دقات أجراس اللحظات وخفقت أجنحة الفراشات وهي تستبشر ولوج الحب في عصر فقدت فيه النسمة عذريتها وأبيح قلتها أمام مهد الأنظار ، كان الحاضر ينصت لكل تلك الفوارق وهو يقاسي مرارة الهوان ومعانقة رذائل مواكبة الركب الحضاري ، يفكر ويرقب لحظاته بتمعن ، وهو يبحث عن أرقام الماضي ليجري مكالمة هاتفية معه ، لحظات تدب فيها مسارات الاختناق بعدما طمرها الجور في بحر الأوهام ليكون جسد مخذم بمتاهات الظلام ، بين لحظات التضحية التي سجلتها امتنا الإسلامية ، مروراً بأروع حقب الفجر المشرق بنور الإله المرصع بقبس الهداية المحمدية ، إلى هذه الساعة التي خلفتها مديات السقم ووكز سهام الانحراف وترك مبادئ العقيدة الشماء ، اخذ يرمي حمم المأساة ويلقيها خلف فضاء العدم ،كان لا بد له ان يتزين بجلباب النور ،ومقارعة الديجور الذي سحق سلام الحياة وقضم ثورة الكبرياء ، كــان صوته لا زال غير مسموع بفعل التعريات الثرثاية التي يقيمها بعد كل محاولة استفاقة لوجل العالم ، دق الهاتف وتكلم الماضي مخطاب الحاضر ، أيقظتني من سبات لم يطوي صفحات مجدي ، أيها الحاضر هناك من أشاد للبقاء عزة وللحبور رفقة وما بق منها إلا قليل ، ذرف الحاضر دمعاته المدججة بسلاح العبرات واخذ يفرغ أغواره من فائض الحسرة ، أيا ماضينا ليتك تعود بنا لتقص رؤوس المارقين وتعذل معنا بيارق الرابضين في كهف الخراب ، أيها الماضي لكم اشتقنا لملامسة مسافات النور المغدقة بوقع الصفاء لأننا ما زلنا نتأمل عودتك ، تمحو عنا درن الغفلة وما حجب سوابق الأكرمين ، ابتسم الماضي وأطلق قهقه يجتر بها خفايا الغياب ، أيها الحاضر اعلم إني طريق تسير عليها قوافل المستقبل ، ومهما امتدت العصور، سوف يولد النور وسط شوارد الغياب ، فأسوار أمجاد ماضينا لا زالت قائمة لليوم ، فقط تمهل وانظر لمن يجتاز بغي نفسه ويهدي ابتسامته لعيون الحق ، ايها الحاضر مهما حدث فالماضي الرغيد لا يمحيه بلقع الحاضر ، أنا موجود أشاطر عقول الألباب بصفحات الخلد ، فلا تخشى ولا تحزن .. انقطع صوت الماضي، وظلت صوره تسعف بقايا الحاضر في كل ضنك يعتريه على حين غره.
بقلمي اللحظة