه الترجمة كما لعب فيه التعريب دورا رئيسا، وأفرز هذا الالتحام والحوار الحضاري جيلا حمل على كاهله عبء التغيير الثقافي والفكري واللغوي وأعنى جيل المولدين وهو الجيل الذي اكتسب ثقافتين في آن واحد وحاول أن يقرب بينهما في إطار تحديث اللغة العربية وتطويعها للمعطيات الجديدة.
    كما مر بالأمة العربية محنة التتار والمماليك والعثمانيين وغيرهم وترك هذا الاستعمار آثاره على لغة الضاد، كما عانت الآمة العربية من ويلات الاحتلال الإنجليزي والفرنسي والإيطالي والصهيوني، وكلها صور لمحتل سعى سعيه إلى طمس اللغة والاعتداء على هوية الأمة.
    وفي ضوء هذه الظروف السياسية والفكرية والاجتماعية برزت ظاهرة التوسع في معايير الصواب والخطأ فيما يخص لغة الضاد وذلك على الرغم من وجود اختلافات كبيرة بين اللغويين العرب قديما حول تحديد المستوى الصوابي، ففي الوقت الذي أجاز فيه البصريون القياس على الشائع المشهور ورفضوا مبدأ القياس على كل شاذ أو نادر نجد الكوفيين على الجانب الآخر يتوسعون بشكل كبير فيجيزون القياس على الشاهد الواحد أو الشاهدين كما نراهم يتوسعون بصورة لافتة في مجال الرواية( ) وفي ذلك يقول السيوطي: " نقلا عن الأندلسى في شرح المفصل" والكوفيين لو سمعوا بيتا واحدا فيه جواز شىء مخالف للأصول جعلوه أصلا، وبوبوا عليه بخلاف البصريين"( ).
    ولكن لا يعنى هذا أن البصريين سلكوا مسلك التقييد لظاهرة التيسير فإمام البصريين سيبويه كان له موقف من أولئك اللغويين الذين حددوا معيار الصواب اللغوي بما يستقونه من القبائل البدوية مثل قيس وتميم وأسد وهذيل وبعض الطائيين- وهي القبائل التي خصها السيوطي بسلامة اللغة( ) وفصاحتها- فنراه يتخذ أهل الحجاز نموذجا رفيعا للقياس اللغوي، فكلما اختلفت اللهجات لديه كان يرجح لغة الحجاز على اللغات الأخرى، وفي ذلك توسيع لدائرة معيار الصواب اللغوى وذلك لأن أهل الحجاز كانوا حضرا ولم يكونوا بدوا وليس من المستبعد أن تكون لغات الفرس والرومان قد تركت تأثيراتها عليها وهذا في رأيي يعد محاولة تيسيرية ينبغي الإشارة إليها.
    ولم يجد سيبويه أيضا عيبا في الاحتجاج بشعر بشار وأبي تمام مخالفا بذلك بعض علماء اللغة المتشددين الذين رأوا الاكتفاء في الاستشهاد بسلامة اللغة وفصاحتها بطبقة الشعراء الجاهليين أمثال امرئ القيس وزهير والأعشى وعمرو بن كلثوم وغيرهم وكذا طبقة المخضرمين أمثال الخنساء وكعب بن زهير ولبيد وحسان، بل وتحرز بعضهم وأخص أبا عمرو بن العلاء وعبد الله بن اسحق الحضرمي والأصمعي من الاستشهاد بشعر الإسلاميين أمثال الفرزدق وجرير والأخطل بل وراحوا يمنعون الاستشهاد بشعر بشار وأبي نواس وأبي تمام وغيرهم.
    وبناء على ذلك يمكننا أن نخرج بنتيجة مؤداها أن كلا الفريقين سواء المتشددين منهم أو المتساهلين لم يحققوا نجاحا مطلقا في تعميم رؤيتهم مما يؤكد أن اللغة العربية مرت قديما بمحاولات تيسيرية فرضتها خلافات فكرية ومذهبية وقبلية وقومية كان لها أكبر الأثر على تضخم المعجم العربي في العصر العباسي، وهو العصر الذي شهد توسعا في القياس على النادر وتفضيل السماع أحيانا إذا جعلناه في طور المفاضلة مع القياس فضلا عن حركة رائجة في النقل والاشتقاق والنحت والتعريب إلخ.
    فإذا كان القدماءلم يصلوا إلى حسم كامل لمعيارية الصواب اللغوي وأفضلية السماع والقياس، وبتنا أمام نظرة متشددة ونظرة أخرى متساهلة، واستفادت اللغة العربية - في رأيي- من كل هذه الصراعات لما ترتب على ذلك من توسيع دائرة الصواب اللغوي.... فهل استفادت جهود التيسير المعاصرة للغتنا العربية من معطيات المنهج العلمي الحديث في التبويب والتقسيم والاستقصاء نحو البحث عن حلول للمشكلات المزمنة التي يعاني منها دارسو العربية في عصرنا الحاضر.
    لقد طالعت عددا من المحاولات التيسيرية في هذا المجال وانتهيت بعد تأمل طويل في هذه الدراسات إلى ما يلي:
    أولاً: أن هذه المحاولات قد حدَّدت معطيات هذا التيسير بضرورة أن نعلِّم طلابنا قواعد النحو والصرف على الطريقة نفسها التي يقوم بها معلمو اليوم وإن كانت بعض هذه المحاولات قد كرَّست الاهتمام بالجانب التطبيقي سواء على القواعد الكلية أو الفرعية مع مراعاة "أن يكون التطبيق بوجوه متعددة وبطرائق مختلفة تخاطب الأنشطة المتعددة والقوى المختلفة للعقل البشري"( ).
    وربما يدفعني ذلك إلى التساؤل عن الهدف الذي نرمي إليه من دراستنا لقواعد النحو العربي ؟!: ما الهدف إذا من دراسة قواعد النحو العربي؟! فالهدف الرئيسى يكمن في تقويم ألسنتنا عند التحدث باللغة العربية الفصحى والسعى إلى كتابتها كتابة صحيحة فنراعي رفع ما يجب رفعه ونصب ما يجب نصبه إيمانا منا بضرورة الحفاظ على كيان اللغة العربية الفصحى نطقا وكتابة، ولكن السبيل إلى ذلك لن يتحقق إلا إذا فعلنا كما فعل أسلافنا حين تربَّت ملكاتهم على النطق السليم للغة قبل معرفتهم بقواعدها ومرجع ذلك إلى أن اللغة كانت عندهم سليقة وليست تعلما ومن ثم يجب علينا أن ننمى ونربي هذه الملكة عند النشء من أبنائنا قبل أن نشرع في تعليمهم القواعد والأصول.
    ثانياً: أن معظم هذه الدراسات قد خلت من الشجاعة الكافية في مناقشة موضوعات النحو والصرف في لغتنا العربية ومدى تناغمها وتكيفها والواقع اللغوي المعاصر، وما يستوجب عملية التحديث في النحو والصرف من إضافة ما هو ضروري لعملية التحديث وحذف ما ليس بضروري، فتلك مشكلة كبيرة في حاجة إلى طرح جاد ومناقشة مستفيضة من علماء العربية .... لقد اكتفت هذه المحاولات بإثارة المشكلة وجمع ما يمكن جمعه من جهود المجامع اللغوية دون مناقشتها وتحليلها فغاب عنها أسلوب هذا التيسير وكيفيته وبتنا ندور في حلقة مفرغة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 15 نوفمبر - 7:33